للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

كَمَا رَأَيْتُمُونِي أُصَلِّي) ، قلت: قَوْله: (قالهما جَمِيعًا) يحْتَمل أَن يكون ذَلِك وَهُوَ مُنْفَرد، كَمَا ذكرنَا، وَأَبُو حنيفَة أَيْضا حمله على حَالَة الإنفراد، والْحَدِيث حجَّة عَلَيْهِم، لأَنهم يَقُولُونَ: الْمَأْمُوم مَأْمُور بمتابعة الإِمَام، ثمَّ يَقُولُونَ: الإِمَام إِذا ظهر مُحدثا يتم الْمَأْمُوم صلَاته، فَأَيْنَ وجدت الْمُتَابَعَة؟

١٢٦ - (بابٌ)

لم تقع لَفْظَة: بَاب، فِي رِوَايَة الْأصيلِيّ، وعَلى رِوَايَته شرح ابْن بطال، وَوَقع فِي رِوَايَة الْأَكْثَرين، لَكِن بِلَا تَرْجَمَة. وَقَالَ بَعضهم: وَالرَّاجِح إثْبَاته لِأَن الْأَحَادِيث الْمَذْكُورَة فِيهِ لَا دلَالَة فِيهَا على فضل: اللَّهُمَّ رَبنَا لَك الْحَمد، إلاّ بتكلف، فَالْأولى أَن يكون بِمَنْزِلَة الْفَصْل من الْبَاب الَّذِي قبله. انْتهى. قلت: لَا نسلم دَعْوَى التَّكَلُّف فِي دلَالَة الْأَحَادِيث الْمَذْكُورَة بعد لَفْظَة بَاب مُجَردا عَن التَّرْجَمَة على فضل: اللَّهُمَّ رَبنَا لَك الْحَمد، لِأَنَّهُ لَا يلْزم أَن تكون الدّلَالَة صَرِيحَة، لِأَن الْموضع الَّذِي يكون فِيهِ لفظ: بَاب، بِمَعْنى الْفَصْل يكون حكمه حكم الْفَصْل، وَحكم الْفَصْل أَن تكون الْأَشْيَاء الْمَذْكُورَة بعده من جنس الْأَشْيَاء الْمَذْكُورَة فِيمَا قبله، وَلَا يلْزم أَن يكون التطابق بَينهمَا ظَاهرا صَرِيحًا، بل وجوده بحيثية من الحيثيات يَكْفِي فِي ذَلِك، وَهَهُنَا كَذَلِك، لِأَن الْمَذْكُور بعد قَوْله: بَاب، ثَلَاثَة أَحَادِيث: الأول: حَدِيث أبي هُرَيْرَة، وَالْأَصْل فِيهِ أَنه صَلَاة كَانَ فِيهَا قنوت، وَالصَّلَاة الَّتِي فِيهَا الْقُنُوت قد ذكر فِيهَا التسميع والتحميد مَعًا، وَيدل ذكر التَّحْمِيد فِيهِ على فَضله، لِأَن الْموضع كَانَ مَوضِع الدُّعَاء، فَدلَّ هَذَا الحَدِيث الْمُخْتَصر من الأَصْل على فَضِيلَة التَّحْمِيد من حَيْثُ أَنه صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بيَّنهما فِي الدُّعَاء، وَالَّذِي يدل على الْفضل فِي الأَصْل صَرِيحًا يدل على الْمُخْتَصر مِنْهُ دلَالَة. الثَّانِي: حَدِيث أنس الَّذِي يدل على أَن الْقُنُوت كَانَ فِي الْمغرب وَالْفَجْر، وَالْكَلَام فِيهِ كَالْكَلَامِ فِي حَدِيث أبي هُرَيْرَة. الثَّالِث: حَدِيث رِفَاعَة بن رَافع، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ، وَفِيه الدّلَالَة على فَضِيلَة التَّحْمِيد صَرِيحًا، لِأَن ابتدار الْمَلَائِكَة إِنَّمَا كَانَ بِسَبَب ذكر الرجل إِيَّاه. فَإِن قلت: لفظ: بَاب، هَذَا هَل هُوَ مُعرب أم مَبْنِيّ؟ قلت: الْإِعْرَاب لَا يكون إِلَّا بعد العقد والتركيب، فَلَا يكون معربا، بل حكمه حكم أعداد الْأَسْمَاء من غير تركيب. فَافْهَم.

٧٩٧ - حدَّثنا مُعَاذُ بنُ فَضَالَةَ قَالَ حدَّثنا هِشَامٌ عنْ يَحْيَى عنْ أبِي سَلَمَةَ عنْ أبي هُرَيْرَةَ قَالَ لأُقَرِّبَ صَلَاةَ النبيِّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فكانَ أبُو هُرَيْرَةَ رَضِي الله تَعَالَى عنهُ يَقْنُتُ فِي الرَّكْعةِ الأخْرَى مِنْ صَلَاةِ الظهْرِ وصَلَاةِ العِشَاءِ وصَلَاةِ الصُّبْحِ بَعْدَ مَا يَقُولُ سَمِعَ الله لِمَنْ حَمِدَهُ فَيَدْعُوا لِلْمُؤْمِنِينَ وَيَلْعَنُ الكُفَّارَ.

وَجه ذكر هَذَا الحَدِيث قد مضى ذكره الْآن.

ذكر رِجَاله: وهم خَمْسَة: الأول: معَاذ بن فضَالة، بِفَتْح الْفَاء: أَبُو زيد الْبَصْرِيّ، مر ذكره فِي: بَاب النَّهْي عَن الِاسْتِنْجَاء بِالْيَمِينِ. الثَّانِي: هِشَام الدستوَائي. الثَّالِث: يحيى بن أبي كثير. الرَّابِع: أَبُو سَلمَة بن عبد الرَّحْمَن. الْخَامِس: أَبُو هُرَيْرَة، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ.

ذكر لطائف إِسْنَاده: وَفِيه: التحديث بِصِيغَة الْجمع فِي موضِعين. وَفِيه: العنعنة فِي ثَلَاثَة مَوَاضِع. وَفِيه: القَوْل فِي موضِعين. وَفِيه: أَن شيخ البُخَارِيّ من أَفْرَاده. وَفِيه: عَن أبي سَلمَة وَفِي رِوَايَة مُسلم: من طَرِيق معَاذ بن هِشَام عَن أَبِيه عَن يحيى: حَدثنِي أَبُو سَلمَة. وَفِيه: أَن رُوَاته مَا بَين بَصرِي ودستوائي ويماني ومدني.

ذكر من أخرجه غَيره: أخرجه مُسلم أَيْضا فِي الصَّلَاة عَن مُحَمَّد بن الْمثنى. وَأخرجه أَبُو دَاوُد فِيهِ عَن دَاوُد بن أُميَّة. وَأخرجه النَّسَائِيّ فِيهِ عَن سُلَيْمَان بن مُسلم الْبَلْخِي.

ذكر مَعْنَاهُ: قَوْله: (لأقربن صَلَاة النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم) ، وَفِي رِوَايَة مُسلم: (لأقربن لكم) ، وَفِي رِوَايَة الْإِسْمَاعِيلِيّ (إِنِّي لأقربكم صَلَاة برَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم) ، وَفِي رِوَايَة النَّسَائِيّ: (إِنِّي لأقربكم شبها بِصَلَاة النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم) . وَقَالَ الْكرْمَانِي: (لأقربن) أَي: وَالله لأقربكم إِلَى صَلَاة رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، أَو لأَقْرَب صلَاته إِلَيْكُم. قلت: (لأقربن) بِالْبَاء الْمُوَحدَة وبنون التَّأْكِيد، وَمَعْنَاهُ: لآتينكم بِمَا يشبهها وَمَا يقرب مِنْهَا. وَفِي نُسْخَة من نسخ أبي دَاوُد: (لأقرئن، من الْقِرَاءَة) ، وَلم يظْهر لي وَجههَا. وَفِي رِوَايَة الطَّحَاوِيّ: قَالَ أَبُو هُرَيْرَة: (لأرينكم صَلَاة رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم) . قَوْله: (فَكَانَ أَبُو هُرَيْرَة) إِلَى آخِره، قيل: الْمَرْفُوع من هَذَا

<<  <  ج: ص:  >  >>