للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

البُخَارِيّ أَيْضا فِي الْوتر عَن مُسَدّد عَن ابْن علية قَوْله " كَانَ الْقُنُوت " يَعْنِي فِي أول الْأَمر وَاحْتج بِهَذَا على أَن قَول الصَّحَابِيّ كُنَّا نَفْعل كَذَا لَهُ حكم الرّفْع وَإِن لم يُقَيِّدهُ بِزَمن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَه الْحَاكِم. ثمَّ اعْلَم أَن عبارَة كَلَام أنس تدل على أَن الْقُنُوت كَانَ فِي صَلَاة الْمغرب وَالْفَجْر ثمَّ ترك وَيدل عَلَيْهِ مَا رَوَاهُ أَبُو دَاوُد حَدثنَا أَبُو الْوَلِيد حَدثنَا حَمَّاد بن سَلمَة عَن أنس بن سِيرِين عَن أنس بن مَالك " أَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قنت شهرا ثمَّ تَركه " انْتهى وَقَوله " ثمَّ تَركه " يدل على أَن الْقُنُوت كَانَ فِي الْفَرَائِض ثمَّ نسخ (فَإِن قلت) قَالَ الْخطابِيّ معنى قَوْله " ثمَّ تَركه " أَي ترك الدُّعَاء على هَؤُلَاءِ الْقَبَائِل الْمَذْكُورَة فِي حَدِيث ابْن عَبَّاس أَو ترك الْقُنُوت فِي الصَّلَوَات الْأَرْبَع وَلم يتْركهُ فِي صَلَاة الْفجْر (قلت) هَذَا كَلَام متحكم متعصب بِلَا دَلِيل فَإِن الضَّمِير فِي تَركه يرجع إِلَى الْقُنُوت الَّذِي يدل عَلَيْهِ لفظ قنت وَهُوَ عَام يتَنَاوَل جَمِيع الْقُنُوت الَّذِي كَانَ فِي الصَّلَوَات وَتَخْصِيص الْفجْر من بَينهَا بِلَا دَلِيل فِي اللَّفْظ يدل عَلَيْهِ بَاطِل وَقَوله " أَي ترك الدُّعَاء " لَا يَصح لِأَن الدُّعَاء لم يمض ذكره فِي هَذَا الحَدِيث وَلَئِن سلمنَا فالدعاء هُوَ عين الْقُنُوت وَمَا ثمَّ شَيْء غَيره فَيكون قد ترك الْقُنُوت وَالتّرْك بعد الْعَمَل نسخ (فَإِن قلت) روى عبد الرَّزَّاق فِي مُصَنفه أخبرنَا أَبُو جَعْفَر الرَّازِيّ عَن الرّبيع بن أنس عَن أنس بن مَالك " قَالَ مازال رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - يقنت فِي الْفجْر حَتَّى فَارق الدُّنْيَا " وَمن طَرِيق عبد الرَّزَّاق رَوَاهُ الدَّارَقُطْنِيّ فِي سنَنه وَإِسْحَاق بن رَاهَوَيْه فِي مُسْنده (قلت) قَالَ ابْن الْجَوْزِيّ فِي الْعِلَل المتناهية هَذَا حَدِيث لَا يَصح فَإِن أَبَا جَعْفَر الرَّازِيّ اسْمه عِيسَى بن ماهان وَقَالَ ابْن الْمَدِينِيّ كَانَ يخلط وَقَالَ يحيى كَانَ يخطىء وَقَالَ أَحْمد لَيْسَ بِالْقَوِيّ فِي الحَدِيث وَقَالَ أَبُو زرْعَة كَانَ يتهم كثيرا وَقَالَ ابْن حبَان كَانَ ينْفَرد بِالْمَنَاكِيرِ عَن الْمَشَاهِير انْتهى. وَرَوَاهُ الطَّحَاوِيّ فِي شرح الْآثَار وَسكت عَنهُ إِلَّا أَنه قَالَ وَهُوَ معَارض بِمَا رُوِيَ عَن أنس رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ أَنه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - إِنَّمَا قنت شهرا يَدْعُو على أَحيَاء من الْعَرَب ثمَّ تَركه وروى الطَّبَرَانِيّ فِي مُعْجَمه حَدثنَا عبد الله بن مُحَمَّد بن عبد الْعَزِيز حَدثنَا شَيبَان بن فروخ حَدثنَا غَالب بن فرقد الطَّحَّان قَالَ كنت عِنْد أنس بن مَالك شَهْرَيْن فَلم يقنت فِي صَلَاة الْغَدَاة انْتهى فَهَذَا يدل على أَن الْقُنُوت كَانَ ثمَّ نسخ إِذْ لَو لم ينْسَخ لم يكن أنس يتْركهُ (فَإِن قلت) قَالَ صَاحب التَّنْقِيح على التَّحْقِيق هَذَا الحَدِيث أَعنِي حَدِيث عبد الرَّزَّاق الْمَذْكُور آنِفا أَجود أَحَادِيثهم وَذكر جمَاعَة وثقوا أَبَا جَعْفَر الرَّازِيّ (قلت) قَالَ هُوَ أَيْضا وَإِن صَحَّ فَهُوَ مَحْمُول على أَنه مازال يقنت فِي النَّوَازِل أَو على أَنه مازال يطول فِي الصَّلَاة فَإِن الْقُنُوت لفظ مُشْتَرك بَين الطَّاعَة وَالْقِيَام والخشوع وَالسُّكُوت وَغير ذَلِك قَالَ الله تَعَالَى {إِن إِبْرَاهِيم كَانَ أمة قَانِتًا لله حَنِيفا} وَقَالَ {أَمن هُوَ قَانِت آنَاء اللَّيْل} وَقَالَ {وَمن يقنت مِنْكُم لله وَرَسُوله} وَقَالَ {يَا مَرْيَم اقنتي} وَقَالَ {وَقومُوا لله قَانِتِينَ} وَقَالَ {وكل لَهُ قانتون} وَفِي الحَدِيث " أفضل الصَّلَاة الْقُنُوت "

٧٩٩ - حدَّثنا عَبْدُ الله بنُ مَسْلَمَةَ عنْ مالِكٍ عنْ نُعَيْمِ بنِ عَبْدِ الله المُجْمِرِ عنْ عَلِيِّ بنِ يَحْيَى بنِ خَلَاّدٍ الزُّرَقِيِّ عنْ أبِيِهِ عنْ رِفَاعَةَ بنِ رَافِعٍ الزُّرَقِي قالَ كُنَّا يَوْما نُصَلِّي وَرَاءَ النَّبِيِّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَلَمَّا رَفَعَ رَأْسَهُ مِنَ الرَّكْعَةِ قالَ سَمِعَ الله لِمَنْ حَمِدَهُ قالَ رَجُلٌ وَرَاءَهُ رَبَّنَا وَلَكَ الحَمْدُ حَمْدا كَثِيرا طَيِّبا مُبَارَكا فِيهِ فَلَمَّا انْصَرَفَ قالَ مَن المُتَكَلِّمُ قَالَ أَنا قَالَ رَأَيْتُ بِضْعَةً وثَلَاثِينَ ملَكا يَبْتَدِرُونَهَا أيُّهُمْ يَكْتُبُهَا أوَّلُ.

مطابقته للتَّرْجَمَة ظَاهِرَة، وَقد بَيناهُ فِي أول الْبَاب.

ذكر رِجَاله: وهم سِتَّة: الأول: عبد الله بن مسلمة القعْنبِي. الثَّانِي: مَالك بن أنس. الثَّالِث: نعيم، بِضَم النُّون، ابْن عبد الله المجمر، بِلَفْظ الْفَاعِل من الإجمار، وَقد مر ذكره فِي: بَاب فضل الْوضُوء، وَهُوَ صفة لنعيم ولأبيه أَيْضا. الرَّابِع: عَليّ بن يحيى بن خَلاد، بِفَتْح الْخَاء الْمُعْجَمَة وَتَشْديد اللَّام وبالدال الْمُهْملَة: الزرقي، بِضَم الزَّاي وَفتح الرَّاء وبالقاف: الْأنْصَارِيّ الْمدنِي: مَاتَ سنة تسع وَعشْرين وَمِائَة. الْخَامِس: أَبوهُ يحيى بن خَلاد بن رَافع، حنكه النَّبِي، صلى الله عَلَيْهِ وَسلم. السَّادِس: عَمه رِفَاعَة، بِكَسْر الرَّاء وَتَخْفِيف الْفَاء وَبعد الْألف عين مُهْملَة:

<<  <  ج: ص:  >  >>