للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

٨٨٤ - حَدثنَا أبُو اليَمَانِ قَالَ أخبرنَا شُعَيْبٌ عنِ الزُّهْرِيِّ قَالَ طاوُوسٌ قُلْتُ لابنِ عَبَّاسٍ ذكَرُوا أنَّ النَّبِيَّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قالَ اغْتَسِلُوا يَوْمَ الجُمُعَةِ وَاغْسِلُوا رُؤوسَكُمْ وَإنْ لَمْ تَكُونُوا جُنُبا وَأصِيبُوا مِنَ الطِّيبِ. قَالَ ابنُ عَبَّاسٍ أمَّا الغُسْلُ فَنَعَمْ وأمَّا الطِّيبُ فَلَا أدْرِي (الحَدِيث ٨٨٤ طرفه فِي: ٨٨٥) .

لَيْسَ فِي هَذَا الحَدِيث ذكر الدّهن ليطابق التَّرْجَمَة، وَلَكِن تَأتي الْمُطَابقَة من وَجه آخر، وَهُوَ أَن الْعَادة اسْتِعْمَال الدّهن بعد غسل الرَّأْس، فَكَأَن هَذَا أشعر بِهِ، وَوجه آخر: أَن الدّهن ذكر فِي حَدِيث طَاوُوس هَذَا فِي رِوَايَة إِبْرَاهِيم بن ميسرَة، وَإِنَّمَا الزُّهْرِيّ الَّذِي لم يذكرهُ، وَزِيَادَة الثِّقَة الْحَافِظ مَقْبُولَة، والْحَدِيث وَاحِد، فَكَأَنَّهُ مَذْكُور أَيْضا فِي رِوَايَة الزُّهْرِيّ تَقْديرا وَإِن لم يكن صَرِيحًا.

وَرِجَال الحَدِيث قد تكَرر ذكرهم، وَأَبُو الْيَمَان هُوَ الحكم بن نَافِع غَالِبا يروي عَن شُعَيْب بن أبي حَمْزَة عَن مُحَمَّد بن مُسلم بن شهَاب الزُّهْرِيّ عَن طَاوُوس. وَأخرجه النَّسَائِيّ أَيْضا فِي الصَّلَاة عَن مُحَمَّد بن يحيى بن عبد الله عَن أبي الْيَمَان بِهِ.

قَوْله: (ذكرُوا) ، لم يسم طَاوُوس من حَدثهُ بذلك، وَالظَّاهِر أَنه أَبُو هُرَيْرَة، لِأَن الطَّحَاوِيّ روى من طَرِيق عَمْرو بن دِينَار عَن طَاوُوس عَن أبي هُرَيْرَة نَحوه، وَكَذَلِكَ رَوَاهُ ابْن خُزَيْمَة وَابْن حبَان. قَوْله: (واغسلوا رؤوسكم) إِمَّا تَأْكِيد (لاغتسلوا) من بَاب ذكر الْخَاص بعد الْعَام، وَبَيَان لزِيَادَة الاهتمام بِهِ، أَو يُرَاد بِالْأولِ: الْغسْل الْمَشْهُور الَّذِي هُوَ كَغسْل الْجَنَابَة، وَبِالثَّانِي: التَّنْظِيف من الْأَذَى وَاسْتِعْمَال الدّهن. قَوْله: (وَإِن لم تَكُونُوا جنبا) ، عطف على مُقَدّر تَقْدِيره: إِن كُنْتُم جنبا وَإِن لم تَكُونُوا جنبا، وَلَفظ الْجنب يَسْتَوِي فِيهِ الْمُفْرد والمثنى وَالْجمع والمذكر والمؤنث، فَلذَلِك وَقع خَبرا لقَوْله: (وَإِن لم تَكُونُوا) . قَوْله: (وأصيبوا) أَمر من الْإِصَابَة، وَكلمَة: من، فِي: من الطّيب، للتَّبْعِيض قَائِم مقَام الْمَفْعُول أَي: أصيبوا بعض الطّيب، وَمَعْنَاهُ: استعملوا. قَوْله: (فَلَا أَدْرِي) أَي: فَلَا أعلم أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَه، وَهَذَا يُخَالف مَا رَوَاهُ ابْن مَاجَه من رِوَايَة صَالح بن أبي الْأَخْضَر عَن الزُّهْرِيّ عَن عبيد بن السباق عَن ابْن عَبَّاس مَرْفُوعا: (من جَاءَ إِلَى الْجُمُعَة فليغتسل وَإِن كَانَ لَهُ طيب فليمس مِنْهُ) ، وَصَالح ضَعِيف، وَخَالفهُ مَالك فَرَوَاهُ عَن الزُّهْرِيّ عَن عبيد بن سباق مُرْسلا.

وَمِمَّا يُسْتَفَاد مِنْهُ: أَن الِاغْتِسَال يَوْم الْجُمُعَة للجنابة يجوز عَن الْجُمُعَة، سَوَاء نَوَاه للْجُمُعَة أَو لَا. وَقَالَ ابْن الْمُنْذر: أَكثر من يحفظ فِيهِ من أهل الْعلم يَقُولُونَ: يجزىء غسلة وَاحِدَة للجنابة وَالْجُمُعَة. وَقَالَ ابْن بطال: روينَاهُ عَن ابْن عمر وَمُجاهد وَمَكْحُول وَالثَّوْري وَالْأَوْزَاعِيّ وَأبي ثَوْر، وَقَالَ أَحْمد: أَرْجُو أَن يجْزِيه، وَهُوَ قَول أَشهب وَغَيره، وَبِه قَالَ الْمُزنِيّ. وَعَن أَحْمد: أَنه لَا يجْزِيه عَن غسل الْجَنَابَة حَتَّى ينويها، وَهُوَ قَول مَالك فِي (الْمُدَوَّنَة) : وَذكره ابْن عبد الحكم، وَذكر ابْن الْمُنْذر عَن بعض ولد أبي قَتَادَة أَنه قَالَ: من اغْتسل للجنابة يَوْم الْجُمُعَة اغْتسل للْجُمُعَة.

٨٨٥ - حدَّثنا إبْرَاهيمُ بنُ مُوساى قَالَ أخبرنَا هِشَامٌ أنَّ ابنَ جُريْجٍ أخْبَرَهُمْ قالَ أخبرَنِي إبْرَاهيمُ بنُ مَيْسَرَةَ عنْ طَاوُسٍ عنِ ابنِ عَبَّاسٍ رَضِي الله تَعَالَى عَنْهُمَا أنَّهُ ذَكَرَ قَوْلَ النَّبيِّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي الغُسْلِ يَوْمَ الجُمُعَةِ فَقُلْتُ لابنِ عَبَّاسٍ أيَمَسُّ طِيبا أوْ دُهْنا إنْ كانَ عِنْدِ أهْلِهِ فقالَ لَا أعْلَمُهُ. (انْظُر الحَدِيث ٨٨٤) .

مطابقته للتَّرْجَمَة ظَاهِرَة.

ذكر رِجَاله: وهم سِتَّة: الأول: إِبْرَاهِيم بن مُوسَى الْفراء أَبُو إِسْحَاق الرَّازِيّ الْحَافِظ. الثَّانِي: هِشَام بن يُوسُف أَبُو عبد الرَّحْمَن قَاضِي صنعاء، مَاتَ سنة سبع وَتِسْعين وَمِائَة بِالْيمن. الثَّالِث: عبد الْملك بن جريج. الرَّابِع: إِبْرَاهِيم بن ميسرَة، بِفَتْح الْمِيم وَسُكُون الْيَاء آخر الْحُرُوف وَفتح السِّين وَالرَّاء الْمُهْمَلَتَيْنِ: الطَّائِفِي الْمَكِّيّ التَّابِعِيّ. الْخَامِس: طَاوُوس الْيَمَانِيّ. السَّادِس: عبد الله بن عَبَّاس.

ذكر لطائف إِسْنَاده: وَفِيه: التحديث بِصِيغَة الْجمع فِي مَوضِع. وَفِيه: الْإِخْبَار بِصِيغَة الْجمع فِي مَوضِع وبصيغة الْإِفْرَاد فِي موضِعين. وَفِيه: العنعنة فِي موضِعين. وَفِيه: رِوَايَة التَّابِعِيّ عَن التَّابِعِيّ عَن الصَّحَابِيّ. وَفِيه: أَن رُوَاته مَا بَين رازي وصنعاني ومكي وطائفي ويماني على نسق مَذْكُور فِيهِ.

وَأخرجه مُسلم فِي الصَّلَاة أَيْضا عَن الْحسن بن عَليّ وَعَن مُحَمَّد بن رَافع وَعَن إِسْحَاق بن إِبْرَاهِيم وَعَن هَارُون بن عبد الله، الْكل عَن ابْن جريج.

قَوْله: (أيمس طيبا؟) الْهمزَة فِيهِ للاستفهام

<<  <  ج: ص:  >  >>