للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

عَنهُ: إِن لم يقدر على الْإِيمَاء أخر الصَّلَاة حَتَّى يُصليهَا كَامِلَة، وَلَا يجزىء عَنْهَا تَسْبِيح وَلَا تهليل، لِأَنَّهُ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قد أَخّرهَا يَوْم الخَنْدَق. وَهَذَا اسْتِدْلَال ضَعِيف، لِأَن آيَة صَلَاة الْخَوْف لم تكن نزلت قبل ذَلِك.

وبِهِ قالَ مَكْحُولٌ

أَي: بقول الْأَوْزَاعِيّ قَالَ مَكْحُول أَبُو عبد الله الدِّمَشْقِي فَقِيه أهل الشَّام التَّابِعِيّ، ولد مَكْحُول بكابل لِأَنَّهُ من سبيه، فَرفع إِلَى سعيد بن الْعَاصِ فوهب لأِمرأة من هُذَيْل فأعتقته، وَقيل غير ذَلِك. وَقَالَ مُحَمَّد بن سعد: مَاتَ سنة سِتّ عشرَة وَمِائَة. قَالَ الْعجلِيّ: تَابِعِيّ ثِقَة، وروى لَهُ البُخَارِيّ فِي (كتاب الْأَدَب) و (الْقِرَاءَة خلف الإِمَام) وروى لَهُ مُسلم وَالْأَرْبَعَة. وَقَالَ الْكرْمَانِي: قَوْله: وَبِه قَالَ مَكْحُول، يحْتَمل أَن يكون من تَتِمَّة كَلَام الْأَوْزَاعِيّ، وَأَن يكون تَعْلِيقا من البُخَارِيّ؟ قلت: الظَّاهِر أَنه تَعْلِيق وَصله عبد بن حميد فِي (تَفْسِيره) عَنهُ من غير طَرِيق الْأَوْزَاعِيّ بِلَفْظ: إِذا لم يقدر الْقَوْم على أَن يصلوا على الأَرْض صلوا على ظهر الدَّوَابّ رَكْعَتَيْنِ، فَإِن لم يقدروا فركعة وسجدتين، فَإِن لم يقدروا أخروا الصَّلَاة حَتَّى يأمنوا فيصلوا بِالْأَرْضِ.

وَقَالَ أنَسٌ حَضَرْتُ عِنْدَ مُنَاهَضَةِ حِصْنِ تُسْتَرَ عِنْدَ إضَاءَةِ الفَجْرِ واشْتَدَّ اشْتِعَالُ القِتَالِ فَلَمْ يَقْدِرُوا عَلَى الصَّلَاةِ فَلَمْ نُصَلِّ إلاّ بَعْدَ ارْتِفَاعِ النَّهَارِ فَصَلَّيْنَاها مَعَ أبِي مُوسى فَفُتِحَ لَنَا. وقالَ أنَسٌ وَمَا يَسُرُّنِي بِتِلْكَ الصَّلَاةِ الدُّنْيَا وَمَا فِيهَا

هَذَا التَّعْلِيق وَصله ابْن سعد وَابْن أبي شيبَة من طَرِيق قَتَادَة عَنهُ، وَقَالَ خَليفَة بن خياط فِي (تَارِيخه) : حَدثنَا ابْن زُرَيْع عَن سعيد عَن قَتَادَة عَن أنس قَالَ: لم نصل يَوْمئِذٍ الْغَدَاة حَتَّى انتصف النَّهَار. قَالَ خَليفَة: وَذَلِكَ فِي سنة عشْرين. قَوْله: (تستر) ، بِضَم التَّاء الْمُثَنَّاة من فَوق وَسُكُون السِّين الْمُهْملَة وَفتح التَّاء الثَّانِيَة وَفِي آخِره رَاء: وَهِي مَدِينَة مَشْهُورَة من كور الأهوار بخورستان، وَهِي بِلِسَان الْعَامَّة: ششتر، بشينين أولاهما مَضْمُومَة وَالثَّانيَِة سَاكِنة وَفتح التَّاء الْمُثَنَّاة من فَوق. إعلم أَن تستر فتحت مرَّتَيْنِ الأولى: صلحا، وَالثَّانيَِة عنْوَة. قَالَ ابْن جرير: كَانَ ذَلِك فِي سنة سبع عشرَة فِي قَول سيف، وَقَالَ غَيره: سنة سِتّ عشرَة، وَقيل: فِي سنة تسع عشرَة. قَالَ الْوَاقِدِيّ: لما فرغ أَبُو مُوسَى الْأَشْعَرِيّ من فتح السوس صَار إِلَى تستر فَنزل عَلَيْهَا وَبهَا يَوْمئِذٍ الهرمزان، وَفتحت على يَدَيْهِ، ومسك الهرمزان وَأرْسل بِهِ إِلَى عمر بن الْخطاب، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ. قَوْله: (فَلم يقدروا على الصَّلَاة) إِمَّا للعجز عَن النُّزُول أَو عَن الإيما، وَجزم الْأصيلِيّ بِأَن سَببه أَنهم لم يَجدوا إِلَى الْوضُوء سَبِيلا من شدَّة الْقِتَال. قَوْله: (إِلَّا بعد ارْتِفَاع النَّهَار) وَفِي رِوَايَة عمر بن أبي شيبَة: (حَتَّى انتصف النَّهَار) . قَوْله: (مَا يسرني بِتِلْكَ الصَّلَاة) الْبَاء فِيهَا للمقابلة والبدلية، أَي: بدل تِلْكَ الصَّلَاة ومقابلتها. وَفِي رِوَايَة الْكشميهني: من تِلْكَ الصَّلَاة. قَوْله: (الدُّنْيَا) فَاعل: (مَا يسرني) ، وَقيل: مَعْنَاهُ لَو كَانَت فِي وَقتهَا كَانَت أحب إِلَيّ من الدُّنْيَا وَمَا فِيهَا. وَفِي رِوَايَة خَليفَة: (الدُّنْيَا كلهَا) بدل: (الدُّنْيَا وَمَا فِيهَا) .

٩٤٥ - حدَّثنا يَحْيَى قَالَ حدَّثنا وَكِيعٌ عنْ عَلِيِّ بنِ المُبَارَكِ عنْ يَحْيَى بنِ أبِي كَثِيرٍ عنْ أبِي سَلَمَةَ عنْ جابِرِ بنِ عَبْدِ الله قَالَ جاءَ عُمَرُ يَوْمَ الخَنْدَقِ فجَعَلَ يَسُبُّ كُفَّارَ قُرَيْشٍ ويَقُولُ يَا رسُولَ الله مَا صَلَّيْتُ العَصْرَ حَتَّى كادَت الشَّمْسُ أنْ تَغِيبَ فَقَالَ النبيُّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَأَنا وَالله مَا صَلَّيْتُهَا بَعْدُ قالَ فنَزَلَ إِلَى بُطْحَانَ فَتوَضَّأَ وصَلَّى العَصْرَ بَعْدما غَابَتِ الشَّمْسُ ثُمَّ صَلَّى المغْرِبَ بَعْدَهَا. .

مطابقته للجزء الثَّانِي من التَّرْجَمَة. وَهُوَ قَوْله: (ولقاء الْعَدو) ، وَكَانَ الحكم فِيهِ من جملَة الْأَحْكَام الَّتِي ذَكرنَاهَا تَأْخِير الصَّلَاة إِلَى وَقت الْأَمْن. وَفِي هَذَا الحَدِيث أَيْضا: أخرت الصَّلَاة عَن النَّبِي، صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، وَعَن عمر وَغَيرهمَا: حَتَّى نزلُوا إِلَى بطحان، بِضَم الْبَاء الْمُوَحدَة: وادٍ بِالْمَدِينَةِ، فصلواها فِيهِ. وَصرح هَهُنَا بِأَن الْفَائِتَة هِيَ صَلَاة الْعَصْر، وَفِي (الْمُوَطَّأ) : الظّهْر وَالْعصر. وَفِي النَّسَائِيّ: الظّهْر وَالْعصر وَالْمغْرب وَالْعشَاء. وَفِي التِّرْمِذِيّ: أَربع صلوَات. وَقد اسْتَوْفَيْنَا الْكَلَام فِي هَذَا الحَدِيث

<<  <  ج: ص:  >  >>