للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

الله تَعَالَى عَنْهَا عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَنه قَالَ: (من رأى هِلَال ذِي الْحجَّة مِنْكُم، وَأَرَادَ أَن يُضحي فليمسك عَن شعره وأظفاره) ، وَالتَّعْلِيق بالإرادة يُنَافِي الْوُجُوب، ولوجه الْوُجُوب أَحَادِيث مِنْهَا: مَا رَوَاهُ ابْن مَاجَه من حَدِيث أبي هُرَيْرَة قَالَ، قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: (من كَانَ لَهُ سَعَة وَلم يضح فَلَا يقربن مصلانا) ، وَرَوَاهُ أَحْمد وَإِسْحَاق وَأَبُو يعلى وَالدَّارَقُطْنِيّ وَالْحَاكِم فِي (مُسْتَدْركه) وَقَالَ: صَحِيح الْإِسْنَاد وَلم يخرجَاهُ. وَمِنْهَا: مَا رَوَاهُ الدَّارَقُطْنِيّ من حَدِيث عَليّ عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم (نسخ الْأَضْحَى كل ذبح، ورمضان كل صَوْم) . وَقَالَ الْبَيْهَقِيّ: إِسْنَاده ضَعِيف بِمرَّة، وَفِي إِسْنَاده: الْمسيب بن شريك وَهُوَ مَتْرُوك. وَمِنْهَا: مَا أخرجه الدَّارَقُطْنِيّ أَيْضا من حَدِيث عَائِشَة، (قَالَت: يَا رَسُول الله أستدين وأضحي؟ قَالَ: نعم، وَإنَّهُ دين مقضي) وَفِي إِسْنَاده: هدير بن عبد الرَّحْمَن وَهُوَ ضَعِيف، وَلم يدْرك عَائِشَة.

٢٤ - (بابُ مَنْ خالَفَ الطَّرِيقَ إذَا رَجَعَ يَوْمَ العِيدِ)

أَي: هَذَا بَاب فِي بَيَان حكم من خَالف الطَّرِيق الَّتِي توجه فِيهَا إِذا رَجَعَ يَوْم الْعِيد.

٩٨٦ - حدَّثنا مُحَمَّدٌ قَالَ أخبرنَا أبُو تُمَيْلَةَ يحْيى بنُ وَاضِحٍ عنْ فُلَيْحِ بنِ سُلَيْمَانَ عنْ سَعِيدِ بنِ الحَارِثِ عنْ جابِرٍ قَالَ كانَ النبيُّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إذَا كانَ يَوْمُ عِيدٍ خالَفَ الطَّرِيقَ

مطابقته للتَّرْجَمَة ظَاهِرَة.

ذكر رِجَاله: وهم خَمْسَة: الأول: مُحَمَّد، كَذَا وَقع للأكثرين غير مَنْسُوب، وَفِي رِوَايَة ابي عَليّ بن السكن: حَدثنَا مُحَمَّد بن سَلام، وَكَذَا للحفصي، وَجزم بِهِ الكلاباذي، وَكَذَا ذكره أَبُو الْفضل بن طَاهِر، وَكَذَا الْكرْمَانِي فِي شَرحه، وَذكر فِي أَطْرَاف خلف أَنه وجد حَاشِيَة هُوَ: مُحَمَّد بن مقَاتل. الثَّانِي: أَبُو تُمَيْلة بِضَم التَّاء الْمُثَنَّاة من فَوق وَفتح الْمِيم وَسُكُون الْيَاء آخر الْحُرُوف واسْمه يحيى بن وَاضح الْأنْصَارِيّ الْمروزِي. الثَّالِث: فليح، بِضَم الْفَاء: ابْن سُلَيْمَان، تقدم فِي أول كتاب الْعلم. الرَّابِع: سعيد بن الْحَارِث بن الْمُعَلَّى الْأنْصَارِيّ الْمدنِي قاضيها. الْخَامِس: جَابر بن عبد الله الْأنْصَارِيّ.

ذكر لطائف إِسْنَاده: وَفِيه: التحديث بِصِيغَة الْجمع فِي مَوضِع وبصيغة الْإِخْبَار كَذَلِك. وَفِيه: العنعنة فِي ثَلَاثَة مَوَاضِع. وَفِيه: القَوْل فِي موضِعين. وَفِيه: أَن شَيْخه غير مَنْسُوب على الِاخْتِلَاف. وَفِيه: الثَّانِي من الروَاة مروزي وَالثَّالِث وَالرَّابِع مدنيان.

ذكر مَعْنَاهُ: قَوْله: (إِذا كَانَ) ، كَانَ هَذِه تَامَّة. وَقَوله: (يَوْم عيد) اسْمه فَلَا يحْتَاج إِلَى خبر. وَقَوله: خَالف الطَّرِيق) جَوَاب الشَّرْط مَعْنَاهُ: كَانَ الرُّجُوع فِي غير طَرِيق الذّهاب إِلَى الْمصلى، وَفِي رِوَايَة الْإِسْمَاعِيلِيّ: (كَانَ إِذا خرج إِلَى الْعِيد رَجَعَ من غير الطَّرِيق الَّذِي ذهب فِيهِ) .

وَالْحكمَة فِيهِ على مَا ذكره أَكثر الشُّرَّاح أَنه ينتهى إِلَى عشرَة أوجه، وَلَكِن أَكثر من ذَلِك، بل رُبمَا ذكرُوا فِيهِ مَا يَنْتَهِي إِلَى عشْرين وَجها. الأول: ى نه فعل ذَلِك لتشهد لَهُ الطريقان. الثَّانِي: ليشهد لَهُ الْإِنْس وَالْجِنّ من سكان الطَّرِيق. الثَّالِث: ليسوي بَينهمَا فِي مرتبَة الْفضل بمرورة. الرَّابِع: لِأَن طَرِيقه إِلَى الْمصلى كَانَت على الْيَمين فَلَو رَجَعَ مِنْهَا لرجع على جِهَة الشمَال، فَرجع من غَيرهَا. الْخَامِس: لإِظْهَار شَعَائِر الْإِسْلَام فيهمَا. السَّادِس: لإِظْهَار ذكر الله تَعَالَى. السَّابِع: ليغيظ الْمُنَافِقين أَو الْيَهُود. الثَّامِن: ليرهبهم بِكَثْرَة من مَعَه. التَّاسِع: للحذر من كيد الطَّائِفَتَيْنِ أَو من إِحْدَاهمَا. الْعَاشِر: ليعم أهل الطَّرِيقَيْنِ بالسرور بِهِ. الْحَادِي عشر: ليتبركوا بمروره وبرؤيته. الثَّانِي عشر: ليقضي حَاجَة من يحْتَاج إِلَيْهَا من نَحْو صَدَقَة أَو استرشاد إِلَى شَيْء أَو استشفاع وَنَحْو ذَلِك. الثَّالِث عشر: ليجيب من يستفتي فِي أَمر دينه. الرَّابِع عشر: ليسلم عَلَيْهِم فَيحصل لَهُم أجر الرَّد. الْخَامِس عشر: ليزور أَقَاربه الْأَحْيَاء والأموات. السَّادِس عشر: ليصل رَحمَه. السَّابِع عشر: ليتفاءل بِتَغَيُّر الْحَال إِلَى الْمَغْفِرَة والرضى. الثَّامِن عشر: لِأَنَّهُ كَانَ يتَصَدَّق فِي ذَهَابه، فَإِذا رَجَعَ لم يبْق مَعَه شَيْء فَيرجع فِي طَرِيق أُخْرَى لِئَلَّا يرد من سَأَلَهُ. التَّاسِع عشر: فعل ذَلِك لتخفيف الزحام. الْعشْرُونَ: لِأَنَّهُ كَانَ طَرِيقه الَّتِي يتَوَجَّه مِنْهَا أبعد من الَّتِي يرجع فِيهَا، فَأَرَادَ تَكْثِير الْأجر بتكثير الخطى فِي الذّهاب، وَقَالَ بَعضهم: ثَبت من هَذِه الْأَوْجه مَا كَانَ الواهي مِنْهَا، وَنقل عَن القَاضِي عبد الْوَهَّاب: أَن أَكْثَرهَا دعاوى فارغة. قلت: هَذِه كلهَا اختراعات جَيِّدَة فَلَا تحْتَاج إِلَى دَلِيل، وَلَا إِلَى تَصْحِيح وتضعيف.

ذكر مَا يُسْتَفَاد مِنْهُ: وَهُوَ اسْتِحْبَاب مُخَالفَة الطَّرِيق يَوْم الْعِيد فِي الذّهاب إِلَى الْمصلى وَالرُّجُوع مِنْهُ، فجمهور الْعلمَاء

<<  <  ج: ص:  >  >>