للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

الْأَوْزَاعِيّ وَالثَّوْري وَأحمد وَإِسْحَاق. قَالَ ابْن الْمُنْذر: وَبِه أَقُول: فَإِن تَركهَا فِي الْيَوْم الثَّانِي بِعُذْر أَو بِغَيْر عذر لَا يُصليهَا، وَقَالَ الشَّافِعِي: من فَاتَتْهُ صَلَاة الْعِيد يُصَلِّي وَحده كَمَا يُصَلِّي مَعَ الإِمَام، وَهَذَا بِنَاء على أَن الْمُنْفَرد: هَل يُصَلِّي صَلَاة الْعِيد؟ عندنَا لَا يُصَلِّي، وَعِنْده يُصَلِّي. وَقَالَ السَّرخسِيّ: وَللشَّافِعِيّ قَولَانِ، الْأَصَح قَضَاؤُهَا، فَإِن أمكن جمعهم فِي يومهم صلى بهم، وإلاّ صلاهَا من الْغَد، وَهُوَ فرع قَضَاء النَّوَافِل عِنْده، وعَلى القَوْل الآخر: هِيَ كَالْجُمُعَةِ يشْتَرط لَهَا الْجَمَاعَة وَالْأَرْبَعُونَ وَدَار الْإِقَامَة، وَفعله فِي الْغَد إِن قُلْنَا أَدَاء لَا يُصليهَا فِي بَقِيَّة الْيَوْم، وإلاّ صلاهَا فِي بَقِيَّته، وَهُوَ الصَّحِيح عِنْدهم، وتأخرها عَنهُ لَا يسْقط أبدا. وَقيل: إِلَى آخر الشَّهْر.

وَأما الْوَجْه الثَّانِي: فقد قَالَت طَائِفَة: إِذا فَاتَت صَلَاة الْعِيد يُصَلِّي رَكْعَتَيْنِ، وَهُوَ قَول مَالك وَالشَّافِعِيّ وَأبي ثَوْر، إلاّ أَن مَالِكًا اسْتحبَّ لَهُ ذَلِك من غيرإيجاب، وَقَالَ الْأَوْزَاعِيّ: يُصَلِّي رَكْعَتَيْنِ وَلَا يجْهر بِالْقِرَاءَةِ وَلَا يكبر تَكْبِير الإِمَام، وَلَيْسَ بِلَازِم. وَقَالَت طَائِفَة: يُصليهَا إِن شَاءَ أَرْبعا، رُوِيَ ذَلِك عَن عَليّ وَابْن مَسْعُود، وَبِه قَالَ الثَّوْريّ وَأحمد، وَقَالَ أَبُو حنيفَة: إِن شَاءَ صلى وَإِن شَاءَ لم يصل، فَإِن شَاءَ صلى أَرْبعا، وَإِن شَاءَ رَكْعَتَيْنِ. وَقَالَ إِسْحَاق: إِن صلى فِي الْجَبانَة صلى كَصَلَاة الإِمَام، فَإِن لم يصلِ فِيهَا صلى أَرْبعا.

وكَذالِكَ النِّسَاءُ

أَي: وَكَذَلِكَ النِّسَاء اللَّاتِي لم يحضرن الْمصلى مَعَ الإِمَام يصلين صَلَاة الْعِيد، والآن يَأْتِي دَلِيله.

ومَنْ كانَ فِي البُيُوتِ والقُرَى

وَكَذَلِكَ يُصَلِّي الْعِيد من كَانَ فِي الْبيُوت من الَّذين لَا يحْضرُون الْمصلى. قَوْله: (والقرى) أَي: وَكَذَلِكَ يُصَلِّي الْعِيد من كَانَ فِي الْقرى.

لِقَوْلِ النبيِّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم هاذا عِيدُنَا أهْلَ الإسْلَامِ

هَذَا دَلِيل لما تقدم من الْأَشْيَاء الثَّلَاثَة. وَجه الِاسْتِدْلَال بِهِ أَنه أضَاف إِلَى كل أمة الْإِسْلَام من غير فرق بَين من كَانَ مَعَ الإِمَام أَو لم يكن. وَقَوله: (هَذَا عيدنا) قد مضى فِي حَدِيث عَائِشَة، رَضِي الله تَعَالَى عَنْهَا فِي قصَّة المغنيتين. وَأما قَوْله: (أهل الْإِسْلَام) ، فَقَالَ بعض الشُّرَّاح: كَأَنَّهُ من البُخَارِيّ، وَقيل: لَعَلَّه مَأْخُوذ من حَدِيث عقبَة بن عَامر مَرْفُوعا: (أَيَّام منى عيدنا أهل الْإِسْلَام) ، وَهُوَ فِي (السّنَن) : وَصَححهُ ابْن خُزَيْمَة: (وَأهل الْإِسْلَام) ، بِالنّصب على أَنه منادى مُضَاف حذف مِنْهُ حرف النداء، أَو بِتَقْدِير: أَعنِي أَو أخص.

وأمَرَ أنَسُ بنُ مالَكٍ مَوْلَاهُمُ ابنَ عُتْبَةَ بِالزَّاوِيَةِ فَجَمَعَ أهْلَهُ وبَنِيهِ وَصَلَّى كَصَلاةِ أهْلِ المِصْرِ وَتَكْبِيرِهِمْ

هَذَا التَّعْلِيق ذكره ابْن أبي شيبَة فَقَالَ: حَدثنَا ابْن علية عَن يُونُس، قَالَ: حَدثنِي بعض آل أنس بن مَالك أَن أنسا كَانَ رُبمَا جمع أَهله وحشمه يَوْم الْعِيد فَيصَلي بهم عبد الله بن أبي غنية رَكْعَتَيْنِ، وَقَالَ الْبَيْهَقِيّ فِي (السّنَن) : أخبرنَا أَبُو الْحسن الْفَقِيه وَأَبُو الْحسن بن أبي سيد الإسفرايني حَدثنَا ابْن سهل بشر بن أَحْمد حَدثنَا حَمْزَة بن مُحَمَّد الْكَاتِب حَدثنَا نعيم بن حَمَّاد حَدثنَا هشيم عَن عبد الله بن أبي بكر بن أنس بن مَالك، (قَالَ: كَانَ أنس بن مَالك إِذا فَاتَتْهُ صَلَاة الْعِيد مَعَ الإِمَام جمع أَهله يُصَلِّي بهم مثل صَلَاة الإِمَام فِي الْعِيد) . قَالَ: وَيذكر عَن أنس أَنه كَانَ إِذا كَانَ بمنزله بالزاوية فَلم يشْهد الْعِيد بِالْبَصْرَةِ جمع موَالِيه وَولده ثمَّ يَأْمر مَوْلَاهُ عبد الله بن أبي غنية فَيصَلي بهم كَصَلَاة أهل الْمصر رَكْعَتَيْنِ، وَيكبر بهم كتكبيرهم. وَبِه قَالَ فِيمَا ذكره ابْن أبي شيبَة وَمُجاهد وَابْن الْحَنَفِيَّة وَإِبْرَاهِيم وَابْن سِيرِين وَحَمَّاد وَأَبُو إِسْحَاق السبيعِي. قَوْله: (وَأمر أنس مَوْلَاهُ) وَفِي رِوَايَة الْمُسْتَمْلِي: (مَوْلَاهُم) . قَوْله: (ابْن أبي غنية) ، بِفَتْح الْغَيْن الْمُعْجَمَة وَكسر النُّون وَتَشْديد الْيَاء آخر الْحُرُوف، هَذَا فِي رِوَايَة أبي ذَر، وَفِي رِوَايَة غَيره، بِضَم الْعين الْمُهْملَة وَسُكُون التَّاء الْمُثَنَّاة من فَوق وَفتح الْبَاء الْمُوَحدَة، وَهُوَ الْأَكْثَر الْأَشْهر. قَوْله: (بالزاوية) بالزاي، مَوضِع على فرسخين من الْبَصْرَة كَانَ بهَا قصر وَأَرْض لأنس، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ، وَكَانَ يُقيم هُنَاكَ كثيرا، وَكَانَت بالزاوية وقْعَة عَظِيمَة بَين الْحجَّاج والأشعث. قَوْله: (بعض آل أنس بن مَالك، المُرَاد: عبيد الله بن أبي بكر بن أنس.

<<  <  ج: ص:  >  >>