للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

قَالَ ابْن المقفع: سميت الشَّام بسام بن نوح، عَلَيْهِ السَّلَام، وسام اسْمه بالسُّرْيَانيَّة: شام، وبالعبرانية: شيم. قَالَ ابْن عَسَاكِر. وَقيل: سميت شاما لِأَنَّهَا عَن شمال الأَرْض. وَقَالَ بعض الروَاة: إِن اسْم الشَّام أَولا سورية، وككانت أَرض بني إِسْرَائِيل، قسمت على اثْنَي عشر سَهْما، فَصَارَ لسهم مِنْهُم مَدِينَة شامرين، وَهِي من أَرض فلسطين، فَصَارَ إِلَيْهَا متجر الْعَرَب فِي ذَلِك، وَمِنْهَا كَانَت ميرتهم فسموا الشَّام بشامرين، ثمَّ حذفوا فَقَالُوا: الشَّام. وَقَالَ الْبكْرِيّ: الشأم، مَهْمُوز الْألف، وَقد لَا يهمز، وَقَالَ الْفراء: فِيهَا لُغَتَانِ: شام وشأم، وَالنّسب إِلَيْهَا شأمي وشامي، وشام على الْحَذف. قَالَ الْجَوْهَرِي: يذكر وَيُؤَنث، وَلَا يُقَال: شأم، وَمَا جَاءَ فِي ضَرُورَة الشّعْر فَمَحْمُول على أَنه اقْتصر من النِّسْبَة على ذكر الْبَلَد، وَالْقَوْم أشأموا، أَي: أَتَوا الشَّام أَو ذَهَبُوا إِلَيْهَا. وَقَالَ أَبُو الْحُسَيْن بن سراج مَهْمُوز مَمْدُود، وأباء أَكْثَرهم إلاّ فِي النّسَب أَعنِي: فتح الْهمزَة، كَمَا اخْتلف فِي إِثْبَات الْيَاء مَعَ الْهمزَة الممدودة، فَأَجَازَهُ سِيبَوَيْهٍ وَمنعه غَيره. وَيُقَال: قَوْله: (فِي شامنا ويمننا) أَي: الإقليمين الْمَشْهُورين، وَيحْتَمل أَن يُرَاد بهما: الْبِلَاد الَّتِي فِي يميننا ويسارنا أَعم مِنْهُمَا، يُقَال: نظرت يمنة وشامة أَي: يَمِينا ويسارا، ونجد هُوَ خلاف الْغَوْر. والغور هُوَ تهَامَة، وكل مَا ارْتَفع عَن تهَامَة إِلَى أَرض الْعرَاق فَهُوَ نجد، وَإِنَّمَا ترك الدُّعَاء لأهل الْمشرق ليضعفوا عَن الشَّرّ الَّذِي هُوَ مَوْضُوع فِي جهتهم لاستيلاء الشَّيْطَان بلفتن عَلَيْهَا. قَوْله: (وَبهَا) أَي: وبنجد يطلع قرن الشَّيْطَان، أَي: أمته وَحزبه. وَقَالَ كَعْب، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ: يخرج الدَّجَّال من الْعرَاق.

٨٢ - (بابُ قَوْلِ الله تَعَالَى {وتَجْعَلُونَ رِزْقَكُمْ أنَّكُمْ تُكَذِّبُونَ} (الْوَاقِعَة: ٢٨) .)

أَي: هَذَا بَاب فِي بَيَان قَول الله عز وَجل ... إِلَى آخِره، وَجه إِدْخَال هَذِه التَّرْجَمَة فِي أَبْوَاب الاسْتِسْقَاء لِأَن هَذِه الْآيَة فِيمَن قَالُوا: الاسْتِسْقَاء بالأنواء، على مَا روى عبد بن حميد الْكشِّي فِي تَفْسِيره: حَدثنِي يحيى بن عبد الحميد عَن ابْن عُيَيْنَة عَن عَمْرو عَن ابْن عَبَّاس: {وتجعلون رزقكم أَنكُمْ تكذبون} (الْوَاقِعَة: ٢٨) . قَالَا: الاسْتِسْقَاء بالأنواء، أخبرنَا إِبْرَاهِيم عَن أَبِيه عَن عِكْرِمَة عَن مَوْلَاهُ {وتجعلون رزقكم} (الْوَاقِعَة: ٢٨) . قَالَ: تَجْعَلُونَ شكركم، وَفِي تَفْسِير ابْن عَبَّاس، رَضِي الله تَعَالَى عَنْهُمَا: جمع إِسْمَاعِيل بن أبي زِيَاد الشَّامي، وَرِوَايَته عَن الضَّحَّاك عَنهُ: {وتجعلون رزقكم أَنكُمْ تكذبون} (الْوَاقِعَة: ٢٨) . قَالَ: وَذَلِكَ ان النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مر على رجل وَهُوَ يَسْتَسْقِي بقدح لَهُ ويصبه فِي قربَة من مَاء السَّمَاء، وَهُوَ يَقُول: سقينا بِنَوْء كَذَا وَكَذَا، فَأنْزل الله تَعَالَى: {وتجعلون رزقكم أَنكُمْ تكذبون} (الْوَاقِعَة: ٢٨) . يَعْنِي: الْمَطَر، حَيْثُ يَقُولُونَ سقينا بِنَوْء كَذَا وَكَذَا. وَفِي (صَحِيح مُسلم) من حَدِيث ابْن عَبَّاس: (قَالَ مطر النَّاس على عهد رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: أصبح من النَّاس شاكرا وَمِنْهُم كَافِرًا، قَالُوا: هَذِه رَحْمَة وَضعهَا الله تَعَالَى، وَقَالَ بَعضهم: لقد صدق نوء كَذَا فَنزلت هَذِه الْآيَة: {وتجعلون رزقكم أَنكُمْ تكذبون} (الْوَاقِعَة: ٢٨) . وَذكر أَبُو الْعَبَّاس فِي (مقامات التَّنْزِيل) عَن الْكَلْبِيّ أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عَطش أَصْحَابه فاستسقوه، قَالَ: إِن سقيتم قُلْتُمْ سقينا بِنَوْء كَذَا وَكَذَا. قَالُوا: وَالله مَا هُوَ بِحِين الأنواء، فَدَعَا الله تَعَالَى فَمُطِرُوا، فَمر النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بِرَجُل يغْرف من قدح وَيَقُول: مُطِرْنَا بِنَوْء كَذَا وَكَذَا، فَنزلت. وروى الحكم عَن السّديّ، قَالَ: أَصَابَت قُريْشًا سنة شَدِيدَة، فسألوا النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَن يَسْتَسْقِي، فَدَعَا فأمطروا. فَقَالَ بَعضهم: مُطِرْنَا بِنَوْء كَذَا وَكَذَا، فَنزلت الْآيَة. قَالَ السّديّ: وحَدثني عبد خير عَن عَليّ، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ، أَنه كَانَ يقْرؤهَا: وتجعلون شكركم، وَقَالَ عبد بن حميد: حَدثنَا عمر ابْن سعد وَقبيصَة عَن سُفْيَان عَن عبد الْأَعْلَى عَن أبي عبد الرَّحْمَن، قَالَ: كَانَ عَليّ يقْرَأ: {وتجعلون شكركم أَنكُمْ تكذبون} وروى سعيد بن الْمَنْصُور عَن هشيم عَن سعيد بن جُبَير عَن ابْن عَبَّاس، أَنه كَانَ يقْرَأ: {وتجعلون شكركم أَنكُمْ تكذبون} ، وَمن هَذَا الْوَجْه أخرجه ابْن مرْدَوَيْه فِي (التَّفْسِير الْمسند) . وَفِي (الْمعَانِي) للزجاج: وقرئت: {وتجعلون شكركم أَنكُمْ تكذبون} ، وَلَا يَنْبَغِي أَن يقْرَأ بهَا بِخِلَاف الْمُصحف. وَقيل: فِي الْقِرَاءَة الْمَشْهُورَة حذف، تَقْدِيره: وتجعلون شكر رزقكم. وَقَالَ الطَّبَرِيّ: الْمَعْنى، وتجعلون الرز الَّذِي وَجب عَلَيْكُم بِهِ الشُّكْر تكذيبكم بِهِ، وَقيل: بل الرزق بِمَعْنى الشُّكْر فِي لُغَة أَزْد شنُوءَة، نَقله الطَّبَرِيّ عَن الْهَيْثَم بن عدي: وَفِي (تَفْسِير أبي الْقَاسِم الْجَوْزِيّ) : وتجعلون نصيبكم من الْقُرْآن أَنكُمْ تكذبون.

قَالَ ابنُ عَبَّاسِ شُكْرَكُمْ

<<  <  ج: ص:  >  >>