للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

رَضِي الله تَعَالَى عنهُ أنَّ النَّبيَّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَرَأ سُورَةَ النَّجْمَ بِهَا فَمَا بَقِيَ أحَدٌ مِنَ القَوْمِ إلَاّ سَجَدَ فأخَذَ رَجُلٌ مِنَ القَوْمِ كَفّا مِنْ حَصِيِّ أوْ تُرَابٍ فرَفَعَهُ إلَى وَجْهِهِ وقالَ يَكْفِينِي هاذا فَلَقَدْ رَأيْتُهُ بَعْدُ قُتِلَ كافِرا..

مطابقته للتَّرْجَمَة ظَاهِرَة والْحَدِيث مر فِي أول أَبْوَاب سُجُود الْقُرْآن رَوَاهُ هُنَاكَ عَن مُحَمَّد بن بشار عَن غنْدر عَن شُعْبَة إِلَى آخِره، وَهَهُنَا رَوَاهُ عَن حَفْص بن عمر عَن شُعْبَة إِلَى آخِره، وَهُنَاكَ عَن أبي إِسْحَاق قَالَ: سَمِعت الْأسود، وَهنا: عَن الْأسود، وَإسْنَاد الَّذِي هُنَاكَ سداسي لِأَن فِيهِ غندرا، وَهُوَ مُحَمَّد بن جَعْفَر بَين ابْن بشار وَشعْبَة، وَإسْنَاد هَذَا خماسي وَهُنَاكَ: قَرَأَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم النَّجْم بِمَكَّة، وَهنا لم يذكر بِمَكَّة، وَهنا زَاد (فَمَا بَقِي أحد من الْقَوْم إلاّ سجد) أَي: من الْقَوْم الْحَاضِرين وَسُجُوده صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي قِرَاءَة النَّجْم كَانَ بِمَكَّة، كَمَا بَينه البُخَارِيّ مُفَسرًا فِي حَدِيث ابْن مَسْعُود، وَفِي حَدِيث مخرمَة بن نَوْفَل قَالَ: (لما أظهر رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم الْإِسْلَام أسلم أهل مَكَّة كلهم، وَذَلِكَ قبل أَن تفرض الصَّلَاة حَتَّى إِن كَانَ ليقْرَأ السَّجْدَة فيسجدون، حَتَّى مَا يَسْتَطِيع بَعضهم أَن يسْجد من الزحام، حَتَّى قدم رُؤَسَاء من قُرَيْش، الْوَلِيد بن الْمُغيرَة وَأَبُو جعل بن هِشَام وَغَيرهمَا وَكَانُوا بِالطَّائِف فِي أَرضهم فَقَالُوا: تدعون دين آبائكم؟) هَكَذَا رَوَاهُ الطَّبَرَانِيّ فِي (المعجم الْكَبِير) : قَالَ شَيخنَا زين الدّين: وَلَا يَصح فَفِي إِسْنَاده عبد الله بن لَهِيعَة.

٥ - (بابُ سُجُودِ المُسْلِمِينَ مَعَ المُشْرِكِينَ وَالمُشْرِكُ نَجِسٌ لَيْسَ لَهُ وُضُوءٌ)

أَي: هَذَا بَاب فِي بَيَان سُجُود الْمُسلمين مَعَ الْمُشْركين. قَوْله: (والمشرك نجس) ، أَي: وَالْحَال أَن الْمُشرك نجس. بِكَسْر الْجِيم وَفتحهَا، وَقَالَ ابْن التِّين: ضبطناه بِالْفَتْح، وَقَالَ: الْقَزاز إِذا قَالُوهُ مَعَ الرجس اتَّبعُوهُ إِيَّاه، قَالُوا: رِجْس نجس، بِكَسْر النُّون وَسُكُون الْجِيم، وَالنَّجس، فِي اللُّغَة: كل مستقذر

وكانَ ابنُ عُمَرَ رَضِي الله تَعَالَى عَنْهُمَا يَسْجُدُ عَلَى غَيْرِ وُضُوءٍ

هَكَذَا وَقع فِي رِوَايَة الْأَكْثَرين، وَفِي رِوَايَة الْأصيلِيّ، بِحَذْف: غير، وَهَذَا هُوَ اللَّائِق بِحَالهِ لِأَنَّهُ لم يُوَافق ابْن عمر أحد على جَوَاز السُّجُود بِغَيْر وضوء إلاّ الشّعبِيّ، وَلَكِن الْأَصَح: على غير وضوء، لما روى ابْن أبي شيبَة من طَرِيق عبيد بن الْحسن عَن رجل زعم أَنه كنفسه عَن سعيد بن جُبَير، قَالَ: (كَانَ ابْن عمر ينزل عَن رَاحِلَته فيهريق المَاء ثمَّ يركب فَيقْرَأ السَّجْدَة فَيسْجد وَمَا يتَوَضَّأ) ، وَذكر ابْن أبي شيبَة عَن وَكِيع عَن زَكَرِيَّا (عَن الشّعبِيّ فِي الرجل يقْرَأ السَّجْدَة وَهُوَ على غير وضوء، فَكَانَ يسْجد) . وروى أَيْضا: حَدثنَا أَبُو خَالِد الْأَحْمَر عَن الْأَعْمَش عَن عَطاء (عَن أبي عبد الرَّحْمَن، قَالَ: كَانَ يقْرَأ السَّجْدَة وَهُوَ على غير وضوء، وَهُوَ على غير الْقبْلَة، وَهُوَ يمشي فيومىء بِرَأْسِهِ إِيمَاء ثمَّ يسلم) . فَإِن قلت: روى الْبَيْهَقِيّ بِإِسْنَاد صَحِيح عَن اللَّيْث عَن نَافِع (عَن ابْن عمر، رَضِي الله تَعَالَى عَنْهُمَا، قَالَ: لَا يسْجد الرجل إلاّ وَهُوَ طَاهِر) . قلت: وفْق بَينهمَا بِأَن حمل قَوْله: (طَاهِر) ، على الطَّهَارَة الْكُبْرَى، أَو يكون هَذَا على حَالَة الِاخْتِيَار، وَذَلِكَ على حَالَة الضَّرُورَة، وَقَالَ ابْن بطال مُعْتَرضًا على البُخَارِيّ فِي هَذِه التَّرْجَمَة: إِن أَرَادَ الِاحْتِجَاج على قَول ابْن عمر بسجود الْمُشْركين فَلَا حجَّة فِيهِ، لِأَن سجودهم لم يكن على وَجه الْعِبَادَة لله تَعَالَى، وَإِنَّمَا كَانَ لما ألْقى الشَّيْطَان على لِسَانه صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: تِلْكَ الغرانيق العلى، وَإِن شفاعتهم ترتجى، بعد قَوْله تَعَالَى: {أَفَرَأَيْتُم اللات والعزى وَمَنَاة الثَّالِثَة الْأُخْرَى} (النَّجْم: ٩١ و ٠٢) . فسجدوا لما سمعُوا من تَعْظِيم آلِهَتهم، فَلَمَّا علم صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مَا ألْقى على لِسَانه حزن لَهُ فَأنْزل الله تَسْلِيَة عَمَّا عرض لَهُ (وَمَا أرسلنَا من قبلك من رَسُول وَلَا نَبِي إِلَّا إِذا تمنى ألْقى الشَّيْطَان فِي أمْنِيته) أَي إِذا تَلا ألْقى الشَّيْطَان فِي تِلَاوَته، فَلَا يستنبط من سجودهم جَوَاز السُّجُود على غير الْوضُوء، لِأَن الْمُشرك نجس لَا يَصح لَهُ الْوضُوء وَلَا السُّجُود إلاّ بعد عقد الْإِسْلَام، وَإِن أَرَادَ الرَّد على ابْن عمر. بقوله: (والمشرك نجس) ، لَيْسَ لَهُ وضوء فَهُوَ أشبه بِالصَّوَابِ، وَأجَاب ابْن رشيد بِأَن مَقْصُود البُخَارِيّ تَأْكِيد مَشْرُوعِيَّة السُّجُود بِأَن الْمُشرك قد أقرّ على السُّجُود، وسمى الصَّحَابِيّ فعله

<<  <  ج: ص:  >  >>