للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

على سَائِر الصَّحَابَة وَلما أَنْكَرُوا عَلَيْهِ ترك السّنة، وَلما صلى ابْن مَسْعُود فِي منزله، وَقَالَ ابْن بطال: الْوُجُوه الَّتِي ذكرت عَن الزُّهْرِيّ كلهَا لَيست بِشَيْء. أما الْوَجْه الأول فقد قَالَ الطَّحَاوِيّ: الْأَعْرَاب كَانُوا بِأَحْكَام الصَّلَاة أَجْهَل فِي زمن الشَّارِع فَلم يتم بهم لتِلْك الْعلَّة، وَلم يكن عُثْمَان ليخاف عَلَيْهِم مَا لم يخفه الشَّارِع، لِأَنَّهُ بهم رؤوف رَحِيم، أَلا ترى أَن الْجُمُعَة لما كَانَ فَرضهَا رَكْعَتَيْنِ لم يعدل عَنْهَا، وَكَانَ يحضرها الغوغاء والوفود، وَقد تجوزوا أَن صَلَاة الْجُمُعَة فِي كل يَوْم رَكْعَتَانِ؟ وَأما الْوَجْه الثَّانِي: فَلِأَن الْمُهَاجِرين فرض عَلَيْهِم ترك الْمقَام بِمَكَّة، وَصَحَّ عَن عُثْمَان أَنه كَانَ لَا يودع النِّسَاء إلاّ على ظهر الرَّوَاحِل، ويسرع الْخُرُوج من مَكَّة خشيَة أَن يرجع فِي هجرته الَّتِي هَاجر لله تَعَالَى، وَقَالَ ابْن التِّين: لَا يمْتَنع ذَلِك إِذا كَانَ لَهُ أَمر أوجب ذَلِك الضَّرُورَة، وَقد قَالَ مَالك فِي (الْعُتْبِيَّة) فِيمَن يُقيم بمنى ليخف النَّاس: يتم، فِي أحد قوليه. وَأما الْوَجْه الثَّالِث فَفِيهِ بُعد، إِذْ لم يقل أحد إِن الْمُسَافِر إِذا مر بِمَا يملكهُ من الأَرْض وَلم يكن لَهُ فِيهَا أهل أَن حكمه حكم الْمُقِيم، وَقيل: إِنَّمَا كَانَ عُثْمَان أتم لِأَن أَهله كَانُوا مَعَه بِمَكَّة، وَيرد هَذَا أَن الشَّارِع كَانَ يُسَافر بزوجاته وَكن مَعَه بِمَكَّة، وَمَعَ ذَلِك كَانَ يقصر. فَإِن قلت: روى عبد الله ابْن الْحَارِث بن أبي ذئاب عَن أَبِيه، وَقد عمل الْحَارِث لعمر بن الْخطاب، قَالَ: صلى بِنَا عُثْمَان أَرْبعا، فَلَمَّا سلم أقبل على النَّاس فَقَالَ: إِنِّي تأهلت بِمَكَّة، وَقد سَمِعت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول: من تأهل ببلدة فَهُوَ من أَهلهَا، فَليصل أَرْبعا، وَعَزاهُ ابْن التِّين إِلَى رِوَايَة ابْن شخير: أَن عُثْمَان صلى بمنى أَرْبعا، فأنكروا عَلَيْهِ، فَقَالَ: يَا أَيهَا النَّاس، إِنِّي لما قدمت تأهلت بهَا، إِنِّي سَمِعت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول: إِذا تأهل الرجل ببلدة فَليصل بهَا صَلَاة الْمُقِيم. قلت: هَذَا مُنْقَطع أخرجه الْبَيْهَقِيّ من حَدِيث عِكْرِمَة بن إِبْرَاهِيم وَهُوَ ضَعِيف عَن ابْن أبي ذئاب عَن أَبِيه قَالَ: صلى عُثْمَان، وَقَالَ ابْن حزم: إِن عُثْمَان كَانَ أَمِير الْمُؤمنِينَ، فَحَيْثُ كَانَ فِي بلد فَهُوَ عمله، وَللْإِمَام تَأْثِير فِي حكم الْإِتْمَام كَمَا لَهُ تَأْثِير فِي إِقَامَة الْجُمُعَة إِذا مر بِقوم أَنه يجمع بهم الْجُمُعَة، غير أَن عُثْمَان سَار مَعَ الشَّارِع إِلَى مَكَّة وَغَيرهَا، وَكَانَ مَعَ ذَلِك يقصر، ورد بِأَن الشَّارِع كَانَ أولى بذلك، وَمَعَ ذَلِك لم يَفْعَله، وَصَحَّ عَنهُ أَنه كَانَ يُصَلِّي فِي السّفر رَكْعَتَيْنِ إِلَى أَن قَبضه الله تَعَالَى. وَقَالَ ابْن بطال: وَالْوَجْه الصَّحِيح فِي ذَلِك، وَالله أعلم، أَن عُثْمَان وَعَائِشَة، رَضِي الله تَعَالَى عَنْهُمَا، إِنَّمَا أتما فِي السّفر لِأَنَّهُمَا اعتقدا فِي قصره، صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، أَنه لما خير بَين الْقصر والإتمام اخْتَار الْأَيْسَر من ذَلِك على أمته، وَقد قَالَت عَائِشَة: مَا خير رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي أَمريْن إلاّ اخْتَار إيسرهما مَا لم يكن إِثْمًا، فَأخذت هِيَ وَعُثْمَان فِي أَنفسهمَا بالشدة وتركا الرُّخْصَة، إِذْ كَانَ ذَلِك مُبَاحا لَهما فِي حكم التَّخْيِير فِيمَا أذن الله تَعَالَى فِيهِ، وَيدل على ذَلِك إِنْكَار ابْن مَسْعُود الْإِتْمَام على عُثْمَان، ثمَّ صلى خَلفه وَأتم، فكُلم فِي ذَلِك فَقَالَ: الْخلاف شَرّ. [/ شَرّ

٣٨٠١ - حدَّثنا أبُو الوَلِيدِ قَالَ حدَّثنا شُعْبَةُ أنبَأنَا أبُو إسْحَاقَ قَالَ سَمَعْتُ حارثَةَ بنَ وَهَبٍ قَالَ صَلَّى بِنَا النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم آمَنَ مَا كانَ بِمِنىً رَكْعَتَيْنِ.

(الحَدِيث ٣٠٨١ طرفه فِي: ٦٥٦١) .

وَجه الْمُطَابقَة بَين التَّرْجَمَة وَهَذَا هُوَ الَّذِي ذَكرْنَاهُ فِي أول الْبَاب.

ذكر رِجَاله: وهم أَرْبَعَة: الأول: أَبُو الْوَلِيد هِشَام بن عبد الْملك الطَّيَالِسِيّ، وَقد تكَرر ذكره. الثَّانِي: شُعْبَة بن الْحجَّاج. الثَّالِث: أَبُو إِسْحَاق عَمْرو بن عبد الله السبيعِي. الرَّابِع: حَارِثَة، بِالْحَاء الْمُهْملَة: ابْن وهب الْخُزَاعِيّ أَخُو عبيد الله بن عمر بن الْخطاب لأمه، وأمهما بنت عُثْمَان بن مَظْعُون، سمع النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم.

ذكر لطائف إِسْنَاده: فِيهِ: التحديث بِصِيغَة الْجمع فِي موضِعين. وَفِيه: الإنباء فِي مَوضِع وَاحِد وَهُوَ بِمَعْنى الْإِخْبَار والتحديث. وَفِيه: السماع. وَفِيه: القَوْل فِي أَرْبَعَة مَوَاضِع. وَفِيه: أَن شَيْخه مَذْكُور بكنيته وَهُوَ بَصرِي وَشعْبَة واسطي وَأَبُو إِسْحَاق كُوفِي، وَهُوَ أَيْضا مَذْكُور بكنيته. وَفِيه: لفظ الإنباء وَلم يذكر فِيمَا قبل هَذَا اللَّفْظ. وَفِيه: أَن حَارِثَة ابْن وهب مَذْكُور فِي موضِعين لَيْسَ إلاّ.

ذكر تعدد مَوْضِعه وَمن أخرجه غَيره: أخرجه البُخَارِيّ أَيْضا فِي الْحَج عَن آدم عَن شُعْبَة. وَأخرجه مُسلم فِي الصَّلَاة عَن يحيى بن يحيى وقتيبة وَعَن أَحْمد بن يُونُس، وَأخرجه أَبُو دَاوُد فِي الْحَج عَن عبد الله بن مُحَمَّد النُّفَيْلِي. وَأخرجه التِّرْمِذِيّ فِيهِ عَن قُتَيْبَة بِهِ. وَأخرجه النَّسَائِيّ فِيهِ عَن قُتَيْبَة بِهِ، وَعَن عَمْرو بن عَليّ.

ذكر مَعْنَاهُ: قَوْله: (سَمِعت حَارِثَة بن وهب) وَفِي رِوَايَة البرقاني فِي (مستخرجه) (رجلا من خُزَاعَة) ، أخرجه

<<  <  ج: ص:  >  >>