للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

بِالْوَصْفِ عَن الِاسْم. وَقَالَ الزَّمَخْشَرِيّ: ناشئة اللَّيْل النَّفس الناشئة بِاللَّيْلِ الَّتِي تنشأ من مضجعها إِلَى الْعِبَادَة، أَي: تنهض وترفع من نشأت السَّحَاب إِذا ارْتَفَعت، وَنَشَأ من مَكَانَهُ وَنشر إِذا نَهَضَ، أَو: قيام اللَّيْل، على أَن الناشئة مصدر من نَشأ إِذا أَقَامَ ونهض على فاعلة كالعاقبة. قَوْله: {هِيَ أَشد وطأ} قَالَ السَّمرقَنْدِي: يَعْنِي: أثقل على الْمُصَلِّي من سَاعَات النَّهَار، فَأخْبر أَن الثَّوَاب على قدر الشدَّة، قَرَأَ أَبُو عَمْرو وَابْن عَامر: أَشد وطاء، بِكَسْر الْوَاو وَمد الْألف، وَالْبَاقُونَ بِنصب الْوَاو بِغَيْر مد، فَمن قَرَأَ بِالْكَسْرِ يَعْنِي: أَشد مواطاة، أَي: مُوَافقَة بِالْقَلْبِ والسمع، يَعْنِي: أَن الْقِرَاءَة فِي اللَّيْل يتواطأ فِيهَا قلب الْمُصَلِّي وَلسَانه وسَمعه على التفهم، وَمن قَرَأَ بِالنّصب أبلغ فِي الْقيام وَأبين فِي القَوْل. قَوْله: {وأقوم قيلا} يَعْنِي: أثبت للْقِرَاءَة، وَعَن الْحسن: أبلغ فِي الْخَبَر وَأَمْنَع من هَذَا الْعَدو. وَقَالَ الزَّمَخْشَرِيّ: أقوم قيلاً. أَشد مقَالا وَأثبت قِرَاءَة لهدوِّ الْأَصْوَات. وَعَن أنس: أَنه قَرَأَ: وأصوب قيلاً د فَقيل لَهُ: يَا أَبَا حَمْزَة إِنَّمَا هِيَ أقوم قيلاً. فَقَالَ: إِن أقوم وأهيأ وَاحِد. وَفِي (تَفْسِير النَّسَفِيّ) : أقوم قيلاً، أصح قولا وَأَشد استقامة وصوابا بالفراغ الْقلب، وَقيل: أعجل إِجَابَة للدُّعَاء. قَوْله: {إِن لَك فِي النَّهَار سبحا طَويلا} قَالَ الزَّمَخْشَرِيّ: سبحا: تَصرفا وتقلبا فِي مهماتك وشواغلك، وَقَالَ السَّمرقَنْدِي: سبحا فراغا طَويلا تقضي حوائجك فِيهِ، ففرغ نَفسك لصَلَاة اللَّيْل. وَعَن السّديّ: سبحا طَويلا أَي: تَطَوّعا كثيرا كَأَنَّهُ جعله من السبحة، وَهِي النَّافِلَة. وَقَالَ الزَّمَخْشَرِيّ: أما الْقِرَاءَة بِالْخَاءِ فاستعارة من: سبخ الصُّوف، وَهُوَ نفشه وَنشر أَجْزَائِهِ لانتشار الْهم وتفرق الْقلب بالشواغل، كلفه بِقِيَام اللَّيْل، ثمَّ ذكر الْحِكْمَة فِيمَا كلفه مِنْهُ، وَهُوَ: أَن اللَّيْل أَهْون على المواطأة وَأَشد للْقِرَاءَة لهدوِّ الرجل وخفوت الصَّوْت، وَأَنه أجمع للقلب وأهم لنشر الْهم من النَّهَار، لِأَنَّهُ وَقت تَفْرِيق الهموم وتوزع الخواطر والتقلب فِي حوائج المعاش والمعاد. قَوْله: {علم أَن لن تحصوه} هَذَا مُرْتَبِط بِمَا قبله، وَهُوَ قَوْله تَعَالَى: {إِن رَبك يعلم أَنَّك تقوم أدنى من ثُلثي اللَّيْل وَنصفه وَثلثه وَطَائِفَة من الَّذين مَعَك وَالله يقدر اللَّيْل وَالنَّهَار علم أَن لن تحصوه} أَي: علم الله أَن لن تُطِيقُوا قيام اللَّيْل، وَقيل: الضَّمِير الْمَنْصُوب فِيهِ يرجع إِلَى مصدر مُقَدّر، أَي: علم أَن لَا يَصح مِنْكُم ضبط الْأَوْقَات، وَلَا يَتَأَتَّى حِسَابهَا بالتعديل والتسوية إلاّ أَن تَأْخُذُوا بالأوسع للِاحْتِيَاط، وَذَلِكَ شاق عَلَيْكُم بَالغ مِنْكُم. قَوْله: {فَتَابَ عَلَيْكُم} عبارَة عَن الترخيص فِي ترك الْقيام الْمُقدر. قَوْله: {فاقرأوا مَا تيَسّر} قَالَ الزَّمَخْشَرِيّ: عبر عَن الصَّلَاة بِالْقِرَاءَةِ، لِأَنَّهَا بعض أَرْكَانهَا، كَمَا عبر عَنْهَا بِالْقيامِ وَالرُّكُوع وَالسُّجُود، يُرِيد: فصلوا مَا تيَسّر عَلَيْكُم من صَلَاة اللَّيْل، وَهَذَا نَاسخ للْأولِ، ثمَّ نسخا جَمِيعًا بالصلوات الْخمس، وَقيل: هِيَ قِرَاءَة الْقُرْآن بِعَينهَا. قيل: يقْرَأ مائَة آيَة، وَمن قَرَأَ مائَة آيَة فِي لَيْلَة لم يحاجه الْقُرْآن. وَقيل: من قَرَأَ مائَة آيَة كتب من القانتين. وَقيل: خمسين آيَة، وَقد بَين الْحِكْمَة فِي النّسخ بقوله: {علم أَن سَيكون مِنْكُم مرضى} لَا يقدرُونَ على قيام اللَّيْل {وَآخَرُونَ يضْربُونَ فِي الأَرْض} يَعْنِي: يسافرون فِي الأَرْض {يَبْتَغُونَ من فضل الله} يَعْنِي: فِي طلب الْمَعيشَة يطْلبُونَ الرزق من الله تَعَالَى: {وَآخَرُونَ يُقَاتلُون فِي سَبِيل الله} يَعْنِي: يجاهدون فِي طَاعَة الله تَعَالَى. قَوْله: {فاقرأوا مَا تيَسّر مِنْهُ} أَي: من الْقُرْآن. قيل: فِي صَلَاة الْمغرب وَالْعشَاء. قَوْله: {وَأقِيمُوا الصَّلَاة} أَي: الصَّلَاة الْمَفْرُوضَة. {وَآتوا الزَّكَاة} الْوَاجِبَة، وَقيل: زَكَاة الْفطر، وَإِنَّمَا وَجَبت بعد ذَلِك، وَمن فَسرهَا بِالزَّكَاةِ الْوَاجِبَة جعل آخر السُّورَة مدنيا. قَوْله: {وأقرضوا الله قرضا حسنا} قيل: يُرِيد سَائِر الصَّدقَات المستحبة، وَسَماهُ قرضا تَأْكِيدًا للجزاء. وَقيل: تصدقوا من أَمْوَالكُم بنية خَالِصَة من مَال حَلَال. قَوْله: {وَمَا تقدمُوا لأنفسكم من خير} يَعْنِي: مَا تَعْمَلُونَ من الْأَعْمَال الصَّالِحَة وتتصدقون بنية خَالِصَة {تَجِدُوهُ عِنْد الله} يَعْنِي: تَجِدُونَ ثَوَابه فِي الْآخِرَة. قَوْله: (هُوَ خيرا} ثَانِي مفعولي: وجد، وَهُوَ فصل، وَجَاز وَإِن لم يَقع بَين معرفتين، لِأَن أفعل من أشبه فِي امْتِنَاعه من حُرُوف التَّعْرِيف بالمعرفة. قَوْله: {وَاسْتَغْفرُوا الله} يَعْنِي: أطلبوا من الله لذنوبكم الْمَغْفِرَة، وَقيل: اسْتَغْفرُوا الله من تَقْصِير وذنب وَقع مِنْكُم. {إِن الله غَفُور} لمن تَابَ {رَحِيم} لمن اسْتغْفر.

قَالَ ابنُ عَبَّاسٍ رَضِي الله تَعَالَى عَنْهُمَا نَشَأَ قامَ بالحَبَشِيَّة

هَذَا التَّعْلِيق رَوَاهُ عبد بن حميد الْكَجِّي فِي (تَفْسِيره) بِسَنَد صَحِيح عَن عبيد الله بن مُوسَى عَن إِسْرَائِيل عَن أبي إِسْحَاق عَن سعيد بن جُبَير (عَن ابْن عَبَّاس: {إِن ناشئة اللَّيْل} (المزمل: ٦) . قَالَ هُوَ بِكَلَام الحبشية: نَشأ قَامَ) . وأنبأنا عبد الْملك بن عَمْرو عَن رَافع

<<  <  ج: ص:  >  >>