للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

مطابقته للتَّرْجَمَة فِي قَوْله:

((يبيت يُجَافِي جنبه عَن فرَاشه))

لِأَن مجافاة جنبه عَن الْفراش وَهُوَ إبعاده عَنهُ بِسَبَب التعار، وَكَانَ ذَلِك إِمَّا للصَّلَاة وَإِمَّا للذّكر وَقِرَاءَة الْقُرْآن.

ذكر رِجَاله: وهم سِتَّة: الأول: يحيى بن بكير هُوَ يحيى ابْن عبد الله بن بكير أَبُو زَكَرِيَّا. الثَّانِي: اللَّيْث بن سعد. الثَّالِث: يُونُس بن يزِيد. الرَّابِع: مُحَمَّد بن مُسلم بن شهَاب الزُّهْرِيّ. الْخَامِس: الْهَيْثَم، بِفَتْح الْهَاء وَسُكُون الْيَاء آخر الْحُرُوف وَفتح الثَّاء الْمُثَلَّثَة وَفِي آخِره مِيم: ابْن أبي سِنَان، بِكَسْر السِّين الْمُهْملَة وبالنونين بَينهمَا ألف. السَّادِس: أَبُو هُرَيْرَة، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ.

ذكر لطائف إِسْنَاده: فِيهِ: التحديث بِصِيغَة الْجمع فِي ثَلَاثَة مَوَاضِع. وَفِيه: العنعنة فِي موضِعين. وَفِيه: السماع. وَفِيه: القَوْل فِي موضِعين. وَفِيه: أَن يحيى وَاللَّيْث مصريان وَيُونُس أيلي وَابْن شهَاب والهيثم مدنيان. وَفِيه: أَن شَيْخه مَذْكُور بنسبته إِلَى جده. وَفِيه: أَن الْهَيْثَم من أَفْرَاده. وَفِيه: رِوَايَة التَّابِعِيّ عَن التَّابِعِيّ عَن الصَّحَابِيّ.

والْحَدِيث أخرجه البُخَارِيّ أَيْضا فِي الْأَدَب عَن اصبغ بن الْفرج.

ذكر مَعْنَاهُ: قَوْله: (وَهُوَ يقص) ، جملَة إسمية وَقعت حَالا، أَي: الْهَيْثَم سمع أَبَا هُرَيْرَة حَال كَونه يقص، من قصّ يقص قصا وقصصا، بِفَتْح الْقَاف، والقص فِي اللُّغَة: الْبَيَان، والقاص هُوَ الَّذِي يذكر الْأَخْبَار والحكايات. قَوْله: (فِي قصصه) ، بِكَسْر الْقَاف جمع: قصَّة، وَيجوز الْفَتْح، وَالْمعْنَى: سمع الْهَيْثَم أَبَا هُرَيْرَة وَهُوَ يقص فِي جملَة قصصه أَي: مواعظه، الَّتِي كَانَ يذكر بهَا أَصْحَابه، وَيتَعَلَّق الْجَار وَالْمَجْرُور بقوله: (سمع) . قَوْله: (وَهُوَ يذكر) ، جملَة حَالية أَيْضا أَي: وَالْحَال أَن أَبَا هُرَيْرَة يذكر رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم. قَوْله: (إِن أَخا لكم) الْقَائِل لهَذَا هُوَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، وَالْمعْنَى: أَن الْهَيْثَم سمع أَبَا هُرَيْرَة يَقُول وَهُوَ يعظ، وانجر كَلَامه إِلَى أَن ذكر رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَذكر مَا قَالَه من قَوْله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: (إِن أَخا لكم لَا يَقُول الرَّفَث) ، أَي: الْبَاطِل من القَوْل وَالْفُحْش، إِنَّمَا قَالَ ذَلِك حِين أنْشد عبد الرَّحْمَن بن رَوَاحَة الإبيات الْمَذْكُورَة، فَدلَّ ذَلِك أَن حسن الشّعْر مَحْمُود كحسن الْكَلَام، فَظهر من ذَلِك أَن قَوْله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: (لِأَن يمتلىء جَوف أحدكُم قَيْحا حَتَّى يرِيه خير لَهُ من أَن يمتلىء شعرًا) إِنَّمَا يُرَاد بِهِ الشّعْر الَّذِي فِيهِ الْبَاطِل والهجو من القَوْل لِأَنَّهُ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قد نفى عَن ابْن رَوَاحَة بقوله هَذِه الأبيات قَول الرَّفَث، فَإِذا لم يكن من الرَّفَث فَهُوَ فِي حيّز الْحق، وَالْحق مَرْغُوب فِيهِ مأجور عَلَيْهِ صَاحبه، وَقَالَ بَعضهم لَيْسَ فِي سِيَاق الحَدِيث مَا يشْعر بِأَن ذَلِك من قَوْله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، بل هُوَ ظَاهر أَنه كَلَام أبي هُرَيْرَة قلت: الَّذِي يسْتَخْرج المُرَاد من معنى التَّرْكِيب على وفْق مَا يَقْتَضِيهِ من حَيْثُ الْإِعْرَاب يعلم أَن الْقَائِل هُوَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، وَأَبُو هُرَيْرَة ناقل لَهُ، وَأَنه مدح من النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لِابْنِ رَوَاحَة، وَبَيَان: أَن من الشّعْر مَا هُوَ حسن وَإِن كل الشّعْر لَيْسَ بمذموم. قَوْله: (يَعْنِي بذلك) يَعْنِي: يُرِيد بقوله: (إِن أَخا لكم عبد الله ابْن رَوَاحَة) ، وَقَائِل هَذَا التَّفْسِير يحْتَمل أَن يكون الْهَيْثَم، وَيحْتَمل أَن يكون الزُّهْرِيّ، وَالْأول أوجه، وَعبد الله بن رَوَاحَة، بِفَتْح الرَّاء وَتَخْفِيف الْوَاو وَفتح الْحَاء الْمُهْملَة: ابْن ثَعْلَبَة بن امرىء الْقَيْس بن عَمْرو الْأنْصَارِيّ الخزرجي، من بني الْحَارِث، يكنى أَبَا مُحَمَّد، وَيُقَال: أَبَا رَوَاحَة، وَيُقَال: أَبَا عَمْرو، وَكَانَ بَقِيَّة بني الْحَارِث من الْخَزْرَج، شهد بَدْرًا وأحدا وَسَائِر الْمشَاهد مَعَ رَسُول لله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إلَاّ الْفَتْح وَمَا بعده لِأَنَّهُ قتل قبله، وَهُوَ أحد الْأُمَرَاء فِي غَزْوَة مُؤْتَة، وَكَانَ سنة ثَمَان من الْهِجْرَة، وَاسْتشْهدَ فِيهَا. قَوْله: (وَفينَا رَسُول الله. .) إِلَى آخِره، بَيَان لما قَالَه عبد الله بن رَوَاحَة، وَالْمَذْكُور هُنَا ثَلَاثَة أَبْيَات، وَهِي من الطَّوِيل، وأجزاؤه ثَمَانِيَة: وَهِي: فعولن مفاعيلن. . إِلَى آخِره. (وَفينَا) أَي: بَيْننَا رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم. قَوْله: (يَتْلُو كِتَابه) أَرَادَ بِهِ الْقُرْآن، وَالْجُمْلَة حَالية. قَوْله: (إِذا انْشَقَّ) ، كَذَا هُوَ فِي رِوَايَة الْأَكْثَرين، وَفِي رِوَايَة أبي الْوَقْت: (كَمَا انْشَقَّ) . قَوْله: (مَعْرُوف) فَاعل (انْشَقَّ) . قَوْله: (سَاطِع) صفة: لمعروف (وَمن الْفجْر) بَيَان لَهُ، وَهُوَ من سَطَعَ الصُّبْح إِذا ارْتَفع، وَكَذَا سطعت الرَّائِحَة وَالْغُبَار، وَأَرَادَ بِهِ أَنه يَتْلُو كتاب الله وَقت انْشِقَاق الْوَقْت الساطع من الْفجْر. قَوْله: (الْهدى) مفعول ثَان. (لأرانا) . قَوْله: (بعد الْعَمى) ، أَي: بعد الضَّلَالَة، وَلَفظ الْعَمى مستعار مِنْهَا. قَوْله: (بِهِ) أَي: بِالنَّبِيِّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم. قَوْله: (يُجَافِي) أَي: يباعد، وَهِي جملَة حَالية، ومجافاته جنبه عَن الْفراش كِنَايَة عَن صلَاته بِاللَّيْلِ. قَوْله: (إِذا استثقلت) أَي: حِين استثقلت بالمشركين (الْمضَاجِع) جمع مَضْجَع، وَكَأَنَّهُ لمح بِهِ إِلَى قَوْله تَعَالَى: {تَتَجَافَى جنُوبهم عَن الْمضَاجِع يدعونَ رَبهم خوفًا وَطَمَعًا وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفقُونَ} (السَّجْدَة: ٦١) . قَوْله: (تَتَجَافَى) (السَّجْدَة: ٦١) . أَي: ترْتَفع وتتنحى {عَن الْمضَاجِع} (السَّجْدَة: ٦١) . عَن الْفرش ومواضع النّوم {يدعونَ رَبهم} (السَّجْدَة: ٦١) . أَي: داعين رَبهم عابدين لَهُ لأجل خوفهم من سخطه

<<  <  ج: ص:  >  >>