للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

إِلَى وابصة بن معبد فَإِذا هُوَ مُعْتَمد على عَصا فِي صلَاته فَقُلْنَا بعد أَن سلمنَا فَقَالَ حَدَّثتنِي أم قيس بنت مُحصن " أَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - لما أسن وَحمل اللَّحْم اتخذ عمودا فِي مُصَلَّاهُ يعْتَمد عَلَيْهِ " انْتهى يُعَارض قَول من يُفَسر الِاخْتِصَار الْمنْهِي عَنهُ بإمساك الْمُصَلِّي مخصرة يتَوَكَّأ عَلَيْهَا وَأجِيب بِأَن هَذَا الحَدِيث لَا يَصح فَلَا يُقَاوم الحَدِيث الْمُتَّفق عَلَيْهِ والْحَدِيث وَإِن كَانَ أَبُو دَاوُد سكت عَنهُ فَإِنَّهُ رَوَاهُ عَن عبد السَّلَام بن عبد الرَّحْمَن بن صَخْر الوابصي عَن أَبِيه وَعبد الرَّحْمَن بن صَخْر هَذَا لم يروه عَنهُ سوى وَلَده عبد السَّلَام قَالَه الشَّيْخ تَقِيّ الدّين بن دَقِيق الْعِيد فِي الإِمَام وَقَالَ الْمزي فِي التَّهْذِيب أَن عبد السَّلَام لم يدْرك أَبَاهُ وَجَوَاب آخر هُوَ أَن يكون النَّهْي فِي حق من فعله بِغَيْر عذر بل للاستراحة وَحَدِيث أم قيس مَحْمُول على من فعل ذَلِك لعذر من كبر السن وَالْمَرَض وَنَحْوهمَا وَهَكَذَا قَالَ أَصْحَابنَا وَاسْتَدَلُّوا بِهِ على أَن الضَّعِيف وَالشَّيْخ الْكَبِير إِذا كَانَ قَادِرًا على الْقيام مُتكئا على شَيْء يُصَلِّي قَائِما مُتكئا وَلَا يقْعد وروى أَبُو بكر بن أبي شيبَة فِي مُصَنفه حَدثنَا مَرْوَان بن مُعَاوِيَة " عَن عبد الرَّحْمَن بن عرَاك ابْن مَالك عَن أَبِيه قَالَ أدْركْت النَّاس فِي شهر رَمَضَان يرْبط لَهُم الحبال يتمسكون بهَا من طول الْقيام " وَحدثنَا وَكِيع عَن عِكْرِمَة بن عمار رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ " عَن عَاصِم بن سميح قَالَ رَأَيْت أَبَا سعيد الْخُدْرِيّ رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ يُصَلِّي مُتكئا على عَصا " وَحدثنَا وَكِيع " عَن أبان بن عبد الله البَجلِيّ قَالَ رَأَيْت أَبَا بكر بن أبي مُوسَى يُصَلِّي مُتكئا على عَصا " وَمِنْهَا مَا قيل أَن صَاحب الْإِكْمَال ذكر فِي حَدِيث آخر " المختصرون يَوْم الْقِيَامَة على وُجُوههم النُّور ثمَّ قَالَ هم الَّذين يصلونَ بِاللَّيْلِ ويضعون أَيْديهم على خواصرهم من التَّعَب " قَالَ وَقيل يأْتونَ يَوْم الْقِيَامَة مَعَهم أَعمال يتكؤن عَلَيْهَا مَأْخُوذ من المخصرة وَهِي الْعَصَا وَأجَاب عَنهُ شَيخنَا زين الدّين رَحمَه الله هَذَا الحَدِيث لَا أعلم لَهُ أصلا وَهُوَ مُخَالف للأحاديث الصَّحِيحَة فِي النَّهْي عَن ذَلِك وعَلى تَقْدِير وُرُوده يكون المُرَاد أَن يكون بِأَيْدِيهِم مخاصر يختصرون وَيجوز أَن تكون أَعْمَالهم تجسد لَهُم كَمَا ورد فِي بعض الْأَعْمَال وَفِي حَدِيث عبد الله بن أنيس " إِن أقل النَّاس يَوْمئِذٍ المتخصرون " أَي يَوْم الْقِيَامَة رَوَاهُ أَحْمد فِي مُسْنده وَالطَّبَرَانِيّ فِي الْكَبِير فِي قصَّة قَتله لخَالِد بن سُفْيَان الْهُذلِيّ وَفِي رِوَايَة الطَّبَرَانِيّ خَالِد بن نُبيح من بني هُذَيْل وَأَنه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - أعطَاهُ عَصا فَقَالَ أمسك هَذِه عَنْك يَا عبد الله بن أنيس وَفِيه أَنه سَأَلَهُ لم أَعْطَيْتنِي هَذِه قَالَ آيَة بيني وَبَيْنك يَوْم الْقِيَامَة وَإِن أقل النَّاس المتخصرون يَوْمئِذٍ وَفِيه أَنَّهَا دفنت مَعَه. وَمِنْهَا مَا قيل أَنه لَيْسَ لأهل النَّار المخلدين فِيهَا رَاحَة وَكَيف يذكر فِي حَدِيث أبي هُرَيْرَة عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - أَنه قَالَ " الِاخْتِصَار فِي الصَّلَاة رَاحَة أهل النَّار " (وَأجِيب) بِأَن أهل النَّار فِي النَّار على هَذِه الْحَالة وَلَا مَانع من ذَلِك أَنهم يختصرون لقصد الرَّاحَة وَلَا رَاحَة لَهُم فِي ذَلِك.

(بَاب تفكر الرجل الشَّيْء فِي الصَّلَاة)

أَي هَذَا بَاب فِي بَيَان تفكر الرجل الشَّيْء والتفكر مصدر مُضَاف إِلَى فَاعله وَقَوله الشَّيْء مَفْعُوله وَفِي بعض النّسخ شَيْئا وَهُوَ أَيْضا مفعول وَقيد الرجل وَقع إتفاقيا لِأَن الْمُكَلّفين كلهم فِيهِ سَوَاء قَالَ الْمُهلب التفكر أَمر غَالب لَا يُمكن الِاحْتِرَاز عَنهُ فِي الصَّلَاة وَلَا فِي غَيرهَا لما جعل الله للشَّيْطَان من السَّبِيل على الْإِنْسَان وَلَكِن إِن كَانَ فِي أَمر أخروي ديني فَهُوَ أخف مِمَّا يكون فِي أَمر دنياوي.

(وَقَالَ عمر رَضِي الله عَنهُ إِنِّي لأجهز جيشي وَأَنا فِي الصَّلَاة) مطابقته للتَّرْجَمَة ظَاهِرَة لِأَن قَول عمر هَذَا يدل على أَنه يتفكر حَال جَيْشه فِي الصَّلَاة وَهَذَا أَمر أخروي وَهَذَا تَعْلِيق رَوَاهُ ابْن أبي شيبَة عَن حَفْص عَن عَاصِم عَن أبي عُثْمَان النَّهْدِيّ عَنهُ بِلَفْظ " إِنِّي لأجهز جيوشي وَأَنا فِي الصَّلَاة " وَقَالَ ابْن التِّين إِنَّمَا هَذَا فِيمَا يقل فِيهِ التفكر كَانَ يَقُول أجهز فلَانا أقدم فلَانا أخرج من الْعدَد كَذَا وَكَذَا فَيَأْتِي على مَا يُرِيد فِي أقل شَيْء من المفكرة فَأَما إِذا تَابع الْفِكر وَأكْثر حَتَّى لَا يدْرِي كم صلى فَهَذَا لاه فِي صلَاته فَيجب عَلَيْهِ الْإِعَادَة انْتهى. قيل هَذَا الْإِطْلَاق لَيْسَ على وَجهه وَقد جَاءَ عَن عمر رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ مَا يأباه فروى ابْن أبي شيبَة من طَرِيق عُرْوَة ابْن الزبير قَالَ قَالَ عمر " إِنِّي لأحسب جِزْيَة الْبَحْرين وَأَنا فِي الصَّلَاة " وروى صَالح بن أَحْمد بن حَنْبَل فِي كتاب الْمسَائِل عَن أَبِيه من طَرِيق همام

<<  <  ج: ص:  >  >>