للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وغلبته هَواهَا عِنْد صدمته يكون إيثارا لأمر الله تَعَالَى على هوى نَفسه، ومنجزا لوعده، بل السالي عَن مصائبه لَا يسْتَحق الصَّبْر على الْحَقِيقَة لِأَنَّهُ آثر السلو على الْجزع وَاخْتَارَهُ، وَإِنَّمَا الصَّبْر على الْحَقِيقَة من صَبر نَفسه وحبسها عَن شهواتها وقهرها عَن الْحزن والجزع والبكاء الَّذِي فِيهِ رَاحَة النَّفس وإطفاء لنار الْحزن، فَإِذا قَابل سُورَة الْحزن وهجومه بِالصبرِ الْجَمِيل، وَتحقّق أَنه لَا خُرُوج لَهُ عَن قَضَائِهِ وَأَنه يرجع إِلَيْهِ بعد الْمَوْت، اسْتحق حِينَئِذٍ جزيل الْأجر وعد من الصابرين الَّذين وعدهم الله بِالرَّحْمَةِ وَالْمَغْفِرَة.

٢٠٣١ - حدَّثنا مُحَمَّدُ بنُ بَشَّارٍ قَالَ حدَّثنا غُنْدُرٌ قَالَ حدَّثنا شُعْبَةُ عنْ ثَابِتٍ. قَالَ سَمِعْتُ أنسا رَضِي الله تَعَالَى عنهُ عنِ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ الصَّبْرُ عِنْدَ الصَّدْمَةِ الأولى.

التَّرْجَمَة هِيَ عين الحَدِيث، وَقد مر الحَدِيث مطولا فِي: بَاب زِيَارَة الْقُبُور، أخرجه عَن آدم عَن شُعْبَة. . إِلَى آخِره، وَلَفظه هُنَاكَ: (إِنَّمَا الصَّبْر عِنْد الصدمة الأولى) ، وَمضى الْكَلَام فِيهِ هُنَاكَ، وغندر، بِضَم الْغَيْن الْمُعْجَمَة: لقب مُحَمَّد بن جَعْفَر، وَقد تكَرر ذكره.

٣٤ - (بابُ قَوْلِ النبيِّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إنَّا بِكَ لَمَحْزُونُونَ)

أَي: هَذَا بَاب فِي بَيَان ذكر قَول النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لِم تقع هَذِه التَّرْجَمَة وَلَا التَّعْلِيق الْمَذْكُور بعْدهَا فِي رِوَايَة الْحَمَوِيّ، وَإِنَّمَا ذكرا فِي رِوَايَة البَاقِينَ.

وقالَ ابنُ عُمَرَ رَضِي الله تَعَالَى عَنْهُمَا عنِ النَّبيِّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم تَدْمَعُ العَيْنُ ويَحْزَنُ القَلْبُ

مطابقته للتَّرْجَمَة من حَيْثُ إِن الْمُصَاب إِذا كَانَ مَحْزُونا تَدْمَع عينه، فَكَانَ ابْن عمر، رَضِي الله تَعَالَى عَنْهُمَا، أَخذ من بعض معنى الحَدِيث الَّذِي رَوَاهُ الَّذِي يَأْتِي عقيب هَذَا الْبَاب، وَلَفظه: (إِن الله لَا يعذب بدمع الْعين وَلَا يحزن الْقلب) ، وَذَلِكَ لِأَن عدم تَعْذِيب الله بدمع الْعين وحزن الْقلب يسْتَلْزم أَنَّهُمَا إِذا وجدا لَا يعذب بهما، وباللفظ الْمَذْكُور روى مُسلم من حَدِيث أنس قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: (ولد لي اللَّيْلَة غُلَام فسميته إِبْرَاهِيم. .) الحَدِيث، وَفِيه: (فَقَالَ، صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: تَدْمَع الْعين ويحزن الْقلب) ، وَوَقع كَذَلِك فِي حَدِيث رَوَاهُ ابْن مَاجَه عَن أَسمَاء بنت يزِيد، قَالَت: (لما توفّي ابْن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم) الحَدِيث، وَفِيه: (تَدْمَع الْعين ويحزن الْقلب) . وَكَذَا وَقع فِي حَدِيث رَوَاهُ ابْن حبَان عَن أبي هُرَيْرَة، قَالَ: (توفّي ابْن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِبْرَاهِيم بَكَى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم) الحَدِيث، وَفِيه: (تَدْمَع الْعين ويحزن الْقلب) . وَكَذَا وَقع فِي حَدِيث رَوَاهُ ابْن حبَان عَن (أبي هُرَيْرَة، قَالَ: توفّي ابْن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم) الحَدِيث، وَفِيه: ((الْقلب يحزن وَالْعين تَدْمَع) . وَوَقع أَيْضا فِي حَدِيث رَوَاهُ الطَّبَرَانِيّ (عَن أبي أُمَامَة، قَالَ: جَاءَ رجل إِلَى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم حِين توفّي إِبْرَاهِيم. .) الحَدِيث، وَفِيه: (يحزن الْقلب وتدمع الْعين وَلَا نقُول مَا يسْخط الرب وَإِنَّا على إِبْرَاهِيم لَمَحْزُونُونَ) . وَأخرج الطَّبَرَانِيّ أَيْضا: (عَن السَّائِب بن يزِيد: أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لما هلك ابْنه طَاهِر) الحَدِيث، وَفِيه: (إِن الْعين تذرف، وَإِن الدمع يغلب، وَإِن الْقلب يحزن وَلَا نعصى الله عز وَجل) .

٣٠٣١ - حدَّثنا الحَسَنُ بنُ عَبْدِ العَزِيزِ قَالَ حدَّثنا يَحْيَى بنُ حَسَّانَ قَالَ حدَّثنا قُرَيْشٌ هُوَ ابنُ حَيَّانَ عنْ ثَابِتٍ عنْ أنَسِ بنِ مالِكٍ رَضِي الله تَعَالَى عنهُ. قَالَ دَخَلْنَا مَعَ رسولِ الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عَلَى أبِي سَيْفٍ القَيْنِ وكانَ ظِئْرا لإِبْرَاهِيمَ عليهِ السَّلامُ فأخَذَ رسولُ الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إبْرَاهِيمَ فَقَبَّلَهُ وَشَمَّهُ ثُمَّ دَخَلْنَا عليْهِ بَعْدَ ذالِكَ وَإبْرَاهِيمُ يَجُودُ بِنَفْسِهِ فَجَعَلَتْ عَيْنَا رسولِ الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم تَذْرِفانِ فَقَالَ لَهُ عَبْدُ الرَّحمانِ بنِ عَوْفٍ رَضِي الله تَعَالَى عنهُ وأنْتَ يَا رَسُول الله فَقَالَ يَا ابنَ عَوْفٍ إنَّهَا رَحْمَةٌ ثُمَّ أتْبَعَهَا بِأُخْرَى فَقَالَ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إنَّ العَيْنَ تَدْمَعُ والقَلْبَ يَحْزَنُ وَلَا نَقُولُ إلَاّ مَا يَرْضى ربُّنَا وَإنَّا بِفِرَاقِكَ يَا إبْرَاهِيمُ لَمَحْزُونُونَ.

<<  <  ج: ص:  >  >>