للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

الْعلمَاء على وُجُوبهَا على الصَّغِير وَإِن كَانَ يَتِيما، قَالَ ابْن بزيزة: وَقَالَ مُحَمَّد بن الْحسن وَزفر: لَا يجب على الْيَتِيم زَكَاة الْفطر كَانَ لَهُ مَال أَو لم يكن، فَإِن أخرجهَا عَنهُ وَصِيّه ضمن، قَالَ: وأصل مَذْهَب مَالك وجوب الزَّكَاة على الْيَتِيم مُطلقًا، وَذكر صَاحب (الْهِدَايَة) : يخرج عَن أَوْلَاده الصغار فَإِن كَانَ لَهُم مَال أدّى من مَالهم عِنْد أبي حنيفَة وَأبي يُوسُف خلافًا لمُحَمد، وَقَالَ ابْن بزيزة: قَالَ الْحسن: هِيَ على الْأَب فَإِن أَعْطَاهَا من مَال الابْن ضمن. قَالَ: وَهل يجب إخْرَاجهَا عَن الْجَنِين أم لَا؟ فالجمهور أَنَّهَا غير وَاجِبَة عَلَيْهِ. قَالَ: وَمن شواذ الْأَقْوَال أَنَّهَا تخرج عَن الْجَنِين، روينَا ذَلِك عَن عُثْمَان بن عَفَّان، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ، وَسليمَان بن يسَار. وَفِي (المُصَنّف) : حَدثنَا عبد الْوَهَّاب الثَّقَفِيّ عَن أَيُّوب عَن أبي قلَابَة قَالَ: كَانُوا يُعْطون حَتَّى عَن الْحمل. قَالَ ابْن بزيزة: قَالَ قوم من سلف الْعلمَاء: إِذا أكمل الْجَنِين فِي بطن أمه مائَة وَعشْرين يَوْمًا قبل انصداع الْفجْر من لَيْلَة الْفطر وَجب إِخْرَاج زَكَاة الْفطر عَنهُ كَأَنَّهُ اعْتمد على حَدِيث ابْن مَسْعُود: (إِن خلق أحدكُم يجمع فِي بطن أمه أَرْبَعِينَ صباحا) الحَدِيث.

الْخَامِس: قَوْله: (من الْمُسلمين) : تكلم الْعلمَاء فِيهِ، قَالَ الشَّيْخ فِي (الإِمَام) : وَقد اشتهرت هَذِه اللَّفْظَة من رِوَايَة مَالك حَتَّى قيل: إِنَّه تفرد بهَا. قَالَ أَبُو قلَابَة: عبد الْملك بن مُحَمَّد لَيْسَ أحد يَقُول فِيهِ من الْمُسلمين غير مَالك، وَقَالَ التِّرْمِذِيّ بعد تَخْرِيجه لَهُ: زَاد مَالك (من الْمُسلمين) ، وَقد رَوَاهُ غير وَاحِد عَن نَافِع عَن ابْن عمر وَلم يَقُولُوا فِيهِ: من الْمُسلمين، وتبعهما على ذَلِك القَوْل جمَاعَة. قَالَ الشَّيْخ: وَلَيْسَ بِصَحِيح، فقد تَابع مَالِكًا هَذِه اللَّفْظَة من الثِّقَات سَبْعَة، وهم: عمر بن نَافِع رَوَاهُ البُخَارِيّ فِي هَذَا الْبَاب، وَالضَّحَّاك بن عُثْمَان رَوَاهُ مُسلم عَنهُ عَن نَافِع (عَن ابْن عمر: فرض رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم زَكَاة الْفطر من رَمَضَان على كل نفس من الْمُسلمين. .) الحَدِيث، والمعلى بن أَسد رَوَاهُ ابْن حبَان فِي (صَحِيحه) عَنهُ عَن نَافِع (عَن ابْن عمر قَالَ: أَمر رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم زَكَاة الْفطر صَاعا من تمر أَو صَاعا من شعير عَن كل مُسلم) الحَدِيث، وَعبد الله بن عمر رَوَاهُ الْحَاكِم فِي (مُسْتَدْركه) عَنهُ عَن نَافِع (عَن ابْن عمر: أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فرض زَكَاة الْفطر صَاعا من تمر أَو صَاعا من بر على كل حر أَو عبد ذكر أَو أُنْثَى من الْمُسلمين، وَصَححهُ) ، وَكثير بن فرقد رَوَاهُ الْحَاكِم أَيْضا عَنهُ عَن نَافِع (عَن ابْن عمر: أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فرض زَكَاة الْفطر) لحَدِيث وَفِيه: (من الْمُسلمين) وَرَوَاهُ الطَّحَاوِيّ فِي (مُشكل الْآثَار) وَالدَّارَقُطْنِيّ فِي (سنَنه) ، وَعبيد الله بن عمر الْعمريّ أخرجه الدَّارَقُطْنِيّ عَنهُ عَن ابْن عمر نَحوه سَوَاء، وَيُونُس بن يزِيد رَوَاهُ الطَّحَاوِيّ فِي (مشكله) عَنهُ أَن نَافِعًا أخبرهُ قَالَ: (قَالَ عبد الله بن عمر: فرض رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم على النَّاس زَكَاة الْفطر من رَمَضَان صَاعا من تمر أَو صَاعا من شعير على كل إِنْسَان ذكر أَو أُنْثَى حرا أَو عبدا من الْمُسلمين) ، وَبِهَذَا احْتج مَالك وَالشَّافِعِيّ وَأحمد وَأَبُو ثَوْر على أَنه لَا تجب صَدَقَة الْفطر على أحد من عَبده الْكَافِر، وَهُوَ قَول سعيد بن الْمسيب وَالْحسن وَقَالَ الثَّوْريّ وَأَبُو حنيفَة وَأَصْحَابه عَلَيْهِ أَن يُؤَدِّي صَدَقَة الْفطر من عَبده الْكَافِر.

وَهُوَ قَول عَطاء وَمُجاهد وَسَعِيد بن جُبَير وَعمر بن عبد الْعَزِيز وَالنَّخَعِيّ، وَرُوِيَ ذَلِك عَن أبي هُرَيْرَة وَابْن عمر، رَضِي الله تَعَالَى عَنْهُم، وَاحْتَجُّوا فِي ذَلِك بِمَا رَوَاهُ الدَّارَقُطْنِيّ من حَدِيث عِكْرِمَة عَن ابْن عَبَّاس، قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: (أَدّوا صَدَقَة الْفطر عَن كل صَغِير وكبير وَذكر أَو أُنْثَى يَهُودِيّ أَو نَصْرَانِيّ، حر أَو مَمْلُوك، نصف صَاع من بر أَو صَاعا من تمر أَو شعير) . فَإِن قلت: قَالَ الدَّارَقُطْنِيّ: لم يسند هَذَا الحَدِيث غير سَلام الطَّوِيل وَهُوَ مَتْرُوك، وَرَوَاهُ ابْن الْجَوْزِيّ فِي (الموضوعات) وَقَالَ: وَقَالَ زِيَادَة الْيَهُودِيّ وَالنَّصْرَانِيّ فِيهِ مَوْضُوعَة انْفَرد بهَا سَلام الطَّوِيل وَكَأَنَّهُ تعمدها وَاغْلُظْ فِيهِ القَوْل عَن النَّسَائِيّ وَابْن حبَان جازف ابْن الْجَوْزِيّ فِي مقَالَته من غير دَلِيل، وَقد أخرج الطَّحَاوِيّ فِي (مشكله) مَا يُؤَيّد هَذَا: عَن ابْن الْمُبَارك عَن ابْن لَهِيعَة عَن عبيد الله بن أبي جَعْفَر عَن الْأَعْرَج (عَن أبي هُرَيْرَة، قَالَ: كَانَ يخرج صَدَقَة الْفطر عَن كل إِنْسَان يعول من صَغِير وكبير حر أَو عبد وَلَو كَانَ نَصْرَانِيّا مدّين من قَمح أَو صَاعا من تمر) . وَحَدِيث ابْن لَهِيعَة يصلح للمتابعة، سِيمَا رِوَايَة ابْن الْمُبَارك عَنهُ وَلم يتْركهُ أحد، وَيُؤَيِّدهُ أَيْضا مَا رَوَاهُ الدَّارَقُطْنِيّ: عَن عُثْمَان بن عبد الرَّحْمَن عَن نَافِع (عَن ابْن عمر: أَنه كَانَ يخرج صَدَقَة الْفطر عَن كل حر وَعبد صَغِير وكبير ذكر أَو أُنْثَى كَافِرًا أَو مُسلم) الحَدِيث. قَالَ الدَّارَقُطْنِيّ: وَعُثْمَان هَذَا هُوَ الْوَقَّاصِ، وَهُوَ مَتْرُوك. وَأخرج عبد الرَّزَّاق فِي (مُصَنفه) عَن ابْن عَبَّاس (قَالَ: يخرج الرجل زَكَاة الْفطر عَن كل مَمْلُوك لَهُ وَإِن كَانَ يَهُودِيّا أَو نَصْرَانِيّا) وَأخرج ابْن أبي شيبَة فِي (مُصَنفه) : عَن إِسْمَاعِيل بن عَيَّاش عَن عمر بن

<<  <  ج: ص:  >  >>