للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

هَذَا قَالَه للزبير بن الْعَوام، وَالله أعلم، وَسَنَد حَدِيثه ضَعِيف، وَقَالَ الْمُهلب أَيْضا، قَوْله: (لَكِن أفضل الْجِهَاد حج مبرور) تَفْسِير قَوْله: {وَقرن فِي بيوتكن وَلَا تبرجن} (الْأَحْزَاب: ٣٣) . الْآيَة لَيْسَ على الْفَرْض لملازمة الْبيُوت كَمَا زعم من أَرَادَ تنقيص أم الْمُؤمنِينَ فِي خُرُوجهَا إِلَى الْعرَاق للإصلاح بَين الْمُسلمين، وَهَذَا الحَدِيث يخرج الْآيَة عَمَّا تأولوها، لِأَنَّهُ قَالَ: (لَكِن أفضل الْجِهَاد حج مبرور) فَدلَّ أَن لَهُنَّ جهادا غير الْحَج، وَالْحج أفضل مِنْهُ. فَإِن قيل: النِّسَاء لَا يحل لَهُنَّ الْجِهَاد؟ قيل لَهُ: قَالَت حَفْصَة، رَضِي الله تَعَالَى عَنْهُمَا: قدمت علينا امْرَأَة غزت مَعَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم سِتّ غزوات، وَقَالَت: كُنَّا نداوي الكلمى ونقوم على المرضى. وَفِي (الصَّحِيح) : وَكَانَ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِذا إراد الْغَزْو أَقرع بَين نِسَائِهِ فأيتهن خرج سهمها غزا بهَا. وَقَالَ ابْن بطال: وَإِنَّمَا جعل الْجِهَاد حَدِيث أبي هُرَيْرَة أفضل من الْحَج لِأَن ذَلِك كَانَ فِي أول الْإِسْلَام وقلته، وَكَانَ الْجِهَاد فرضا مُتَعَيّنا على كل أحد، فَأَما إِذا ظهر الْإِسْلَام وَفَشَا وَصَارَ الْجِهَاد من فروض الْكِفَايَة على من قَامَ بِهِ، فالحج حِينَئِذٍ أفضل، ألَاّ ترى قَوْله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لعَائِشَة: (أفضل جهادكن الْحَج) ، لما لم تكن من أهل الْغناء وَالْجهَاد للْمُشْرِكين، فَإِن حل الْعَدو ببلدة واجتيج إِلَى دَفعه وَكَانَ لَهُ ظهورة وَقُوَّة وَخيف مِنْهُ فرض الْجِهَاد على الْأَعْيَان كَانَ أفضل من الْحَج.

١٢٥١ - حدَّثنا آدَمُ حَدثنَا شُعْبَةُ قَالَ حدَّثنا سَيَّارٌ أَبُو الحَكَمِ قَالَ سَمِعْتُ أَبَا حازِمٍ قَالَ سَمِعْتُ أَبَا هُرَيْرَةَ رَضِي الله تَعَالَى عنهُ. قَالَ سَمِعْتُ النبيّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يقُولُ مَنْ حَجَّ لله فلَمْ يَرْفُثْ ولَمْ يَفْسُقْ رجَعَ كَيَوْمِ ولَدَتْهُ أمُّهُ.

مطابقته للتَّرْجَمَة تُؤْخَذ من قَوْله: (رَجَعَ كَمَا وَلدته أمه) .

ذكر رِجَاله: وهم: خَمْسَة: الأول: آدم بن أبي إِيَاس. الثَّانِي: شُعْبَة بن الْحجَّاج. الثَّالِث: سيار، بِفَتْح السِّين الْمُهْملَة وَتَشْديد الْيَاء آخر الْحُرُوف وَبعد الْألف رَاء على وزن فعال، فَقَالَ أَبُو الحكم: بِفتْحَتَيْنِ، مر فِي أول التَّيَمُّم. الرَّابِع: أَبُو حَازِم، بِالْحَاء الْمُهْملَة وَالزَّاي: اسْمه سُلَيْمَان الْأَشْجَعِيّ مَاتَ فِي أَيَّام عمر بن عبد الْعَزِيز، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ، وَأما أَبُو حَازِم سَلمَة بن دِينَار صَاحب سهل بن سعد فَلم يسمع من أبي هُرَيْرَة، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ. الْخَامِس: أَبُو هُرَيْرَة.

ذكر لطائف إِسْنَاده: فِيهِ: التحديث بِصِيغَة الْجمع فِي ثَلَاثَة مَوَاضِع. وَفِيه: السماع فِي ثَلَاثَة مَوَاضِع. وَفِيه: القَوْل فِي موضِعين. وَفِيه: راويان مذكوران بالكنية أَحدهمَا باسمه. وَفِيه: راويان ذكرا بِلَا نِسْبَة إِلَى الْأَب، وَفِيه: أَن شَيْخه من خُرَاسَان وَسكن عسقلان وَشعْبَة وسيار واسطيان وَأَبُو حَازِم كُوفِي.

والْحَدِيث أخرجه مُسلم عَن هشيم بن مَنْصُور.

ذكر مَعْنَاهُ: قَوْله: (من حج لله) ، وَفِي رِوَايَة للْبُخَارِيّ: (من حج هَذَا الْبَيْت) ، وَفِي رِوَايَة مُسلم من طَرِيق جرير عَن مَنْصُور: (من أَتَى هَذَا الْبَيْت) ، وَفِي رِوَايَة الدَّارَقُطْنِيّ من طَرِيق الْأَعْمَش عَن أبي حَازِم بِلَفْظ: (من حج أَو اعْتَمر) ، وَفِي رِوَايَة التِّرْمِذِيّ من حَدِيث ابْن مَسْعُود: (تابعوا بَين الْحَج وَالْعمْرَة فَإِنَّهُمَا ينفيان الْفقر والذنُوب كَمَا يَنْفِي الْكِير خبث الْحَدِيد وَالذَّهَب وَالْفِضَّة وَلَيْسَ لِلْحَجِّ المبرور ثَوَاب دون الْجنَّة) . وَفِي رِوَايَة أَحْمد من حَدِيث جَابر: (الْحَج المبرور لَيْسَ لَهُ جَزَاء إلَاّ الْجنَّة، قَالُوا: يَا رَسُول الله! مَا الْحَج المبرور؟ قَالَ: إطْعَام الطَّعَام وإفشاء السَّلَام، وَفِيه مقَال) ، وَقَالَ أَبُو حَاتِم: هَذَا حَدِيث مُنكر يشبه الْمَوْضُوع، وَفِي رِوَايَة الْحَاكِم من حَدِيث جَابر: (سُئِلَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: مَا بر الْحَج؟ قَالَ إطْعَام الطَّعَام وَطيب الْكَلَام) . وَقَالَ: صَحِيح الْإِسْنَاد وَلم يخرجَاهُ. قَوْله: (فَلم يرْفث) ، بِضَم الْفَاء وَكسرهَا، الْفَاء فِيهِ عطف على الشَّرْط، أَعنِي قَوْله: (من) ، وَيَرْفث بِضَم الْفَاء وَكسرهَا وَفتحهَا، والأفصح الْفَتْح فِي الْمَاضِي، وَالضَّم فِي الْمُسْتَقْبل. وَقَالَ ابْن سَيّده: الرَّفَث: الْجِمَاع، وَقد رفث إِلَيْهَا ورفث فِي كَلَامه يرْفث رفثا وأرفث: أفحش، والرفث: التَّعْرِيض بِالنِّكَاحِ. وَفِي (الْجَامِع) : الرَّفَث اسْم جَامع لكل شَيْء مِمَّا يُرِيد الرجل من الْمَرْأَة. قَوْله: (وَلم يفسق) ، الْفسق الْعِصْيَان وَالتّرْك لأمر الله تَعَالَى، وَالْخُرُوج عَن طَرِيق الْحق. فسق يفسق ويفسق فسقا وفسوقا، وَفسق، بِالضَّمِّ عَن اللحياني، وَقَالَ: رَوَاهُ الْأَحْمَر وَلم يعرفهُ الْكسَائي. وَقيل: الْفسق الْخُرُوج عَن الدّين، وَرجل فَاسق وفسيق وَفسق، وَيُقَال فِي الْمَرْء: يَا فسق، وللأنثى يَا فساق، وَالْفِسْق الْخُرُوج عَن الْأَمر، ذكره ابْن سَيّده. وَقَالَ الْقَزاز: أَصله من قَوْلهم: انفسقت

<<  <  ج: ص:  >  >>