للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

بِالحَجِّ فَإذَا فَرَغْنَا مِنَ المَنَاسِكِ جِئْنَا فَطُفْنَا بالْبَيْتِ وبِالصَّفَا والمَرْوةِ فَقَدْ تَمَّ حَجُّنا وَعَلَيْنَا الْهَدْيُ كَمَا قَالَ الله تَعَالَى {فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ ثَلَاثَةِ أيَّامٍ فِي الحَجِّ وسَبْعَةٍ إذَا رَجَعْتُمْ} (الْبَقَرَة: ٦٩١) . إلَى أمْصَارِكُمْالشَّاةُ تَجْزِي فَجَمَعُوا نُسْكَيْنِ فِي عامٍ بَيْنَ الحَجِّ والعُمْرَةِ فإنَّ الله تَعَالَى أنْزَلَهُ فِي كِتَابِهِ وسَنَّهُ نبِيُّهُ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وأبَاحَهُ لِلنَّاسِ غَيرَ أهْلِ مَكَّةَ قَالَ الله ذالِكَ لِمَنْ لَم يَكُنْ أهْلُهِ حاضِرِي المَسْجِدِ الحَرَامِ. وأشْهُرِ الحَجِّ الَّتي ذَكَرَ الله تَعَالَى شَوَّالٌ وذُو القَعْدَةِ وذُو الحَجَّةِ فَمَنْ تمَتَّعَ فِي هاذِهِ الأشْهُرِ فعَلَيْهِ دَمٌ أوْ صَوْمٌ والرَّفْثُ الجِمَاعُ والْفُسوقُ والمَعَاصِي والْجِدَالُ المِرَاءُ.

مطابقته للتَّرْجَمَة ظَاهِرَة، وَهَذَا تَعْلِيق وَصله الْإِسْمَاعِيلِيّ، قَالَ: حَدثنَا الْقَاسِم الْمُطَرز حَدثنَا أَحْمد بن سِنَان حَدثنَا أَبُو كَامِل فَذكره بِطُولِهِ، لكنه قَالَ: عُثْمَان بن سعد، بدل عُثْمَان بن غياث، وَكِلَاهُمَا بصريان لَهما رِوَايَة عَن عِكْرِمَة، لَكِن عُثْمَان بن غياث ثِقَة، وَعُثْمَان بن سعد ضَعِيف.

ذكر رِجَاله: وهم: خَمْسَة: الأول: أَبُو كَامِل فُضَيْل بن حُسَيْن الجحدري، مَاتَ سنة سبع وَثَلَاثِينَ وَمِائَتَيْنِ. الثَّانِي: أَبُو معشر، بِفَتْح الْمِيم: واسْمه يُوسُف بن يزِيد الْبَراء، بِفَتْح الْبَاء الْمُوَحدَة وَتَشْديد الرَّاء، وَكَانَ يبري الْعود، الْعَطَّار أَيْضا الْبَصْرِيّ. الثَّالِث: عُثْمَان بن غياث، بِكَسْر الْغَيْن الْمُعْجَمَة وَتَخْفِيف الْيَاء آخر الْحُرُوف وَبعد الْألف ثاء مُثَلّثَة: الرَّاسِبِي، بِالْبَاء الْمُوَحدَة: الْبَاهِلِيّ. الرَّابِع: عِكْرِمَة مولى ابْن عَبَّاس. الْخَامِس: عبد الله بن عَبَّاس.

وَهَذَا الحَدِيث من أَفْرَاده.

ذكر مَعْنَاهُ: قَوْله: (حجَّة الْوَدَاع) ، بِفَتْح الْحَاء وَالْوَاو وكسرهما. قَوْله: (فَلَمَّا قدمنَا مَكَّة) ، أَي: فَلَمَّا قربنا من مَكَّة، لِأَن ذَلِك كَانَ بسرف. قَوْله: (اجعلوا) ، خطاب لمن كَانَ أهلَّ بِالْحَجِّ مُفردا لأَنهم كَانُوا ثَلَاث فرق. قَوْله: (طفنا) ، وَفِي رِوَايَة الْأصيلِيّ: (فطفنا) ، بِالْفَاءِ العاطفة، قَالَ بَعضهم: هُوَ الْوَجْه. قلت: كِلَاهُمَا موجه. أما الرِّوَايَة بِالْفَاءِ فظاهرة، وَأما الرِّوَايَة الْمُجَرَّدَة عَنْهَا فوجهها أَنه اسْتِئْنَاف، وَيجوز أَن يكون جَوَاب. (فَلَمَّا قدمنَا) . قَوْله: (وَقَالَ) ، جملَة حَالية، و: قد، مقدرَة فِيهَا لِأَن الْجُمْلَة الفعلية إِذا كَانَ فعلهَا مَاضِيا وَوَقعت حَالا فَلَا بُد أَن يكون فِيهَا كلمة: قد، إِمَّا ظَاهِرَة أَو مقدرَة. قَوْله: (ونسكنا الْمَنَاسِك) أَي: من الْوُقُوف وَالْمَبِيت بِمُزْدَلِفَة وَغير ذَلِك. قَوْله: (وأتينا النِّسَاء) ، وَابْن عَبَّاس غير دَاخل فِيهِ، لِأَنَّهُ حِينَئِذٍ لم يكن مدْركا، وَإِنَّمَا هُوَ يَحْكِي ذَلِك عَنْهُم. قَوْله: (ثمَّ أمرنَا) ، بِفَتْح الرَّاء أَي: ثمَّ أمرنَا النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم. قَوْله: (عَشِيَّة التَّرويَة) أَي: بعد الظّهْر ثامن ذيي الْحجَّة. قَوْله: (فَإِذا فَرغْنَا من الْمَنَاسِك) أَي: الْوُقُوف بِعَرَفَة وَالْمَبِيت بِمُزْدَلِفَة وَرمي يَوْم الْعِيد وَالْحلق. قَوْله: (فقد تمّ حجنا) ، وَفِي رِوَايَة الْكشميهني، وَقد تمّ بِالْوَاو، وَمن هَهُنَا إِلَى آخر الحَدِيث مَوْقُوف على ابْن عَبَّاس، وَمن أَوله إِلَى هُنَا مَرْفُوع. قَوْله: (كَمَا قَالَ الله تَعَالَى: {فَمَا اسْتَيْسَرَ من الْهَدْي} (الْبَقَرَة: ٦٩١) .) قد فسرناه عَن قريب. قَوْله: (إِذا رجعتم إِلَى أمصاركم) تَفْسِير من ابْن عَبَّاس بِمَعْنى: الرُّجُوع. قَوْله: (الشَّاة تجزي) تَفْسِير من ابْن عَبَّاس، و: تجزي، بِفَتْح التَّاء الْمُثَنَّاة من فَوق أَي: تَكْفِي لدم التَّمَتُّع. فَإِن قلت: مَا وَقعت هَذِه الْجُمْلَة أَعنِي: (الشَّاة تجزي) . قلت: جملَة حَالية وَقعت حَالا بِلَا وَاو وَهُوَ جَائِز كَمَا فِي قَوْلك: كَلمته فوه إِلَى فِي. قَوْله: (بَين نسكين) وهما: الْحَج وَالْعمْرَة. قَوْله: (بَين الْحَج وَالْعمْرَة) فَائِدَة ذكرهمَا الْبَيَان والتأكيد لِأَنَّهُمَا نفس النُّسُكَيْنِ، وَهُوَ بِإِسْكَان السِّين. قَالَ الْجَوْهَرِي: النّسك، بالإسكان الْعِبَادَة، وبالضم الذَّبِيحَة. قَوْله: (فَإِن الله أنزلهُ) أَي: أنزل الْجمع بَين الْحَج وَالْعمْرَة أخذا من قَوْله: {فَمن تمتّع بِالْعُمْرَةِ إِلَى الْحَج} (الْبَقَرَة: ٦٩١) . قَوْله: (وسنَّهُ) أَي: شرَّعه نبيه صلى الله عَلَيْهِ وَسلم حَيْثُ أَمر بِهِ أَصْحَابه. قَوْله: (وأباجه) أَي: وأباح التَّمَتُّع للنَّاس غير أهل مَكَّة وَيجوز فِي غير النصب والجر، أما النصب فعلى الِاسْتِثْنَاء، وَأما الْجَرّ فعلى أَنه صفة للنَّاس. وَقَالَ بَعضهم بِنصب: غير، وَيجوز كَسره. قلت: الْكسر لَا يسْتَعْمل إلَاّ فِي الْمَبْنِيّ، وَفِي المعرب لَا يسْتَعْمل إلَاّ بِالْجَرِّ. قَوْله: (ذَلِك) أَي: التَّمَتُّع. وَقَالَ الْكرْمَانِي: هَذَا دَلِيل للحنفية فِي أَن لفظ ذَلِك للتمتع لَا لحكمه، ثمَّ أجَاب بقوله: قَول الصَّحَابِيّ لَيْسَ بِحجَّة عِنْد الشَّافِعِي، إِذْ الْمُجْتَهد لَا يجوز لَهُ تَقْلِيد الْمُجْتَهد؟ قلت: هَذَا جَوَاب واهٍ مَعَ إساءة الْأَدَب، لَيْت شعري مَا وَجه هَذَا القَوْل الَّذِي يأباه الْعقل؟ فَإِن مثل ابْن عَبَّاس كَيفَ لَا يحْتَج بقوله؟

<<  <  ج: ص:  >  >>