للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

قَوْله: (ليشهدوا) ، أَي: ليحضروا مَنَافِع لَهُم مُخْتَصَّة بِهَذِهِ الْعِبَادَة من أُمُور الدّين وَالدُّنْيَا، وَقيل: الْمَنَافِع التِّجَارَة، وَقيل: الْعَفو وَالْمَغْفِرَة. قَوْله: (فِي أَيَّام مَعْلُومَات) ، يَعْنِي: عشر ذِي الْحجَّة، وَقيل: تِسْعَة أَيَّام من الْعشْر، وَقيل: يَوْم الْأَضْحَى وَثَلَاثَة أَيَّام بعده، وَقيل: أَيَّام التَّشْرِيق، وَقيل: إِنَّهَا خَمْسَة أَيَّام أَولهَا يَوْم التَّرويَة: وَقيل: ثَلَاثَة أَيَّام أَولهَا يَوْم عَرَفَة، وَالذكر هَهُنَا يدل على التَّسْمِيَة على مَا نحر لقَوْله: {على مَا رزقهم من بَهِيمَة الْأَنْعَام} (الْحَج: ٨٢ و ٤٣) . يَعْنِي: الْهَدَايَا والضحايا من الْإِبِل وَالْبَقر وَالْغنم والبهيمة، مُبْهمَة فِي كل ذَات أَربع فِي الْبر وَالْبَحْر، فبينت بالأنعام، وَهِي الْإِبِل وَالْبَقر والضأن والمعز. قَوْله: (فَكُلُوا مِنْهَا) الْأَمر بِالْأَكْلِ مِنْهَا أَمر إِبَاحَة لِأَن أهل الْجَاهِلِيَّة كَانُوا لَا يَأْكُلُون من نِسَائِكُم، وَيجوز أَن يكون ندبا لما فِيهِ من مواساة الْفُقَرَاء ومساواتهم، وَاسْتِعْمَال التَّوَاضُع. قَوْله: (وأطعموا البائش) ، أَي: الَّذِي أَصَابَهُ بؤس، أَي: شدَّة الْفقر، وَذهب الْأَكْثَرُونَ إِلَى أَنه لَيْسَ بِوَاجِب، قَوْله: (ثمَّ ليقضوا تفثهم) ، قَالَ عَطاء عَن ابْن عَبَّاس: التفث، حلق الرَّأْس وَأخذ الشَّارِب ونتف الْإِبِط وَحلق الْعَانَة وقص الْأَظْفَار وَالْأَخْذ من العارضين وَرمي الْجمار وَالْوُقُوف بِعَرَفَة، وَقيل: مَنَاسِك الْحَج، والتفث فِي الأَصْل: الْوَسخ والقذارة من طول الشّعْر والأظفار والشعث، وقضاؤه نقضه، وإذهابه. وَقَالَ الزّجاج: أهل اللُّغَة لَا يعْرفُونَ التفث إلَاّ من التَّفْسِير، وَكَأَنَّهُ الْخُرُوج من الْإِحْرَام إِلَى الْإِحْلَال. قَوْله: (وليوفوا نذورهم) ، أَي: نذور الْحَج وَالْهَدْي، وَمَا ينذر الْإِنْسَان من أَعمال الْبر فِي حجهم. قَوْله: (وليطوفوا) ، أَرَادَ الطّواف الْوَاجِب وَهُوَ طواف الْإِفَاضَة، والزيارة الَّذِي يُطَاف بعد الْوُقُوف، أما يَوْم النَّحْر أَو بعده. قَوْله: (بِالْبَيْتِ الْعَتِيق) أَي: بِالْكَعْبَةِ، سمي الْعَتِيق لقدمه أَو لِأَنَّهُ أعتق من أَيدي الْجَبَابِرَة، فَلم يصلوا إِلَى تخريبه، فَلم يظْهر عَلَيْهِ جَبَّار وَلم يُسَلط عَلَيْهِ إلَاّ من يعظمه ويحترمه، وَقيل: لِأَنَّهُ لم يملك قطّ. وَقيل: لِأَن أعتق من الْغَرق يَوْم الطوفان.

٤٢١ - (بابُ مَا يأكُلُ مِنَ الْبُدْنِ ومَا يَتَصَدَّقُ)

أَي: هَذَا بَاب فِيهِ بَيَان مَا يَأْكُل صَاحب الْهَدْي من الْبدن وَمَا يتَصَدَّق مِنْهَا أَرَادَ مَا يجوز لَهُ الْأكل، وَمَا يجب عَلَيْهِ أَن يتَصَدَّق، وَفِي بعض النّسخ: بَاب مَا يُؤْكَل، على صِيغَة الْمَجْهُول أَي: بَاب فِي بَيَان مَا يجوز الْأكل مِنْهَا وَمَا يتَصَدَّق مِنْهَا، وَهُوَ على صِيغَة الْمَجْهُول أَيْضا على هَذِه النُّسْخَة.

وقَالَ عُبَيْدُ الله أخبَرَني نافِعٌ عَنِ ابنِ عُمرَ رَضِي الله تَعَالَى عنهُما لَا يُؤْكَلُ مِنْ جَزَاءِ الصَّيْدِ والنَّذْرِ ويْؤْكَلُ مِمَّا سِوَى ذَلِكَ

مطابقته للتَّرْجَمَة ظَاهِرَة، وَعبيد الله هُوَ ابْن عمر الْعمريّ، وَهَذَا تَعْلِيق وَصله ابْن أبي شيبَة عَن ابْن نمير عَنهُ بِمَعْنَاهُ. قَالَ: (إِذا عطبت الْبَدنَة أَو كسرت أكل مِنْهَا صَاحبهَا وَلم يبدلها إلَاّ أَن تكون نذرا أَو جَزَاء صيد) . وَرَوَاهُ الطَّبَرَانِيّ من طَرِيق الْقطَّان عَن عبيد الله بِلَفْظ التَّعْلِيق الْمَذْكُور. قَوْله: (لَا يُؤْكَل) أَي: لَا يَأْكُل الْمَالِك من الَّذِي جعله جَزَاء لصيد الْحرم، وَلَا من الْمَنْذُور، بل يجب التَّصَدُّق بهما. وَبِه قَالَ أَحْمد فِي رِوَايَة، وَهُوَ قَول مَالك، وَزَاد: (إلَاّ فديَة الْأَذَى) ، وَعَن أَحْمد: لَا يُؤْكَل إلَاّ من هدي التَّطَوُّع والمتعة وَالْقرَان، وَهُوَ قَول أَصْحَابنَا، بِنَاء على أَن دم التَّمَتُّع وَالْقرَان دم نسك لَا دم جبران، وَذكر ابْن الْمَوَّاز عَن مَالك أَنه يَأْكُل من الْهَدْي النّذر، إلَاّ أَن يكون نَذره للْمَسَاكِين، وَكَذَلِكَ مَا أخرجه بِمَعْنى الصَّدَقَة لَا يَأْكُل مِنْهُ، وَكَانَ الْأَوْزَاعِيّ يكره أَن يَأْكُل من جَزَاء الصَّيْد أَو فديَة أَو كَفَّارَة، وَيَأْكُل النذور وهدي التَّمَتُّع والتطوع. وَفِي (التَّوْضِيح) : وَاخْتلف أهل الْعلم فِي هدي التَّطَوُّع إِذا عطب قبل مَحَله، فَقَالَت طَائِفَة: صَاحبه مَمْنُوع من الْأكل مِنْهُ، رُوِيَ ذَلِك عَن ابْن عَبَّاس، وَهُوَ قَول مَالك وَأبي حنيفَة وَالشَّافِعِيّ، ورخصت طَائِفَة فِي الْأكل مِنْهُ، رُوِيَ ذَلِك عَن عَائِشَة وَابْن عمر، رَضِي الله تَعَالَى عَنْهُم.

أَي: قَالَ عَطاء بن أبي رَبَاح: يَأْكُل من جَزَاء الصَّيْد وَالنّذر، وَيطْعم من الْمُتْعَة أَي من الْهَدْي الَّذِي يُسمى بِدَم التَّمَتُّع الْوَاجِب على الْمُتَمَتّع، وَهَذَا التَّعْلِيق وَصله عبد الرَّزَّاق عَن ابْن جريج عَنهُ، وروى سعيد بن مَنْصُور من وَجه آخر عَن عَطاء:

<<  <  ج: ص:  >  >>