للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

تابَعَهُ اللَّيْثُ قَالَ حدَّثني خالِدٌ عنْ سَعِيدٍ عنْ قَتادَةَ أنَّ أنَسَ بنَ مالِكٍ رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ حدَّثَهُ عنِ النبيِّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم

أَي: تَابع عَمْرو بن الْحَارِث فِي رِوَايَته لهَذَا الحَدِيث عَن قَتَادَة اللَّيْث بن سعد وَذكر هَذِه الْمُتَابَعَة الْبَزَّار وَالطَّبَرَانِيّ من طَرِيق عبد الله بن صَالح كَاتب اللَّيْث عَن اللَّيْث عَن خَالِد بن يزِيد السكْسكِي عَن سعيد بن أبي هِلَال، وهما قد تقدما فِي أول كتاب الْوضُوء، وَذكر الْبَزَّار وَالطَّبَرَانِيّ أَن خَالِدا تفرد بِهَذَا الحَدِيث عَن سعيد، وَأَن اللَّيْث تفرد بِهِ عَن خَالِد، وَأَن سعيد بن أبي هِلَال لم يروِ عَن قَتَادَة عَن أنس غير هَذَا.

٥٤١ - (بابٌ إذَا حاضَتِ المَرْأةُ بَعْدَما أفَاضَتْ)

أَي: هَذَا بَاب يذكر فِيهِ الْمَرْأَة إِذا حَاضَت بَعْدَمَا أفاضت، يَعْنِي: بَعْدَمَا طافت طواف الْإِفَاضَة الَّذِي هُوَ ركن وَجَوَاب إِذا مَحْذُوف تَقْدِيره: هَل يجب عَلَيْهَا طواف الْوَدَاع أم يسْقط عَنْهَا بِسَبَب الْحيض، وَإِذا وَجب هَل يجْبر بِدَم أم لَا.

٧٥٧١ - حدَّثنا عَبْدُ الله بنُ يُوسُفَ قَالَ أخبرنَا مالِكٌ عنْ عَبْدِ الرَّحْمانِ بنِ القَاسِمِ عنْ أبِيهِ عَن عَائِشَةَ رَضِي الله تَعَالَى عَنْهَا أنَّ صَفِيَّةَ بِنْتَ حُيَيٍّ زَوْجَ النبيِّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم حاضَتْ فَذَكَرَتْ ذَلِكَ لِرَسُولِ الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ أحَابِسَتُنَا هِيَ قالُوا إنَّهَا قَدْ أفَاضَتْ قَالَ فَلَا إِذا..

مطابقته للتَّرْجَمَة فِي قَوْله: (أَنَّهَا أفاضت قَالَ: فَلَا إِذا) ، وَجه ذَلِك أَن حَاصِل الْمَعْنى أَن طواف الْوَدَاع سَاقِط عَن الْحَائِض لِأَنَّهُ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لما أخبر عَن صَفِيَّة أَنَّهَا حَاضَت قَالَ: أحابستنا هِيَ؟ فَلَمَّا أخبر أَنَّهَا قد أفاضت من قبل أَن تحيض، قَالَ: فَلَا إِذا، أَي: فَلَا تحبسنا حِينَئِذٍ، لِأَنَّهَا أدَّت الْفَرْض الَّذِي هُوَ ركن الْحَج. وَهَذَا قَول عوام أهل الْعلم، وَخَالف فِي ذَلِك طَائِفَة، فَقَالُوا: لَا يحل لأحد أَن ينفر حَتَّى يطوف طواف الْوَدَاع، وَلم يعذروا فِي ذَلِك حَائِضًا بحيضها، ذكره الطَّحَاوِيّ، وَقَالَ ابْن الْمُنْذر: رُوِيَ ذَلِك عَن عمر وَابْن عمر وَزيد بن ثَابت، فَإِنَّهُم أمروا الْحَائِض بالْمقَام إِذا كَانَت حَائِضًا لطواف الْوَدَاع، فكأنهم أوجبوه عَلَيْهَا كَمَا يجب عَلَيْهَا طواف الْإِفَاضَة، وَأسْندَ ابْن الْمُنْذر عَن عمر، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ، بِإِسْنَاد صَحِيح إِلَى نَافِع (عَن ابْن عمر، ققال: طافت امْرَأَة بِالْبَيْتِ يَوْم النَّحْر ثمَّ حَاضَت، فَأمر عمر بحبسها بِمَكَّة بعد أَن ينفر النَّاس حَتَّى تطهر وَتَطوف بِالْبَيْتِ) . ثمَّ قَالَ: وَقد ثَبت رُجُوع ابْن عمر وَزيد بن ثَابت عَن ذَلِك، وَبَقِي عمر فخالفناه لثُبُوت حَدِيث عَائِشَة، رَضِي الله تَعَالَى عَنْهَا، وَأَشَارَ بذلك إِلَى أَحَادِيث هَذَا الْبَاب، وَقد روى ابْن أبي شيبَة من طَرِيق الْقَاسِم بن مُحَمَّد: كَانَ الصَّحَابَة يَقُولُونَ: إِذا أفاضت الْمَرْأَة قبل أَن تحيض فقد فرغت، إلَاّ عمر، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ، فَإِنَّهُ كَانَ يَقُول: آخر عهدها بِالْبَيْتِ، وَقد وَافق عمر على رِوَايَة ذَلِك عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم غَيره، فروى أَحْمد وَأَبُو دَاوُد وَالنَّسَائِيّ والطَّحَاوِي، وَاللَّفْظ لأبي دَاوُد. من طَرِيق الْوَلِيد بن عبد الرَّحْمَن بن الْحَارِث ابْن عبد الله بن أَوْس الثَّقَفِيّ، فَقَالَ: أتيت عمر، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ، فَسَأَلته عَن الْمَرْأَة تَطوف بِالْبَيْتِ يَوْم النَّحْر، ثمَّ تحيض؟ قَالَ: ليكن آخر عهدها بِالْبَيْتِ. فَقَالَ الْحَارِث، كَذَلِك أفتاني رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، فَقَالَ عمر: أربت عَن يَديك! سَأَلتنِي عَن شَيْء سَأَلت عَنهُ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لكيما أخالفه، وَرَوَاهُ التِّرْمِذِيّ أَيْضا وَلَفظه: (خَرَرْت عَن يَديك) ، وَمعنى: أربت عَن يَديك، سَقَطت إرابك، وَهُوَ جمع أرب، وَهُوَ الْعُضْو، وَمعنى خَرَرْت سَقَطت، وَأجَاب الطَّحَاوِيّ عَن هَذَا الحَدِيث بِأَنَّهُ نسخ بِحَدِيث عَائِشَة الْمَذْكُور، وَبِحَدِيث ابْن عَبَّاس، رَوَاهُ الطَّحَاوِيّ فَقَالَ: حَدثنَا يُونُس، قَالَ: حَدثنَا سُفْيَان عَن ابْن طَاوُوس عَن أَبِيه عَن ابْن عَبَّاس: أَمر النَّاس أَن يكون آخر عَهدهم بِالْبَيْتِ، إلَاّ أَنه قد خفف عَن الْمَرْأَة الْحَائِض. وَأخرجه مُسلم أَيْضا. فَإِن قلت: روى الطَّحَاوِيّ أَيْضا عَن ابْن عَبَّاس، فَقَالَ: حَدثنَا يُونُس، قَالَ: حَدثنَا سُفْيَان عَن سُلَيْمَان وَهُوَ ابْن أبي مُسلم الْأَحول عَن طَاوُوس (عَن ابْن عَبَّاس، قَالَ: كَانَ النَّاس ينفرون من كل وَجه، فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: لَا ينفرن أحد حَتَّى يكون آخر عَهده الطّواف بِالْبَيْتِ) ، وَهَذِه الرِّوَايَة لَا تدل على سُقُوط طواف الْوَدَاع عَن أحد. قلت: هَذَا مُطلق، وَالْأول مُقَيّد فَيحمل الْمُطلق على الْمُقَيد.

<<  <  ج: ص:  >  >>