للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَذكر الحَدِيث بِطُولِهِ فَهَذَا يدل على أَنه إِنَّمَا جَاءَ بعد إِنْزَال جَمِيع لتقرير أُمُور الدّين وَالصَّوَاب أَن تَركه من الروَاة إِمَّا ذهولا وَإِمَّا نِسْيَانا وَالدَّلِيل على ذَلِك اخْتلَافهمْ فِي ذكر بعض الْأَعْمَال دون بعض فَفِي رِوَايَة كهمس " وتحج الْبَيْت إِن اسْتَطَعْت إِلَيْهِ سَبِيلا " وَكَذَا فِي حَدِيث أنس وَفِي رِوَايَة عَطاء الخرساني لم يذكر الصَّوْم وَفِي حَدِيث أبي عَامر ذكر الصَّلَاة وَالزَّكَاة حسب كَمَا ذَكرْنَاهُ عَن قريب وَمِنْهَا مَا قيل لَفْظَة أعلم فِي قَوْله " مَا المسؤل عَنْهَا بِأَعْلَم من السَّائِل " مشعرة بِوُقُوع الِاشْتِرَاك فِي الْعلم وَالنَّفْي توجه إِلَى الزِّيَادَة فَيلْزم أَن يكون مَعْنَاهُ أَنَّهُمَا متساويان فِي الْعلم بِهِ لَكِن الْأَمر بِخِلَافِهِ لِأَنَّهُمَا متساويان فِي نفي الْعلم بِهِ وَأجِيب بِأَن اللَّازِم مُلْتَزم لِأَنَّهُمَا متساويان فِي الْقدر الَّذِي يعلمَانِ لست بِأَعْلَم بهَا مِنْك وَأجِيب بِأَنَّهُ إِنَّمَا قَالَ كَذَلِك إشعارا بالتعميم تعريضا للسامعين إِن كل سَائل وَمَسْئُول فَهُوَ كَذَلِك وَمِنْهَا مَا قيل أَن الأشراط جمع شَرط وَأقله ثَلَاثَة على الْأَصَح وَلم يذكر هُنَا إِلَّا اثْنَان وَأجِيب بِأَنَّهُ إِمَّا أَنه ورد على مَذْهَب أَن أَقَله اثْنَان أَو حذف الثَّالِث لحُصُول الْمَقْصُود بِمَا ذكر وَقَالَ بَعضهم فِي هَذِه الْأَجْوِبَة نظر وَلَو أُجِيب بِأَن هَذَا دَلِيل القَوْل الصائر إِلَى أَن أقل الْجمع إثنان لما بعد عَن الصَّوَاب قلت هَذَا الَّذِي قَالَه بعيد عَن الصَّوَاب لِأَنَّهُ كَيفَ يكون هَذَا دَلِيلا لمن يَقُول أَن أقل الْجمع إثنان لِأَنَّهُ لَا يَخْلُو إِمَّا أَن يسْتَدلّ على ذَلِك بِلَفْظ الأشراط أَو بِلَفْظ إِذا ولدت وَإِذا تطاول مِنْهُمَا لَا يَصح أَن يكون دَلِيلا أما الأول فَلِأَنَّهُ لم يقل أحد أَنه ذكر الأشراط وَأَرَادَ بِهِ الشَّرْطَيْنِ بل المُرَاد أَكثر من ثَلَاثَة وَأما الثَّانِي فَلِأَنَّهُ لَيْسَ بِصُورَة التَّثْنِيَة حَتَّى يُقَال ذكرهَا وَأَرَادَ بهَا الْجمع فَافْهَم وَقَوله أَو حذف الثَّالِث لحُصُول الْمَقْصُود هُوَ لاجواب المرضي لِأَن الْمَذْكُور من الأشراط ثَلَاثَة وَإِنَّمَا بعض الروَاة اقْتصر على اثْنَيْنِ مِنْهَا لِأَن البُخَارِيّ ذكر هُنَا الْولادَة والتطاول وَفِي التَّفْسِير ذكر الْولادَة ورؤوس الحفاة وَفِي رِوَايَة مُحَمَّد بن بشر الَّتِي أخرج مُسلم إسنادها وسَاق ابْن خُزَيْمَة لفطها عَن أبي حَيَّان ذكر الثَّلَاثَة وَكَذَا فِي مستخرج الْإِسْمَاعِيلِيّ من طَرِيق ابْن علية وَكَذَا ذكرهَا عمَارَة بن الْقَعْقَاع. وَمِنْهَا مَا قيل لم ذكر جمع الْقلَّة والعلامات أَكثر من الْعشْرَة فِي الْوَاقِع وَأجِيب بِأَنَّهُ جَازَ لِأَنَّهُ قد تستقرض الْقلَّة للكثرة وَبِالْعَكْسِ أَو لفقد جمع الْكَثْرَة للفظ الشَّرْط أَو لِأَن الْفرق بالقلة وَالْكَثْرَة إِنَّمَا هُوَ فِي النكرات لَا فِي المعارف. وَمِنْهَا مَا قيل كَيفَ أطلق الرب على غير الله تَعَالَى وَقد ورد النَّهْي عَنهُ بقوله عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام " وَلَا يقل أحدكُم رَبِّي وَليقل سَيِّدي ومولاي " وَأجِيب بِأَن هَذَا من بَاب التَّشْدِيد وَالْمُبَالغَة وَأَن الرَّسُول صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مَخْصُوص بِهِ. قلت الْمَمْنُوع إِطْلَاق الرب على غير الله تَعَالَى بِدُونِ الْإِضَافَة وَأما بِالْإِضَافَة فَلَا يمْنَع يُقَال رب الدَّار وَرب النَّاقة وَمِنْهَا مَا قيل من أَيْن أستفاد الْحصْر من قَوْله تَعَالَى {إِن الله عِنْده علم السَّاعَة} الْآيَة حَتَّى يُوَافق الْحصْر الَّذِي فِي الحَدِيث وَأجِيب من تَقْدِيم عِنْده وَأما بَيَان الْحصْر فِي إخواتها فَلَا يخفى على الْعَارِف بالقواعد وَمِنْهَا مَا قيل مَا وَجه الإنحصار فِي هَذِه الْخمس مَعَ أَن الْأُمُور الَّتِي لَا يعلمهَا إِلَّا الله كَثِيرَة أُجِيب بِأَنَّهُ إِمَّا لأَنهم كَانُوا سَأَلُوا الرَّسُول عَن هَذِه الْخمس فَنزلت الْآيَة جَوَابا لَهُم وَأما لِأَنَّهَا عَائِدَة إِلَى هَذِه الْخمس فَافْهَم وَمِنْهَا مَا قيل مَا النُّكْتَة فِي الْعُدُول عَن الْإِثْبَات إِلَى النَّفْي فِي قَوْله (وَمَا تَدْرِي نفس مَاذَا تكسب غَدا) وَكَذَا فِي التَّعْبِير بالدراية دون الْعلم وَأجِيب للْمُبَالَغَة والتعميم إِذا الدِّرَايَة اكْتِسَاب علم الشَّيْء بحيلة فَإِذا انْتَفَى ذَلِك عَن كل نفس مَعَ كَونه مُخْتَصًّا بهَا وَلم يَقع مِنْهُ على علم كَانَ عدم إطلاعه على علم غير ذَلِك من بَاب أولى وَمِنْهَا مَا قيل مَا الْحِكْمَة فِي سُؤال السَّاعَة حَيْثُ عرف جِبْرِيل عَلَيْهِ السَّلَام أَن وَقتهَا غير مَعْلُوم لخلق الله وَأجِيب بِأَن أَقَله التَّنْبِيه على أَنه لَا يطْمع أحد فِي التطلع إِلَيْهِ والفصل بَين مَا يُمكن مَعْرفَته وَمَا لَا يُمكن وَقد مر الْكَلَام فِيهِ عَن قريب وَمِنْهَا مَا قيل أَن جِبْرِيل عَلَيْهِ السَّلَام سَأَلَ فَقَط وَالنَّاس تعلمُوا الدّين من الْجَواب لَا مِنْهُ فَكيف قَالَ يعلم النَّاس بِإِسْنَاد التَّعْلِيم إِلَيْهِ وَأجِيب بِأَنَّهُ لكا كَانَ سَببا فِيهِ أطلق الْمعلم عَلَيْهِ أَو لما كَانَ غَرَضه التَّعْلِيم أطلق عَلَيْهِ

(قَالَ أَبُو عبد الله جعل ذَلِك كُله من الْإِيمَان)

أَبُو عبد الله هُوَ البُخَارِيّ قَوْله " جعل " أَي النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَأَشَارَ بذلك إِلَى مَا ذكر فِي الحَدِيث فَإِن قلت قَالَ

<<  <  ج: ص:  >  >>