للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

مَا أخرجه أَبُو اود من طَرِيق حَفْصَة بنت عبد الرَّحْمَن بن أبي بكر عَن أَبِيهَا: (أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: يَا عبد الرَّحْمَن، أرْدف أختك عَائِشَة، فأعمرها من التَّنْعِيم) الحَدِيث. قَوْله: (سَمِعت عمرا) إِنَّمَا قَالَ هَذَا لِأَن فِيهِ ثُبُوت السماع صَرِيحًا بِخِلَاف الَّذِي فِي السَّنَد الْمَذْكُور، لِأَنَّهُ مُعَنْعَن حَيْثُ قَالَ سُفْيَان: عَن عَمْرو، مَعَ أَن جَمِيع معنعنات البُخَارِيّ مَحْمُولَة على السماع. وَوَقع عِنْد الْحميدِي عَن سُفْيَان، حَدثنَا عَمْرو بن دِينَار، وَقَالَ سُفْيَان: هَذَا مِمَّا يعجب شُعْبَة، يَعْنِي التَّصْرِيح بالإخبار فِي جَمِيع الْإِسْنَاد.

ذكر مَا يُسْتَفَاد مِنْهُ فِيهِ: أَن الْمُعْتَمِر الْمَكِّيّ لَا بُد لَهُ من الْخُرُوج إِلَى الْحل ثمَّ يحرم مِنْهُ، وَإِنَّمَا عين التَّنْعِيم هُنَا دون الْمَوَاضِع الَّتِي خَارج الْحرم لِأَن التَّنْعِيم أقرب إِلَى الْحل من غَيرهَا. وَفِي (التَّوْضِيح) : ويجزىء أقل الْحل وَهُوَ التَّنْعِيم، وأفضله عندنَا الْجِعِرَّانَة، ثمَّ الْحُدَيْبِيَة. وَقَالَ الطَّحَاوِيّ: وَذهب قوم إِلَى أَن الْعمرَة لمن كَانَ بِمَكَّة لَا وَقت لَهَا غير التَّنْعِيم، وَجعلُوا التَّنْعِيم خَاصَّة وقتا لعمرة أهل مَكَّة. وَقَالُوا: لَا يَنْبَغِي لَهُم أَن يُجَاوِزُوهُ، كَمَا لَا يَنْبَغِي لغَيرهم أَن يجاوزوا ميقاتا وقته لَهُم رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، وَخَالفهُم فِي ذَلِك آخَرُونَ فَقَالُوا: الْوَقْت لأهل مَكَّة الَّذِي يحرمُونَ مِنْهُ بِالْعُمْرَةِ الحِلّ فَمن أَي الْحل أَحْرمُوا أجزاهم ذَلِك، والتنعيم وَغَيره عِنْدهم فِي ذَلِك سَوَاء، وَاحْتَجُّوا بِأَنَّهُ قد يجوز أَن يكون، صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، قصد إِلَى التَّنْعِيم فِي ذَلِك لقُرْبه لَا أَن غَيره لَا يجزىء، وَقد رُوِيَ من حَدِيث عَائِشَة أَنه، صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، قَالَ لعبد الرَّحْمَن: (إحمل أختك فأخرجها من الْحرم) . قَالَت: وَالله مَا ذكر الْجِعِرَّانَة وَلَا التَّنْعِيم، فَكَانَ أدنى مَا فِي الْحرم التَّنْعِيم، فَأَهْلَلْت بِعُمْرَة، فَأخْبرت أَنه صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لم يقْصد إلَاّ الْحل لَا موضعا معينا، وَقصد التَّنْعِيم لقُرْبه، فَثَبت أَن وَقت أهل مَكَّة لعمرتهم هُوَ الْحل، وَهُوَ قَول أبي حنيفَة وَأَصْحَابه وَالشَّافِعِيّ. وَمن ذَلِك: مَا اسْتدلَّ بِهِ على أَن أفضل جِهَات الْحل التَّنْعِيم، ورد بِأَن إِحْرَام عَائِشَة، رَضِي الله تَعَالَى عَنْهَا، من التَّنْعِيم إِنَّمَا وَقع لكَونه أقرب جِهَات الْحل إِلَى الْحرم، كَمَا ذكرنَا، لَا أَنه الْأَفْضَل. وَمن ذَلِك: جَوَاز الْخلْوَة بالمحارم سفرا أَو حضرا، وإرداف الْمحرم لمحرمه مَعَه. فَافْهَم.

٥٨٧١ - حدَّثنا محَمَّدُ بنُ المُثَنَّى قَالَ حدَّثنا عَبدُ الوَهَّابِ بنُ عَبْدِ المَجِيدِ عنْ حَبيبٍ المُعَلِّمِ عنْ عَطاءٍ قَالَ حدَّثني جابِرُ بنُ عَبْدِ الله رَضِي الله تَعَالَى عَنْهُمَا أنَّ النبيَّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أهَلَّ وأصْحَابُهُ بالحَجِّ ولَيْسَ مَعَ أحَدٍ مِنْهُمْ هَديٌ غيْرَ النبيِّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وطَلْحَةَ وكانَ عَلِيٌّ قَدِمَ مِنَ اليَمَنِ ومَعَهُ الهَدْيُ فَقالَ أهْلَلْتُ بِما أَهَلَّ بِهِ رسولُ الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وأنَّ النبيَّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أذِنَ لأِصْحَابِهِ أنْ يَجْعَلُوهَا عُمْرَةً يَطُوفُوا بِالْبَيْتِ ثُمَّ يُقَصِّرُوا ويَحِلُّوا إلَاّ مَنْ مَعَهُ الْهَدْيِ فقَالُوا نَنْطَلِقُ إِلَى مِنىً وذَكَرُ أحَدِنا يَقْطُرُ فبَلَغَ النبيَّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فقالَ لَوِ اسْتَقْبَلْتُ مِنْ أمْرِي مَا اسْتَدْبَرْتُ مَا أهْدَيْتُ ولَوْلَا أنَّ مَعِي الْهَدْيَ لأَحْلَلْتُ وأنَّ عائِشَةَ حاضَتْ فَنَسَكَتْ المَنَاسِكَ كُلَّهَا غَيْرَ أنَّهَا لَمْ تَطُفْ بِالبَيْتِ قَالَ فَلَمَّا طهُرَتْ وطافَتْ قالَتْ يَا رَسُولَ الله أتَنْطَلِقُونَ بِعُمْرَةٍ وحَجَّةٍ وأنْطَلِقُ بِالحَجِّ فأمَرَ عَبْدَ الرَّحْمانِ بنَ أبِي بَكْرٍ أنْ يَخْرُجَ مَعَهَا إلَى التَّنْعِيمِ فاعْتَمَرَتْ بَعْدَ الحَجِّ فِي ذِي الحَجَّةِ وأنَّ سُرَاقَةَ بنَ مَالِكٍ بنِ جُعْشُمٍ لَقِيَ النبيَّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وهْوَ بالعَقَبةِ وهْوَ يَرْمِيهَا فَقَالَ ألَكُمْ هاذِهِ خَاصَّةً يَا رسولَ الله قَالَ لَا بَلْ لِلأبَدِ..

مطابقته للتَّرْجَمَة فِي قَوْله: (فَأمر عبد الله بن أبي بكر أَن يخرج مَعهَا إِلَى التَّنْعِيم) ، وَرِجَاله قد ذكرُوا غير مرّة، وَعَطَاء هُوَ ابْن أبي رَبَاح الْمَكِّيّ.

والْحَدِيث أخرجه البُخَارِيّ أَيْضا فِي التَّمَنِّي عَن الْحسن بن عمر هُوَ ابْن شَقِيق عَن يزِيد بن زُرَيْع عَن عَطاء، وَأخرجه أَبُو دَاوُد فِي الْحَج أَيْضا عَن أَحْمد بن حَنْبَل عَن عبد الْوَهَّاب الثَّقَفِيّ بِهِ.

قَوْله: (وَطَلْحَة) هُوَ ابْن عبيد الله بن عُثْمَان التَّيْمِيّ الْقرشِي الْمدنِي أَبُو مُحَمَّد، أحد الْمَشْهُود لَهُم بِالْجنَّةِ، وَهُوَ عطف على النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، أَي: وَغير طَلْحَة، وَالْحَاصِل أَنه لم يكن هدي إلَاّ مَعَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَمَعَ طَلْحَة فَقَط، فَإِن قلت: مَا تَقول فِيمَا رَوَاهُ أَحْمد وَمُسلم وَغَيرهمَا

<<  <  ج: ص:  >  >>