للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

مرّة. الْخَامِس: عبيد الله بن عبد الله، بتصغير الابْن وتكبير الْأَب، ابْن عتبَة بن مَسْعُود، أحد الْفُقَهَاء السَّبْعَة بِالْمَدِينَةِ وَقد مر ذكره. السَّادِس: عبد الله بن عَبَّاس.

ذكر لطائف إِسْنَاده: مِنْهَا: أَن فِيهِ التحديث والإخبار والعنعنة. وَمِنْهَا: أَن رُوَاته مدنيون. وَمِنْهَا: أَن فِيهِ ثَلَاثَة من التَّابِعين. وَمِنْهَا: أَن بَينه وَبَين الزُّهْرِيّ هَهُنَا ثَلَاثَة أنفس. وَفِي الحَدِيث الْمُتَقَدّم الَّذِي فِيهِ قصَّة هِرقل شَيْخَانِ هما: أَبُو الْيَمَان الحكم بن نَافِع وَشُعَيْب بن أبي حَمْزَة.

ثمَّ أعلم أَنا قد اسْتَوْفَيْنَا الْكَلَام فِي هَذَا الحَدِيث فِي أول الْكتاب، غير أَن فِيهِ هَهُنَا بعض التغييرات فِي الْأَلْفَاظ نشِير إِلَيْهَا. فَنَقُول قَوْله: (هَل يزِيدُونَ) وَقع هُنَا: (أيزيدون) ، بِالْهَمْزَةِ وَكَانَ الْقيَاس بِالْهَمْزَةِ، لِأَن: أم، الْمُتَّصِلَة مستلزمة للهمزة، وَلَكِن نقُول: إِن: أم، هَهُنَا مُنْقَطِعَة لَا مُتَّصِلَة، تَقْدِيره: بل ينقصُونَ حَتَّى يكون إضرابا عَن سُؤال الزِّيَادَة، واستفهاما عَن النُّقْصَان، وَلَئِن سلمنَا أَنَّهَا مُتَّصِلَة لَكِنَّهَا لَا تَسْتَلْزِم الْهمزَة بل الِاسْتِفْهَام، قَالَ الزَّمَخْشَرِيّ: أم، لَا تقع إلَاّ فِي الِاسْتِفْهَام إِذا كَانَت مُتَّصِلَة، فَهُوَ أَعم من الْهمزَة، فَإِن قيل: شَرط بعض النُّحَاة وُقُوع الْمُتَّصِلَة بَين الإسمين. قلت: قد صَرَّحُوا أَيْضا بِأَنَّهَا لَو وَقعت بَين الْفِعْلَيْنِ جَازَ اتصالها، لَكِن بِشَرْط أَن يكون فَاعل الْفِعْلَيْنِ متحدا كَمَا فِي مَسْأَلَتنَا. فَإِن قلت: الْمَعْنى على تَقْدِير الِاتِّصَال غير صَحِيح، لِأَن: هَل، لطلب الْوُجُود، و: أم: الْمُتَّصِلَة لطلب التَّعْيِين، سِيمَا فِي هَذَا الْمقَام فَإِنَّهُ ظَاهر أَنه للتعيين. قلت: يجب حمل مطلب: هَل، على أَعم مِنْهُ تَصْحِيحا للمعنى، وتطبيقا بَينه وَبَين الرِّوَايَة الْمُتَقَدّمَة فِي أول الْكتاب. قَوْله: (فَزَعَمت) ، وَفِيمَا مضى: (فَذكرت) . قَوْله: (وَكَذَلِكَ أَمر الْإِيمَان) وَفِيمَا مضى: (وَكَذَلِكَ الْإِيمَان) . قَوْله: (هَل يرْتَد) ، وَفِيمَا مضى: (أيرتد) . قَوْله: (فَزَعَمت) وَفِيمَا مضى: (فَذكرت) . قَوْله: (لَا يسخطه أحد) ، لم يذكر فِيمَا مضى.

٣٩ - (بابُ فَضْلِ مَنِ اسْتَبْرأَ لِدِينِهِ)

الْكَلَام فِيهِ على أَنْوَاع. الأول: أَن قَوْله: بَاب، مَرْفُوع مُضَاف تَقْدِيره: هَذَا بَاب فضل من اسْتَبْرَأَ، وَكلمَة: من، مَوْصُولَة، و: اسْتَبْرَأَ، جملَة من الْفِعْل وَالْفَاعِل، وَهُوَ الضَّمِير الْمُسْتَتر فِيهِ الرَّاجِع إِلَى: من، صلَة للموصولة. و: اسْتَبْرَأَ، استفعل، أَي: طلب الْبَرَاءَة لدينِهِ من الذَّم الشَّرْعِيّ، أَي: طلب الْبَرَاءَة من الْإِثْم. يُقَال: بَرِئت من الدُّيُون والعيوب، وبرئت مِنْك بَرَاءَة، وبرئت من الْمَرَض بُرأ، بِالضَّمِّ، وَأهل الْحجاز يَقُولُونَ: برأت من الْمَرَض برأَ، بِالْفَتْح، وَيَقُول كلهم فِي الْمُسْتَقْبل: يبرأ بِالْفَتْح، وبرأ الله الْخلق برأَ أَيْضا، بِالْفَتْح، وَهُوَ البارىء. وَفِي (الْعباب) : والتركيب يدل على التباعد عَن الشَّيْء ومزايلته، وعَلى الْخلق. قَوْله: (لدينِهِ) أَي لأجل دينه. النَّوْع الثَّانِي: وَجه الْمُنَاسبَة بَين الْبَابَيْنِ من حَيْثُ إِن الْمَذْكُور فِي الْبَاب الأول بَيَان الْإِيمَان وَالْإِسْلَام وَالْإِحْسَان، وَإِن ذَلِك كُله دين، وَالْمَذْكُور هَهُنَا الِاسْتِبْرَاء للدّين الَّذِي يَشْمَل الْإِيمَان وَالْإِحْسَان، وَلَا شكّ أَن الِاسْتِبْرَاء للدّين من الدّين. النَّوْع الثَّالِث: وَجه التَّرْجَمَة وَهُوَ أَنه لما أَرَادَ أَن يذكر حَدِيث النُّعْمَان بن بشير، رَضِي الله عَنهُ، عقيب حَدِيث أبي هُرَيْرَة، رَضِي الله عَنهُ، للمناسبة الَّتِي ذَكرنَاهَا، عقد لَهُ بَابا. وَترْجم لَهُ بقوله: فضل من اسْتَبْرَأَ لدينِهِ، وَعين هَذَا اللَّفْظ لعمومه واشتماله سَائِر أَلْفَاظ الحَدِيث، وَإِنَّمَا لم يقل: اسْتَبْرَأَ لعرضه وَدينه، اكْتِفَاء بقوله: دينه، لِأَن الِاسْتِبْرَاء للدّين لَازم للاستبراء للعرض لِأَن الِاسْتِبْرَاء للعرض لأجل الْمُرُوءَة فِي صون عرضه، وَذَلِكَ من الْحيَاء، وَالْحيَاء من الْإِيمَان، فالاستبراء للعرض أَيْضا من الْإِيمَان.

٥٢ - حدّثنا أبُو نَعِيْمٍ حدّثنا زَكَرياءُ عَن عامِرٍ قَالَ سَمِعْتُ النُّعمْانَ بنَ بَشِيرٍ يقولُ سَمِعْتُ رسولُ اللَّهِ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يقولُ الحَلالُ بَيِّنٌ والحَرامُ بَيِّنٌ وَبيْنِهما مُشَبَّهَاتٌ لَا يَعْلَمُها كَثِيرٌ مِنَ النَّاسِ فَمَنِ اتَّقَى المُشَبَّهَات اسْتَبْرَأَ لِدِينِهِ وعِرْضهِ ومَنْ وَقَعَ فِي الشُّبُهَاتِ كَرَاعِي يَرْعَى حَولَ الحِمى يُوشِكُ أَن يُواقِعَهُ أَلا وإنّ لِكُلِّ مَلِكٍ حِمًى أَلا إنّ حِمَى اللَّهِ فِي أرْضِهِ مَحَارِمُهُ أَلا وإنّ فِي الجَسَدِ مُضْغَةً إِذا صَلَحَتْ صَلَحَ الجَسدُ كُلُّهُ وَإِذا فَسَدَتْ فَسَدَ الجَسَدُ كُلُّهُ أَلا وهْيَ القَلبُ.

(الحَدِيث ٢٥ طرفه فِي: ٢٠٥١) .

مُطَابقَة الحَدِيث للتَّرْجَمَة ظَاهِرَة، وَهُوَ أَنه أَخذ جزأ مِنْهُ وَترْجم بِهِ كَمَا ذكرنَا.

بَيَان رِجَاله: وهم أَرْبَعَة: الأول:

<<  <  ج: ص:  >  >>