للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

{وجعلكم ملوكا} (آل عمرَان: ٠٢) . قَالَ: من كَانَ لَهُ دَار وخادم فَهُوَ دَاخل فِي معنى الْآيَة. وَقد أخبر الله تَعَالَى بلطف مَحل الْأزْوَاج من أَزوَاجهنَّ بقوله: {وَجعل بَيْنكُم مَوَدَّة وَرَحْمَة} (الرّوم: ١٢) . فَقيل: الْمَوَدَّة الْجِمَاع وَالرَّحْمَة الْوَلَد. فَإِن قلت: روى وَكِيع عَن مَالك عَن سمي عَن أبي صَالح عَن أبي هُرَيْرَة، قَالَ رَسُول الله، صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: (لَو يعلم النَّاس مَا لمسافر لأصبحوا على الظّهْر سفرا، إِن الله لينْظر إِلَى الْغَرِيب فِي كل يَوْم مرَّتَيْنِ) . وَفِي حَدِيث ابْن عَبَّاس وَابْن عمر، رَضِي الله تَعَالَى عَنْهُم، مَرْفُوعا: (سافروا تغنموا) . وَفِي رِوَايَة: (تُرْزَقُوا) . ويروى: (سافروا تصحوا) . فَهَذَا معَارض لحَدِيث الْبَاب. قلت: حَدِيث أبي هُرَيْرَة، قَالَ أَبُو عمر: هَذَا حَدِيث غَرِيب لَا أصل لَهُ من حَدِيث مَالك وَلَا غَيره. وَأما حَدِيث ابْن عَبَّاس وَابْن عمر فقد قَالَ ابْن بطال: لَا تعَارض بَينه وَبَين حَدِيث الْبَاب، لِأَنَّهُ لَا يلْزم من الصِّحَّة بِالسَّفرِ لما فِيهِ من الرياضة أَن لَا يكون قِطْعَة من الْعَذَاب لما فِيهِ من الْمَشَقَّة فَصَارَ كالدواء المر المعقب للصِّحَّة، وَإِن كَانَ فِي تنَاوله الْكَرَاهَة.

واستنبط مِنْهُ الْخطابِيّ: تغريب الزَّانِي لِأَنَّهُ قد أَمر بتعذيبه، وَالسّفر من جملَة الْعَذَاب، وَفِيه مَا فِيهِ على مَا لَا يخفى.

٠٢ - (بابُ المُسَافِرِ إذَا جَدَّ بِهِ السَّيْرُ يُعَجِّلُ إلَى أهْلِهِ)

أَي: هَذَا بَاب يذكر فِيهِ الْمُسَافِر إِذا جد بِهِ السّير أَي: إِذا اهتم بِهِ وأسرع فِيهِ، يُقَال: جد يجد من بَاب نصر ينصر، وجد يجد من بَاب ضرب يضْرب. قَوْله: (يعجل إِلَى أَهله) جَوَاب: إِذا، وَفِي رِوَايَة الْكشميهني والنسفي: (ويعجل إِلَى أَهله) . بِالْوَاو، وَالْجَوَاب حِينَئِذٍ مَحْذُوف، تَقْدِيره: مَاذَا يصنع؟ ويعجل، بِضَم الْيَاء من: بَاب التَّعْجِيل، ويروى: (تعجل) ، بِفَتْح التَّاء الْمُثَنَّاة من فَوق من بَاب التعجل.

٣٨١ - (حَدثنَا سعيد بن أبي مَرْيَم قَالَ أخبرنَا مُحَمَّد بن جَعْفَر قَالَ أَخْبرنِي زيد بن أسلم عَن أَبِيه قَالَ كنت مَعَ عبد الله بن عمر رَضِي الله عَنْهُمَا بطرِيق مَكَّة فَبَلغهُ عَن صَفِيَّة بنت أبي عبيد شدَّة وجع فأسرع السّير حَتَّى إِذا كَانَ بعد غرُوب الشَّفق نزل فصلى الْمغرب وَالْعَتَمَة جمع يبنهما ثمَّ قَالَ إِنِّي رَأَيْت النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - إِذا جد بِهِ السّير أخر الْمغرب وَجمع بَينهمَا) مطابقته للتَّرْجَمَة ظَاهِرَة وَقد مضى هَذَا الحَدِيث فِي أَبْوَاب تَقْصِير الصَّلَاة فِي بَاب يُصَلِّي الْمغرب ثَلَاثًا فِي السّفر وَقد مر الْكَلَام فِيهِ مستقصى وَصفِيَّة بنت أبي عبيد الثقفية زَوْجَة عبد الله بن عمر رَضِي الله تَعَالَى عَنْهُمَا وَكَانَت من الصَّالِحَات العابدات توفيت فِي حَيَاة عبد الله بن عَمْرو وَأَبُو عبيد بن مَسْعُود بن عَمْرو بن عُمَيْر بن عَوْف بن عُبَيْدَة بن غيرَة بن عَوْف بن ثَقِيف الثَّقَفِيّ وَذكر أَبُو عمر أَبَا عبيد هَذَا من الصَّحَابَة وَقَالَ الذَّهَبِيّ أَبُو عبيد بن مَسْعُود الثَّقَفِيّ وَالِد الْمُخْتَار الْكذَّاب وَصفِيَّة أسلم فِي عهد رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - وَأمره عمر رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ على جَيش كثيف وَقَالَ لَا يبعد أَن يكون لَهُ رُؤْيَة وَكَانَ شَابًّا شجاعا خَبِيرا بِالْحَرْبِ والمكيدة مَاتَ فِي وقْعَة جسر الَّذِي يُسمى جسر أبي عبيد وَكَانَ اجْتمع جَيش كثير من الْفرس وَمَعَهُمْ أفيلة كَثِيرَة وَأمر أَبُو عبيد الْمُسلمين أَن يقتلُوا الفيلة أَولا فاحتوشوها فَقَتَلُوهَا عَن آخرهَا وَقد قدمت الْفرس بَين أَيْديهم فيلا أَبيض عَظِيما فَقدم إِلَيْهِ أَبُو عبيد فَضَربهُ بِالسَّيْفِ فَقطع زلومه فَحمل الْفِيل وَحمل عَلَيْهِ فتخبطه بِرجلِهِ فَقتله ووقف فَوْقه وَكَانَ ذَلِك فِي سنة ثَلَاث عشرَة من الْهِجْرَة وَابْنه الْمُخْتَار ولد عَام الْهِجْرَة وَلَيْسَت لَهُ صُحْبَة وَلَا رِوَايَة حَدِيث وَكَانَ مَعَ أَبِيه يَوْم الجسر وَكَانَ خارجيا ثمَّ صَار زيد يَأْثَم صَار شِيعِيًّا وَكَانَ ممخرقا ابتدع أَشْيَاء كَانَ يزْعم أَن جِبْرِيل عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام يَأْتِيهِ بِالْوَحْي وَكَانَ قد وَقع بَينه وَبَين مُصعب بن الزبير حروب فآخر الْأَمر قَتَلُوهُ وجاؤا بِرَأْسِهِ إِلَى مُصعب رَضِي الله عَنهُ وَذَلِكَ فِي سنة سبع وَسِتِّينَ من الْهِجْرَة -

<<  <  ج: ص:  >  >>