للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

فَقتل حمَار وَحش، فَنزلت فِيهِ: {لَا تقتلُوا الصَّيْد وَأَنْتُم حرم} (الْمَائِدَة: ٥٩) . وَقَالَ ابْن إِسْحَاق ومُوسَى بن عقبَة والواقدي، وَآخَرُونَ: نزلت فِي كَعْب بن عَمْرو وَكَانَ محرما فِي عَام الْحُدَيْبِيَة، فَقتل حمَار وَحش.

النَّوْع الثَّانِي: فِي الْمَعْنى وَالْإِعْرَاب: قَوْله: {وَأَنْتُم حرم} (الْمَائِدَة: ٥٩) . جملَة إسمية وَقعت حَالا، وَالْحرم جمع حرَام كردح جمع رداح، يُقَال رجل حرَام وَامْرَأَة حرَام. {مُتَعَمدا} نصب على الْحَال، والتعمد أَن يقْتله وَهُوَ ذَاكر لإحرامه، وعالم بِأَن مَا يقْتله مِمَّا حرم عَلَيْهِ قَتله. قَوْله: {فجزاء مثل مَا قتل} بِرَفْع: جَزَاء، وَمثل، جَمِيعًا بِمَعْنى: فعيله جَزَاء يماثل مَا قتل من الصَّيْد، وَقَرَأَ بَعضهم بِالْإِضَافَة أَعنِي بِإِضَافَة جَزَاء إِلَى قَوْله: {مثل} وَحكى ابْن جرير عَن ابْن مَسْعُود أَنه قَرَأَهَا: {فَجَزَاؤُهُ مثل مَا قتل} وَقَالَ الزَّمَخْشَرِيّ: وقرىء على الْإِضَافَة، وَأَصله: فجزاء مثل مَا قتل، بِنصب: مثلى، بِمَعْنى: فَعَلَيهِ أَن يجزىء مثل مَا قتل، ثمَّ أضيف كَمَا تَقول: عجبت من ضرب زيد، أَثم من ضرب زيد؟ وَقَرَأَ السّلمِيّ على الأَصْل، وَقَرَأَ مُحَمَّد بن مقَاتل، فجزاء مثل مَا قتل بنصبهما بِمَعْنى فليجز جَزَاء مثل مَا قتل. قَوْله: {من النعم} ، وَهِي الْإِبِل وَالْبَقر وَالْغنم، فَإِن انْفَرَدت الْإِبِل وَحدهَا قيل لَهَا: نعم، قَالَ الْفراء:: هُوَ ذكر لَا يؤنث. وَقَرَأَ الْحسن: {من النعم} بِسُكُون الْعين استثقل الْحَرَكَة على حرف الْحلق فسكنه. قَوْله: يحكم بِهِ أَي بِالْمثلِ قَوْله ذُو عدل يَعْنِي حكمان عادلان من الْمُسلمين وذوا تَشْبِيه ذومعنى صَاحب قَوْله {هَديا} ، حَال عَن جَزَاء فِيمَن وَصفه بِمثل، لِأَن الصّفة خصصته فقربته من الْمعرفَة، أَو بدل عَن مثل فِيمَن نَصبه، أَو عَن مجله فِيمَن جَرّه، وَيجوز أَن ينْتَصب حَالا من الضَّمِير فِي: بِهِ، وَالْهَدْي: مَا يهدي إِلَى الْحرم من النعم. قَوْله: {بَالغ الْكَعْبَة} صفة لهديا، وَلَا يمْنَع من ذَلِك، لِأَن إِضَافَته غير حَقِيقِيَّة، وَمعنى: بُلُوغه الْكَعْبَة أَن يذبح بِالْحرم. قَوْله: {أَو كَفَّارَة} ، عطف على: {فجزاء} أَي: فَعَلَيهِ كَفَّارَة، وارتفاعه فِي الأَصْل على الِابْتِدَاء وَخَبره مقدما مُقَدّر، قَوْله: {طَعَام مَسَاكِين} مَرْفُوع على أَنه خبر مُبْتَدأ مَحْذُوف، أَي: هِيَ طَعَام مَسَاكِين، وَيجوز أَن يكون بَدَلا من كَفَّارَة، أَو عطف بَيَان وقرىء: {كَفَّارَة طَعَام مَسَاكِين} بِالْإِضَافَة كَأَنَّهُ قيل: أَو كَفَّارَة من طَعَام مَسَاكِين، كَقَوْلِك: خَاتم فضَّة، وَقَرَأَ الْأَعْرَج: {أَو كَفَّارَة طَعَام مَسَاكِين} بِالْإِضَافَة كَأَنَّهُ قيل: أَو كَفَّارَة من طَعَام مَسَاكِين، كَقَوْلِك: خَاتم فضَّة، وَقَرَأَ الْأَعْرَج: {أَو كَفَّارَة طَعَام مِسْكين} ، بِالْإِفْرَادِ لِأَنَّهُ وَاحِد، دَال على الْجِنْس. قَوْله: {أَو عدل ذَلِك} عطف على مَا قبله، وقرىء (أَو عدل ذَلِك) ، بِكَسْر الْعين، وَالْفرق بَينهمَا أَن عدل الشَّيْء بِالْفَتْح مَا عادله من غير جنسه: كَالصَّوْمِ وَالْإِطْعَام، وعدله بِالْكَسْرِ مَا عدل بِهِ فِي الْمِقْدَار، وَمِنْه: عدلا الْحمل لِأَن كل وَاحِد مِنْهُمَا عدل بِالْآخرِ حَتَّى اعتدلا، كَأَن المفتوح تَسْمِيَة بِالْمَصْدَرِ والمكسور بِمَعْنى الْمَفْعُول بِهِ، كالذبح، وَنَحْوهمَا الْحمل وَالْحمل. قَوْله: {ذَلِك} إِشَارَة إِلَى الطَّعَام. قَوْله: {صياما} نصب على التَّمْيِيز للعدل، كَقَوْلِك: لي مثله رجلا، قَوْله: {ليذوق وبال أمره} اللَّام تتَعَلَّق بقوله: {فجزاء} أَي: فَعَلَيهِ أَن يجازي أَو يكفر ليذوق سوق عَاقِبَة هتكه لحُرْمَة الْإِحْرَام، والوبال الضَّرَر وَالْمَكْرُوه الَّذِي ينَال فِي الْعَاقِبَة من عمل سوء لثقله عَلَيْهِ، قَوْله: {عَفا الله عَمَّا سلف} أَي عَمَّا سلف لكم من الصَّيْد فِي حَال الْإِحْرَام قبل أَن تراجعوا رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وتسألوه عَن جَوَازه وَقيل: {عَفا الله عَمَّا سلف} فِي زمَان الْجَاهِلِيَّة لمن أحسن فِي الْإِسْلَام وَاتبع شرع الله وَلم يرتكب الْمعْصِيَة. قَوْله: {وَمن عَاد} أَي: إِلَى قتل الصَّيْد وَهُوَ محرم بعد نزُول النَّهْي عَنهُ، فينتقم الله مِنْهُ. قَوْله: {فينتقم} خبر مُبْتَدأ مَحْذُوف تَقْدِيره: فَهُوَ ينْتَقم الله مِنْهُ، فَلذَلِك دخلت الْفَاء، وَنَحْوه: {فَمن يُؤمن بربه فَلَا يخَاف} (الْجِنّ: ٣١) . يَعْنِي: ينْتَقم مِنْهُ فِي الْآخِرَة. وَقَالَ ابْن جريج: (قلت لعطاء: مَا عَفا الله عَمَّا سلف؟ قَالَ: عَمَّا كَانَ فِي الْجَاهِلِيَّة. قَالَ: قلت: وَمن عَاد فينتقم الله مِنْهُ؟ قَالَ: وَمن عَاد فِي الْإِسْلَام فينتقم مِنْهُ، وَعَلِيهِ مَعَ ذَلِك الْكَفَّارَة، قَالَ: قلت: فَهَل للعود من حد تعلمه؟ قَالَ: لَا، قلت: ترى حَقًا على الإِمَام أَن يُعَاقِبهُ؟ قَالَ: لَا، هُوَ ذَنْب أذنبه فِيمَا بَينه وَبَين الله عز وَجل، وَلَكِن يفتدي) رَوَاهُ ابْن جرير، وَقيل: مَعْنَاهُ. فينتقم الله مِنْهُ بِالْكَفَّارَةِ، وَقَالَ سعيد بن جُبَير وَعَطَاء قَوْله: {وَالله عَزِيز ذُو انتقام} يَعْنِي) ذُو معاقبة لمن عَصَاهُ، على مَعْصِيَته إِيَّاه. قَوْله: {أحل لكم} أَي: أحل الْمَأْكُول مِنْهُ وَهُوَ السّمك. وَحده عِنْد أبي حنيفَة وَعند ابْن أبي ليلى: جَمِيع مَا يصاد فِيهِ، وَعَن ابْن عَبَّاس فِي رِوَايَة، وَسَعِيد بن الْمسيب وَسَعِيد بن جُبَير فِي قَوْله: {أحل لكم صيد الْبَحْر} مَا يصاد مِنْهُ طريا، وَطَعَامه مَا يتزود مِنْهُ ملحا يَابسا. وَعَن ابْن عَبَّاس فِي الْمَشْهُور عَنهُ: صَيْده: مَا أَخذ مِنْهُ حَيا، و: طَعَامه: مَا لَفظه مَيتا. وَهَكَذَا رُوِيَ عَن أبي بكر الصّديق، وَزيد بن ثَابت وَعبد الله بن عمر وَأبي أَيُّوب الْأنْصَارِيّ، رَضِي الله تَعَالَى عَنْهُم، وَعِكْرِمَة وَأبي سَلمَة بن عبد الرَّحْمَن، وَإِبْرَاهِيم النَّخعِيّ وَالْحسن الْبَصْرِيّ، وَقَالَ سُفْيَان ابْن عُيَيْنَة: عَن عَمْرو بن دِينَار، عَن عِكْرِمَة عَن أبي بكر الصّديق، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ، أَنه قَالَ: طَعَامه كل مَا فِيهِ، رَوَاهُ ابْن

<<  <  ج: ص:  >  >>