للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

ترخص " ارْتِفَاع أحد بِفعل مُضْمر يفسره مَا بعده وَتَقْدِيره فَإِن ترخص أحد وَقَوله " ترخص " على وزن تفعل من الرُّخْصَة وَفِي رِوَايَة ابْن أبي ذِئْب عِنْد أَحْمد " فَإِن ترخص مترخص " وَهُوَ الْمُتَكَلف للرخصة قَوْله " لقِتَال رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - " يتَعَلَّق بقوله " ترخص " أَي لأجل قتال رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فِيهَا يَعْنِي لَا يَقُول أَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قتل وَأَنا أَيْضا أقتل فَإِذا قَالَ كَذَلِك فَقولُوا لَهُ أَن الله أذن لرَسُوله وَلم يَأْذَن لَك قَوْله " وَإِنَّمَا أذن لي " بِفَتْح الْهمزَة وَكسر الذَّال على بِنَاء الْفَاعِل وَالضَّمِير فِيهِ يرجع إِلَى الله ويروى بِضَم الْهمزَة على الْبناء للْمَجْهُول قَوْله " سَاعَة من نَهَار " قد مضى فِي كتاب الْعلم أَن مِقْدَار هَذِه السَّاعَة مَا بَين طُلُوع الشَّمْس وَصَلَاة الْعَصْر وَكَانَ قتل من قتل بِإِذن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - كَابْن خطل وَقع فِي هَذَا الْوَقْت الَّذِي أُبِيح فِيهِ الْقِتَال للنَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - وَلَا يحمل الحَدِيث على ظَاهره حَتَّى يحْتَاج إِلَى الْجَواب عَن قصَّة ابْن خطل قَوْله " الْيَوْم " المُرَاد بِهِ الزَّمن الْحَاضِر يَعْنِي عَادَتْ حرمتهَا كَمَا كَانَت بالْأَمْس حَرَامًا إِلَى يَوْم الْقِيَامَة وَلم يبين غَايَة الْحُرْمَة هُنَا وَبَينهَا فِي حَدِيث ابْن عَبَّاس الَّذِي يَأْتِي بعد بَاب بقوله " فَهُوَ حرَام بِحرْمَة الله تَعَالَى إِلَى يَوْم الْقِيَامَة " قَوْله " فَقيل لأبي شُرَيْح " لم يدر هَذَا الْقَائِل لأبي شُرَيْح الْمَذْكُور من هُوَ وَفِي رِوَايَة ابْن إِسْحَق أَنه بعض قومه من خُزَاعَة قَوْله " مَا قَالَ لَك عَمْرو " وَهُوَ عَمْرو بن سعيد الْمَذْكُور فِي السَّنَد قَوْله " قَالَ أَنا أعلم " أَي قَالَ عَمْرو بن سعيد أَنا أعلم بذلك أَي بالمذكور من قَول أبي شُرَيْح أَن مَكَّة حرمهَا الله تَعَالَى إِلَى قَوْله فَقيل لأبي شُرَيْح وَالْعجب من عَمْرو بن سعيد حَيْثُ سَاق الحكم مساق الدَّلِيل وخصص الْعُمُوم بِلَا دَلِيل قَوْله " لَا يعيذ " بِالذَّالِ الْمُعْجَمَة أَي لَا يجير عَاصِيا وَلَا يعصمه قَوْله " وَلَا فَارًّا " بِالْفَاءِ من الْفِرَار وَهُوَ الهروب وَالْمرَاد من وَجب عَلَيْهِ الْحَد لقَتله ثمَّ هرب إِلَى مَكَّة مستجيرا بِالْحرم قَوْله " بخربة " بِضَم الْخَاء الْمُعْجَمَة وَفتحهَا وَسُكُون الرَّاء وَفتح الْبَاء الْمُوَحدَة وَفِي الْمُحكم الخربة يَعْنِي بِالْفَتْح والخربة يَعْنِي بِالضَّمِّ والخرب والخرب الْفساد فِي الدّين والخربة الذلة يُقَال مَا لفُلَان خربة قَالَ أَبُو الْمعَانِي الخارب اللص والخرابة اللصوصية وَقَالَ الْأَصْمَعِي الخارب سَارِق الْبَعِير خَاصَّة وَالْجمع خراب وَخرب فلَان بِإِبِل فلَان يخرب خرابة مثل كتب يكْتب كِتَابَة والخربة الفعلة مِنْهُ وَقَالَ اللحياني خرب فلَان بِإِبِل فلَان يخرب بهَا خربا وخروبا وخرابا وخرابا أَي سَرَقهَا كَذَا حَكَاهُ مُتَعَدِّيا بِالْبَاء وَقَالَ مرّة خرب فلَان أَي صَار لصا وَأَشَارَ ابْن الْعَرَبِيّ إِلَى ضَبطه بِكَسْر الْخَاء الْمُعْجَمَة وَسُكُون الزَّاي بدل الرَّاء وبالياء آخر الْحُرُوف بدل الْبَاء الْمُوَحدَة قيل الْمَعْنى صَحِيح وَلَكِن لَا تساعده على ذَلِك الرِّوَايَة (قلت) لم يظْهر لي صِحَة الْمَعْنى مَعَ عدم الرِّوَايَة وَحكى الْكرْمَانِي جِزْيَة بِكَسْر الْجِيم وَسُكُون الزَّاي وَهُوَ أَيْضا بعيد قَوْله " قَالَ أَبُو عبد الله " هُوَ البُخَارِيّ نَفسه فسر الخربة بقوله " بلية " قَالَ بَعضهم هُوَ تَفْسِير من الرَّاوِي ثمَّ قَالَ وَالظَّاهِر أَنه المُصَنّف " قلت " صرح بقوله " قَالَ أَبُو عبد الله " وَلم يبْق وَجه أَن يُقَال تَفْسِير من الرَّاوِي على الْإِبْهَام وَمن الْفَوَائِد هُنَا أَن تعلم أَن من عد كَلَام عَمْرو بن سعيد الْمَذْكُور حَدِيثا وَاحْتج بِمَا تضمنه كَلَامه فقد وهم وهما فَاحِشا وَعَن هَذَا قَالَ ابْن حزم لَا كَرَامَة للطيم الشَّيْطَان أَن يكون أعلم من صَاحب رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - (قلت) أَرَادَ من لطيم الشَّيْطَان هُوَ عَمْرو بن سعيد فَإِنَّهُ كَانَ يلقب بِهِ وَأَرَادَ بِصَاحِب رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - هُوَ أَبُو شُرَيْح الْعَدوي الْمَذْكُور فِيهِ (فَإِن قلت) قَالَ ابْن بطال سكُوت أبي شُرَيْح عَن جَوَاب عَمْرو بن سعيد يدل على أَنه رَجَعَ إِلَيْهِ فِي التَّفْصِيل الْمَذْكُور (قلت) يرد هَذَا مَا رَوَاهُ أَحْمد فِي مُسْنده أَنه قَالَ فِي آخِره " قَالَ أَبُو شُرَيْح فَقلت لعَمْرو قد كنت شَاهدا وَكنت غَائِبا وَقد أمرنَا أَن يبلغ شاهدنا غائبنا وَقد بلغتك " فَهَذَا يُنَادي بِأَعْلَى صَوته أَنه لم يُوَافقهُ وَإِنَّمَا ترك المشافهة مَعَه لعَجزه عَنهُ لأجل شوكته وَقَالَ ابْن بطال أَيْضا لَيْسَ قَول عَمْرو جَوَابا لأبي شُرَيْح لِأَنَّهُ لم يخْتَلف مَعَه أَن من أصَاب حدا فِي غير الْحرم ثمَّ لَجأ إِلَيْهِ أَنه يجوز إِقَامَة الْحَد عَلَيْهِ فِي الْحرم فَإِن أَبَا شُرَيْح أنكر بعث عمر والجيش إِلَى مَكَّة وَنصب الْحَرْب عَلَيْهَا فَأحْسن فِي استدلاله بِالْحَدِيثِ وحاد عَمْرو عَن جَوَابه وأجابه عَن غير سُؤَاله وَاعْترض الطَّيِّبِيّ عَلَيْهِ بِأَنَّهُ لم يحد فِي جَوَابه وَإِنَّمَا أجَاب بِمَا يَقْتَضِيهِ القَوْل بِالْمُوجبِ كَأَنَّهُ قَالَ لَهُ صَحَّ سماعك وحفظك لَكِن الْمَعْنى المُرَاد بِالْحَدِيثِ الَّذِي ذكرته خلاف مَا فهمته مِنْهُ قَالَ فَإِن ذَلِك التَّرَخُّص كَانَ بِسَبَب الْفَتْح وَلَيْسَ بِسَبَب قتل من اسْتحق الْقَتْل خَارج الْحرم

<<  <  ج: ص:  >  >>