للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: (لَا تقدمُوا رَمَضَان بِصَوْم يَوْم وَلَا يَوْمَيْنِ إلَاّ رجل كَانَ يَصُوم صوما فليصمه) . وَأخرجه أَبُو دَاوُد فِيهِ عَن مُسلم ابْن إِبْرَاهِيم شيخ البُخَارِيّ قَالَ: أخبرنَا هِشَام عَن يحيى بن أبي كثير عَن أبي سَلمَة عَن أبي هُرَيْرَة، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ، عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: (لَا يتقدمن أحدكُم صَوْم رَمَضَان بِيَوْم وَلَا يَوْمَيْنِ إلَاّ أَن يكون رجل كَانَ يَصُوم صوما فليصم ذَلِك الْيَوْم) . وَأخرجه التِّرْمِذِيّ فِيهِ: حَدثنَا أَبُو كريب حَدثنَا عَبدة بن سُلَيْمَان عَن مُحَمَّد بب عَمْرو عَن أبي سَلمَة عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: (لَا تقدمُوا الشَّهْر بِيَوْم وَلَا بيومين إلَاّ أَن يُوَافق ذَلِك صوما وَكَانَ يَصُومهُ أحدكُم، صُومُوا لرُؤْيَته وأفطروا لرُؤْيَته) . الحَدِيث، وَقَالَ: حَدِيث حسن صَحِيح، وَأخرجه النَّسَائِيّ فِيهِ، قَالَ: أخبرنَا إِسْحَاق بن إِبْرَاهِيم، قَالَ: أخبرنَا الْوَلِيد عَن الْأَوْزَاعِيّ عَن يحيى عَن أبي سَلمَة عَن أبي هُرَيْرَة، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ، عَن رَسُول الله، صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، قَالَ: (أَلا لَا تقدمُوا قبل الشَّهْر بصيام إلَاّ رجل كَانَ يَصُوم صياما أَتَى ذَلِك الْيَوْم على صيامة) . وَأخرجه ابْن مَاجَه: حَدثنَا هِشَام بن عمار، وَقَالَ: حَدثنَا عبد الحميد بن حبيب والوليد بن مُسلم عَن الْأَوْزَاعِيّ عَن يحيى بن أبي كثير عَن أبي سَلمَة عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: قَالَ رَسُول الله، صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: (لَا تقدمُوا صِيَام رَمَضَان بِيَوْم وَلَا بيومين إلَاّ رجل كَانَ يَصُوم صوما فيصومه) ، وَلما أخرج التِّرْمِذِيّ هَذَا الحَدِيث قَالَ: وَفِي الْبَاب عَن بعض أَصْحَاب النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قلت: حَدِيث بعض أَصْحَاب النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أخرجه النَّسَائِيّ من رِوَايَة مَنْصُور عَن ربعي عَن بعض أَصْحَاب النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، قَالَ: (لَا تقدمُوا الشَّهْر حَتَّى تروا الْهلَال) الحَدِيث. وَفِي الْبَاب أَيْضا عَن حُذَيْفَة عِنْد أبي دَاوُد، وَعَن ابْن عَبَّاس عِنْد أبي دَاوُد وَالتِّرْمِذِيّ، وَعَن عَائِشَة عِنْد أبي دَاوُد أَيْضا عَن عمر، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ، عِنْد الْبَيْهَقِيّ، وَعَن جَابر بن خديج عِنْد الدَّارَقُطْنِيّ، وَعَن ابْن مَسْعُود عِنْد الطَّبَرَانِيّ فِي (الْكَبِير) وَعَن ابْن عمر عِنْد مُسلم، وَعَن عَليّ بن أبي طَالب عِنْد أَحْمد وَالطَّبَرَانِيّ، وَعَن طلق بن عَليّ عِنْد الطَّبَرَانِيّ أَيْضا، وَعَن سَمُرَة بن جُنْدُب عِنْد الطَّبَرَانِيّ أَيْضا، وَعَن الْبَراء بن عَازِب عِنْده أَيْضا.

قَوْله: (عَن أبي سَلمَة عَن أبي هُرَيْرَة) ، وَعند الْإِسْمَاعِيلِيّ من رِوَايَة خَالِد بن الْحَارِث: حَدثنِي أَبُو سَلمَة حَدثنِي أَبُو هُرَيْرَة، وَكَذَا فِي رِوَايَة أبي عوَانَة من طَرِيق مُعَاوِيَة بن سَلام عَن يحيى. قَوْله: (لَا يتقدمن أحدكُم رَمَضَان) ، فِي رِوَايَة خَالِد بن الْحَارِث الْمَذْكُور: (لَا تقدمُوا بَين يَدي رَمَضَان بِصَوْم) ، وَفِي رِوَايَة أَحْمد عَن روح عَن هِشَام: (لَا تقدمُوا قبل رَمَضَان بِصَوْم) ، قَوْله: (إلَاّ أَن يكون رجل) ، يكون، هُنَا تَامَّة مَعْنَاهُ: إلَاّ أَن يُوجد رجل يَصُوم صوما. وَفِي رِوَايَة الْكشميهني: (صَوْمه) أَي: صَوْمه الْمُعْتَاد كَصَوْم الْورْد أَو النّذر أَو الْكَفَّارَة.

وَقَالَ الْعلمَاء: معنى الحَدِيث: لَا تستقبلوا رَمَضَان بصيام على نِيَّة الِاخْتِلَاط لرمضان، تحذيرا مِمَّا صنعت النَّصَارَى فِي الزِّيَادَة على مَا افْترض عَلَيْهِم برأيهم الْفَاسِد، فَكَانَ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَأْمر بمخالفة أهل الْكتاب وَكَانَ أَولا يحب مُوَافقَة أهل الْكتاب فِيمَا لم يُؤمر فِيهِ بِشَيْء، ثمَّ أَمر بعد ذَلِك بمخالفتهم. فَإِن قلت: هَذَا النَّهْي للتَّحْرِيم أَو للتنزيه؟ قلت: حكى التِّرْمِذِيّ عَن أهل الْعلم الْكَرَاهَة، وَكَثِيرًا مَا يُطلق المتقدمون الْكَرَاهَة على التَّحْرِيم، وَلَا شكّ أَن فِيهِ تَفْصِيلًا واختلافا للْعُلَمَاء، فَذهب دَاوُد إِلَى أَنه لَا يَصح صَوْمه أصلا، وَلَو وَافق عَادَة لَهُ، وَذَهَبت طَائِفَة إِلَى أَنه لَا يجوز أَن يصام آخر يَوْم من شعْبَان تَطَوّعا إلَاّ أَن يُوَافق صوما كَانَ يَصُومهُ، وَأخذُوا بِظَاهِر هَذَا الحَدِيث، رُوِيَ ذَلِك عَن عمر بن الْخطاب وَعلي وعمار وَحُذَيْفَة وَابْن مَسْعُود، وَمن التَّابِعين سعيد بن الْمسيب وَالشعْبِيّ وَالنَّخَعِيّ وَالْحسن وَابْن سِيرِين، وَهُوَ قَول الشَّافِعِي، وَكَانَ ابْن عَبَّاس وَأَبُو هُرَيْرَة يأمران بفصل يَوْم أَو يَوْمَيْنِ كَمَا استحبوا أَن يفصلوا بَين صَلَاة الْفَرِيضَة والنافلة بِكَلَام أَو قيام أَو تقدم أَو تَأَخّر، وَقَالَ عِكْرِمَة: من صَامَ يَوْم الشَّك فقد عصى الله وَرَسُوله، وأجازت طَائِفَة صَوْمه تَطَوّعا، رُوِيَ عَن عَائِشَة وَأَسْمَاء أُخْتهَا أَنَّهُمَا كَانَتَا تصومان يَوْم الشَّك، وَقَالَت عَائِشَة: لِأَن أَصوم يَوْمًا من شعْبَان أحب إِلَيّ من أَن أفطر يَوْمًا من رَمَضَان، وَهُوَ قَول اللَّيْث وَالْأَوْزَاعِيّ وَأبي حنيفَة وَأحمد وَإِسْحَاق، وَذكر ابْن الْمُنْذر عَن عَطاء وَعمر بن عبد الْعَزِيز وَالْحسن أَنه: إِذا نوى صَوْمه من اللَّيْل على أَنه من رَمَضَان ثمَّ علم بالهلال أَو النَّهَار أَو آخِره أَنه يجْزِيه، وَهُوَ قَول الثَّوْريّ وَالْأَوْزَاعِيّ وَأبي حنيفَة وَأَصْحَابه.

وَقيل الْحِكْمَة فِي هَذَا النَّهْي التَّقْوَى بِالْفطرِ لرمضان ليدْخل فِيهِ بِقُوَّة ونشاط، وَقيل: لِأَن الحكم علق بِالرُّؤْيَةِ فَمن تقدمه بِيَوْم أَو بيومين فقد حاول الطعْن فِي ذَلِك الحكم، وَإِنَّمَا اقْتصر على يَوْم أَو يَوْمَيْنِ لِأَنَّهُ الْغَالِب مِمَّن يقْصد ذَلِك، وَقَالُوا: غَايَة الْمَنْع من أول السَّادِس عشر من شعْبَان لما رَوَاهُ أَصْحَاب السّنَن من حَدِيث الْعَلَاء بن عبد الرَّحْمَن عَن أَبِيه عَن أبي هُرَيْرَة مَرْفُوعا: (إِذا انتصف شعْبَان فَلَا تَصُومُوا) ، وَأخرجه ابْن حبَان وَصَححهُ، وَقَالَ الرَّوْيَانِيّ من الشَّافِعِيَّة: يحرم التَّقَدُّم بيومين لحَدِيث الْبَاب، وَيكرهُ التَّقَدُّم من نصف شعْبَان للْحَدِيث الآخر، وَقَالَ جُمْهُور الْعلمَاء: يجوز الصَّوْم تَطَوّعا بعد النّصْف من شعْبَان، وَقَالَ بَعضهم: وَضعف الحَدِيث الْوَارِد فِيهِ، وَقد قَالَ أَحْمد وَابْن معِين: إِنَّه مُنكر، وَقد اسْتدلَّ الْبَيْهَقِيّ بِحَدِيث الْبَاب على ضعفه، فَقَالَ: الرُّخْصَة فِي ذَلِك بِمَا هُوَ أصح من حَدِيث الْعَلَاء، قلت: هَذَا الحَدِيث صَححهُ ابْن حبَان وَابْن حزم وَابْن عبد الْبر، وَلما رَوَاهُ التِّرْمِذِيّ قَالَ: حَدِيث حسن صَحِيح، وَلَفظه: (إِذا بَقِي نصف من شعْبَان فَلَا تَصُومُوا) ، وَلَفظ النَّسَائِيّ: (فكفوا عَن الصَّوْم) ، وَلَفظ ابْن مَاجَه: (وَإِذا كَانَ النّصْف من شعْبَان فَلَا صَوْم حَتَّى يَجِيء رَمَضَان) ، وَلَفظ ابْن حبَان: (فأفطروا حَتَّى يَجِيء رَمَضَان) ، وَفِي رِوَايَة لَهُ: (لَا صَوْم بعد النّصْف من شعْبَان حَتَّى يَجِيء رَمَضَان) ، وَلَفظ ابْن عدي: (إِذا انتصف شعْبَان فأفطروا) ، وَلَفظ الْبَيْهَقِيّ:

<<  <  ج: ص:  >  >>