للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وقالَتْ عائِشَةُ عنِ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم السِّوَاكُ مَطْهَرَةٌ لِلْفَمِ مَرْضَاةٌ لِلرَّبِّ

وَقع هَذَا فِي بعض النّسخ مقدما فَوق حَدِيث أبي هُرَيْرَة وَلَيْسَ هَذَا وَحده، بل وَقع فِي غير رِوَايَة أبي ذَر فِي سِيَاق الْآثَار، وَالْأَحَادِيث فِي هَذَا الْبَاب تَقْدِيم وَتَأْخِير، وَلَيْسَ يَبْنِي عَلَيْهِ عَظِيم أَمر، وَأما التَّعْلِيق عَن عَائِشَة فوصله أَحْمد وَالنَّسَائِيّ وَابْن خُزَيْمَة وَابْن حبَان من طَرِيق عبد الرَّحْمَن بن عبد الله بن أبي عَتيق مُحَمَّد بن عبد الرَّحْمَن بن أبي بكر الصّديق عَن أَبِيه عَنْهَا.

قَوْله: (مطهرة) ، بِفَتْح الْمِيم: إِمَّا مصدر ميمي بِمَعْنى اسْم الْفَاعِل من التَّطْهِير، وَإِمَّا بِمَعْنى الْآلَة. وَفِي (الصِّحَاح) : المطهرة والمطهرة يَعْنِي: بِفَتْح الْمِيم وكسرهما، الْإِدَاوَة، وَالْفَتْح أَعلَى، وَالْجمع: الْمَطَاهِر، وَيُقَال: السِّوَاك مطهرة للفم. قَوْله: (مرضاة للرب) ، المرضاة بِالْفَتْح مصدر ميمي بِمَعْنى الرضى، وَيجوز أَن يكون بِمَعْنى الْمَفْعُول أَي مرضى الرب، وَقَالَ الطَّيِّبِيّ: يُمكن أَن يُقَال إِنَّهَا مثل (الْوَلَد المبخلة مجينة) : أَي السِّوَاك مَظَنَّة للطَّهَارَة والرضى أَي يحمل السِّوَاك الرجل على الطَّهَارَة ورضى الرب، وَعطف مرضاة يحْتَمل التَّرْتِيب بِأَن تكون الطَّهَارَة بِهِ عِلّة للرضى، وَأَن يَكُونَا مستقلين فِي الْعلية قلت: يُؤْخَذ الْجَواب من هَذَا السُّؤَال من يسْأَل: كَيفَ يكون السِّوَاك سَببا لرضى الله تَعَالَى؟ وَيُمكن أَن يُقَال أَيْضا: من حَيْثُ إِن الْإِتْيَان بالمندوب مُوجب للثَّواب، وَمن جِهَة أَنه مُقَدّمَة للصَّلَاة، وَهِي مُنَاجَاة الرب، وَلَا شكّ أَن طيب الرَّائِحَة يَقْتَضِي رضى صَاحب الْمُنَاجَاة.

وَقَالَ عَطَاءٌ وقَتَادَةُ يَبْتَلعُ رِيقَهُ

أَي: قَالَ عَطاء بن أبي رَبَاح وَقَتَادَة بن دعامة: يبتلع الصَّائِم رِيقه: يَعْنِي لَيْسَ عَلَيْهِ شَيْء إِذا بلع رِيقه، وَقد ذكرنَا عَن قريب عَن أَصْحَابنَا أَن الصَّائِم إِذا جمع رِيقه فِي فَمه ثمَّ ابتلعه لم يفْطر، وَلكنه يكره. قَوْله: (يبتلع) ، من بَاب الافتعال، كَذَا هُوَ فِي رِوَايَة الْأَكْثَرين، وَفِي رِوَايَة الْمُسْتَمْلِي: يبلع من البلع، وَفِي رِوَايَة الْحَمَوِيّ: يتبلع من بَاب التفعل الَّذِي يدل على التَّكَلُّف، وَتَعْلِيق عَطاء وَصله سعيد بن مَنْصُور عَن ابْن المارك (عَن ابْن جريج قلت: لعطاء: الصَّائِم يمضمض ثمَّ يزدرد رِيقه وَهُوَ صَائِم؟ قَالَ: لَا يضرّهُ، وَمَا بَقِي فِي فِيهِ) ؟ وَكَذَلِكَ أخرجه عبد الرَّزَّاق عَن ابْن جريج، وَوَقع فِي أصل البُخَارِيّ: وَمَا بَقِي فِيهِ؟ وَقَالَ ابْن بطال: ظَاهِرَة إِبَاحَة الازدراد لما بَقِي فِي الْفَم من مَاء الْمَضْمَضَة، وَلَيْسَ كَذَلِك، لِأَن عبد الرَّزَّاق رَوَاهُ بِلَفْظ: (وماذا بَقِي فِي فِيهِ؟) فَكَأَن: ذَا، سَقَطت من رُوَاة البُخَارِيّ، وَأثر قَتَادَة وَصله عبد بن حميد فِي التَّفْسِير عَن عبد الرَّزَّاق عَن معمر عَنهُ نَحْو مَا روى عَن عَطاء.

٤١ - (حَدثنَا عَبْدَانِ قَالَ أخبرنَا عبد الله قَالَ أخبرنَا معمر قَالَ حَدثنِي الزُّهْرِيّ عَن عَطاء بن يزِيد عَن حمْرَان قَالَ رَأَيْت عُثْمَان رَضِي الله عَنهُ تَوَضَّأ فأفرغ على يَدَيْهِ ثَلَاثًا ثمَّ تمضمض واستنثر ثمَّ غسل وَجهه ثَلَاثًا ثمَّ غسل يَده الْيُمْنَى إِلَى الْمرْفق ثَلَاثًا ثمَّ غسل يَده الْيُسْرَى إِلَى الْمرْفق ثَلَاثًا ثمَّ مسح بِرَأْسِهِ ثمَّ غسل رجله الْيُمْنَى ثَلَاثًا ثمَّ الْيُسْرَى ثَلَاثًا ثمَّ قَالَ رَأَيْت رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - تَوَضَّأ نَحْو وضوئي هَذَا ثمَّ قَالَ من تَوَضَّأ نَحْو وضوئي هَذَا ثمَّ يُصَلِّي رَكْعَتَيْنِ لَا يحدث نَفسه فيهمَا بِشَيْء إِلَّا غفر لَهُ مَا تقدم من ذَنبه) قد مر هَذَا الحَدِيث فِي كتاب الْوضُوء فِي بَاب الْوضُوء ثَلَاثًا ثَلَاثًا فَإِنَّهُ أخرجه هُنَاكَ عَن عبد الْعَزِيز بن عبد الله عَن إِبْرَاهِيم بن سعد عَن ابْن شهَاب إِلَى آخِره وَأخرجه هُنَا عَن عَبْدَانِ وَهُوَ عبد الله بن عُثْمَان الْمروزِي عَن عبد الله بن الْمُبَارك الْمروزِي عَن معمر بن رَاشد الْأَزْدِيّ عَن مُحَمَّد بن مُسلم بن شهَاب الزُّهْرِيّ إِلَى آخِره ومناسبة ذكره هَذَا الحَدِيث فِي هَذَا الْبَاب فِي قَوْله " تَوَضَّأ " فَإِن مَعْنَاهُ تَوَضَّأ وضُوءًا كَامِلا جَامعا للسنن وَمن جملَته السِّوَاك وَقَالَ ابْن بطال حَدِيث عُثْمَان حجَّة وَاضِحَة فِي إِبَاحَة كل جنس من السِّوَاك رطبا كَانَ أَو يَابسا وَهُوَ انتزاع ابْن سِيرِين مِنْهُ حِين قَالَ لَا بَأْس بِالسِّوَاكِ الرطب

<<  <  ج: ص:  >  >>