للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

الرجل فِيمَا مضى كَانَ لَا يسْتَحق أَن يُقَال لَهُ: فلَان عَابِد، حَتَّى يعبد الله ألف شهر، وَهِي ثَلَاث وَثَمَانُونَ سنة، وَأَرْبَعَة أشهر، فَجعل الله لأمة مُحَمَّد صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لَيْلَة خيرا من ألف شهر، كَانُوا يعْبدُونَ فِيهَا. وَقيل: مَعْنَاهُ عمل صَالح فِي لَيْلَة الْقدر خير من عمل ألف شهر لَيْسَ فِيهَا لَيْلَة الْقدر.

وَقَالَ مُجَاهِد: سَلام الْمَلَائِكَة وَالروح عَلَيْك تِلْكَ اللَّيْلَة خير من سَلام الْخلق عَلَيْك ألف شهر. قَوْله: {تنزل الْمَلَائِكَة وَالروح} أَي: جِبْرِيل، عَلَيْهِ وَالسَّلَام، {فِيهَا} أَي: فِي لَيْلَة الْقدر. قَوْله: {من كل أَمر} أَي تنزل من أجل كل أَمر قَضَاهُ الله وَقدره فِي تِلْكَ السّنة إِلَى قَابل تمّ الْكَلَام عِنْد قَوْله {من كل أَمر} أَي تنزل من أجل كل أَمر قَضَاهُ الله وَقدره فِي تِلْكَ السّنة إِلَى قَابل، تمّ الْكَلَام عِنْد قَوْله: ( {من كل أَمر} ثمَّ ابْتَدَأَ فَقَالَ: {سَلام} أَي: مَا لَيْلَة الْقدر إلَاّ سَلامَة وَخير كلهَا لَيْسَ فِيهَا شَرّ. وَقَالَ الضَّحَّاك: لَا يقدر الله فِي تِلْكَ اللَّيْلَة إلَاّ السَّلامَة كلهَا، فَأَما اللَّيَالِي الْأُخَر فَيَقْضِي فِيهِنَّ الْبلَاء والسلامة. وَقيل: هُوَ تَسْلِيم الْمَلَائِكَة لَيْلَة الْقدر على أهل الْمَسَاجِد من حِين تغيب الشَّمْس إِلَى أَن يطلع الْفجْر، يَمرونَ على كل مُؤمن، وَيَقُولُونَ: السَّلَام عَلَيْك يَا مُؤمن حَتَّى مطلع الْفجْر، أَي إِلَى مطلع الْفجْر، قَرَأَ الْكسَائي وَخلف: مطلع، بِكَسْر اللَّام فَإِنَّهُ مَوضِع الطُّلُوع، وَالْبَاقُونَ بِفَتْح اللَّام، بِمَعْنى: الطُّلُوع.

قَالَ ابنُ عُيَيْنَةَ مَا كانَ فِي القُرْآنِ: مَا أدْرَاكَ، فَقَدْ أعْلَمَهُ. وَمَا قالَ وَمَا يُدْرِيكَ، فإنَّهُ لَمْ يُعْلِمْهُ

هَذَا التَّعْلِيق عَن سُفْيَان بن عُيَيْنَة وَصله مُحَمَّد بن يحيى بن أبي عمر فِي كتاب الْإِيمَان لَهُ من رِوَايَة أبي حَاتِم الرَّازِيّ عَنهُ، قَالَ: حَدثنَا سُفْيَان بن عُيَيْنَة ... فَذكره بِلَفْظ: كل شَيْء فِي الْقُرْآن {وَمَا أَدْرَاك} فقد أخبرهُ بِهِ، وكل شَيْء فِيهِ: {وَمَا يدْريك} فَلم يُخبرهُ بِهِ، وَقد اعْترض عَلَيْهِ فِي هَذَا الْحصْر بقوله: {وَمَا يدْريك لَعَلَّه يزكّى} (عبس: ٣) . فَإِنَّهَا نزلت فِي ابْن أم مَكْتُوم، وَقد علم، صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، بِحَالهِ وَأَنه مِمَّن يزكّى، ونفعته الذكرى. وَقَالَ بَعضهم: وعواه مغلطاي فِيمَا قَرَأت بِخَطِّهِ لتفسير ابْن عُيَيْنَة رِوَايَة سعيد ابْن عبد الرَّحْمَن عَنهُ، وَقد راجعت مِنْهُ نُسْخَة بِخَط الْحَافِظ الضياء فَلم أَجِدهُ فِيهِ. انْتهى. قلت: فِي هَذِه الْعبارَة إساءة الْأَدَب، لَا يخفى ذَلِك على الْمنصف، وَعدم وجدانه ذَلِك فِي نُسْخَة الْحَافِظ الضياء بِخَطِّهِ لَا يسْتَلْزم عَدمه بِخَط غَيره.

٤١٠٢ - حدَّثنا عَلَيُّ بنُ عَبْدِ الله قَالَ حدَّثنا سُفْيانُ قَالَ حَفِظْنَاهُ وإنَّمَا حَفِظَ مِنَ الزُّهْرِيِّ عنْ أبي سلَمَةَ عنْ أبِي هُرَيْرَةَ رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ عنِ النَّبِيِّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ منْ صامَ رَمضَانَ إِيمَانًا واحْتِسابا غفِرَ لَهُ مَا تقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ ومنْ قامَ لَيْلَةَ القَدْرِ إِيمَانًا واحْتِسابا غُفِرَ لَهُ مَا تقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ. .

مطابقته للتَّرْجَمَة فِي قَوْله: (وَمن قَامَ لَيْلَة الْقدر) إِلَى آخِره، وَعلي بن عبد الله هُوَ ابْن الْمَدِينِيّ، وسُفْيَان هُوَ ابْن عُيَيْنَة.

قَوْله: (قَالَ حفظناه) أَي: قَالَ سُفْيَان: حفظنا هَذَا الحَدِيث. قَوْله: (وَأَيّمَا حفظ) معترض بَين قَوْله: (حفظناه) وَبَين قَوْله: (من الزُّهْرِيّ) وَقَوله: (من الزُّهْرِيّ) مُتَعَلق بقوله: (حفظناه) ، وَأَيّمَا: بِفَتْح الْهمزَة وَتَشْديد الْيَاء آخر الْحُرُوف، وَكلمَة: مَا، زَائِدَة، وَحفظ بِكَسْر الْحَاء وَسُكُون الْفَاء مصدر من: حفظ، يحفظ، و: أَي، مَرْفُوع على الِابْتِدَاء وَخَبره مَحْذُوف تَقْدِيره: وَأي حفظ حفظناه. من الزُّهْرِيّ، يدل عَلَيْهِ: حفظناه أَولا، وَحَاصِله أَنه يصف حفظه بِكَمَال الْأَخْذ وَقُوَّة الضَّبْط، لِأَن إِحْدَى مَعَاني: أَي: للكمال كَمَا تَقول: زيد رجل أَي رجل، أَي: كَامِل فِي صِفَات الرِّجَال، وروى: أَيّمَا حفظ، بِنصب: أَي: على أَنه مفعول مُطلق: لحفظناه، الْمُقدر. وَرَأَيْت فِي نُسْخَة صَحِيحَة مقروءة: وَإِنَّمَا حفظ، بِكَلِمَة: إِن، الَّتِي أضيف إِلَيْهَا كلمة: مَا، للحصر، وَحفظ على صِيغَة الْمَاضِي، فَإِن صحت هَذِه تكون هَذِه الْجُمْلَة من كَلَام عَليّ بن عبد الله شيخ البُخَارِيّ فَافْهَم. قَوْله: (من صَامَ رَمَضَان) ، قد تقدم فِي كتاب الْإِيمَان فِي: بَاب صَوْم رَمَضَان احتسابا من الْإِيمَان. قَوْله: (وَمن قَامَ لَيْلَة الْقدر) إِلَى آخِره، من زِيَادَة سُفْيَان بن عُيَيْنَة فِي رِوَايَته هُنَا. وروى التِّرْمِذِيّ، فَقَالَ: حَدثنَا هناد، قَالَ: حَدثنَا عَبدة والمحاربي عَن مُحَمَّد بن عَمْرو عَن أبي سَلمَة عَن أبي هُرَيْرَة، قَالَ: قَالَ رَسُول الله، صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: (من صَامَ رَمَضَان وقامه إِيمَانًا واحتسابا غفر لَهُ مَا تقدم من ذَنبه، وَمن قَامَ لَيْلَة الْقدر إِيمَانًا واحتسابا غفر لَهُ مَا تقدم من ذَنبه) ، قَالَ أَبُو عِيسَى: هَذَا حَدِيث حسن صَحِيح.

تابَعَهُ سُلَيْمانُ بنُ كَثِيرٍ عنِ الزُّهْرِيِّ

<<  <  ج: ص:  >  >>