للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

لَهُ وكأنَّهُ كانَ مَشْغُولاً فرَجَعَ أبُو مُوسَى ففرَغَ عُمرُ فَقَالَ ألَمْ أسْمَعْ صَوْتَ عَبْدِ الله بنِ قَيْسٍ ائذِنُوا لَهُ قِيلَ قدْ رَجَعَ فَدَعاهُ فَقَالَ كُنَّا نُؤْمَرُ بِذَلِكَ فقالَ تَأتِيني عَلى ذَلِكَ بالْبَيِّنَةِ فانْطَلَقَ إلَى مَجْلِسِ الأنْصَارِ فسَألَهُمْ فقَالُوا لَا يَشْهَدُ لَكَ عَلى هَذَا إلَاّ أصْغَرُنَا أبُو سَعِيدٍ الخُدْرِيُّ فَذَهَبَ بأبِي سَعِيدٍ الخُدْرِيِّ فَقَالَ عُمَرُ أخْفَى عَلَيَّ مِنْ أمْرِ رسولِ الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ألْهَانِي الصَّفْقُ بِالأسْوَاقِ يَعْنِي الخُرُوجَ إلَى تِجارَةٍ.

مطابقته للتَّرْجَمَة فِي قَوْله: (ألهاني الصفق) . ومخلد، بِفَتْح الْمِيم وَسُكُون الْخَاء الْمُعْجَمَة وَفتح اللَّام: ابْن يزِيد من الزِّيَادَة الْحَرَّانِي، مر فِي آخر الصَّلَاة، وَابْن جريج عبد الْملك، وَعَطَاء بن أبي رَبَاح، وَعبيد بن أبي عُمَيْر مصغرين ابْن قَتَادَة أَبُو عَاصِم قَاضِي أهل مَكَّة، فَقَالَ مُسلم: ولد فِي زمن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم. وَقَالَ البُخَارِيّ: رأى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، وَابْن جريج وَعَطَاء وَعبيد مكيون، وَأَبُو مُوسَى الْأَشْعَرِيّ اسْمه عبد الله بن قيس، وَأَبُو سعيد الْخُدْرِيّ اسْمه سعد بن مَالك، مَشْهُور باسمه وبكنيته.

وَأخرجه البُخَارِيّ أَيْضا فِي الِاعْتِصَام عَن مُسَدّد. وَأخرجه مُسلم فِي الاسْتِئْذَان من طرق: أَحدهمَا: عَن ابْن جريج عَن عَطاء: (عَن عبيد بن عُمَيْر: أَن أَبَا مُوسَى اسْتَأْذن على عمر، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ، ثَلَاثًا، فَكَأَنَّهُ وجده مَشْغُولًا فَرجع، فَقَالَ عمر: ألم تسمع صَوت عبد الله بن قيس؟ أيذنوا لَهُ، فدعي فَقَالَ: مَا حملك على مَا صنعت؟ قَالَ: إِنَّا كُنَّا نؤمر بِهَذَا، قَالَ: لتقيمن على هَذَا بَيِّنَة أَو لَأَفْعَلَنَّ. فَخرج فَانْطَلق إِلَى مجْلِس من الْأَنْصَار، فَقَالُوا: لَا يشْهد لَك على هَذَا إلَاّ أصغرنا. فَقَامَ أَبُو سعيد، فَقَالَ: كُنَّا نؤمر بِهَذَا. فَقَالَ عمر: أُخْفِي عَليّ من أَمر رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم؟ ألهاني عَنهُ الصفق بالأسواق) . وَفِي رِوَايَة لَهُ من حَدِيث أبي بردة (عَن أبي مُوسَى الْأَشْعَرِيّ، قَالَ: جَاءَ أَبُو مُوسَى إِلَى عمر بن الْخطاب، فَقَالَ: السَّلَام عَلَيْكُم، هَذَا عبد الله بن قيس فَلم يُؤذن لَهُ، فَقَالَ: السَّلَام عَلَيْكُم، هَذَا أَبُو مُوسَى، السَّلَام عَلَيْكُم، هَذَا أَبُو مُوسَى الْأَشْعَرِيّ، ثمَّ انْصَرف. فَقَالَ: ردوا عَليّ، فجَاء فَقَالَ: يَا أَبَا مُوسَى مَا ردك؟ كُنَّا فِي شغل. قَالَ: سَمِعت رَسُول الله، صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، يَقُول: الاسْتِئْذَان ثَلَاثًا، فَإِن أذن لَك، وإلَاّ فَارْجِع. قَالَ: لتَأْتِيني على هَذَا بِبَيِّنَة وإلَاّ فعلت وَفعلت) الحَدِيث. وَفِي لفظ لَهُ: (قَالَ عمر: أقِم عَلَيْهِ الْبَيِّنَة وإلَاّ أوجعتك) . وَفِي لفظ لَهُ: (لأوجعن ظهرك وبطنك أَو لتَأْتِيني بِمن قَالَ يشْهد لَك على هَذَا) . وَأخرجه أَبُو دَاوُد أَيْضا فِي الْأَدَب عَن يحيى بن حبيب وَفِي لَفْظَة: (فَقَالَ عمر لأبي مُوسَى: إِنِّي لم أتهمك، وَلَكِنِّي خشيت أَن يتقول النَّاس على رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم) .

ذكر مَعْنَاهُ: قَوْله: (اسْتَأْذن) أَي: طلب الْإِذْن على الدُّخُول على عمر. قَوْله: (فَلم يُؤذن لَهُ) ، على صِيغَة الْمَجْهُول. قَوْله: (وَكَأَنَّهُ) أَي: وَكَأن عمر كَانَ مَشْغُولًا بِأَمْر من أُمُور الْمُسلمين. قَوْله: (إيذنوا لَهُ) . أَصله: إئذنوا لَهُ، بالهمزتين، فَلَمَّا ثقلتا قلبت الثَّانِيَة يَاء لكسرة مَا قبلهَا. قَوْله: (قيل: قد رَجَعَ) ، أَي: أَبُو مُوسَى. قَوْله: (فَدَعَاهُ) أَي: دَعَا عمر أَبَا مُوسَى. قَوْله: (فَقَالَ: كُنَّا نؤمر) فِيهِ حذف تَقْدِيره: فَبعث عمر وَرَاءه فَحَضَرَ، فَقَالَ لَهُ: لِمَ رجعت؟ فَقَالَ: كُنَّا نؤمر بذلك. أَي: بِالرُّجُوعِ حِين لم يُؤذن للمستأذن. قَوْله: (فَقَالَ) أَي: قَالَ عمر تَأتِينِي، بِدُونِ لَام التَّأْكِيد، وَفِي رِوَايَة مُسلم: (لتَأْتِيني) بنُون التَّأْكِيد (على ذَلِك) على الْأَمر بِالرُّجُوعِ. قَوْله: (فَقَالُوا) ، أَي: الْأَنْصَار. قَالَ النَّوَوِيّ: إِنَّمَا قَالَ ذَلِك الْأَنْصَار إنكارا على عمر، رَضِي الله عَنهُ، فِيمَا قَالَه إِنَّه حَدِيث مَشْهُور بَيْننَا، مَعْرُوف عندنَا، حَتَّى إِن أصغرنا يحفظه وسَمعه من رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم. قَوْله: (أُخْفِي عَليّ؟) الْهمزَة للاستفهام. و: على، بتَشْديد الْيَاء. قَوْله: (ألهاني الصفق) ، قَالَ الْمُهلب: ألهاني الصفق، من قَوْله تَعَالَى: {وَإِذا رَأَوْا تِجَارَة أَو لهوا انْفَضُّوا إِلَيْهَا} (الْجُمُعَة: ٠١) . فقرن التِّجَارَة باللهو فسماها عمر لهوا مجَازًا، أَرَادَ شغلهمْ بِالْبيعِ وَالشِّرَاء عَن مُلَازمَة النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي كل أحيانه، حَتَّى حضر من هُوَ أَصْغَر مني مَا لم أحضرهُ من الْعلم.

ذكر مَا يُسْتَفَاد مِنْهُ فِيهِ: أَن الاسْتِئْذَان لَا بُد مِنْهُ عِنْد الدُّخُول على من أَرَادَ، قَالَ الله تَعَالَى: {لَا تدْخلُوا بُيُوتًا غير بُيُوتكُمْ حَتَّى تستأنسوا وتسلموا على أَهلهَا} (النُّور: ٧٢) . الِاسْتِئْنَاس: هُوَ الاسْتِئْذَان، وَقَالَ بعض أهل الْعلم: الاسْتِئْذَان ثَلَاث مَرَّات مَأْخُوذ من قَوْله تَعَالَى: {لِيَسْتَأْذِنكُم الَّذين ملكت أَيْمَانكُم وَالَّذين لم يبلغُوا الْحلم مِنْكُم ثَلَاث مَرَّات} (اللنور: ٨٥) . قَالَ: يُرِيد ثَلَاث دفعات، قَالَ: فورد الْقُرْآن فِي المماليك وَالصبيان، وَسنة رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي الْجَمِيع، وَقَالَ أَبُو عمر: هَذَا، وَإِن كَانَ

<<  <  ج: ص:  >  >>