للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وَعين فعله وَاو بِدَلِيل قَوْلهم فِي الْجمع: أدواء. يُقَال: دَاء الرجل وَأَدَاء وأدأته، يتَعَدَّى وَلَا يتَعَدَّى، وَقيل: لَا دَاء يَكْتُمهُ البَائِع، وإلَاّ فَلَو كَانَ بِالْعَبدِ دَاء وَبَينه البَائِع لَكَانَ من بيع الْمُسلم للْمُسلمِ. قَوْله: (وَلَا خبثة) ، بِكَسْر الْخَاء الْمُعْجَمَة وَسُكُون الْبَاء الْمُوَحدَة وَفتح الثَّاء الْمُثَلَّثَة، وَقَالَ ابْن التِّين: ضبطناه فِي أَكثر الْكتب بِضَم الْخَاء، وَكَذَلِكَ سمعناه. وَضبط فِي بَعْضهَا بِالْكَسْرِ، وَقَالَ الْخطابِيّ: خبثة، على وزن: خيرة. قيل: أَرَادَ بهَا الْحَرَام كَمَا عبر عَن الْحَلَال بالطيب، قَالَ تَعَالَى: {وَيحرم عَلَيْهِم الْخَبَائِث} (الْأَعْرَاف: ٧٥١) . والخبثة نوع من أَنْوَاع الْخبث أَرَادَ أَنه عبد رَقِيق لَا أَنه من قوم لَا يحل سَبْيهمْ. وَقيل: المُرَاد الْأَخْلَاق الخبيثة كالإباق. قَوْله: (وَلَا غائلة) ، بالغين الْمُعْجَمَة أَي: وَلَا فجور. وَقيل: المُرَاد بالأباق. وَقَالَ ابْن بطال: هُوَ من قَوْلهم: اغتالني فلَان إِذا احتال بحيلة يتْلف بهَا مَالِي. وَقَالَ ابْن الْعَرَبِيّ: الدَّاء مَا كَانَ فِي الْخلق بِالْفَتْح، والخبثة مَا كَانَ فِي الْخلق بِالضَّمِّ، والغائلة سكُوت البَائِع عَمَّا يعلم من مَكْرُوه فِي الْمَبِيع. وَيُقَال: الدَّاء الْعَيْب الْمُوجب للخيار، والخبثة أَن يكون محرما والغائلة مَا فِيهِ هَلَاك مَال المُشْتَرِي كَكَوْنِهِ آبقا. وَقيل: الغائلة الْخِيَانَة.

ذكر مَا يُسْتَفَاد مِنْهُ على وَجه تَخْرِيج التِّرْمِذِيّ وَغَيره، ذكر ابْن الْعَرَبِيّ فِيهِ ثَمَان فَوَائِد: الأولى: الْبدَاءَة باسم النَّاقِص قبل الْكَامِل فِي الشُّرُوط، والأدنى قبل الْأَعْلَى، وَقد ذَكرْنَاهُ. الثَّانِيَة: فِي كتب النَّبِي، صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، ذَلِك لَهُ وَهُوَ مِمَّن يُؤمن عَهده وَلَا يجوز أبدا عَلَيْهِ نقضه لتعليم الْأمة، لِأَنَّهُ إِذا كَانَ هُوَ يَفْعَله فَكيف غَيره؟ الثَّالِثَة: أَن ذَلِك على الِاسْتِحْبَاب، لِأَنَّهُ بَاعَ وابتاع من الْيَهُودِيّ من غير إِشْهَاد، وَلَو كَانَ أمرا مَفْرُوضًا لقام بِهِ قبل الْخلق، وَفِيه نظر، لِأَن ابتياعه من الْيَهُودِيّ كَانَ بِرَهْنٍ. الرَّابِعَة: أَنه يكْتب اسْم الرجل وَاسم أَبِيه وجده حَتَّى ينتهى إِلَى جد يَقع بِهِ التَّعْرِيف، ويرتفع الِاشْتِرَاك الْمُوجب للإشكال عِنْد الِاحْتِيَاج إِلَيْهِ. انْتهى. هَذَا إِنَّمَا يَتَأَتَّى إِذا كَانَ الرجل غير مَعْرُوف، أما إِذا كَانَ مَعْرُوفا فَلَا يحْتَاج إِلَى ذكر أَبِيه، وَإِن لم يكن مَعْرُوفا وَكَانَ أَبوهُ مَعْرُوفا لم يحْتَج إِلَى ذكر الْجد، كَمَا جَاءَ فِي البُخَارِيّ من غير ذكر جد العداء. الْخَامِسَة: لَا يحْتَاج إِلَى ذكر النّسَب إلَاّ إِذا أَفَادَ تعريفا أَو رفع إشْكَالًا. السَّادِسَة: أَنه كرر الشِّرَاء، لِأَنَّهُ لما كَانَت الْإِشَارَة بِهَذَا إِلَى الْمَكْتُوب ذكر الشِّرَاء فِي القَوْل الْمَنْقُول. السَّابِعَة: قَالَ عبد، وَلم يصفه وَلَا ذكر الثّمن وَلَا قَبضه وَلَا قبض المُشْتَرِي. قلت: إِذا كَانَ الْمَبِيع حَاضرا فَلَا يحْتَاج إِلَى هَذَا، وَالثمن أَيْضا إِذا كَانَ حَاضرا فَلَا يحْتَاج إِلَى ذكره وَلَا إِلَى معرفَة قدره. الثَّامِنَة: قَوْله: (بيع الْمُسلم الْمُسلم) ، ليبين أَن الشِّرَاء وَالْبيع وَاحِد، وَقد فرق أَبُو حنيفَة بَينهم، وَجعل لكل وَاحِد حدا مُنْفَردا. وَقَالَ غَيره: فِيهِ تولي الرجل البيع بِنَفسِهِ، وَكَذَا فِي حَدِيث الْيَهُودِيّ، وَكَرِهَهُ بَعضهم لِئَلَّا يسامح ذُو الْمنزلَة فَيكون نقصا من أجره، وَجَاز ذَلِك للنَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بعصمته فِي نَفسه.

وَفِيه: صِحَة اشْتِرَاط سَلامَة الْمَبِيع من سَائِر الْعُيُوب لِأَنَّهَا نكرَة فِي سِيَاق النَّفْي فتعم. وَفِيه: مَشْرُوعِيَّة كِتَابَة الشُّرُوط، وَهُوَ مُسْتَحبّ قطعا، وَهُوَ أَمر زَائِد على الْإِشْهَاد. فَإِن قلت: مَا فَائِدَة ذكر الْمَفْعُول وَهُوَ قَوْله: (الْمُسلم) ، مَعَ أَنه لَو كَانَ المُشْتَرِي ذِمِّيا لم يجز غشه، وَلَا أَن يكتم عَنهُ عَيْبا يُعلمهُ؟ قلت: فَائِدَة ذَلِك أَن الْمُسلم أنصح للْمُسلمِ مِنْهُ للذِّمِّيّ لما بَينهمَا من علاقَة الْإِسْلَام، وغشه لَهُ أفحش من غشه للذِّمِّيّ.

وَقَالَ قَتادَةُ الغائِلةُ الزِّنَا والسَّرِقَةُ والإباقُ

هَذَا التَّعْلِيق وَصله ابْن مَنْدَه من طَرِيق الْأَصْمَعِي عَن سعيد بن أبي عرُوبَة عَنهُ، وَفِي (الْمطَالع) : الظَّاهِر أَن تَفْسِير قَتَادَة يرجع إِلَى الخبثة والغائلة مَعًا.

وقِيلَ لإبْرَاهِيمَ إنَّ بَعْضَ النَّخَّاسِينَ يُسَمَّى آرِيَّ خُرَاسانَ وسِجِسْتَانَ فَيَقُولُ جاءَ أمْسِ مِنْ خرَاسَانَ جاءَ الْيَوْمَ مِنْ سِجِسْتَانَ فَكَرِهَهُ كَرَاهِيَةً شَدِيدَةً

مطابقته للتَّرْجَمَة من حَيْثُ إِن التَّرْجَمَة تدل على نفي التَّدْلِيس والتغرير، وَهَذِه الصُّورَة الَّتِي ذكرت لإِبْرَاهِيم النَّخعِيّ فِيهَا تَدْلِيس على المُشْتَرِي، فَلذَلِك كرهه إِبْرَاهِيم كَرَاهِيَة شَدِيدَة.

قَوْله: (النخاسين) ، بِفَتْح النُّون وَتَشْديد الْخَاء الْمُعْجَمَة وَكسر السِّين الْمُهْملَة: جمع النخاس، وَهُوَ الدَّلال فِي الدَّوَابّ. قَوْله: (آري خُرَاسَان وسجستان) ، (الأري، بِضَم الْهمزَة الممدودة

<<  <  ج: ص:  >  >>