للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

عمر الْمَذْكُور الْآن أخرجه مُسلم والطَّحَاوِي. قَوْله: (لِأَن صَاحبه) أَي: صَاحب التلقي (عاصٍ آثم) أَي: مرتكب الْإِثْم (إِذا كَانَ بِهِ) ، أَي: بِالنَّهْي عَن تلقي الركْبَان عَالما، لِأَنَّهُ ارْتكب الْمعْصِيَة مَعَ علمه بورود النَّهْي عَن ذَلِك، وَالْعلم شَرط لكل مَا نهى عَنهُ. قَوْله: (وَهُوَ خداع) ، أَي: تلقي الركْبَان خداع للمقيمين فِي الْأَسْوَاق أَو لغير المتلقين، وَالْخداع حرَام لقَوْله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: (الخديعة فِي النَّار) ، أَي: صَاحب الخديعة، وَقَالَ بَعضهم: لَا يلْزم من ذَلِك. . أَي: من كَونه خداعا أَن يكون البيع مردودا، لِأَن النَّهْي لَا يرجع إِلَى نفس العقد وَلَا يخل بِشَيْء من أَرْكَانه وشرائطه، بل لدفع الضَّرَر بالركبان. قلت: هَذَا التَّعْلِيل هُوَ الَّذِي يَقُول بِهِ الْحَنَفِيَّة فِي أَبْوَاب النَّهْي، وَالْعجب من الشَّافِعِيَّة أَنهم يَقُولُونَ: إِن النَّهْي يَقْتَضِي الْفساد، ثمَّ مُطلقًا فِي بعض الْمَوَاضِع، يذهبون إِلَى مَا قَالَه الْحَنَفِيَّة، وَقَالَ بَعضهم: يُمكن أَن يحمل قَول البُخَارِيّ: إِن البيع مَرْدُود، على مَا إِذا اخْتَار البَائِع رده، فَلَا يُخَالف الرَّاجِح. قلت: هَذَا الْحمل الَّذِي ذكره هَذَا الْقَائِل يردهُ هَذِه التأكيدات الَّتِي ذكرهَا. وَهِي قَوْله: (لِأَن صَاحبه عَاص) إِلَى آخِره، وَلم يبْق بعد هَذِه إلَاّ أَن يُقَال: كَاد أَن يخرج من الْإِيمَان، أَلا تَرى إِلَى الْإِسْمَاعِيلِيّ كَيفَ اعْترض عَلَيْهِ وألزمه هَذَا التَّنَاقُض بِبيع الْمُصراة، فَإِن فِيهِ خداعا، وَمَعَ ذَلِك لم يبطل البيع، وبكونه فصل فِي بيع الْحَاضِر للبادي بَين أَن يَبِيع لَهُ بِأَجْر أَو بِغَيْر أجر، وَاسْتدلَّ عَلَيْهِ أَيْضا بِحَدِيث حَكِيم بن حزَام الْمَاضِي فِي بيع الْخِيَار، فَفِيهِ: (فَإِن كذبا وكتما محقت بركَة بيعهمَا) ، قَالَ: فَلم يبطل بيعهَا بِالْكَذِبِ والكتمان للعيب، وَقد ورد بِإِسْنَاد صَحِيح: أَن صَاحب السّلْعَة إِذا بَاعهَا لمن تَلقاهُ يصير بِالْخِيَارِ إِذا دخل السُّوق، ثمَّ سَاقه من حَدِيث أبي هُرَيْرَة. انْتهى. وَلَو كَانَ للْحَمْل الَّذِي ذكر الْقَائِل الْمَذْكُور وَجه لذكره الْإِسْمَاعِيلِيّ وَلَا أطنب فِي هَذَا الِاعْتِرَاض. وَقَالَ ابْن الْمُنْذر: أجَاز أَبُو حنيفَة التلقي وَكَرِهَهُ الْجُمْهُور. قلت: لَيْسَ مَذْهَب أبي حنيفَة كَمَا ذكره على الْإِطْلَاق، وَلَكِن على التَّفْصِيل الَّذِي ذَكرْنَاهُ عَن قريب، وَالْعجب من ابْن الْمُنْذر وَأَمْثَاله كَيفَ ينقلون عَن أبي حنيفَة شَيْئا لم يقل بِهِ، وَإِنَّمَا ذَلِك مِنْهُم من أريحية العصبية على مَا لَا يخفى.

٢٦١٢ - حدَّثنا محَمَّدُ بنُ بَشَّارٍ قَالَ حدَّثنا عَبْدُ الوَهَّابِ قَالَ حَدثنَا عُبَيْدُ الله العُمَرِيُّ عنْ سَعِيِدِ بنِ أبِي سَعِيدٍ عنْ أبِي هُرَيْرَةَ رَضِي الله تَعَالَى عنهُ قَالَ نَهَى النبيُّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عنِ التَّلَقِّي وأنْ يَبِيعَ حاضِرٌ لِبادٍ. .

مطابقته للتَّرْجَمَة فِي قَوْله: (عَن التلقي) ، وَعبد الْوَهَّاب هُوَ ابْن عبد الْمجِيد الثَّقَفِيّ، وَعبيد الله بن عمر بن حَفْص بن عَاصِم بن عمر بن الْخطاب، وَسَعِيد هُوَ المَقْبُري، وَهَذَا من أَفْرَاده مُشْتَمل على حكمين مضى الْبَحْث فيهمَا.

٣٦١٢ - حدَّثني عَيَّاشُ بنُ الوَلِيدِ قَالَ حدَّثنا عبْدُ الأعْلَى قَالَ حدَّثنا مَعْمَرٌ عنِ ابنِ طاوُوسٍ عنْ أبِيهِ قَالَ سألْتُ ابنَ عَبَّاسٍ رَضِي الله تَعَالَى عنهُما مَا مَعْنَى قَوْلِهِ لَا يَبِيعَنَّ حاضِرٌ لِبادٍ فَقَالَ لَا يَكنْ لَهُ سِمْسارا. (انْظُر الحَدِيث ٨٥١٢ وطرفه) .

مطابقته للتَّرْجَمَة من حَيْثُ إِن هَذَا الحَدِيث مُخْتَصر عَن الحَدِيث الَّذِي رَوَاهُ فِي: بَاب هَل يَبِيع حَاضر لباد، فبالنظر إِلَى أصل الحَدِيث الْمُطَابقَة مَوْجُودَة، وَعَيَّاش، بتَشْديد الْيَاء آخر الْحُرُوف والشين الْمُعْجَمَة: ابْن الْوَلِيد أَبُو الْوَلِيد الرقام الْبَصْرِيّ، وَعبد الْأَعْلَى بن عبد الْأَعْلَى، وَمعمر بِفَتْح الميمين ابْن رَاشد، وَابْن طَاوُوس هُوَ عبد الله، وَقد مر الْكَلَام فِيهِ هُنَاكَ.

٤٦١٢ - حدَّثنا مُسَدَّدٌ قَالَ حَدثنَا يَزِيدُ بنُ زُرَيْعٍ قَالَ حدَّثني التيْمِيُّ عنْ أبِي عُثْمَانَ عنْ عَبْدِ الله رَضِي الله تَعَالَى عنهُ قَالَ مَنِ اشْتَرَى مُحَفَّلَةً فَلْيَرُدَّ معَها صَاعا ونَهَى النبيُّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عنْ تَلَقِّي البُيُوعِ. .

مطابقته للتَّرْجَمَة فِي قَوْله: (عَن تلقي الْبيُوع) ، التَّمِيمِي هُوَ سُلَيْمَان بن طرخان أَبُو الْمُعْتَمِر، وَأَبُو عُثْمَان هُوَ عبد الرَّحْمَن بن مل النَّهْدِيّ، بالنُّون، وَهَؤُلَاء كلهم بصريون، وَقد مضى الحَدِيث فِي: بَاب النَّهْي للْبَائِع أَن لَا يحفل، فَإِنَّهُ أخرجه هُنَاكَ: عَن مُسَدّد عَن

<<  <  ج: ص:  >  >>