للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

لِلنَّصَارَى أَنه حَلَال فِي شريعتهم. وَاخْتلف الْعلمَاء فِي الِانْتِفَاع بِشعرِهِ، فكرهه ابْن سِيرِين وَالْحكم وَهُوَ قَول الشَّافِعِي وَأحمد وَإِسْحَاق، وَقَالَ الطَّحَاوِيّ: لَا ينْتَفع من الْخِنْزِير بِشَيْء وَلَا يجوز بيع شَيْء مِنْهُ، وَيجوز للخرازين أَن يبيعوا شَعْرَة أَو شعرتين للخرازة، وَرخّص فِيهِ الْحسن وَطَائِفَة، وَذكر عَن مَالك: أَنه لَا بَأْس بالخرازة بِشعرِهِ، وَأَنه لَا بَأْس بِبيعِهِ وشرائه، وَقَالَ الْأَوْزَاعِيّ: يجوز للخراز أَن يَشْتَرِيهِ، وَلَا يجوز لَهُ أَن يَبِيعهُ، وَمِنْه مَا قَالَه الْبَيْهَقِيّ فِي (سنَنه) أَن الْخِنْزِير أَسْوَأ حَالا من الْكَلْب، لِأَنَّهُ لم ينزل بقتْله بِخِلَافِهِ. قلت: الْخِنْزِير نجس الْعين حَتَّى لَا يجوز دباغة جلده، بِخِلَاف الْكَلْب على مَا عرف فِي الْفُرُوع.

٣٠١ - (بابٌ لَا يُذَابُ شَحْمُ المَيْتَةِ ولَا يُباعُ ودَكُهُ)

أَي: هَذَا بَاب يذكر فِيهِ: لَا يذاب شَحم الْميتَة، وَلَا يذاب مَجْهُول من: يذيب إذابة، من ذاب الشيى ذوبا ضد: جمد قَوْله: (ودكه) بِفَتْح الْوَاو وَالدَّال، وَفِي (الْمغرب) : الودك من اللَّحْم والشحم مَا يتحلب مِنْهُ، وَقَول الْفُقَهَاء: ودك الْميتَة من ذَلِك، وَقَالَ ابْن الْأَثِير: الودك: هُوَ دسم اللَّحْم ودهنه الَّذِي يسْتَخْرج مِنْهُ.

روَاهُ جابِرٌ رَضِي الله تَعَالَى عنهُ عنِ النبيِّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم

أَي: روى الْمَذْكُور من ترك إذابة شَحم الْميتَة وَترك بيع الودك جَابر بن عبد الله عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، وَهَذَا تَعْلِيق أسْندهُ البُخَارِيّ فِي بَاب بيع الْميتَة والأصنام، يَأْتِي بعد ثَمَانِيَة أَبْوَاب.

١٦٦ - (حَدثنَا الْحميدِي قَالَ حَدثنَا سُفْيَان قَالَ حَدثنَا عَمْرو بن دِينَار قَالَ أَخْبرنِي طَاوس أَنه سمع ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا يَقُول بلغ عمر أَن فلَانا بَاعَ خمرًا فَقَالَ قَاتل الله فلَانا ألم يعلم أَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ قَاتل الله الْيَهُود حرمت عَلَيْهِم الشحوم فجملوها فَبَاعُوهَا) مطابقته للتَّرْجَمَة فِي قَوْله حرمت عَلَيْهِم الشحوم فجملوها بِالْجِيم والْحميدِي بِضَم الْحَاء الْمُهْملَة هُوَ عبد الله بن الزبير ابْن عِيسَى الْقرشِي الْمَكِّيّ وَهُوَ من أَفْرَاد البُخَارِيّ وسُفْيَان هُوَ ابْن عُيَيْنَة وَكَانَ الْحميدِي أثبت النَّاس وَفِيه وَقَالَ جالسته تسع عشرَة سنة أَو نَحْوهَا والْحَدِيث أخرجه البُخَارِيّ أَيْضا فِي ذكر بني إِسْرَائِيل عَن عَليّ بن عبد الله عَن سُفْيَان وَأخرجه مُسلم فِي الْبيُوع أَيْضا عَن أبي بكر بن أبي شيبَة وَزُهَيْر بن حَرْب واسحق بن إِبْرَاهِيم ثَلَاثَتهمْ عَن ابْن عُيَيْنَة بِهِ وَعَن أُميَّة بن بسطَام عَن يزِيد بن زُرَيْع وَأخرجه النَّسَائِيّ فِي الذَّبَائِح وَفِي التَّفْسِير عَن اسحق بن إِبْرَاهِيم بِهِ وَأخرجه ابْن ماجة فِي الْأَشْرِبَة عَن أبي بكر بن أبي شيبَة بِهِ قَوْله " قَاتل الله فلَانا " قَالَ الْبَيْضَاوِيّ أَي عاداهم وَقيل قَتلهمْ فَأخْرج فِي صُورَة الْمُبَالغَة أَو عبر عَنهُ بِمَا هُوَ سَبَب عَنهُ فَمنهمْ بِمَا اخترعوا من الْحِيَل انتصبوا لمحاربة الله ومقاتلته وَمن قَاتله قَتله وَقَالَ الْخطابِيّ قيل أَن الَّذِي فِيهِ عمر رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ هَذَا القَوْل سَمُرَة فَإِنَّهُ خللها ثمَّ بَاعهَا وَكَيف يجوز على مثل سَمُرَة أَن يَبِيع عين الْخمر وَقد شاع تَحْرِيمهَا لكنه أول فِيهَا بِأَن خللها وَغير اسْمهَا كَمَا أولوه بالإذابة فِي الشَّحْم فعابه عمر على ذَلِك انْتهى قلت قَالَ مُسلم حَدثنَا أَبُو بكر بن أبي شيبَة وَزُهَيْر بن حَرْب وَإِسْحَاق بن إِبْرَاهِيم وَاللَّفْظ لأبي بكر قَالَ حَدثنَا سُفْيَان عَن عَمْرو وَعَن طَاوس عَن ابْن عَبَّاس قَالَ بلغ عمر رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ أَن سَمُرَة بَاعَ خمرًا فَقَالَ قَاتل الله سَمُرَة ألم يعلم أَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ لعن الله الْيَهُود حرمت عَلَيْهِم الشحوم فجملوها فَبَاعُوهَا " وَرَوَاهُ الْبَيْهَقِيّ من طَرِيق الزَّعْفَرَانِي عَن سُفْيَان وَزَاد فِي رِوَايَته سَمُرَة بن جُنْدُب وَقَالَ الْقُرْطُبِيّ وَغَيره اخْتلف فِي تَفْسِيره بيع سَمُرَة الْخمر على ثَلَاثَة أَقْوَال أَحدهمَا أَنه أَخذهَا من أهل الْكتاب عَن قيمَة الْجِزْيَة فَبَاعَهَا مِنْهُم مُعْتَقدًا جَوَاز ذَلِك وَالثَّانِي أَن يكون بَاعَ الْعصير مِمَّن يَتَّخِذهُ خمرًا والعصير يُسمى خمرًا كَمَا يُسمى الْعِنَب بِهِ لِأَنَّهُ يؤول إِلَيْهِ قَالَ الْخطابِيّ وَلَا يظنّ بسمرة أَنه بَاعَ عين الْخمر بعد أَن شاع تَحْرِيمهَا وَإِنَّمَا بَاعَ الْعصير وَالثَّالِث أَن يكون خلل الْخمر وباعها لما ذكرنَا آنِفا وَقَالَ

<<  <  ج: ص:  >  >>