للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

ابْن عَوْف مَرْفُوعا نَحوه. وَمِنْهَا: مَا رَوَاهُ ابْن عدي فِي (الْكَامِل) عَن الضَّحَّاك بن نبراس الْبَصْرِيّ عَن يحيى بن أبي كثير عَن أبي سَلمَة عَن أبي هُرَيْرَة عَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم نَحوه. وَمِنْهَا: حَدِيث رَوَاهُ أَبُو دَاوُد من حَدِيث الْمُغيرَة بن زِيَاد الْموصِلِي عَن عبَادَة بن نسي عَن الْأسود بن ثَعْلَبَة عَن عبَادَة بن الصَّامِت رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ، قَالَ: علَّمتُ نَاسا من أهل الصّفة الْقُرْآن فأهدى إليَّ رجل مِنْهُم قوسا، فَقلت: لَيست بِمَال، وأرمي بهَا فِي سَبِيل الله. فَسَأَلت النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عَن ذَلِك؟ فَقَالَ: إِن أردْت أَن يطوقك الله طوقا من نَار فاقبلها. وَرَوَاهُ ابْن مَاجَه وَالْحَاكِم فِي (الْمُسْتَدْرك) وَقَالَ: صَحِيح الْإِسْنَاد وَلم يخرجَاهُ. وَأخرجه أَبُو دَاوُد من طَرِيق آخر من حَدِيث جُنَادَة بن أبي أُميَّة عَن عبَادَة بن الصَّامِت، قَالَ: كَانَ النَّبِي، صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، إِذا قدم الرجل مُهَاجرا دَفعه إِلَى رجل منا يُعلمهُ الْقُرْآن، فَدفع إليَّ رجلا كَانَ معي وَكنت أقرئه الْقُرْآن، فَانْصَرَفت يَوْمًا إِلَى أَهلِي فَرَأى أَن عَلَيْهِ حَقًا، فأهدى إِلَيّ قوسا مَا رَأَيْت أَجود مِنْهَا عودا، وَلَا أحسن مِنْهَا عَطاء، فَأتيت رَسُول الله، صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، فاستفتيته، فَقَالَ: جَمْرَة بَين كتفيك تقلدتها أَو تعلقتها. وَأخرجه الْحَاكِم فِي (كتاب الْفَضَائِل) عَن أبي الْمُغيرَة عبد القدوس بن الْحجَّاج عَن بشر بن عبد الله بن يسَار بِهِ سندا ومتنا. وَقَالَ: حَدِيث صَحِيح الأسناد وَلم يخرجَاهُ. وَمِنْهَا: مَا رَوَاهُ ابْن مَاجَه من حَدِيث عَطِيَّة الكلَاعِي عَن أبي بن كَعْب، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ، قَالَ: علمت رجلا الْقُرْآن فأهدى إليَّ قوسا، فَذكرت ذَلِك للنَّبِي، صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، فَقَالَ: إِن أَخَذتهَا أخذت قوسا من نَار. قَالَ: فرددتها. وَمِنْهَا: مَا رَوَاهُ عُثْمَان بن سعيد الدَّارمِيّ من حَدِيث أم الدَّرْدَاء عَن أبي الدَّرْدَاء أَن رَسُول الله، صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، قَالَ: (من أَخذ قوسا على تَعْلِيم الْقُرْآن قَلّدهُ الله قوسا من نَار) . وَمِنْهَا: مَا رَوَاهُ الْبَيْهَقِيّ فِي (شعب الْإِيمَان) من حَدِيث سُلَيْمَان بن بُرَيْدَة عَن أَبِيه قَالَ: قَالَ رَسُول الله، صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: (من قَرَأَ الْقُرْآن يَأْكُل بِهِ النَّاس جَاءَ يَوْم الْقِيَامَة وَوَجهه عَظمَة لَيْسَ عَلَيْهِ لحم) . وَمِنْهَا: مَا رَوَاهُ التِّرْمِذِيّ من حَدِيث عمرَان بن حُصَيْن يرفعهُ: (اقرأوا الْقُرْآن وسلوا الله بِهِ، فَإِن من بعدكم قوم يقرأون الْقُرْآن يسْأَلُون النَّاس بِهِ) . وَذكر ابْن بطال من حَدِيث حَمَّاد بن سَلمَة عَن أبي جرهم عَن أبي هُرَيْرَة، قلت: (يَا رَسُول الله {مَا تَقول فِي المعلمين؟ قَالَ} أجرهم حرَام) وَذكر ابْن الْجَوْزِيّ من حَدِيث ابْن عَبَّاس، مَرْفُوعا: (لَا تستأجروا المعلمين) وَهَذَا غير صَحِيح، وَفِي إِسْنَاده أَحْمد بن عبد الله الْهَرَوِيّ، قَالَ ابْن الْجَوْزِيّ: دجال يضع الحَدِيث، وَوَافَقَهُ صَاحب التَّنْقِيح، وَهَذِه الْأَحَادِيث، وَإِن كَانَ فِي بَعْضهَا مقَال، لَكِنَّهَا يُؤَكد بَعْضهَا بَعْضًا، وَلَا سِيمَا حَدِيث الْقوس، فَإِنَّهُ صَحِيح كَمَا ذكرنَا، وَإِذا تعَارض نصان أَحدهمَا مُبِيح وَالْآخر محرم يدل على النّسخ كَمَا نذكرهُ عَن قريب، وَكَذَلِكَ الْكَلَام فِي حَدِيث أبي سعد الْخُدْرِيّ الَّذِي يَأْتِي عَن قريب، إِن شَاءَ الله تَعَالَى، فِي هَذَا الْبَاب.

وَأجَاب ابْن الْجَوْزِيّ نَاقِلا عَن أَصْحَابه عَن حَدِيث أبي سعيد، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ، ثَلَاثَة أجوبة: أَحدهَا: أَن الْقَوْم كَانُوا كفَّارًا فَجَاز أَخذ أَمْوَالهم. وَالثَّانِي: أَن حق الضَّيْف وَاجِب وَلم يضيفوهم. وَالثَّالِث: أَن الرّقية لَيست بقربة مَحْضَة، فَجَاز أَخذ الْأُجْرَة عَلَيْهَا. وَقَالَ الْقُرْطُبِيّ: وَلَا نسلم أَن جَوَاز أَخذ الإجر فِي الرقي يدل على جَوَاز التَّعْلِيم بِالْأَجْرِ، وَقَالَ بعض أَصْحَابنَا: وَمعنى قَوْله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: (إِن أَحَق مَا إخذتم عَلَيْهِ أجرا كتاب الله) ، يَعْنِي: إِذا رقيتم بِهِ، وَحمل بعض من منع أَخذ الْأجر على تَعْلِيم الْقُرْآن الْأجر فِي الحَدِيث الْمَذْكُور على الثَّوَاب، وَبَعْضهمْ ادعوا أَنه مَنْسُوخ بالأحاديث الْمَذْكُورَة الَّتِي فِيهَا الْوَعيد، وَاعْترض عَلَيْهِ بَعضهم بِأَنَّهُ إِثْبَات النّسخ بالإحتمال، وَهُوَ مَرْدُود. قلت: منع هَذَا بِدَعْوَى الِاحْتِمَال مَرْدُود، وَمن الَّذِي قَالَ هَذَا الحَدِيث يحْتَمل النّسخ، بل الَّذِي ادّعى النّسخ إِنَّمَا قَالَ: هَذَا الحَدِيث يحْتَمل الْإِبَاحَة، وَالْأَحَادِيث الْمَذْكُورَة تمنع الْإِبَاحَة قطعا، والنسخ هُوَ الْحَظْر بعد الْإِبَاحَة، لِأَن الْإِبَاحَة أصل فِي كل شَيْء، فَإِذا طَرَأَ الْحَظْر يدل على النّسخ بِلَا شكّ، وَقَالَ بَعضهم: الْأَحَادِيث الْمَذْكُورَة لَيْسَ فِيهَا مَا تقوم بِهِ الْحجَّة فَلَا تعَارض الْأَحَادِيث الصَّحِيحَة. قلت: لَا نسلم عدم قيام الْحجَّة فِيهَا. فَإِن حَدِيث الْقوس صَحِيح، وَفِيه الْوَعيد الشَّديد. وَقَالَ الطَّحَاوِيّ: وَيجوز الْأجر على الرقى وَإِن كَانَ يدْخل فِي بعضه الْقُرْآن، لِأَنَّهُ لَيْسَ على النَّاس أَن يرقي بَعضهم بَعْضًا، وَتَعْلِيم النَّاس بَعضهم بَعْضًا الْقُرْآن وَاجِب، لِأَن فِي ذَلِك التَّبْلِيغ عَن الله تَعَالَى، وَقَالَ صَاحب (التَّوْضِيح) : قَول الطَّحَاوِيّ هَذَا غلط، لِأَن تعلمه لَيْسَ بِفَرْض، فَكيف تَعْلِيمه؟ وَإِنَّمَا الْفَرْض الْمعِين مِنْهُ على كل أحد مَا تقوم بِهِ الصَّلَاة، وَغير ذَلِك فَضِيلَة ونافلة، وَكَذَلِكَ تَعْلِيم النَّاس بَعضهم بَعْضًا، لَيْسَ بِفَرْض مُتَعَيّن عَلَيْهِم، وَإِنَّمَا هُوَ على الْكِفَايَة، وَلَا فرق بَين الْأُجْرَة فِي الرقي وعَلى تَعْلِيم الْقُرْآن، لِأَن ذَلِك كُله مَنْفَعَة. انْتهى. قلت: هَذَا كَلَام صادر بقلة الْأَدَب وَعدم مُرَاعَاة أدب الْبَحْث، سَوَاء كَانَ هَذَا الْكَلَام مِنْهُ أَو هُوَ نَقله

<<  <  ج: ص:  >  >>