للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

الْحق أَن يحْبسهُ، وَقيل: يلازمه. وَفِيه: أَمر بِقبُول الْحِوَالَة، فمذهب الشَّافِعِي: يسْتَحبّ لَهُ الْقبُول. وَقيل: الْأَمر فِيهِ للْوُجُوب، وَهُوَ مَذْهَب دَاوُد، وَعَن أَحْمد رِوَايَتَانِ الْوُجُوب وَالنَّدْب، وَالْجُمْهُور على أَنه ندب لِأَنَّهُ من بَاب التَّيْسِير على الْمُعسر، وَقيل: مُبَاح، وَلما سَأَلَ ابْن وهب مَالِكًا عَنهُ! قَالَ: هَذَا أَمر ترغيب وَلَيْسَ بإلزام، وَيَنْبَغِي لَهُ أَن يُطِيع سيدنَا رَسُول الله، صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، بِشَرْط أَن يكون بدين وإلَاّ فَلَا حِوَالَة لِاسْتِحَالَة حَقِيقَتهَا إِذْ ذَاك، وَإِنَّمَا يكون حمالَة. وَفِي (التَّوْضِيح) ؛ وَمن شَرطهَا تَسَاوِي الدينَيْنِ قدرا ووصفا وجنسا كالحلول وَالتَّأْخِير، وَقَالَ ابْن رشد: وَمِنْهُم من أجازها فِي الذَّهَب وَالدَّرَاهِم فَقَط، ومنعها فِي الطَّعَام، وَأَجَازَ مَالك إِذا كَانَ الطعامان كِلَاهُمَا من قرض إِذا كَانَ دين الْمحَال حَالا، وَأما إِن كَانَ أَحدهمَا من سلم فَإِنَّهُ لَا يجوز إِلَّا أَن يكون الدينان حَالين، وَعند ابْن الْقَاسِم وَغَيره من أَصْحَاب مَالك: يجوز ذَلِك إِذا كَانَ الدّين الْمحَال بِهِ حَالا، وَلم يفرق بَين ذَلِك الشَّافِعِي لِأَنَّهُ كَالْبيع فِي ضَمَان الْمُسْتَقْرض. وَأما أَبُو حنيفَة، فَأجَاز الْحِوَالَة بِالطَّعَامِ وَشبهه بِالدَّرَاهِمِ، وَفِي (التَّلْوِيح) : وَجُمْهُور الْعلمَاء على أَن الْحِوَالَة ضد الْحمالَة فِي أَنه إِذا أفلس الْمحَال عَلَيْهِ لم يرجع صَاحب الدّين على الْمُحِيل بِشَيْء، وَعند أبي حنيفَة: يرجع صَاحب الدّين على الْمُحِيل إِذا مَاتَ الْمحَال عَلَيْهِ مُفلسًا أَو حكم بإفلاسه أَو جحد الْحِوَالَة وَلَا بَيِّنَة لَهُ، وَبِه قَالَ ابْن شُرَيْح وَعُثْمَان البتي وَجَمَاعَة، وَقد مر فِي أول الْبَاب وَفِي الرَّوْضَة للنووي: أما الْمحَال عَلَيْهِ فَإِن كَانَ عَلَيْهِ دين للْمُحِيل لم يعْتَبر رِضَاهُ على الْأَصَح، وَإِن لم يكن لم يَصح بِغَيْر رِضَاهُ قطعا وبإذنه وَجْهَان، وَفِي الْجَوَاهِر للمالكية أما الْمحَال عَلَيْهِ فَلَا يشْتَرط رِضَاهُ، وَفِي بعض كتب الْمَالِكِيَّة: يشْتَرط رِضَاهُ إِذا كَانَ عدوا وإلَاّ فَلَا، وَأما الْمُحِيل فرضاه شَرط عندنَا وَعِنْدهم لِأَنَّهُ الأَصْل فِي الْحِوَالَة وَفِي الْعُيُون والزيادات لَيْسَ بِشَرْط، وَقَالَ صَاحب (التَّلْوِيح) : ورئي بِخَط بعض الْفُضَلَاء فِي قَوْله: مطل الْغَنِيّ ظلم، دلَالَة على أَن الْحِوَالَة إِنَّمَا تكون بعد حُلُول الْأَجَل فِي الدّين، لِأَن المطل لَا يكون إِلَّا بعد الْحُلُول. وَفِيه: مُلَازمَة المماطل وإلزامه بِدفع الدّين والتوصل إِلَيْهِ بِكُل طَرِيق وَأَخذه مِنْهُ قهرا.

٢ - (بابٌ إِذا أحالَ على مُلِيٍّ فَليْسَ لَهُ رَدٌّ)

هَذَا الْبَاب وَقع فِي نُسْخَة الْفربرِي لَا غير أَي: هَذَا بَاب يذكر فِيهِ إِذا أحَال صَاحب الْحق على رجل ملي فَلَيْسَ لَهُ رد.

٨٨٢٢ - حدَّثنا مُحَمَّدُ بنُ يوسُفَ قَالَ حَدثنَا سُفْيَانُ عنُ ابنِ ذَكْوَانَ عنِ الأعْرَجِ عنْ أبِي هُرَيْرَةَ رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ عنِ النبيِّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ مَطْلُ الغَنِيِّ ظُلْمٌ ومَنْ أُتْبِعَ علَى مَلِيٍّ فلْيَتَّبِعْ. (انْظُر الحَدِيث ٧٨٢٢ وطرفه) .

مطابقته للتَّرْجَمَة ظَاهِرَة وَمُحَمّد بن يُوسُف أَبُو أَحْمد البُخَارِيّ البيكندي، وَهُوَ من أَفْرَاده، وَلَيْسَ هَذَا مُحَمَّد بن يُوسُف ابْن وَاقد أَبُو عبد الله الْفرْيَابِيّ، وَهُوَ أَيْضا شيخ البُخَارِيّ، روى عَنهُ فِي الْكتاب، وَذكر ابْن مَسْعُود أَن البُخَارِيّ رَوَاهُ عَن مُحَمَّد بن يُوسُف فِي كتاب الْحِوَالَة، وَكَذَا ذكره خلف وَأَبُو الْعَبَّاس الطرقي وَمن طَرِيقه أخرجه التِّرْمِذِيّ عَن الثَّوْريّ وَأخرجه النَّسَائِيّ عَن سُفْيَان بن عُيَيْنَة. قَوْله: (عَن ابْن ذكْوَان) ، هُوَ عبد الله بن ذكْوَان، والأعرج عبد الرَّحْمَن بن هُرْمُز، وَالْكَلَام فِيهِ قد مر عَن قريب.

٣ - (بابٌ إِذا أحالَ دَيْنَ المَيِّتِ على رَجُلٍ جازَ)

أَي: هَذَا بَاب يذكر فِيهِ إِن أحَال دين الْمَيِّت على رجل جَازَ، أَي: هَذَا الْفِعْل، وَقَالَ ابْن بطال: إِنَّمَا ترْجم بالحوالة، فَقَالَ: إِن أحَال دين الْمَيِّت، ثمَّ أَدخل حَدِيث سَلمَة، وَهُوَ فِي الضَّمَان لِأَن الْحِوَالَة وَالضَّمان متقاربان، وَإِلَيْهِ ذهب أَبُو ثَوْر لِأَنَّهُمَا ينتظمان فِي كَون كل مِنْهُمَا نقل ذمَّة إِلَى ذمَّة آخر، فِي هَذَا الحَدِيث نقل مَا فِي ذمَّة الْمَيِّت إِلَى ذمَّة الضَّامِن، فَصَارَ كالحوالة.

٩٨٢٢ - حدَّثنا المَكِّيُّ بنُ إبْراهِيمَ قَالَ حَدثنَا يَزيدُ بنُ أبِي عُبَيْدٍ عنْ سَلَمَةَ بنِ الأكْوَعِ رَضِي الله تَعَالَى عنهُ قَالَ كُنَّا جُلُوسًا عنْدَ النَّبِيِّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إذْ أُتَى بجَنَازَةٍ فَقَالُوا صَلِّ عليْها فَقالَ هلْ

<<  <  ج: ص:  >  >>