للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

الِابْتِدَاء مقدرَة قبلهَا تَقْدِيره: لِأَن يمنح، أَي: لمنح أحدكُم أَخَاهُ خير لكم، والمصدر مُضَاف إِلَى أحدكُم مُبْتَدأ وَخَبره هُوَ قَوْله: خير لكم، وَيُؤَيّد مَا ذَكرْنَاهُ أَنه وَقع فِي رِوَايَة الطَّحَاوِيّ بلام الِابْتِدَاء ظَاهِرَة، فَإِنَّهُ روى هَذَا الحَدِيث، وَفِيه: لِأَن يمنح أحدكُم أَخَاهُ أرضه خير لَهُ من أَن يَأْخُذ عَلَيْهَا خراجاً مَعْلُوما. وَوَقع فِي رِوَايَة مُسلم: يمنح أحدكُم، بِدُونِ: أَن، وَاللَّام، وَقد جَاءَ: أَن، بِالْفَتْح بِمَعْنى: إِن، بِالْكَسْرِ الشّرطِيَّة، فيحنئذ يكون: يمنح، مَجْزُومًا بِهِ، وَجَوَاب الشَّرْط، خير، وَلَكِن فِيهِ حذف تَقْدِيره: هُوَ خير لكم. قَوْله: (من أَن يَأْخُذ) ، أَن هُنَا أَيْضا مَصْدَرِيَّة أَي: من أَخذه عَلَيْهِ، وَالضَّمِير فِيهِ يرجع إِلَى قَوْله: أَخَاهُ. قَوْله: (خرجا) أَي: أُجْرَة، وَالْغَرَض أَنه يَجْعَلهَا لَهُ منحة أَي عَطِيَّة عَارِية، لأَنهم كَانُوا يتنازعون فِي كِرَاء الأَرْض حَتَّى أفْضى بهم إِلَى التقاتل وَقد بَين الطَّحَاوِيّ عِلّة النَّهْي فِي حَدِيث رَافع، فَقَالَ: حَدثنَا عَليّ بن شيبَة، قَالَ: حَدثنَا يحيى بن يحيى، قَالَ: حَدثنَا بشر بن الْمفضل عَن عبد الرَّحْمَن بن إِسْحَاق عَن أبي عُبَيْدَة بن مُحَمَّد بن عمار بن يَاسر عَن الْوَلِيد بن أبي الْوَلِيد عَن عُرْوَة بن الزبير عَن زيد بن ثَابت، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ، أَنه قَالَ: يغْفر الله لرافع بن خديج، أَنا وَالله كنت أعلم مِنْهُ بِالْحَدِيثِ، إِنَّمَا جَاءَ رجلَانِ من الْأَنْصَار إِلَى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قد اقتتلا، فَقَالَ: (إِن كَانَ هَذَا شَأْنكُمْ فَلَا تكروا الْمزَارِع) . فَسمع قَوْله: لَا تكروا الْمزَارِع. قَالَ الطَّحَاوِيّ: فَهَذَا زيد بن ثَابت يخبر أَن قَول النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: لَا تكروا الْمزَارِع النَّهْي الَّذِي قد سَمعه رَافع لم يكن من النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم على وَجه التَّحْرِيم، وَإِنَّمَا كَانَ لكراهيته وُقُوع الشَّرّ بَينهم، وَأخرجه أَبُو دَاوُد وَالنَّسَائِيّ وَابْن مَاجَه أَيْضا. وَقَالَ الطَّحَاوِيّ: وَقد رُوِيَ عَن ابْن عَبَّاس من الْمَعْنى الَّذِي ذكره زيد بن ثَابت من حَدِيث رَافع بن خديج شَيْء ثمَّ روى حَدِيث الْبَاب نَحوه.

١١ - (بابُ المُزَارَعَةِ مَعَ اليَهُودِ)

أَي: هَذَا بَاب فِي بَيَان حكم الْمُزَارعَة مَعَ الْيَهُود، وَأَرَادَ بِهَذِهِ التَّرْجَمَة أَنه لَا فرق فِي جَوَاز الْمُزَارعَة بَين الْمُسلمين وَأهل الذِّمَّة، وَإِنَّمَا خصص الْيَهُود بِالذكر، وَإِن كَانَ الحكم يَشْمَل أهل الذِّمَّة كلهم، لِأَن الْمَشْهُور فِي حَدِيث الْبَاب الْيَهُود، فَإِذا جَازَت الْمُزَارعَة مَعَ الْيَهُود جَازَت مَعَ غَيرهم من أهل الذِّمَّة كَذَلِك.

١٣٣٢ - حدَّثنا ابنُ مُقَاتِلٍ قَالَ أخبرَنا عبدُ الله قَالَ أخبرنَا عُبَيْدُ الله عنْ نافِعٍ عنِ ابنِ عُمَرَ رَضِي الله تَعَالَى عَنْهُمَا أنَّ رسولَ الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أعْطَى خَيْبرَ الْيَهُودَ على أنْ يَعْمَلُوهَا ويَزْرَعُوها ولَهُمْ شَطْرُ مَا يَخْرُجُ مِنْها. .

مطابقته للتَّرْجَمَة ظَاهِرَة، وَابْن مقَاتل هُوَ مُحَمَّد بن مقَاتل، وَعبد الله هُوَ ابْن الْمُبَارك، وَعبيد الله هُوَ ابْن عمر الْعمريّ. والْحَدِيث مضى فِيمَا قبل هَذَا الْبَاب، فَإِنَّهُ أخرجه هُنَاكَ: عَن مُسَدّد عَن يحيى بن سعيد عَن عبيد الله عَن نَافِع إِلَى آخِره، وَقد مر الْكَلَام فِيهِ هُنَاكَ.

٢١ - (بابُ مَا يُكْرَه مِنَ الشُّرُوطِ فِي المُزَارَعَةِ)

أَي: هَذَا بَاب فِي بَيَان مَا يكره إِلَى آخِره.

٢٣٣٢ - حدَّثنا صَدَقَةُ بنُ الفَضْلِ قَالَ أخبرنَا ابنُ عُيَيْنَةَ عنْ يَحْيَى قَالَ سَمِعَ حَنْظلَةَ الزُّرَقِيَّ عنْ رافِعٍ رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ قَالَ كنَّا أكْثَرَ أهْلِ المَدِينَةِ حَقْلاً وكانَ أحَدُنَا يُكْرِي أرْضَهُ فيَقُولُ هَذِهِ القِطْعَةُ لِي وهَذِهِ لَكَ فَرُبَّمَا أخْرَجَتْ ذِهْ ولَمْ تُخْرِجِ ذِهْ فنَهَاهُمْ النبيُّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم.

مطابقته للتَّرْجَمَة تُؤْخَذ من قَوْله: (فَيَقُول: هَذِه الْقطعَة لي) إِلَى آخِره. وَهَذَا فِي الْحَقِيقَة شَرط يُؤَدِّي إِلَى النزاع، وَهُوَ ظَاهر، وَابْن عُيَيْنَة هُوَ: سُفْيَان بن عُيَيْنَة، وَيحيى هُوَ ابْن سعيد الْأنْصَارِيّ، وحَنْظَلَة ابْن قيس الزرقي. والْحَدِيث مضى فِي الْبَاب الْمَذْكُور مُجَردا الملحق: بِبَاب قطع الشّجر والنخيل، وَقد مر الْكَلَام فِيهِ مُسْتَوفى، وَإِنَّمَا أَشَارَ بِذكر هَذَا إِلَى

<<  <  ج: ص:  >  >>