للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

" وَكَانَ ذَلِك " أَي قَوْله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - اسْقِ ثمَّ احْبِسْ حَتَّى يرجع إِلَى الْجدر قَوْله " إِلَى الْكَعْبَيْنِ " أَي يقدر إِلَى الْكَعْبَيْنِ يَعْنِي يكون مِقْدَار المَاء الَّذِي يرجع إِلَى الْجدر يبلغ الْكَعْبَيْنِ وَقد ذكرنَا أَحَادِيث فِي الْبَاب الَّذِي قبل الْبَاب الَّذِي قبله فِيمَا يتَعَلَّق بِهَذَا الحكم وَقَالَ ابْن التِّين الْجُمْهُور على أَن الحكم أَن يمسك إِلَى الْكَعْبَيْنِ وَخَصه ابْن كنَانَة بِالنَّخْلِ وَالشَّجر قَالَ وَأما الزَّرْع فَإلَى الشرَاك وَقَالَ الطَّبَرِيّ الْأَرَاضِي مُخْتَلفَة فَيمسك لكل أَرض مَا يكفيها لِأَن الَّذِي فِي قصَّة الزبير وَاقعَة عين وَقيل معنى قَوْله إِلَى الْجدر أَي إِلَى الْكَعْبَيْنِ قلت إِن كَانَ مُرَاده الْإِشَارَة إِلَى هَذَا التَّقْدِير فَلهُ وَجه مَا وَإِلَّا فَلَا يَصح تَفْسِير الْجدر بالكعبين (الْجدر هُوَ الأَصْل) هَذَا تَفْسِير لفظ الْجدر الْمَذْكُور فِي الحَدِيث من عِنْد البُخَارِيّ وَقد مر الْكَلَام فِيهِ وَهَذَا هُنَا وَقع فِي رِوَايَة الْمُسْتَمْلِي وَحده -

٩ - (بَاب فَضْلِ سَقْيِ الْمَاءِ)

أَي: هَذَا بَاب فِي بَيَان فضل سقِِي المَاء لكل من لَهُ حَاجَة إِلَى ذَلِك.

٣٦٣٢ - حدَّثنا عبدُ الله بنُ يُوسُفَ أخبرنَا مالِكٌ عنْ سُمَيٍّ عنْ أبِي صالِحٍ عنْ أبِي هُرَيْرَةَ رَضِي الله تَعَالَى عنهُ أنَّ رسولَ الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قالَ بَيْنَا رَجُلٍ يَمْشِي فاشْتَدَّ عَلَيْهِ العَطَشُ فنَزلَ بِئْرا فَشَرِبَ منْهَا ثُمَّ خَرَجَ فإذَا هُوَ بِكَلْبٍ يَلْهَثُ يأكُلُ الثَّرَى مِنَ العَطَشِ فقالَ لَقدْ بلغَ هَذَا مثلُ الَّذِي بلَغَ بِي فَمَلأَ خفَّهُ (ثمَّ أمْسكهُ بغيه) ثمَّ رَقِيَ فسَقَى الكَلْبَ فشَكَرَ الله لَهُ فَغَفَرَ لَهُ قَالُوا يَا رسولَ الله وإنَّ لَنا فِي البَهَائِمِ أجْراً قالَ فِي كلِّ كَبِدٍ رَطْبَةٍ أجْرٌ. .

مطابقته للتَّرْجَمَة ظَاهِرَة، وسُمَي، بِضَم السِّين الْمُهْملَة وَفتح الْمِيم وَتَشْديد الْيَاء: مولى أبي بكر بن عبد الرَّحْمَن بن الْحَارِث بن هِشَام، وَقد مر فِي كتاب الصَّلَاة، وَأَبُو صَالح ذكْوَان الزيات، وَرِجَال هَذَا الْإِسْنَاد مدنيون إلَاّ شيخ البُخَارِيّ.

والْحَدِيث أخرجه البُخَارِيّ أَيْضا فِي الْمَظَالِم عَن القعْنبِي، وَفِي الْأَدَب عَن إِسْمَاعِيل. وَأخرجه مُسلم فِي الْحَيَوَان عَن قُتَيْبَة. وَأخرجه أَبُو دَاوُد فِي الْجِهَاد عَن القعْنبِي، أربعتهم عَن مَالك.

ذكر مَعْنَاهُ: قَوْله: (بَينا) ، قد ذكرنَا غير مرّة أَن أَصله: بَين، فأشبعت فَتْحة النُّون فَصَارَ: بَينا، ويضاف إِلَى جملَة، وَهِي هُنَا قَوْله: (رجل يمشي) . قَوْله: (فَاشْتَدَّ عَلَيْهِ) ، الْفَاء فِيهِ وَقعت هُنَا موقع: إِذا، تَقْدِيره: بَينا رجل يمشي إِذا اشْتَدَّ عَلَيْهِ الْعَطش، وَهُوَ جَوَاب: بَينا، وَوَقع فِي رِوَايَة الْمَظَالِم: بَيْنَمَا، وَكِلَاهُمَا سَوَاء فِي الحكم، وَفِي رِوَايَة الدَّارَقُطْنِيّ فِي الموطآت. من طَرِيق روح عَن مَالك: يمشي بفلاة، وَله من طَرِيق ابْن وهب عَن مَالك: يمشي بطرِيق مَكَّة، وَلَيْسَ فِي رِوَايَة مُسلم هَذِه: الْفَاء، وَقد ذكرنَا فِيمَا مضى أَن الْأَفْصَح أَن يَقع جَوَاب: بَينا وبينما بِلَا كلمة، إِذْ وَإِذا، وَلَكِن وُقُوعه بهما كثير. قَوْله: الْعَطش، كَذَا فِي رِوَايَة الْأَكْثَرين، وَكَذَا فِي رِوَايَة فِي (الْمُوَطَّأ) ، وَوَقع فِي رِوَايَة الْمُسْتَمْلِي: العطاش، وَهُوَ دَاء يُصِيب الْإِنْسَان فيشرب فَلَا يرْوى، وَقَالَ ابْن التِّين: وَالصَّوَاب الْعَطش، قَالَ: وَقيل: يَصح على تَقْدِير أَن الْعَطش يحدث مِنْهُ دَاء فَيكون العطاش إسماً للداء كالزكام. قَوْله: (فَإِذا هُوَ) ، كلمة: إِذا، للمفاجأة. قَوْله: (يَأْكُل الثرى) ، بالثاء الْمُثَلَّثَة مَقْصُور يكْتب بِالْيَاءِ، وَهُوَ التُّرَاب الندي. قَوْله: (يَلْهَث) ، جملَة وَقعت حَالا من الْكَلْب، قَالَ ابْن قرقول: لهث الْكَلْب بِفَتْح الْهَاء وَكسرهَا إِذا أخرج لِسَانه من الْعَطش أَو الْحر، واللهاث، بِضَم اللَّام: الْعَطش، وَكَذَلِكَ الطَّائِر. ولهث الرجل إِذا أعيى. وَيُقَال: مَعْنَاهُ يبْحَث بيدَيْهِ وَرجلَيْهِ فِي الأَرْض، وَفِي (الْمُنْتَهى) : هُوَ ارْتِفَاع النَّفس يَلْهَث لهثاً ولهاثاً، ولهث بِالْكَسْرِ يَلْهَث لهثاً ولهاثاً مثل: سمع سَمَاعا إِذا عَطش. قَوْله: (بلغ هَذَا مثل الَّذِي بلغ بِي) ، أَي: بلغ هَذَا الْكَلْب مثل الَّذِي،

<<  <  ج: ص:  >  >>