للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

الِاسْتِيلَاء على مَال الْغَيْر ظلما. وَقيل: أَخذ حق الْغَيْر بِغَيْر حق، وَهَذِه التَّرْجَمَة هَكَذَا هِيَ فِي رِوَايَة الْمُسْتَمْلِي وَفِي رِوَايَة غَيره سقط لفظ: كتاب هَكَذَا فِي الْمَظَالِم وَالْغَصْب، وَفِي رِوَايَة النَّسَفِيّ: كتاب الْغَصْب: بَاب فِي الْمَظَالِم.

وقَوْلِ الله تعَالى: {ولَا تَحْسَبَنَّ الله غافِلاً عَمَّا يَعْمَلُ الْظَّالِمُونَ إنَّمَا يُؤَخِّرُهُمْ لِيَوْمٍ تَشْخَصُ فِيهِ الأبْصَارُ مُهْطِعِينَ مُقْنِعِي رُؤُوسِهِمْ} رَافِعِي رُؤُوسِهِمْ الْمُقْنِعُ والْمُقْمِحُ واحِدٌ (إِبْرَاهِيم: ٤١٢، ٢٤ و ٣٤) .

وَقَول الله بِالْجَرِّ عطف على مَا قبله، وَوَقع فِي رِوَايَة أبي ذَر من قَوْله: {وَلَا تحسبن الله غافلاً} (ابراهيم: ٤١٢، ٢٤ و ٣٤) . إِلَى قَوْله: {عَزِيز ذُو انتقام} (ابراهيم: ٦٤) . وَهِي سِتّ آيَات فِي أَوَاخِر سُورَة إِبْرَاهِيم، عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام، وَفِي رِوَايَة غَيره: {وَلَا تحسبن الله غافلاً} (ابراهيم: ٤١٢، ٢٤ و ٣٤) . وسَاق الْآيَة فَقَط. قَوْله: {وَلَا تحسبن الله غافلاً} (ابراهيم: ٤١٢، ٢٤ و ٣٤) . إِن كَانَ الْخطاب للرسول صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَمَعْنَاه التثبيت على مَا كَانَ عَلَيْهِ من أَنه لَا يحسبه غافلاً كَمَا فِي قَوْله تَعَالَى: {وَلَا تكونن من الْمُشْركين} (الْأَنْعَام: ٤١، يُونُس: ٥٠١، الْقَصَص: ٧٨) . وَإِن كَانَ الْخطاب لغيره مِمَّن يجوز أَنه يحسبه غافلاً لجهله بصفاته فَلَا يحْتَاج إِلَى تَقْدِير شَيْء. وَقَالَ الزَّمَخْشَرِيّ: وَيجوز أَن يُرَاد: وَلَا تحسبنه يعاملهم مُعَاملَة الغافل عَمَّا يعْملُونَ، وَلَكِن مُعَاملَة الرَّقِيب عَلَيْهِم المحاسب على النقير والقطمير. قَوْله: {إِنَّمَا يؤخرهم ليَوْم تشخص فِيهِ الْأَبْصَار} (ابراهيم: ٤١٢، ٢٤ و ٣٤) . أَي: أَبْصَارهم، لَا تقرّ فِي أماكنهم من هول مَا ترى. قَوْله: {مهطعين} (ابراهيم: ٤١٢، ٢٤ و ٣٤) . يَعْنِي: مُسْرِعين إِلَى الدَّاعِي، وَقيل: الإهطاع: أَن تقبل ببصرك على المرئي وتديم النّظر إِلَيْهِ لَا تطرف. قَوْله: {مقنعي رؤوسهم} (ابراهيم: ٤١٢، ٢٤ و ٣٤) . أَي: رافعي رُؤْسهمْ، كَذَا فسره مُجَاهِد: {وَلَا يرْتَد إِلَيْهِم طرفهم} (ابراهيم: ٤١٢، ٢٤ و ٣٤) . أَي: لَا يطرفون، وَلَكِن عيونهم مَفْتُوحَة ممدودة من غير تَحْرِيك الأجفان {وأفئدتهم هَوَاء} (ابراهيم: ٤١٢، ٢٤ و ٣٤) . أَي: خلاء، وَهُوَ الَّذِي لم تشغله الأجرام أَي: لَا فوة فِي قُلُوبهم وَلَا جَرَاءَة وَيُقَال للأحمق أَيْضا: قلبه هَوَاء، وَعَن ابْن جريج: هَوَاء أَي: صفر من الْخَيْر خَالِيَة عَنهُ. قَوْله: (الْمقنع والمقمح وَاحِد) ، كَذَا ذكره أَبُو عُبَيْدَة، أَي: هَذِه الْكَلِمَة بالنُّون وَالْعين وبالميم والحاء مَعْنَاهُمَا وَاحِد، وَهُوَ: رفع الرَّأْس. وَحكى ثَعْلَب أَن لَفْظَة: اقنع مُشْتَرك بَين مَعْنيين، يُقَال؛ أقنع إِذا رفع رَأسه، واقنع إِذا يطأطئه، وَيحْتَمل الْوَجْهَيْنِ هُنَا: أَن يرفع رَأسه ينظر ثمَّ يطاطئه ذلاً وخضوعاً.

وقالَ مُجَاهِدٌ مُهْطِعِينَ أيْ مُدِيمِي النَّظَرَ ويقالُ مُسْرِعِينَ {لَا يَرْتَدُّ إلَيْهِمْ طَرْفُهُمْ وأفْئِدَتُهُمْ هَوَاءٌ} (ابراهيم: ٤١٢، ٢٤ و ٣٤) . يَعْنِي جُوفاً لَا عُقُولَ لَهُمْ

تَفْسِير مُجَاهِد أخرجه الْفرْيَابِيّ عَنهُ، وَقد ذكرنَا معنى: {لَا يرْتَد إِلَيْهِم طرفهم وأفئدتهم هَوَاء} (ابراهيم: ٤١٢، ٢٤ و ٣٤) . قَوْله: (جوفاً) بِضَم الْجِيم جمع: أجوف، قَوْله: (يَعْنِي، لَا عقول لَهُم) كَذَا فسره أَبُو عُبَيْدَة فِي (الْمجَاز) ، وَقيل: معنى: {وأفئدتهم هَوَاء} (ابراهيم: ٤١٢، ٢٤ و ٣٤) . نزعت أفئدتهم من أَجْوَافهم.

وأنْذِرْ الناسَ يَوْمَ يَأْتِيهِمْ الْعَذَابُ فَيقُولُ الَّذِينَ ظَلَمُوا رَبَّنا أخِّرْنَا إِلَى أجَلٍ قَرِيبٍ نُجِبْ دَعْوَتَكَ ونَتَّبِع الرُّسُلَ أوَ لَمْ تَكُونُو أقْسَمْتُمْ مِنْ قَبْلُ مالَكُمْ مِنْ زوَالٍ وسَكَنْتُمْ فِي مَساكِنِ الَّذِينَ ظَلَمُوا أنْفُسَهُمْ وتبَيَّنَ لَكُمْ كَيْفَ فَعَلْنَا بِهِمْ وضَرَبْنَا لَكُمْ الأمْثَالَ وقَدْ مَكَرُوا مَكْرَهُمْ وَعِنْدَ الله مَكْرُهُمْ وإنْ كانَ مَكْرُهُمْ لِتَزُولَ مِنْهُ الجِبَالُ فَلَا تَحْسَبَنَّ الله مُخْلفٌ وعْدِهِ رُسُلَهُ إِن الله عَزِيزٌ ذُو انْتِقَامٍ} (ابراهيم: ٦٤) .

قد ذكرنَا أَن فِي رِوَايَة أبي ذَر سيق من قَوْله: {وَلَا تحسبن الله غافلاً} (ابراهيم: ٤١٢، ٢٤ و ٣٤) . إِلَى قَوْله: {عَزِيز ذُو انتقام} (ابراهيم: ٦٤) . سِتّ آيَات، وَفِي رِوَايَة غَيره آيَة وَاحِدَة فَقَط وَهِي الْآيَة الأولى. قَوْله: {وانذر النَّاس} الْخطاب للرسول صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أمره بإنذار النَّاس وتخويفهم. قَوْله: {يَوْم يَأْتِيهم الْعَذَاب} (ابراهيم: ٦٤) . وَهُوَ يَوْم الْقِيَامَة وَهُوَ مفعول ثَان: لأنذر. قَوْله: {أخرنا إِلَى أجل قريب} (ابراهيم: ٦٤) . يَعْنِي: ردنا إِلَى الدُّنْيَا وأمهلنا إل أجل وحد من الزَّمَان قريب نتدارك مَا فرطنا فِيهِ من إِجَابَة دعوتك وَاتِّبَاع رسلك. قَوْله: {أَو لم تَكُونُوا أقسمتم} (ابراهيم: ٦٤) . أَي: يُقَال لَهُم: أَو لم تَكُونُوا حلفتم أَنكُمْ باقون فِي الدُّنْيَا لَا تزالون بِالْمَوْتِ والفناء حَتَّى كَفرْتُمْ بِالْبَعْثِ وسكنتم فِي مسَاكِن الَّذين ظلمُوا من قبلكُمْ {وَتبين لكم} (ابراهيم: ٦٤) . ظهر لكم مَا فعلنَا بهم من أَنْوَاع الزَّوَال بموتهم وخراب مساكنهم والانتقام مِنْهُم، بَعْضهَا بِالْمُشَاهَدَةِ

<<  <  ج: ص:  >  >>