للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

أَرَادَت بإرسالها ذَلِك إِلَى بَيت عَائِشَة أذاها، والمظاهرة عَلَيْهَا، فَلَمَّا كسرتها لم يزدْ على أَن قَالَ: (غارت أمكُم وَجمع الطَّعَام بِيَدِهِ وَقَالَ: قَصْعَة بقصعة وَأما طَعَام بِطَعَام) ، لِأَنَّهُ كَانَ يعلم بإتلافه قبُول لَهُ أَو فِي حكمه، وَقَالَ القَاضِي أَبُو بكر: وَلم يغرم الطَّعَام لِأَنَّهُ كَانَ مهْدي، فإتلافه قبُوله لَهُ، أَو فِي حكم الْقبُول، قيل: فِيهِ نظر لِأَن الطَّعَام لم يتْلف فَإِنَّهُ دعى بقصعة فَوَضعه فِيهَا، وَقَالَ: (كلوا غارت أمكُم) . وَأجِيب: بِأَن هَذَا الطَّعَام إِن كَانَ هَدِيَّة فيستدعى أَن يكون ملكا للمهدي فَلَا غَرَامَة، وَإِن كَانَ ملكا للنَّبِي، صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، بِاعْتِبَار أَن مَا كَانَ فِي بيُوت أَزوَاجه، صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، فَهُوَ ملك لَهُ فَلَا يتَصَوَّر فِيهِ الغرامة. وَقَالَ ابنُ أبي مَرْيَمَ قَالَ أخبَرَنَا يَحْيَى بنُ أيُّوبَ قَالَ حدَّثنا حُمَيْدٌ قَالَ حدَّثنا أنَسٌ عنِ النبيِّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم

ابْن أبي مَرْيَم اسْمه سعيد بن مُحَمَّد بن الحكم بن أبي مَرْيَم، وَهُوَ أحد شُيُوخ البُخَارِيّ، وَأَرَادَ بِهَذَا الْكَلَام بَيَان التَّصْرِيح بتحديث أنس لحميد.

٥٣ - (بابٌ إذَا هَدَمَ حائِطاً فَلْيَبْنِ مِثْلَهُ)

أَي: هَذَا بَاب يذكر فِيهِ إِذا هدم شخص حَائِط شخص فليبن مثله وَهَذَا بِعَيْنِه، مَذْهَب أبي حنيفَة وَالشَّافِعِيّ وَأبي ثَوْر، فَإِنَّهُم قَالُوا: إِذا هدم رجل حَائِطا لآخر فَإِنَّهُ يَبْنِي لَهُ مثله، فَإِن تَعَذَّرَتْ الْمُمَاثلَة رَجَعَ إِلَى الْقيمَة، وَفِي فَتَاوَى الظَّهِيرِيَّة ذكر الإِمَام مُحَمَّد بن الْفضل: إِذا هدم رجل حَائِط إِنْسَان إِن كَانَ من خشب ضمن الْقيمَة، وَإِن كَانَ من طين وَكَانَ عتيقاً قَدِيما فَكَذَلِك، وَإِن كَانَ حَدِيثا جَدِيدا أَمر بإعادته.

٢٨٤٢ - حدَّثنا مُسْلِمُ بنُ إبْرَاهِيمَ قَالَ حدَّثنا جَرِيرٌ هُوَ بنُ حازِمٍ عنْ مُحَمَّدِ بنِ سِيرينَ عنْ أبِي هُرَيْرَةَ رَضِي الله تَعَالَى عنهُ قَالَ قَالَ رسولُ الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كانَ رجُلٌ فِي بَنِي إسْرَائِيلَ يُقالُ لَهُ جُرَيْجٍ يُصَلِّي فَجاءَتْهُ أُمُّهُ فدَعَتْهُ فَأبى أنْ يُجِيبَهَا فَقَالَ أُجِيبُها أوْ أُصَلِّي ثُمَّ أتَتْهُ فقالَتْ أللَّهُمَّ لَا تُمِتْهُ حتَّى تُرِيهِ الْمُومِساتِ وكانَ جُرَيْجٌ فِي صَوْمَعَتِهِ فقالَتْ امْرَأةٌ لَأَفْتِنَنَّ جُرَيْجاً فتَعَرَّضَتْ لَهُ فكَلَّمَتْهُ فأبَى فأتَتْ راعِياً فأمْكَنَتْهُ مِنْ نَفْسِها فوَلَدَتْ غُلاماً فقالَتْ هُوَ مِنْ جُرَيْجٍ فأتَوْهُ وكَسَرُوا صَوْمَعَتَهُ فأنْزَلُوهُ وسَبُّوهُ فتَوَضَّأَ وصَلَّى ثُمَّ أتَى الغُلَامَ فقالَ مَنْ أبُوكَ يَا غُلامُ قَالَ الرَّاعِي قَالُوا نَبْنِي صَوْمَعَتَكَ مِنْ ذَهَبٍ قَالَ لَا إلَاّ مِنْ طِينٍ.

مطابقته للتَّرْجَمَة فِي قَوْله: (نَبْنِي صومعتك من ذهب، قَالَ: لَا، إلَاّ من طين) . لِأَنَّهُ كَانَ من طين، وَلم يرض إلَاّ أَن يكون مثله.

والْحَدِيث أخرجه البُخَارِيّ أَيْضا فِي أَحَادِيث الْأَنْبِيَاء، عَلَيْهِم السَّلَام، مطولا. وَأخرجه مُسلم فِي الْأَدَب عَن زُهَيْر بن حَرْب عَن يزِيد بن هَارُون عَن جرير بن حَازِم.

قَوْله: (جريج) ، بِضَم الْجِيم الأولى: الراهب. قَوْله: (يُصَلِّي) ، خبر: كَانَ. قَوْله: (أَو أُصَلِّي؟) كلمة: أَو، هُنَا للتَّخْيِير. قَوْله: (لَا تمته) بِضَم التَّاء: من الإماتة. قَوْله: (حَتَّى تريه) ، بِضَم التَّاء: من الإراءة. قَوْله: (المومسات) ، أَي: الزواني، وَهُوَ جمع مومسة، وَهِي الْفَاجِرَة وَيجمع على: مياميس أَيْضا وموامس، وَأَصْحَاب الحَدِيث يَقُولُونَ: مياميس، وَلَا يَصح إلَاّ على إشباع الكسرة لتصير: يَاء، كمطفل ومطافل ومطافيل، وَقَالَ ابْن الْأَثِير: وَمِنْه حَدِيث أبي وَائِل: أَكثر تبع الدَّجَّال أَوْلَاد المياميس، وَفِي رِوَايَة: أَوْلَاد الموامس، وَقد اخْتلف فِي أصل هَذِه اللَّفْظَة، فبعضهم يَجعله من الْهمزَة، وَبَعْضهمْ يَجعله من الْوَاو، وكل مِنْهُمَا تكلّف لَهُ اشتقاقاً فِيهِ. وَقَالَ الْجَوْهَرِي: المومسة الْفَاجِرَة وَلم يذكر شَيْئا غير ذَلِك، وَفِي الْمطَالع المياميس والمومسات: المجاهرات بِالْفُجُورِ، الْوَاحِدَة: مومسة، وبالياء الْمَفْتُوحَة روينَاهُ عَن جَمِيعهم، وَكَذَلِكَ ذكره أَصْحَاب الْعَرَبيَّة فِي

<<  <  ج: ص:  >  >>