للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

عَلَيْهِ وَسلم، جاريتين أُخْتَيْنِ وَبغلة، فَكَانَ رَسُول الله، صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، يركبهَا، وَأما إِحْدَى الجاريتين فتسراها فَولدت لَهُ إِبْرَاهِيم، وَأما الْأُخْرَى فَأَعْطَاهَا حسان بن ثَابت الْأنْصَارِيّ. وَعَن أبي سعيد الْخُدْرِيّ أخرجه ابْن عدي فِي (الْكَامِل) عَنهُ، قَالَ: أهْدى ملك الرّوم إِلَى رَسُول الله، صلى الله عَلَيْهِ وَسلم جرة زنجبيل فَقَسمهَا بَين أَصْحَابه. وَعَن الْمُغيرَة بن شُعْبَة، أخرجه التِّرْمِذِيّ من رِوَايَة الشّعبِيّ عَنهُ، قَالَ: أهْدى دحْيَة الْكَلْبِيّ لرَسُول الله، صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، خُفَّيْنِ فلبسها. وَعَن عَائِشَة، رَضِي الله تَعَالَى عَنْهَا، أخرجه الطَّبَرَانِيّ فِي (الْأَوْسَط) من رِوَايَة عَطاء عَنْهَا، قَالَت: أهْدى الْمُقَوْقس. صَاحب الْإسْكَنْدَريَّة إِلَى رَسُول الله، صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مكحلة عيدَان شامية ومرآة ومشط. وَعَن دَاوُد بن أبي دَاوُد عَن جده أخرجه ابْن قَانِع عَنهُ: أَن النَّبِي، صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، أهْدى لَهُ قَيْصر جُبَّة من سندس، فَأتى أَبَا بكر وَعمر، رَضِي الله تَعَالَى عَنْهُمَا، يشاورهما، فَقَالَا: يَا رَسُول الله! نرى أَن تلبسها يبكت الله تَعَالَى عَدوك وَيسر الْمُسلمُونَ، فلبسا وَصعد الْمِنْبَر ... الحَدِيث، وَفِي إِسْنَاده جَهَالَة.

ثمَّ التَّوْفِيق بَين هَذِه الْأَحَادِيث مَا قَالَه الطَّبَرِيّ: بِأَن الِامْتِنَاع فِيمَا أهْدى لَهُ خَاصَّة، وَالْقَبُول فِيمَا أهدي للْمُسلمين، وَقيل: الِامْتِنَاع فِي حق من يُرِيد بهديته التودد، وَالْقَبُول فِي حق من يُرْجَى بذلك تأنيسه وتأليفه على الْإِسْلَام. وَقيل: يحمل الْقبُول على من كَانَ من أهل الْكتاب، وَالرَّدّ على من كَانَ من أهل الْأَوْثَان، وَقيل: يمْتَنع ذَلِك لغيره من الْأُمَرَاء، لِأَن ذَلِك من خَصَائِصه، وَقيل: نسخ الْمَنْع بِأَحَادِيث الْقبُول. وَقيل: بِالْعَكْسِ، وَالله أعلم.

وَقَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ عنِ النبيِّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ هاجَرَ إبْرَاهِيمُ علَيْهِ السَّلامُ بِسارَةَ فدَخَلَ قَرْيَةً فِيها مالِكٌ أوْ جَبَّارٌ فَقَالَ أعْطُوهَا آجَرَ

ذكر هَذَا التَّعْلِيق مُخْتَصرا.

وَأخرجه مَوْصُولا فِي كتاب الْبيُوع فِي بَاب شِرَاء الْمُلُوك من الْحَرْبِيّ وَقد قتدم الْكَلَام فِيهِ هُنَاكَ وَأخرجه أَيْضا وَأخرجه أَيْضا مَوْصُولا فِي أَحَادِيث الْأَنْبِيَاء، عَلَيْهِم السَّلَام. وقصته على مَا قَالَ عُلَمَاء السّير: أَن إِبْرَاهِيم أَقَامَ بِالشَّام مُدَّة فقحط الشَّام فَسَار إِلَى مصر وَمَعَهُ سارة وَلُوط، عَلَيْهِم السَّلَام، وَكَانَ بهَا فِرْعَوْن، وَهُوَ أول الفراعنة، عَاشَ دهراً طَويلا، وَاخْتلفُوا فِيهِ، فَقَالَ قوم: هُوَ سِنَان بن علوان بن عبيد بن عويج بن عملاق بن لاود بن سَام بن نوح، عَلَيْهِ السَّلَام، وَقيل: سِنَان ابْن الأهبوب أَخُو الضَّحَّاك، وَهُوَ الَّذِي بَعثه إِلَى مصر، وَقَامَ بهَا. وَقيل: عَمْرو بن امرىء الْقَيْس بن نابليون بن سبأ. وَقيل: طوليس، وَكَانَت سارة من أجمل النِّسَاء، وَكَانَت لَا تَعْصِي لإِبْرَاهِيم، عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام، شَيْئا، فَلذَلِك أكرمها الله تَعَالَى فَأتى الجبارَ رجلٌ وَقَالَ: إِنَّه قدم رجل وَمَعَهُ امْرَأَة من أحسن النَّاس وَجها، وَوصف لَهُ حسنها وجمالها، فَأرْسل الْجَبَّار إِلَى إِبْرَاهِيم، عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام، فَقَالَ: مَا هَذِه الْمَرْأَة مِنْك؟ قَالَ: هِيَ أُخْتِي، وَخَافَ إِن قَالَ: امْرَأَتي، أَن يقْتله، فَقَالَ لَهُ: زينها وأرسلها إليَّ،. وَلَا تمْتَنع حَتَّى أنظر إِلَيْهَا، فَرجع إِبْرَاهِيم، عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام، إِلَى سارة وَقَالَ لَهَا: إِن هَذَا الْجَبَّار قد سَأَلَني عَنْك فَأَخْبَرته أَنَّك أُخْتِي، فَلَا تكذبِينِي عِنْده، فَإنَّك أُخْتِي فِي كتاب الله تَعَالَى، وَأَنه لَيْسَ فِي هَذِه الأَرْض مُسلم غَيْرِي وَغَيْرك، وَلُوط، ثمَّ أقبلط سارة إِلَى الْجَبَّار، وَقَامَ إِبْرَاهِيم، عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام، يُصَلِّي، فَلَمَّا دخلت عَلَيْهِ وَرَآهَا فَتَنَاولهَا بيد، فيبست إِلَى صَدره، فَلَمَّا رأى ذَلِك فِرْعَوْن أعظم أمرهَا، وَقَالَ لَهَا: سَلِي إلهك أَن يُطلق عني، فوَاللَّه لَا أوذيك. فَقَالَت سارة: أللهم إِن كَانَ صَادِقا فَأطلق لَهُ يَده، فَأطلق الله لَهُ يَده، وَقيل: فعل ذَلِك ثَلَاث مَرَّات، فَلَمَّا رأى ذَلِك ردهَا إِلَى إِبْرَاهِيم ووهب لَهَا هَاجر، وَهِي الَّتِي ذكرت فِي حَدِيث الْبَاب: آجر، وَهِي لُغَة فِي: هَاجر، فَأَقْبَلت سارة إِلَى إِبْرَاهِيم، عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام، فَلَمَّا أحس بهَا انْفَتَلَ من صلَاته، فَقَالَ: مَهيم؟ فَقَالَت: كفى الله كيد الْفَاجِر، وأخدمني هَاجر.

وَاخْتلفُوا فِي هَاجر، فَقَالَ مقَاتل: كَانَت من ولد هود، عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام، وَقَالَ الضَّحَّاك: كَانَت بنت ملك مصر وَكَانَ الْملك سَاكِنا بمنف، وَعَلِيهِ ملك آخر، وَقيل: إِنَّمَا غَلبه فِرْعَوْن فَقتله وسبى ابْنَته فاسترقها ووهبها لسارة، ووهبتها سارة لإِبْرَاهِيم فواقعها إِبْرَاهِيم، عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام، فَولدت إِسْمَاعِيل، وَسَارة بنت هاران أَخ إِبْرَاهِيم، عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام، قَالَ ابْن كثير: وَالْمَشْهُور أَن سارة ابْنة عَمه هاران أُخْت لوط، عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام، كَمَا حَكَاهُ السُّهيْلي، وَمن ادّعى أَن تَزْوِيج بنت الْأَخ كَانَ إِذْ ذَاك مَشْرُوعا فَلَيْسَ لَهُ على ذَلِك دَلِيل، وَلَو فرض أَنه كَانَ مَشْرُوعا، وَهُوَ مَنْقُول عَن الربانيين من الْيَهُود، كَانَ الْأَنْبِيَاء، عَلَيْهِم السَّلَام، لَا يتعاطونه، وَقَالَ السّديّ: وَكَانَت سارة بنت ملك حران، وَكَانَ

<<  <  ج: ص:  >  >>