للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

قَوْله: {كَمَا اسْتَأْذن الَّذين من قبلهم} (النُّور: ٩٥) . أَي: الْأَحْرَار الَّذين بلغُوا الْحلم من قبلهم، وَأكْثر الْعلمَاء على أَن هَذِه الْآيَة محكمَة، وَحكي عَن سعيد بن الْمسيب، أَنَّهَا مَنْسُوخَة، وَعَن ابْن عَبَّاس، رَضِي الله تَعَالَى عَنْهُمَا: آيَة لَا يُؤمن بهَا أَكثر النَّاس: آيَة الْإِذْن، وَإِنِّي لآمر جارتي أَن تستأذن عَليّ، وَسَأَلَهُ عَطاء، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ: أَأَسْتَأْذِنُ على أُخْتِي؟ قَالَ: نعم، وَإِن كَانَت فِي حجرك تمونها، وتلا هَذِه الْآيَة.

وقالَ مُغِيرَةُ: احْتَلَمْتُ وَأَنا ابنُ ثِنْتَيْ عَشَرَةَ سَنَةً

مُغيرَة، بِضَم الْمِيم وَكسرهَا وبالألف وَاللَّام ودونها: ابْن مقسم الضَّبِّيّ الْكُوفِي الْفَقِيه الْأَعْمَى، وَكَانَ من فُقَهَاء إِبْرَاهِيم النَّخعِيّ عَن يحيى، ثِقَة مَأْمُون وَكَانَ عثمانياً، مَاتَ سنة ثَلَاث وَثَلَاثِينَ وَمِائَة، وَكَانَ مِمَّن أَخذ عَن أبي حنيفَة، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ، وَكَانَ يُفْتِي بقوله ويحتج بِهِ. قَوْله: (وَأَنا ابْن ثِنْتَيْ عشرَة سنة) وَجَاء مثله عَن عَمْرو بن الْعَاصِ، فَإِنَّهُم ذكرُوا أَنه لم يكن بَينه وَبَين ابْنه عبد الله ابْن عَمْرو فِي السن سوى ثِنْتَيْ عشرَة سنة.

وبُلُوغُ النِّساءِ فِي الحَيْضِ لِقَوْلِهِ عَزَّ وجَلَّ {واللَاّئِي يَئِسْنَ مِنَ المَحِيضِ مِنْ نِسائِكُمْ} إِلَى قَوْلِهِ {أنْ يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ} (الطَّلَاق: ٤) .

هُوَ بَقِيَّة من التَّرْجَمَة، و: بُلُوغ، بِالْجَرِّ عطفا على قَوْله: وشهادتهم، أَي: بَاب فِي حكم بُلُوغ الصّبيان وشهادتهم، وَفِي حكم بُلُوغ النِّسَاء فِي الْحيض، وَيجوز رَفعه على أَن يكون مُبْتَدأ وَخَبره. قَوْله: (فِي الحض) ، وَوجه الِاسْتِدْلَال بِالْآيَةِ أَن فِيهَا تَعْلِيق الحكم فِي الْعدة بِالْأَقْرَاءِ على حُصُول الْحيض، فَدلَّ على أَن الْحيض بُلُوغ فِي حق النِّسَاء، وَهَذَا مجمع عَلَيْهِ. قَوْله: {واللائي} (الطَّلَاق: ٤) . أَي: النِّسَاء اللائي {يئسن} (الطَّلَاق: ٤) . أَي: لَا يرجون أَن يحضن، وَبعده: {إِن ارتبتم فعدتهن ثَلَاثَة أشهر، واللائي لم يحضن وَأولَات الْأَحْمَال أَجلهنَّ أَن يَضعن حَملهنَّ} (الطَّلَاق: ٤) . قَوْله: {إِن ارتبتم} (الطَّلَاق: ٤) . أَي: إِن شَكَكْتُمْ أَن الدَّم الَّذِي يظْهر مِنْهَا لكبرها من الْمَحِيض أَو الِاسْتِحَاضَة، فعدتهن ثَلَاثَة أشهر {واللائي لم يحضن} (الطَّلَاق: ٤) . يَعْنِي: الصغار {فعدتهن ثَلَاثَة أشهر} (الطَّلَاق: ٤) . فَحذف لدلَالَة الْمَذْكُور عَلَيْهِ. قَوْله: {وَأولَات الْأَحْمَال} (الطَّلَاق: ٤) . أَي: الحبالى: {أَجلهنَّ} (الطَّلَاق: ٤) . أَي: عدتهن {أَن يَضعن حَملهنَّ} (الطَّلَاق: ٤) . من المطلقات والمتوفى عَنْهَا زَوجهَا، وَإِن ارْتَفَعت حَيْضَة الْمَرْأَة وَهِي شَابة فَإِن ارتابت أحامل هِيَ أم لَا؟ فَإِن استبان حملهَا فأجلها أَن تضع حملهَا، وَإِن لم يستبن فَاخْتلف فِيهِ، فَقَالَ بَعضهم: يستأنى بهَا، واقصى ذَلِك سنة، وَهَذَا مَذْهَب مَالك وَأحمد وَإِسْحَاق وَأبي عبيد، وَرووا ذَلِك عَن عمر وَغَيره، وَأهل الْعرَاق يرَوْنَ عدتهَا بِثَلَاث حيض بَعْدَمَا كَانَت حَاضَت فِي بَاقِي عمرها، وَإِن مكثت عشْرين سنة إِلَى أَن تبلغ من الْكبر مبلغا تيأس من الْحيض فَتكون عدتهَا بعد الْإِيَاس ثَلَاثَة أشهر، وَهَذَا هُوَ الْأَصَح من مَذْهَب الشَّافِعِي، وَعَلِيهِ أَكثر الْعلمَاء، وَرُوِيَ ذَلِك عَن ابْن مَسْعُود وَأَصْحَابه.

وَقَالَ الحَسَنُ بنُ صالِحٍ: أدْرَكْتُ جارَةً لَنا جَدَّةً بِنْتَ إحْدَى وعِشرِينَ سَنَةً

الْحسن بن صَالح ابْن أخي مُسلم بن حبَان بن شفي بن هني بن رَافع الْهَمدَانِي الثَّوْريّ أَبُو عبد الله الْكُوفِي العابد، ولد سنة مائَة وَمَات سنة تسع وَتِسْعين وَمِائَة. قَوْله: (جدة) ، بِالنّصب على أَنه بدل من: جَارة. وَقَوله: (بنت) ، مَنْصُوب على أَنه صفة لجدة، وتصوير ذَلِك بِأَن هَذِه حَاضَت وعمرها تسع سِنِين وَولدت وعمرها عشر سِنِين، وَعرض لبنتها، مثلهَا، وَأَقل مَا يُمكن مثله فِي تسع عشرَة سنة، وَقد رُوِيَ عَن الشَّافِعِي أَيْضا أَنه رأى بِالْيمن جدة بنت إِحْدَى وَعشْرين سنة، وَأَنَّهَا حَاضَت لاستكمال تسع، وَوضعت بِنْتا لاستكمال عشر، وَوَقع لبنتها كَذَلِك.

٤٦٦٢ - حدَّثنا عُبَيْدُ الله بنُ سَيدٍ قَالَ حَدثنَا أَبُو أُسَامَةَ قَالَ حدَّثني عُبَيْدُ الله قَالَ حدَّثني نافِعٌ قَالَ حدَّثني ابنُ عُمَرَ رَضِي الله تَعَالَى عَنْهُمَا أنَّ رسولَ الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عَرَضَهُ يَوْمَ أُحُدٍ وهْوَ ابنُ أرْبعَ عَشْرَةَ سَنةً فَلَمْ يُجزْنِي ثُمَّ عَرَضَنِي يَوْمَ الخَنْدَقِ وأنَا ابنُ خَمْسَ عَشْرَةَ فأجَازَنِي قَالَ نافِعٌ

<<  <  ج: ص:  >  >>