للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

قَالَ النَّوَوِيّ ولعلها نزلت فيهمَا جَمِيعًا لاحْتِمَال سؤالهما فِي وَقْتَيْنِ متقاربين فَنزلت وَسبق هِلَال بِاللّعانِ قَوْله " قذف " الْقَذْف فِي اللُّغَة الرَّمْي بِقُوَّة وَلَكِن المُرَاد هُنَا رمي الْمَرْأَة بِالزِّنَا أَو مَا كَانَ فِي مَعْنَاهُ يُقَال قذف يقذف قذفا فَهُوَ قَاذف قَوْله " امْرَأَته " زعم مقَاتل فِي تَفْسِيره أَن الْمَرْأَة اسْمهَا خَوْلَة بنت قيس الْأَنْصَارِيَّة قَوْله " بِشريك بن سمحاء " سمحاء أمه وَأَبُو عَبدة بِفَتْح الْعين الْمُهْملَة وَفتح الْبَاء الْمُوَحدَة ابْن معتب بِضَم الْمِيم وَفتح الْعين الْمُهْملَة وَتَشْديد التَّاء الْمُثَنَّاة من فَوق وَفِي آخِره بَاء مُوَحدَة كَذَا ضَبطه الشَّيْخ مُحي الدّين رَحمَه الله تَعَالَى وَقَالَ الدَّارَقُطْنِيّ مغيث بالغين الْمُعْجَمَة وَسُكُون الْيَاء آخر الْحُرُوف وَفِي آخِره ثاء مُثَلّثَة ابْن الْجد بِفَتْح الْجِيم وَتَشْديد الدَّال ابْن عجلَان بن حَارِثَة بن ضبيعة البلوي وَهُوَ ابْن عَم معن وَعَاصِم بن عدي بن الْجد وَهُوَ حَلِيف الْأَنْصَار وَهُوَ صَاحب اللّعان قيل أَنه شهد مَعَ أَبِيه أحدا وَهُوَ أَخُو الْبَراء بن مَالك لأمه وَهُوَ الَّذِي قذفه هِلَال بن أُميَّة بامرأته وَعَن أنس أَنه أول من لَاعن فِي الْإِسْلَام وَإِنَّمَا سميت أمه سمحاء لسوادها قيل اسْمهَا لبينة وَقيل مانية بنت عبد الله قَوْله " الْبَيِّنَة " بِالنّصب أَي أحضر الْبَيِّنَة أَو أقمها وَيجوز الرّفْع على معنى الْوَاجِب عَلَيْك الْبَيِّنَة قَوْله " أَو حد " أَي الْوَاجِب عِنْد عدم الْبَيِّنَة حد فِي ظهرك ويروي الْبَيِّنَة وَإِلَّا حد أَي وَإِن لم تحضر الْبَيِّنَة أَو إِن لم تقمها فجزاؤك حد فِي ظهرك والجزء الأول من الْجُمْلَة الجزائية وَالْفَاء محذوفان وَكلمَة فِي بِمَعْنى على أَي على ظهرك كَمَا فِي قَوْله تَعَالَى {ولأصلبنكم فِي جُذُوع النّخل} أَي عَلَيْهَا قَوْله " يلْتَمس الْبَيِّنَة " جملَة حَالية من الالتماس وَهُوَ الطّلب قَوْله " فَجعل يَقُول " أَي فَجعل الرَّسُول يَقُول الْمَعْنى أَنه يُكَرر قَوْله الْبَيِّنَة أَو حد فِي ظهرك قَوْله فَذكر حَدِيث اللّعان أَي فَذكر ابْن عَبَّاس حَدِيث اللّعان وَهُوَ الَّذِي ذكره البُخَارِيّ فِي التَّفْسِير فِي سُورَة النُّور وَالَّذِي ذكره هُنَا قِطْعَة مِنْهُ وَذكره بالسند الْمَذْكُور عَن مُحَمَّد بن بشار الْمَذْكُور من قَوْله أَو حد فِي ظهرك فَقَالَ هِلَال وَالَّذِي بَعثك بِالْحَقِّ إِنِّي لصَادِق فلينزلن الله مَا يبرىء ظَهْري من الْحَد فَنزل جِبْرِيل عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام وَأنزل عَلَيْهِ {وَالَّذين يرْمونَ أَزوَاجهم} فَقَرَأَ حَتَّى بلغ {إِن كَانَ من الصَّادِقين} فَانْصَرف النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فَأرْسل إِلَيْهَا فجَاء هِلَال فَشهد وَالنَّبِيّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - يَقُول " إِن الله يعلم أَن أَحَدكُمَا كَاذِب فَهَل مِنْكُمَا تائب " ثمَّ قَامَت فَشَهِدت فَلَمَّا كَانَ عِنْد الْخَامِسَة وقفوها وَقَالُوا إِنَّهَا مُوجبَة قَالَ ابْن عَبَّاس فتلكأت وَنَكَصت حَتَّى ظننا أَنَّهَا ترجع ثمَّ قَالَت لَا أفضح قومِي سَائِر الْيَوْم فمضت فَقَالَ النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - " أبصروها فَإِن جَاءَت بِهِ أكحل الْعَينَيْنِ سابغ الأليتين خَدلج السَّاقَيْن فَهُوَ لِشَرِيك بن سمحاء " فَجَاءَت بِهِ كَذَلِك فَقَالَ النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - " لَوْلَا مَا مضى من كتاب الله لَكَانَ لي وَلها شَأْن " وَأَبُو دَاوُد لَهُ طَرِيقَانِ فِي حَدِيث ابْن عَبَّاس هَذَا أَحدهمَا عَن مُحَمَّد بن بشار إِلَى آخِره نَحْو رِوَايَة البُخَارِيّ شَيخا وسندا ومتنا وَالْآخر عَن الْحسن بن عَليّ قَالَ حَدثنَا يزِيد بن هرون قَالَ أخبرنَا عباد بن مَنْصُور عَن عِكْرِمَة عَن ابْن عَبَّاس قَالَ جَاءَ هِلَال بن أُميَّة وَهُوَ أحد الثَّلَاثَة الَّذين تَابَ الله عَلَيْهِم فجَاء من أرضه عشَاء فَوجدَ عِنْد أَهله رجلا فَرَأى بِعَيْنيهِ وَسمع بأذنيه فَلم يهجه حَتَّى أصبح ثمَّ غَدا على رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فَقَالَ يَا رَسُول الله إِنِّي جِئْت أَهلِي عشَاء فَرَأَيْت عِنْدهم رجلا فَرَأَيْت بعيني وَسمعت بأذني فكره رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - مَا جَاءَ بِهِ وَاشْتَدَّ عَلَيْهِ فَنزلت {وَالَّذين يرْمونَ أَزوَاجهم وَلم يكن لَهُم شُهَدَاء إِلَّا نفسهم فشهادة أحدهم أَربع شَهَادَات} الْآيَتَيْنِ كلتيهما فسرى عَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فَقَالَ " أبشر يَا هِلَال قد جعل الله لَك فرجا ومخرجا " قَالَ هِلَال قد كنت أَرْجُو ذَلِك من رَبِّي فَقَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - أرْسلُوا إِلَيْهَا فَجَاءَت فَتلا عَلَيْهَا رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - وذكرهما وأخبرهما أَن عَذَاب الْآخِرَة أَشد من عَذَاب الدُّنْيَا فَقَالَ هِلَال وَالله لقد صدقت عَلَيْهَا فَقَالَت كذب فَقَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - " لَاعِنُوا بَينهمَا " فَقيل لهِلَال اشْهَدْ فَشهد أَربع شَهَادَات بِاللَّه أَنه لمن الصَّادِقين فَلَمَّا كَانَ الْخَامِسَة قيل لَهُ يَا هِلَال اتَّقِ الله فَإِن عَذَاب الدُّنْيَا أَهْون من عَذَاب الْآخِرَة وَإِن هَذِه الْمُوجبَة الَّتِي توجب عَلَيْك الْعَذَاب فَقَالَ وَالله لَا يُعَذِّبنِي الله عَلَيْهَا كَمَا لم يجلدني عَلَيْهَا فَشهد الْخَامِسَة أَن لعنة الله عَلَيْهِ إِن كَانَ من الْكَاذِبين ثمَّ قيل لَهَا اشهدي فَشَهِدت أَربع شَهَادَات بِاللَّه أَنه لمن الْكَاذِبين فَلَمَّا كَانَ الْخَامِسَة قيل لَهَا اتقِي الله فَإِن عَذَاب الدُّنْيَا أَهْون من عَذَاب الْآخِرَة وَأَن هَذِه الْمُوجبَة الَّتِي توجب عَلَيْك الْعَذَاب فتلكأت سَاعَة ثمَّ قَالَت وَالله لَا أفضح قومِي فَشَهِدت الْخَامِسَة أَن غضب الله عَلَيْهَا إِن كَانَ من الصَّادِقين فَفرق رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - بَينهمَا وَقضى أَن لَا يدعى وَلَدهَا لأَب وَلَا ترمى وَلَا يرْمى وَلَدهَا وَمن رَمَاهَا أَو رمى وَلَدهَا فَعَلَيهِ الْحَد وَقضى أَن لَا بَيت عَلَيْهِ وَلَا قوت من أجل أَنَّهُمَا يتفرقان

<<  <  ج: ص:  >  >>