للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

انْطلق بِي إِلَى خلق من خلق الله كثير) رجال، كل رجل لَهُ مشفران كمشفر الْبَعِير، وَهُوَ مُوكل بهم رجال يفكون لحي أحدهم ثمَّ يجاء بصخرة من نَار، فيقذف فِي فِي أحدهم حَتَّى يخرج من أَسْفَله، وَله جؤار وصراخ. قلت: يَا جِبْرَائِيل! من هَؤُلَاءِ؟ قَالَ: هَؤُلَاءِ: {الَّذين يَأْكُلُون أَمْوَال الْيَتَامَى ظلما ... } (النِّسَاء: ٠١) . الْآيَة. وَقَالَ السّديّ: يبْعَث آكل مَال الْيَتِيم، يَوْم الْقِيَامَة وَلَهَب النَّار يخرج من فِيهِ وَمن مسامعه وَأَنْفه وَعَيْنَيْهِ يعرفهُ من رأه يَأْكُل مَال الْيَتِيم وَعَن زيد بن أسلم عَن أَبِيه، قَالَ: هَذِه لأهل الشّرك حِين كَانُوا لَا يورثونهم، ويأكلون أَمْوَالهم.

٦٦٧٢ - حدَّثنا عبْدُ العَزِيزِ بنُ عَبْدِ الله قَالَ حدَّثني سُلَيْمَانُ بنُ بِلَالٍ عنْ ثَوْرِ بنِ زَيْدٍ المدَنِيِّ عنْ أبِي الغَيْثِ عنْ أبِي هُرَيْرَةَ رَضِي الله تَعَالَى عنهُ عنِ النَّبِيِّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ اجْتَنِبُوا السَّبْعَ المُوبِقَاتِ قَالُوا يَا رسولَ الله وَمَا هُنَّ قَالَ الشِّرْكُ بِاللَّه والسَّحْرُ وقَتْلُ النَّفْسِ الَّتِي حَرَّمَ الله إلَاّ بالحَقِّ وأكْلُ الرِّبا وأكْلُ مالِ اليَتِيمِ والتَّوَلِّي يَوْمَ الزَّحْفِ وقَذْفِ المُحْصَناتِ الْمُؤْمِنَاتِ الغَافِلاتِ.

مطابقته للتَّرْجَمَة فِي قَوْله: (وَأكل مَال الْيَتِيم) .

ذكر رِجَاله وهم خَمْسَة: الأول: عبد الْعَزِيز بن عبد الله بن يحيى أَبُو الْقَاسِم الْقرشِي العامري الأوسي. الثَّانِي: سُلَيْمَان بن بِلَال أَبُو أَيُّوب الْقرشِي التَّيْمِيّ. الثَّالِث: ثَوْر، بِلَفْظ الْحَيَوَان الْمَشْهُور: ابْن زيد الديلِي. الرَّابِع: أَبُو الْغَيْث، مرادف الْمَطَر واسْمه: سَالم مولى أبي مُطِيع الْقرشِي. الْخَامِس: أَبُو هُرَيْرَة.

ذكر لطائف إِسْنَاده فِيهِ: التحديث بِصِيغَة الْجمع فِي مَوضِع وبصيغة الْإِفْرَاد فِي مَوضِع. وَفِيه: العنعنة فِي أَرْبَعَة مَوَاضِع. وَفِيه: القَوْل فِي مَوضِع وَاحِد. وَفِيه: أَن شَيْخه من أَفْرَاده. وَفِيه: أَن رِجَاله كلهم مدنيون.

ذكر تعدد مَوْضِعه وَمن أخرجه غَيره: أخرجه البُخَارِيّ أَيْضا فِي الطِّبّ وَفِي الْمُحَاربين عَن عبد الْعَزِيز الْمَذْكُور. وَأخرجه مُسلم فِي الْإِيمَان عَن هَارُون ابْن سعيد الْأَيْلِي. وَأخرجه أَبُو دَاوُد فِي الْوَصَايَا عَن أَحْمد بن سعيد الْهَمدَانِي. وَأخرجه النَّسَائِيّ فِيهِ وَفِي التَّفْسِير عَن الرّبيع بن سُلَيْمَان.

ذكر مَعْنَاهُ: قَوْله: (اجتنبوا) ، أَي: ابتعدوا، من الإجتناب من بَاب الافتعال من الْجنب، وَهُوَ أبلغ من: أبعدوا واحذروا، وَنَحْو ذَلِك. قَوْله تَعَالَى: {وَلَا تقربُوا الزِّنَا} (الْإِسْرَاء: ٢٣) . لِأَن نهي القربان أبلغ من نهي الْمُبَاشرَة. قَوْله: (الموبقات) أَي: المهلكات، وَهُوَ جمع موبقة، من أوبق وثلاثيه: وبق يبْق وبوقاً إِذا هلك من، بَاب: ضرب يضْرب، وَجَاء أَيْضا: وبق يوبق وبقاً، من بَاب: علم يعلم، وَجَاء من بَاب: فعل يفعل بِالْكَسْرِ فيهمَا، قَوْله: (الشّرك بِاللَّه) ، أَي: أَحدهَا: الشّرك بِاللَّه، الشّرك جعل أحد شَرِيكا لآخر، وَالْمرَاد هُنَا: اتِّخَاذ إلَه غير الله. قَوْله: (وَالسحر) أَي: الثَّانِي: السحر، وَهُوَ فِي اللُّغَة: صرف الشَّيْء عَن وَجهه، وَقَالَ الْجَوْهَرِي: السحر الأخذة، وكل مَا لطف مأخذه ورق فَهُوَ سحر، وَقد سحره سحرًا، والساحر الْعَالم، وسحره أَيْضا بِمَعْنى: خدعة، وَذكر أَبُو عبد الله الرَّازِيّ أَنْوَاع السحر ثَمَانِيَة. الأول: سحر الْكَذَّابين والكشدانيين الَّذين كَانُوا يعْبدُونَ الْكَوَاكِب السَّبْعَة الْمُتَحَيِّرَة، وَهِي السيارة، وَكَانُوا يَعْتَقِدُونَ أَنَّهَا مُدبرَة للْعَالم، وَأَنَّهَا تَأتي بِالْخَيرِ وَالشَّر، وهم الَّذين بعث الله إِبْرَاهِيم الْخَلِيل صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مُبْطلًا لمقالتهم، وردا لمذاهبهم. الثَّانِي: سحر أَصْحَاب الأوهام والنفوس القوية. الثَّالِث: الِاسْتِعَانَة بالأرواح الأرضية وهم الْجِنّ، خلافًا للفلاسفة والمعتزلة، وهم على قسمَيْنِ: مُؤمنُونَ وكفار، وهم الشَّيَاطِين، وَهَذَا النَّوْع يحصل بأعمال من الرقي والدخن، وَهَذَا النَّوْع الْمُسَمّى بالعزائم وَعمل تسخير. الرَّابِع: التخيلات وَالْأَخْذ بالعيون والشعبذة، وَقد قَالَ بعض الْمُفَسّرين: إِن سحر السَّحَرَة بَين يَدي فِرْعَوْن إِنَّمَا كَانَ من بَاب الشعبذة. الْخَامِس: الْأَعْمَال العجيبة الَّتِي تظهر من تركيب الْآلَات المركبة. السَّادِس: الِاسْتِعَانَة بخواص الْأَدْوِيَة، يَعْنِي: فِي الْأَطْعِمَة والدهانات. السَّابِع: تعلق الْقلب، وَهُوَ أَن يدعى السَّاحر أَنه عرف الإسم الْأَعْظَم، وَأَن الْجِنّ يطيعونه وينقادون لَهُ فِي أَكثر الْأُمُور. الثَّامِن: من السحر: السَّعْي بالنميمة بالتصريف من وُجُوه خُفْيَة لَطِيفَة، وَذَلِكَ شَائِع فِي النَّاس، وَإِنَّمَا أَدخل كثير من هَذِه الْأَنْوَاع الْمَذْكُورَة فِي فن السحر للطافة مداركها، لِأَن السحر فِي اللُّغَة عبارَة عَمَّا لطف وخفي سَببه، وَلِهَذَا جَاءَ فِي الحَدِيث: (إِن من الْبَيَان لسحراً) . وَسمي السّحُور لكَونه يَقع خفِيا آخر اللَّيْل، وَالسحر الرية، وَهِي مَحل الْغَدَاء، وَسميت بذلك لخفائها ولطف مجاريها إِلَى أَجزَاء

<<  <  ج: ص:  >  >>