للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

عَلَيْهِ وَسلم ألَسْتُمْ تَعْلَمُونَ أنَّ رسولَ الله، صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ مَنْ حَفَرَ رُومَةَ فلَهُ الجَنَّةُ فَحَفَرْتَها ألَسْتُمْ تَعْلَمُونَ أنَّهُ قَالَ منْ جَهَّزَ جَيْشَ العُسْرَةِ فلَهُ الجَنَّةُ فَجَهَّزْتُهُمْ قَالَ فَصَدَّقُوهُ بِما قالَ.

مطابقته للتَّرْجَمَة فِي قَوْله: (فحفرتها) أَي: حفرت رومة، قَالَ ابْن بطال: ذكر الْحفر وهم من بعض الروَاة، وَالْمَعْرُوف أَن عُثْمَان اشْتَرَاهَا لَا أَنه حفرهَا. قلت: حفرهَا أَو اشْتَرَاهَا، وَهِي صَدَقَة عَنهُ، فتطابق قَوْله: أَو بِئْرا، وَتَمام دلَالَته على التَّرْجَمَة من جِهَة تَمام الْقِصَّة، وَهُوَ أَنه قَالَ: دلوي فِيهَا كدلاء الْمُسلمين. قَوْله: (عَبْدَانِ) ، هُوَ عبد الله بن عُثْمَان بن جبلة الْمروزِي، وعبدان لقبه، يروي عَن أَبِيه عُثْمَان بن جبلة بن أبي رواد، واسْمه: مَيْمُون، وَأَبُو إِسْحَاق هُوَ عَمْرو بن عبد الله السبيعِي، وَأَبُو عبد الرَّحْمَن اسْمه: عبد الله بن حبيب السّلمِيّ الْكُوفِي الْقَارِي، لَهُ ولأبيه صُحْبَة.

وَهَذَا التَّعْلِيق وَصله الدَّارَقُطْنِيّ والإسماعيلي وَغَيرهمَا من طَرِيق الْقَاسِم بن مُحَمَّد الْمروزِي عَن عَبْدَانِ بِتَمَامِهِ، وروى التِّرْمِذِيّ: حَدثنَا عبد الله بن عبد الرَّحْمَن وعباس بن مُحَمَّد الدوري وَغير وَاحِد، الْمَعْنى وَاحِد، قَالُوا: حَدثنَا سعيد بن عَامر، قَالَ عبد الله: أخبرنَا سعيد بن عَامر عَن يحيى بن أبي الْحجَّاج الْمنْقري عَن أبي مَسْعُود الْجريرِي عَن ثُمَامَة بن حزن الْقشيرِي، قَالَ: شهِدت الدَّار حِين أشرف عَلَيْهِم عُثْمَان. فَقَالَ: ائْتُونِي بصاحبيكم اللَّذين ألَّباكم عليَّ، قَالَ: فجيء بهما كَأَنَّهُمَا جملان أَو كَأَنَّهُمَا حماران قَالَ: فَأَشْرَف عَلَيْهِم عُثْمَان، فَقَالَ: أنْشدكُمْ بِاللَّه وَالْإِسْلَام، هَل تعلمُونَ أَن رَسُول الله، صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قدم الْمَدِينَة وَلَيْسَ بهَا مَاء يستعذب غير بِئْر رومة؟ فَقَالَ: (من يَشْتَرِي بِئْر رومة يَجْعَل دلوه مَعَ دلاء الْمُسلمين بِخَير لَهُ مِنْهَا فِي الْجنَّة، فاشتريتها من صلب مَالِي، فَأنْتم الْيَوْم تَمْنَعُونِي أَن أشْرب مِنْهَا حَتَّى أشْرب من مَاء الْبَحْر؟ فَقَالُوا: أللهم نعم، فَقَالَ: أنْشدكُمْ بِاللَّه وَالْإِسْلَام هَل تعلمُونَ أَن الْمَسْجِد ضَاقَ بأَهْله، فَقَالَ رَسُول الله، صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: (من يَشْتَرِي بقْعَة آل فلَان فيزيدها فِي الْمَسْجِد بِخَير لَهُ مِنْهَا فِي الْجنَّة، فاشتريتها من صلب مَالِي، فَأنْتم الْيَوْم تَمْنَعُونِي أَن أُصَلِّي فِيهَا رَكْعَتَيْنِ؟) قَالُوا أللهم نعم، قَالَ: أنْشدكُمْ بِاللَّه وَالْإِسْلَام، هَل تعلمُونَ أَنِّي جهزت جَيش الْعسرَة من مَالِي؟ قَالُوا أللهم نعم: أنْشدكُمْ بِاللَّه وَالْإِسْلَام، هَل تعلمُونَ أَن رَسُول الله، صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كَانَ على ثبير مَكَّة وَمَعَهُ أَبُو بكر وَعمر، رَضِي الله تَعَالَى عَنْهُمَا، وَأَنا، فَتحَرك الْجَبَل حَتَّى تساقطت حجارته بالحضيض، فركضه بِرجلِهِ، فَقَالَ: إسكن ثبير، فَإِنَّمَا عَلَيْك نَبِي وصديق وشهيدان؟ قَالُوا: أللهم نعم. قَالَ: الله أكبر شهدُوا وَرب الْكَعْبَة إِنِّي شَهِيد ثَلَاثَة) . هَذَا حَدِيث حسن، وَرَوَاهُ النَّسَائِيّ أَيْضا وَزَاد من رِوَايَة الْأَحْنَف عَن عُثْمَان، فَقَالَ: (لأجعلها سِقَايَة للْمُسلمين وأجرها لَك) ، وَعَن النَّسَائِيّ أَيْضا من رِوَايَة الْأَحْنَف: (أَن عُثْمَان اشْتَرَاهَا بِعشْرين ألفا أَو بِخَمْسَة وَعشْرين ألفا، وَزَاد فِي جَيش الْعسرَة، فجهزتهم حَتَّى لم يفقدوا عقَالًا وَلَا خطاماً) . وللترمذي من حَدِيث عبد الرَّحْمَن بن حباب السّلمِيّ: أَنه جهزهم بثلاثمائة بعير، وَفِي رِوَايَة أَحْمد من حَدِيث عبد الرَّحْمَن بن سَمُرَة: أَنه جَاءَ بِأَلف دِينَار فِي ثَوْبه، فصبها فِي حجر النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم حِين جهز جَيش الْعسرَة، فَقَالَ: (مَا على عُثْمَان مَا عمل بعد الْيَوْم) ، وروى الدَّارَقُطْنِيّ من طَرِيق ثُمَامَة بن حزن عَن عُثْمَان، قَالَ: (هَل تعلمُونَ أَن رَسُول الله، صلى الله عَلَيْهِ وَسلم زَوجنِي إِحْدَى ابْنَتَيْهِ وَاحِدَة بعد أُخْرَى، رَضِي بِي وَرَضي عني؟ قَالُوا: أللهم نعم) .

قَوْله: (حَيْثُ حوصر) ، وَفِي رِوَايَة الْكشميهني: حِين حوصر، وَذَلِكَ حِين حاصره المصريون الَّذين أَنْكَرُوا عَلَيْهِ تَوْلِيَة عبد الله بن سعد بن أبي سرح، وقصته مَشْهُورَة. قَوْله: (أنْشدكُمْ) ، يُقَال نشدت فلَانا أنْشدهُ إِذا قلت لَهُ: نشدتك الله، أَي: سَأَلتك بِاللَّه، كَأَنَّك ذكرته إِيَّاه. قَوْله: (من حفر رومة) ، قد ذكرنَا عَن ابْن بطال أَنه قَالَ ذكر الْحفر وهم، وَالَّذِي يعلم فِي الْأَخْبَار والسِّير أَنه اشْتَرَاهَا، وَلَا يُوجد: أَن عُثْمَان حفرهَا، إلَاّ فِي حَدِيث شُعْبَة، وروى الْبَغَوِيّ فِي (مُعْجم الصَّحَابَة) من طَرِيق بشر بن بشير الْأَسْلَمِيّ عَن أَبِيه، قَالَ: لما قدم الْمُهَاجِرُونَ الْمَدِينَة استنكروا المَاء، وَكَانَت لرجل من بني غفار عين يُقَال لَهَا: رومة، وَكَانَ يَبِيع مِنْهَا الْقرْبَة بِمد، فَقَالَ لَهُ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: (تبيعنيها بِعَين فِي الْجنَّة؟) فَقَالَ: يَا رَسُول الله! لَيْسَ لي وَلَا لِعِيَالِي غَيرهَا، فَبلغ ذَلِك عُثْمَان، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ، فاشتراها بِخَمْسَة وَثَلَاثِينَ ألف دِرْهَم، ثمَّ أَتَى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم (فَقَالَ: أَتجْعَلُ لي مَا جعلته لَهُ؟) قَالَ: نعم. قَالَ: قد جَعلتهَا للْمُسلمين. انْتهى. وَإِذا كَانَت عينا فَلَا مَانع أَن يحْفر فِيهَا عُثْمَان بِئْرا، وَيحْتَمل أَن الْعين الْمَذْكُورَة كَانَت تجْرِي إِلَى بِئْر فوسعها عُثْمَان أَو طواها، فنسب حفرهَا إِلَيْهِ. وَقَالَ الْكرْمَانِي: رومة، بِضَم الرَّاء وَسُكُون الْوَاو: كَانَ ركية ليهودي يَبِيع الْمُسلمين ماءها، فاشتراها مِنْهُ عُثْمَان بِعشْرين ألف دِرْهَم، وَذكر الْكَلْبِيّ: أَنه كَانَ يَشْتَرِي مِنْهَا قربَة بدرهم قبل أَن يَشْتَرِيهَا عُثْمَان، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ. قَوْله: (فصدقوه بِمَا قَالَ) أَي: بِالَّذِي قَالَ عُثْمَان، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ، وَفِي رِوَايَة

<<  <  ج: ص:  >  >>