للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

الْحِنْطَة. قلت: هَذَا الْوَهم بعيد وَلَا معنى يُفِيد أَن يتحنط من الْحِنْطَة، وَهَذِه اللَّفْظَة لم تقع فِي رِوَايَة الْأنْصَارِيّ، وَلكنهَا مَوْجُودَة فِي الأَصْل.

وروى الطَّبَرَانِيّ عَن عَليّ بن عبد الْعَزِيز وَأبي مُسلم الكبشي، قَالَا: حَدثنَا حجاج بن منهال (ح) وَحدثنَا مُحَمَّد بن الْعَبَّاس الْمُؤَدب حَدثنَا عَفَّان أخبرنَا حَمَّاد بن سَلمَة عَن ثَابت عَن أنس أَن ثَابت بن قيس بن شماس جَاءَ يَوْم الْيَمَامَة وَقد تحنظ وَنشر أَكْفَانه، وَقَالَ: أللهم إِنِّي أَبْرَأ إِلَيْك مِمَّا جَاءَ بِهِ هَؤُلَاءِ، وأعتذر مِمَّا صنع هَؤُلَاءِ، فَقيل: وَكَانَت لَهُ درع فسرقت، فَرَآهُ رجل فِيمَا يرى النَّائِم، فَقَالَ: إِن دِرْعِي فِي قدر تَحت كانون فِي مَكَان كَذَا وَكَذَا، وأوصاه بوصايا، فطلبوا الدرْع فوجدوها وانفذوا الْوَصَايَا. وَعند التِّرْمِذِيّ: قَالَ أنس: لما انْكَشَفَ النَّاس يَوْم الْيَمَامَة، قلت لِثَابِت ... فَذكر الحَدِيث. وَفِيه: وَكَانَ عَلَيْهِ درع نفيسة، فَمر بِهِ رجل من الْمُسلمين فَأَخَذُوهَا. وَفِيه: لما رأى فِي الْمَنَام وَدلّ على الدرْع، قَالَ: لَا تقل هَذَا مَنَام، فَإِذا جِئْت أَبَا بكر فَأعلمهُ أَن على من الدّين كَذَا وَكَذَا، وَفُلَان من رقيقي عَتيق، وَفُلَان ... فأنفذ أَبُو بكر وَصيته، وَلَا يعلم أحد أجيزت وَصيته بعد مَوته سواهُ. وَفِي كتاب (الرِّدَّة) لِلْوَاقِدِي بِإِسْنَادِهِ عَن بِلَال أَنه رأى سَالم مولى أبي حُذَيْفَة، وَهُوَ قافل إِلَى الْمَدِينَة من غَزْوَة الْيَمَامَة: أَن دِرْعِي مَعَ الرّفْقَة الَّذين مَعَهم الْفرس الأبلق تَحت قدرهم، فَإِذا أَصبَحت فَخذهَا وأدِّها إِلَى أَهلِي، وَإِن عَليّ شَيْئا من الدّين فمرهم أَن يقضوه عني، فَأخْبرت أَبَا بكر بذلك، فَقَالَ: نصدق قَوْلك ونقضي عَنهُ دينه الَّذِي ذكرته. وَفِيه: أَن عَبدِي سَعْدا وسالما حران. وَقَالَ الْكرْمَانِي: قَالَ أنس: لما انْكَشَفَ النَّاس يَوْمئِذٍ: أَلا ترى يَا عَم؟ فَقَالَ: مَا هَكَذَا نُقَاتِل مَعَ رَسُول الله، صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، بئْسَمَا عودتم أَقْرَانكُم. ثمَّ قَاتل حَتَّى قتل، وَكَانَ عَلَيْهِ درع نفيسة، فَمر بِهِ رجل من الْمُسلمين فَأَخذهَا، فَرَآهُ بعض الصَّحَابَة فِي الْمَنَام، فَقَالَ: إِنِّي أوصيك بِوَصِيَّة فَلَا تضيعها، إِنِّي لما قتلت أَخذ رجل دِرْعِي، ومنزله فِي أقْصَى النَّاس، وَعند خبائه فرس، وَقد كفا على الدرْع برمة وَفَوق البرمة رَحل، فأتِ خَالِدا، وَكَانَ أَمِير الْعَسْكَر وَقل لَهُ يَأْخُذ دِرْعِي مِنْهُ، فَإِذا قدمت الْمَدِينَة فَقل لخليفة رَسُول الله، صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، يَعْنِي: أَبَا بكر، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ: إِن عَليّ من الدّين كَذَا وَكَذَا، وَفُلَان من رَقِيق عَتيق. فَأتى الرجل خَالِدا، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ، فَأخْبرهُ، فَبعث إِلَى الدرْع فَأتى بهَا، وَحدث أَبَا بكر فَأجَاز وَصيته، وَلَا نعلم أحدا أجيزت وَصيته بعد مَوته غير ثَابت، وَهُوَ من الغرائب.

قَوْله: (فَذكر فِي الحَدِيث انكشافاً) أَي: فَذكر أنس فِي حَدِيثه نوعا من الانهزام، أَي: أَشَارَ إِلَى الْفرج بَين وُجُوه الْمُسلمين والكافرين بِحَيْثُ لَا يبْقى بَيْننَا وَبينهمْ أحد، وقدرنا على أَن نضاربهم بِلَا حَائِل بَيْننَا وبينم، فَقَالَ ثَابت: مَا كُنَّا نَفْعل كَذَا مَعَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، بل كَانَ الصَّفّ الأول لَا ينحرف عَن مَوْضِعه، وَكَانَ الصَّفّ الثَّانِي مساعداً لَهُم، وَفِي رِوَايَة ابْن أبي زَائِدَة: فجَاء حَتَّى جلس فِي الصَّفّ وَالنَّاس منكشفون، أَي: منهزمون. قَوْله: (بئس مَا عودتم أَقْرَانكُم) ، هَكَذَا فِي رِوَايَة الْأَكْثَرين، وَوَقع فِي رِوَايَة الْمُسْتَمْلِي: عودكم أَقْرَانكُم. قلت: فعلى الأول: أَقْرَانكُم، بِالنّصب، لِأَنَّهُ مفعول: عودتم، وعَلى الثَّانِي: بِالرَّفْع، لِأَنَّهُ فَاعل: عودكم. والأقران: النظراء، وَهُوَ جمع قرن، بِكَسْر الْقَاف، وَهُوَ الَّذِي يعادل الآخر فِي الشدَّة، والقرن، بِفَتْح الْقَاف: من يعادل فِي السن، وَأَرَادَ ثَابت، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ، بِهَذَا الْكَلَام توبيخ المنهزمين، أَي: عودتم نظراءكم فِي الْقُوَّة من عَدوكُمْ الْفِرَار مِنْهُم حَتَّى طمعوا فِيكُم؟ وَفِي رِوَايَة الْأنْصَارِيّ وَابْن أبي زَائِدَة، ومعاذ بن معَاذ: فَتقدم فقاتل حَتَّى قتل، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ.

ذكر مَا يُسْتَفَاد مِنْهُ: فِيهِ: دلَالَة على الْأَخْذ بالشدة فِي اسْتِهْلَاك النَّفس وَغَيرهَا فِي ذَات الله، عز وَجل، وَترك الْأَخْذ بِالرُّخْصَةِ لمن قدر عَلَيْهَا. وَفِيه: أَن التَّطَيُّب للْمَوْت سنة من أجل مُبَاشرَة الْمَلَائِكَة للْمَيت. وَفِيه: التداعي لِلْقِتَالِ، لِأَن أنسا قَالَ لِعَمِّهِ: مَا يحبسك أَن لَا تَجِيء؟ وَفِيه: قُوَّة ثَابت بن قيس وَصِحَّة يقينه وَنِيَّته. وَفِيه: التوبيخ لمن نفر من الْحَرْب. وَفِيه: الْإِشَارَة إِلَى مَا كَانَت عَلَيْهِ الصَّحَابَة فِي عهد النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم من الشجَاعَة والثبات فِي الْحَرْب.

رَوَاهُ حَمَّادٌ عنْ ثَابِتَ عنْ أنَسٍ

أَي: روى الحَدِيث حَمَّاد بن سَلمَة عَن ثَابت الْبنانِيّ عَن أنس بن مَالك، وَهَذَا التَّعْلِيق وَصله البرقاني عَن أبي الْعَبَّاس ابْن حمدَان بِالْإِسْنَادِ عَن قبيصَة بن عقبَة عَن حَمَّاد بن سَلمَة عَن ثَابت عَن أنس بِلَفْظ: انكشفنا يَوْم الْيَمَامَة فجَاء ثَابت بن

<<  <  ج: ص:  >  >>