للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

الْبركَة حَاصِلَة أَو نازلة فِي نواصي الْخَيل. وَأخرجه الْإِسْمَاعِيلِيّ من طَرِيق عَاصِم بن عَليّ عَن شُعْبَة بِلَفْظ (الْبركَة تنزل فِي نواصي الْخَيل) ، وَقَالَ عِيَاض: إِذا كَانَ فِي نَوَاصِيهَا الْبركَة فيبعد أَن يكون فِيهَا شوم. فَإِن قلت: جَاءَ: إِن كَانَ الشوم فَفِي ثَلَاث: فِي الْفرس الحَدِيث. قلت: الشؤم فِي الْفرس الَّذِي يرتبط لغير الْجِهَاد ويقتنى للفخر وَالْخُيَلَاء، وَالْخَيْل الَّتِي أعدت للْجِهَاد هِيَ الْمَخْصُوصَة بِالْخَيرِ وَالْبركَة.

٤٤ - (بابٌ الجهادُ ماضِ علَى البَرِّ والفَاجِرِ)

أَي: هَذَا بَاب يذكر فِيهِ الْجِهَاد ... إِلَى آخِره، وَقَالَ ابْن التِّين: وَقع فِي رِوَايَة أبي الْحسن الْقَابِسِيّ: الْجِهَاد ماضٍ على الْبر والفاجر. قَالَ: وَمَعْنَاهُ أَنه يجب على كل أحد. وَقَالَ بَعضهم: هَذِه التَّرْجَمَة لفظ حَدِيث أخرجه بِنَحْوِهِ أَبُو دَاوُد وَأَبُو يعلى. مَرْفُوعا وموقوفاً عَن أبي هُرَيْرَة. قلت: قَالَ أَبُو دَاوُد: حَدثنَا أَحْمد بن صَالح، قَالَ: حَدثنَا ابْن وهب، قَالَ: حَدثنِي مُعَاوِيَة بن صَالح عَن الْعَلَاء ابْن الْحَارِث عَن مَكْحُول عَن أبي هُرَيْرَة، قَالَ: قَالَ رَسُول الله، صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: (الْجِهَاد وَاجِب عَلَيْكُم مَعَ كل أَمِير، برا كَانَ أَو فَاجِرًا، وَإِن عمل الْكَبَائِر) الحَدِيث، وَيُقَال: إِنَّه لم يسمع من أبي هُرَيْرَة.

لِقَوْلِ النبيِّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم الخَيْلُ مَعْقُودٌ فِي نَوَاصِيها الخَيْرُ إِلَى يَوْمِ القِيَامَةِ

وَجه الِاسْتِدْلَال بِهِ أَنه صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لما أبقى الْخَيْر فِي نواصي الْخَيل إِلَى يَوْم الْقِيَامَة، علم أَن الْجِهَاد مَاض إِلَى يَوْم الْقِيَامَة، وَقد علم أَن فِي أمته أَئِمَّة جور لَا يعدلُونَ ويستأثرون بالمغانم، وَمَعَ هَذَا فقد أوجب الْجِهَاد مَعَهم، وَيُقَوِّي هَذَا الْمَعْنى أمره بِالصَّلَاةِ وَرَاء كل بر وَفَاجِر. وَقَوله: (على الْبر والفاجر) ، أَعم من أَن يكون: كل مِنْهُمَا أَمِيرا أَو مَأْمُورا.

٢٥٨٢ - حدَّثنا أبُو نُعَيْمٍ قَالَ حدَّثنا زَكَرِيَّاءُ عنْ عامِرٍ قَالَ حدَّثنا عُرْوَةُ البارِقِيُّ أنَّ النبيَّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: الخَيْلُ مَعْقُودٌ فِي نَوَاصِيها الخَيْرُ إلَى يَوْمِ القِيَامَةِ الأجْرُ والمَغْنَمُ.

مطابقته للتَّرْجَمَة تُؤْخَذ من قَوْله: (فِي نَوَاصِيهَا الْخَيْر) إِلَى آخِره. وَأَبُو نعيم: الْفضل بن دُكَيْن، وزكرياء هُوَ ابْن زَائِدَة، وعامر هُوَ الشّعبِيّ.

قَوْله: (الْبَارِقي) ، بِالْبَاء الْمُوَحدَة وَكسر الرَّاء بعْدهَا قَاف: نِسْبَة إِلَى بارق، جبل بِالْيمن، وَقيل: مَاء بالسراة. وَقَالَ الرشاطي: الْبَارِقي نِسْبَة إِلَى ذِي بارق، قَبيلَة من ذِي رعين. قَوْله: (الْأجر) ، هُوَ نفس الْخَيْر، أَي: الثَّوَاب فِي الْآخِرَة. والمغنم: أَي: الْغَنِيمَة فِي الدُّنْيَا. وَقَالَ الطَّيِّبِيّ: يجوز أَن يكون الْخَيْر الْمُفَسّر بِالْأَجْرِ، وَالْغنيمَة اسْتِعَارَة مكنية، شبهه لظُهُوره وملازمته بِشَيْء محسوس مَعْقُود بِحَبل على مَكَان رفيع ليَكُون منظوراً للنَّاس ملازماً لنظره، فنسب الْخَيل إِلَى لَازم الْمُشبه بِهِ، وَذكر الناصية تجريداً للاستعارة.

وَفِيه: التَّرْغِيب فِي اتِّخَاذ الْخَيل للْجِهَاد.

وَفِيه: أَن الْجِهَاد لَا يَنْقَطِع أبدا.

٥٤ - (بابُ منِ احْتَبَسَ فَرَساً فِي سَبِيلِ الله)

أَي: هَذَا بَاب فِي بَيَان فضل من احْتبسَ فرسا، يُقَال: حَبسته وَاحْتَبَسَتْهُ، وَاحْتبسَ أَيْضا بِنَفسِهِ يتَعَدَّى وَلَا يتَعَدَّى، وَالْمعْنَى يحْبسهُ على نَفسه لسد مَا عَسى أَن يحدث فِي ثغر من الثغور من ثلمة، وَلَيْسَ فِي بعض النّسخ. قَوْله: (فِي سَبِيل الله) ، وَفِي بعض النّسخ أَيْضا: (من احْتبسَ فرسا فِي سَبِيل الله) .

لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {ومِنْ رِبَاطِ الخَيْلِ} (الْأَنْفَال: ٠٦) .

وأوله: {وَأَعدُّوا لَهُم مَا اسْتَطَعْتُم من قُوَّة وَمن رِبَاط الْخَيل ترهبون بِهِ عَدو الله وَعَدُوكُمْ ... } (الْأَنْفَال: ٠٦) . الْآيَة، أَمر الله تَعَالَى بإعداد آلَات الْحَرْب لمقاتلة الْكفَّار حسب الطَّاقَة والإمكان والاستطاعة، فَقَالَ: {وَأَعدُّوا لَهُم مَا اسْتَطَعْتُم} (الْأَنْفَال: ٠٦) . أَي: مهما أمكنكم من قُوَّة أَي: رمي. روى أَحْمد فِي (مُسْنده) من حَدِيث عقبَة بن عَامر، يَقُول: سَمِعت رَسُول الله، صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول وَهُوَ على الْمِنْبَر: {وَأَعدُّوا لَهُم مَا اسْتَطَعْتُم من قُوَّة} (الْأَنْفَال: ٠٦) . ألَاّ أَن الْقُوَّة الرَّمْي، أَلا إِن الْقُوَّة الرَّمْي) . وَرَوَاهُ مُسلم عَن هَارُون بن مَعْرُوف، وَأَبُو دَاوُد عَن سعيد بن مَنْصُور، وَابْن مَاجَه عَن يُونُس بن عبد الْأَعْلَى. وَقيل: الْقُوَّة كل مَا يتقوى بِهِ على الْحَرْب: كالسيف وَالرمْح

<<  <  ج: ص:  >  >>