للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

فَزَعَمْتَ أنْ لَا فَقُلْتُ لَوْ كانَ مِنْ آبَائِهِ مَلِكٌ قلْتُ يَطْلُبُ مُلْكَ آبَائِهِ وسألْتُكَ أشْرَافَ النَّاسِ يَتَّبِعُونَهُ أمْ ضُعَفَاؤُهُمْ فزَعَمْت أنَّ ضُعَفَاءَهُمْ اتَّبَعُوهُ وهُمْ أتْبَاعُ الرُّسُلِ وسَألْتُكَ هَلْ يَزِيدُونَ أوْ يَنْقُصُونَ فزَعَمْتَ أنَّهُمْ يَزِيدُونَ وكَذَلِكَ الإيمانُ حتَّى يَتِمَّ وسألْتُكَ هَلْ يَرْتَدُّ أحَدٌ سَخْطَةً لِدِينِهِ بَعْدَ أنْ يَدْخُلَ فِيهِ فزَعَمْتَ أنْ لَا فكَذَلِكَ الإيمانُ حِينَ تَخْلِط بَشَاشَتُهُ القلوبَ لَا يَسْخُطهُ أحَدٌ وسألْتُكَ هَلْ يَغْدِرُ فزَعَمْتَ أنْ لَا وكَذَلِكَ الرُّسُلُ لَا يَغْدِرُونَ وسألْتُكَ هَلْ قاتَلْتُمُوهُ وقاتلَكُمْ فزَعَمْتَ أنْ قَدْ فَعَلَ وأنَّ حَرْبَكُمْ وحَرْبَهُ تَكُونُ دُولاً ويُدَالُ عَلَيْكُمْ المَرَّةَ وتُدَالُونَ عَلَيْهِ الأُخْرَى وكَذَلِكَ الرُّسُلُ تُبْتَلَى وتَكُونُ لَها العاقِبَةُ وسألْتُكَ بِماذَا يأمُرُكُمْ فزَعَمْتَ أنَّهُ يأمُرُكُمْ أنْ تَعْبُدُوا الله وَلَا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئاً ويَنْهَاكُمْ عَمَّا كانَ يَعْبدُ آبَاؤكُمْ ويأمُرُكُمْ بالصَّلاةِ والصِّدْقِ والعَفافِ والوَفاءِ بالْعَهْدِ وأدَاءِ الأمانَةِ قَالَ وهَذِهِ صِفَةُ النَّبِيِّ قَدْ كُنْتُ أعْلَمُ أنَّهُ خارِجٌ ولاكِنْ لَمْ أظُنَّ أنَّهُ مِنْكُمْ وإنْ يَكُ مَا قُلْتَ حَقَّاً فَيُوشِكُ أنْ يَمْلِكَ مَوْضِعَ قَدَمَيَّ هَاتَيْنِ ولَوْ أرْجُو أنْ أخْلُصَ إلَيْهِ لَتَجَشَّمْتُ لُقِيَّهُ ولَوْ كُنْتُ عِنْدَهُ لَغَسَلْتُ قَدَمَيْهِ. قَالَ أبُو سُفْيانَ ثُمَّ دَعا بِكِتابِ رَسُولِ الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقُرِيءَ فإذَا فِيهِ بِسْمِ الله الرَّحْمانِ الرَّحِيمِ مِنْ مُحَمَّدٍ عَبْدِ الله ورسولِهِ إِلَى هِرَقْلَ عَظِيمِ الرُّومِ سَلَامٌ عَلى مَنِ اتَّبَعَ الهُدَى أمَّا بَعْدُ فإنِّي أدْعُوكَ بِدَاعِيَةِ الإسْلامِ أسْلِمْ تَسْلَمْ وأسْلِمْ يُؤْتِكَ الله أجْرَكَ مَرَّتَيْنِ فإنْ تَوَلَّيْتَ فَعَلَيْكَ إثْمُ الأرِيسِييِّنَ {ويَا أهْلَ الكِتابِ تَعَالَوْا إِلَى كَلِمَةٍ سَوَاءٍ بَيْنَنا وبَيْنَكُمْ أنْ لَا نَعْبُدَ إلَاّ الله ولَا نُشْرِكَ بِهِ شَيْئاً وَلَا يَتَّخِذَ بَعْضُنَا بَعْضاً أرْبَاباً مِنْ دُونِ الله فإنْ تَوَلَّوْا فَقُولُوا اشْهَدُوا بأنَّا مُسْلِمُونَ} (آل عمرَان: ٤٦) . قَالَ أبُو سُفْيانَ فَلَمَّا أنْ قَضَى مَقالَتَه عَلَتْ أصْواتُ الَّذِينَ حَوْلَهُ مِنْ عُظَمَاءِ الرُّومِ وكَثُرَ لَغَطُهُمْ فَلَا أدْرِي ماذَا قالُوا وأُمِرَ بِنَا فأُخْرِجْنَا فلَمَّا أنْ خَرَجْتُ مَعَ أصْحَابِي وخَلَوْتُ بِهِمْ قُلْتُ لَهُمْ لَقَدْ أُمِرَ أمْرُ ابنِ أبِي كَبْشَةَ هَذا مَلِكُ بَني الأصْفَرِ يُخَافِهُ. قَالَ أبُو سُفْيَانَ وَالله مَا زِلْتُ ذَلِيلاً مُسْتَيْقِنَاً بأنَّ أمْرَهُ سَيَظْهَرُ حَتَّى أدْخَلَ الله قَلْبِي الإسْلَامَ وأنَا كَارِهٌ..

مطابقته للتَّرْجَمَة ظَاهِرَة تُؤْخَذ من أَلْفَاظ الحَدِيث. وَإِبْرَاهِيم بن حَمْزَة، بِالْحَاء الْمُهْملَة وَالزَّاي: أَبُو إِسْحَاق الزبيرِي الْأَسدي الْمَدِينِيّ، وَهُوَ من أَفْرَاده، وَإِبْرَاهِيم بن سعد بن إِبْرَاهِيم بن عبد الرَّحْمَن بن عَوْف أَبُو إِسْحَاق الزُّهْرِيّ الْقرشِي الْمَدِينِيّ، كَانَ على قَضَاء بَغْدَاد، والْحَدِيث بِطُولِهِ قد تقدم فِي أول الْكتاب فِي بَدْء الْوَحْي وَمضى الْكَلَام فِيهِ مستقصىً، وَلَكِن انْظُر وَاعْتبر جدا. فَإِن بَين الطَّرِيقَيْنِ والمتنين اخْتِلَافا فِي الْأَلْفَاظ كثيرا من زِيَادَة ونقصان، فلنتكلم هُنَا على مَا يَقْتَضِي الْكَلَام.

فَقَوله: (لما أبلاه الله) قَالَ القتيبي، يُقَال: من الْخَيْر: أبليته أبليه إبلاءً، وَمن الشَّرّ: بلوته بلَاء، وَالْمَعْرُوف أَن الِابْتِلَاء يكون فِي

<<  <  ج: ص:  >  >>