للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وَإِنَّمَا يثبت بِالنسَاء المتمحضات. وَقَالَ أَصْحَابنَا: يثبت الرَّضَاع بِمَا يثبت بِهِ المَال، وَهُوَ شَهَادَة رجلَيْنِ، أَو رجل وَامْرَأَتَيْنِ، وَلَا تقبل شَهَادَة النِّسَاء المنفردات، لِأَن ثُبُوت الْحُرْمَة من لَوَازِم الْملك فِي بَاب النِّكَاح، ثمَّ الْملك لَا يَزُول بِشَهَادَة النِّسَاء المنفردات، فَلَا تثبت الْحُرْمَة. وَعند الشَّافِعِي: تثبت بِشَهَادَة أَربع نسْوَة. وَعند مَالك بامرأتين. وَعند أَحْمد بمرضعة. وَقَالَ التَّيْمِيّ: معنى الحَدِيث: الْأَخْذ بالوثيقة فِي بَاب الْفروج، وَلَيْسَ قَول الْمَرْأَة الْوَاحِدَة شَهَادَة تجوز بهَا الحكم فِي أصل من الْأُصُول، وَفِي: (كَيفَ وَقد قيل؟) الِاحْتِرَاز من الشُّبْهَة، وَمعنى: فَارقهَا: طَلقهَا. فَإِن قلت: النِّكَاح مَا انْعَقَد صَحِيحا على تَقْدِير ثُبُوت الرَّضَاع، والمفارقة كَانَت حَاصِلَة، فَمَا معنى فَارقهَا؟ قلت: إِمَّا أَن يُرَاد بهَا الْمُفَارقَة الصورية، أَو يُرَاد الطَّلَاق فِي مثل هَذِه الْحَالة هُوَ الْوَظِيفَة ليحل للْغَيْر نِكَاحهَا قطعا.

٢٧ - (بَاب التَّناوُبِ فِي العِلْمِ)

أَي: هَذَا بَاب فِي بَيَان التناوب فِي الْعلم، والتناوب: تفَاعل من نَاب لي يَنُوب نوباً ومناباً، أَي: قَامَ مقَامي. وَمَعْنَاهُ: أَن تتناوب جمَاعَة لوقت مَعْرُوف يأْتونَ بالنوبة.

وَجه الْمُنَاسبَة بَين الْبَابَيْنِ من حَيْثُ إِن الْمَذْكُور فِي الْبَاب الأول: الرحلة فِي طلب الْعلم. وَهِي لَا تكون إلَاّ من شدَّة الْحِرْص فِي طلب الْعلم، وَفِي التناوب أَيْضا هَذَا الْمَعْنى، لأَنهم لَا يتناوبون إلَاّ لطلب الْعلم والباعث عَلَيْهِ شدَّة حرصهم.

٨٩ - حدّثنا أبُو اليَمانِ أخْبرنا شُعَيْبٌ عنِ الزُّهْرِيّ.

(ح) قالَ أبُو عَبْدِ اللَّهِ: وَقَالَ ابنُ وهْبٍ: أخْبرنا يُونُسُ عَن ابنِ شِهابٍ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بنِ عَبْدِ اللَّهِ بنِ أبي ثَوْرٍ عنْ عَبْدِ اللَّهِ بنِ عَبَّاسِ عنْ عُمَرَ قَالَ: كُنْتُ أَنا وجارٌ لِي مِنَ الأنْصارِ فِي بَنِي أُمَيَّةَ بنِ زَيْدٍ، وهْيَ مِنْ عَوالِي المَدِينَةِ، وكُنَّا نَتَناوَبُ النُّزُولَ عَلَى رسولِ الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، يَنْزِلُ يَوْماً وأنْزِلُ يَوْماً، فَإذَا نَزَلْتُ جِئْتُهُ بِخَبَرِ ذَلِكَ اليَوْمِ مِنَ الوَحْي وغَيِرهِ، وإِذَا نَزَلَ فَعَلَ مِثْلَ ذلِكَ، فَنَزَلَ صاحِبِي الأَنْصاريُّ يَوْمَ نَوْبَتِهِ فَضَربَ بَابي ضَرْباً شدِيداً فقالَ: أثَمَّ هُوَ؟ فَفَزِعْتُ فَخَرَجْتُ إِلَيْهِ، فَقالَ: قَدْ حَدثَ أمْرٌ عَظِيمٌ! قالَ: فَدَخلْتُ عَلَى حَفْصَةَ فَإذَا هيَ تَبْكِي، فَقُلْتُ طَلَّقَكُنَّ رَسولُ الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم؟ قَالَتْ: لَا أدْرِي، ثُمَّ دَخَلْتُ عَلَى النَّبِيِّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، فَقُلْتْ وأنَا قائِمٌ: أطلَّقْتَ نِساءَكَ؟ قَالَ: (لَا) ، فَقُلْتُ: الله أكْبَرُ..

مُطَابقَة الحَدِيث للتَّرْجَمَة ظَاهِرَة، وَهِي فِي قَوْله: (كُنَّا نتناوب النُّزُول) .

بَيَان رِجَاله: وهم تِسْعَة، لِأَنَّهُ أخرجهم من طَرِيقين: الأولى: عَن أبي الْيَمَان: الحكم ابْن نَافِع عَن شُعَيْب بن أبي جَمْرَة عَن مُحَمَّد بن مُسلم الزُّهْرِيّ عَن عبيد اللَّه بن عبد اللَّه بن أبي ثَوْر، بِالْمُثَلثَةِ، الْقرشِي النَّوْفَلِي التَّابِعِيّ الثِّقَة، روى لَهُ الْجَمَاعَة. وَقد اشْترك مَعَه فِي اسْمه وَاسم أَبِيه فِي الرِّوَايَة عَن ابْن عَبَّاس، وَفِي رِوَايَة الزُّهْرِيّ عَنْهُمَا عبيد اللَّه بن عبد اللَّه ابْن عتبَة بن مَسْعُود الْهُذلِيّ الْمدنِي، لَكِن رِوَايَته عَن ابْن عَبَّاس كَثِيرَة فِي (الصَّحِيحَيْنِ) ، وَلَيْسَ لِابْنِ أبي ثَوْر عَن ابْن عَبَّاس غير هَذَا الحَدِيث. الطَّرِيق الثَّانِيَة: من التعليقات حَيْثُ قَالَ: قَالَ أَبُو عبد اللَّه، أَرَادَ بِهِ البُخَارِيّ نَفسه. قَالَ ابْن وهب، أَي: عبد اللَّه بن وهب الْمصْرِيّ، أخبرنَا يُونُس، وَهُوَ ابْن يزِيد الْأَيْلِي عَن ابْن شهَاب، وَهُوَ الزُّهْرِيّ، وَهَذَا التَّعْلِيق وَصله ابْن حبَان فِي (صَحِيحه) عَن ابْن قُتَيْبَة، عَن حَرْمَلَة عَن عبد اللَّه بن وهب بِسَنَدِهِ، وَلَيْسَ فِي رِوَايَته قَول عمر، رَضِي الله عَنهُ: كنت أَنا وجار لي من الْأَنْصَار نتناوب النُّزُول، وَهُوَ الْمَقْصُود من هَذَا الْبَاب، وَإِنَّمَا وَقع ذَلِك فِي رِوَايَة شُعَيْب وَحده عَن الزُّهْرِيّ، نَص على ذَلِك الذهلي وَالدَّارَقُطْنِيّ وَالْحَاكِم وَآخَرُونَ. فَإِن قلت: لم ذكر هَهُنَا رِوَايَة يُونُس؟ قلت: لينبه أَن الحَدِيث كُله من أَفْرَاد شُعَيْب.

بَيَان لطائف إِسْنَاده: مِنْهَا: أَن فِيهِ التحديث والإخبار والعنعنة. وَمِنْهَا: أَن فِيهِ رِوَايَة التَّابِعِيّ عَن التَّابِعِيّ. وَمِنْهَا:

<<  <  ج: ص:  >  >>