للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

بِكَسْر الْمِيم وَسُكُون التَّاء، وَضَبطه بَعضهم: بِإِسْكَان التَّاء وَفتح الرَّاء، وَأهل خُرَاسَان كَانُوا يَقُولُونَ ليحيى بن يحيى فِي (الْمُوَطَّأ) : مطرس، قلت: الْأَصَح ضبط الْأصيلِيّ لَا غير. قَوْله: (قَالَ: تكلم لَا بَأْس) أَي: قَالَ عمر بن الْخطاب للهرمزان حِين أَتَوا بِهِ إِلَيْهِ، وَقد تقدم فِي الْجِزْيَة وَالْمُوَادَعَة، وَأخرجه ابْن أبي شيبَة عَن مَرْوَان بن مُعَاوِيَة عَن حميد عَن أنس، قَالَ: حاصرنا تستر فَنزل الهرمزان على حكم عمر بن الْخطاب، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ، فَلَمَّا قدم عَلَيْهِ استعجم، فَقَالَ لَهُ عمر: تكلم لَا بَأْس عَلَيْك، فَكَانَ ذَلِك عهدا وتأميناً من عمر، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ.

٢١ - (بابُ المُوَادَعَةِ والْمُصَالَحَةِ مَعَ المُشْرِكِينَ بالمالِ وغَيْرِهِ وإثْمِ مَن لَمْ يَفِ بالْعَهْدِ)

أَي: هَذَا بَاب فِي بَيَان جَوَاز الْمُوَادَعَة، وَهِي المسالمة على ترك الْحَرْب والأذى، وَحَقِيقَة الْمُوَادَعَة المتارعة، أَي: أَن يدع كل وَاحِد من الْفَرِيقَيْنِ مَا هُوَ فِيهِ. قَوْله: (وَغَيره) ، أَي: وَغير المَال نَحْو الأسرى. قَوْله: (من لم يفِ) ويروى: من لم يوفِ.

وقَوْلِهِ: {وإنْ جَنَحُوا لِلسِّلْمِ فاجْنَجْ لَهَا} (الْأَنْفَال: ١٦) . الآيةَ

وَقَوله، بِالْجَرِّ عطف على قَوْله: الْمُوَادَعَة، أَي: وَفِي بَيَان قَوْله تَعَالَى: {وَإِن جنحوا} (الْأَنْفَال: ١٦) . الْآيَة فِي مَشْرُوعِيَّة الصُّلْح، وَمعنى: جنحوا، أَي: مالوا، وَيُقَال: أَي طلبُوا، و: السّلم، بِكَسْر السِّين الصُّلْح. قَوْله: فاجنح، أَمر من جنح يجنح أَي: مِلْ لَها أَي: إِلَيْهَا، أَي: إِلَى المسالمة. وَاقْبَلْ مِنْهُم ذَلِك، قَالَ مُجَاهِد: نزلت فِي بني قُرَيْظَة، وَفِيه نظر، لِأَن السِّيَاق كُله فِي وقْعَة بدر، وَذكرهَا مكشف لهَذَا كُله، وَقَول ابْن عَبَّاس وَمُجاهد وَزيد بن أسلم وَعَطَاء الْخُرَاسَانِي وَعِكْرِمَة وَالْحسن وَقَتَادَة: إِن هَذِه الْآيَة مَنْسُوخَة بِآيَة السَّيْف فِي بَرَاءَة: {قَاتلُوا الَّذين لَا يُؤمنُونَ بِاللَّه وَلَا بِالْيَوْمِ الآخر} (التَّوْبَة: ٩٢) . وَقَالَ ابْن كثير فِي (تَفْسِيره) : فِيهِ نظر أَيْضا، لِأَن آيَة بَرَاءَة الْأَمر بقتالهم إِذا أمكن ذَلِك، فَأَما إِذا كَانَ الْعَدو كثيفاً فَإِنَّهُ تجوز مهادنتهم، كَمَا دلّت عَلَيْهِ هَذِه الْآيَة الْكَرِيمَة، وكما فعل النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَوْم الْحُدَيْبِيَة، فَلَا مُنَافَاة وَلَا نسخ وَلَا تَخْصِيص.

٣٧١٣ - حدَّثنا مُسَدَّدٌ قَالَ حدَّثنا بِشْرٌ هُوَ ابنُ المُفَضَّلِ قَالَ حدَّثَنا يَحْيَى عنْ بُشَيْرِ بنِ يَسارٍ عنْ سَهْلِ بنِ أبِي حَثْمَةَ قَالَ انْطَلَقَ عَبْدُ الله بنُ سَهْلٍ ومُحَيِّصَةُ بنُ مَسْعُودِ بنِ زَيْدٍ إِلَى خَيْبرَ وهْيَ يَوْمَئِذٍ صُلْحٌ فَتَفَرَّقَا فأتَى محَيْصَةُ إِلَى عَبْدِ الله وهْوَ يتَشَحَّطُ

فِي دَمٍ قَتِيلاً فَدَفَنَهُ ثُمَّ قَدِمَ المَدِينَةَ فانْطَلَقَ عبدُ الرَّحْمانِ بنُ سَهْلٍ ومُحَيِّصَةُ وحُوَيِّصَةُ ابْنَا مَسْعُود إِلَى النَّبِيِّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فذَهَبَ عبْدُ الرَّحْمانِ يَتَكَلَّمُ فَقَالَ كَبِّرْ كَبِّرْ وهْوَ أحْدَثُ القَوْمِ فسَكَتَ فتَكَلَّمَا فَقَالَ أتَحْلِفُونَ وتَسْتَحِقُّونَ قَاتِلَكُمْ أوْ صَاحِبَكُمْ قالُوا وكَيْفَ نَحْلِف ولَمْ نَشْهَدْ ولَمْ نَرَ قَالَ فَتُبْرِيكُمُ يَهُودُ بِخَمْسِينَ فَقَالُوا كَيْفَ نأخُذُ أيْمَانَ قَوْم كُفَّارٍ فعَقَلَهُ النَّبِيُّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مِنْ عِنْدِهِ. .

مطابقته للتَّرْجَمَة تُؤْخَذ من قَوْله: (وَهِي يَوْمئِذٍ صلح) وَتَمام الْمُطَابقَة تُؤْخَذ من قَوْله: (فعقله النَّبِي، صلى الله عَلَيْهِ وَسلم من عِنْده) ، لِأَنَّهُ مصالحة مَعَ الْمُشْركين بِالْمَالِ.

ذكر رِجَاله وهم تِسْعَة: الأول: مُسَدّد. الثَّانِي: بشر، بِكَسْر الْبَاء الْمُوَحدَة: ابْن الْمفضل، على صِيغَة اسْم الْمَفْعُول من التَّفْضِيل بالضاد الْمُعْجَمَة: ابْن لَاحق أَبُو إِسْمَاعِيل الْبَصْرِيّ. الثَّالِث: يحيى بن سعيد الْأنْصَارِيّ. الرَّابِع: بشير بِضَم الْبَاء الْمُوَحدَة مصغر بشر ابْن يسَار ضد الْيَمين الْمدنِي، مولى الْأَنْصَار. الْخَامِس: سهل ابْن أبي حثْمَة، بِفَتْح الْحَاء الْمُهْملَة وَسُكُون الثَّاء الْمُثَلَّثَة: واسْمه عبد الله أَبُو مُحَمَّد الْأنْصَارِيّ الْمدنِي، فَهَؤُلَاءِ الْخَمْسَة رُوَاة. السَّادِس: عبد الله بن سهل بن زيد بن كَعْب الْحَارِثِيّ قَتِيل الْيَهُود بِخَيْبَر، وَهُوَ أَخُو عبد الرَّحْمَن بن سهل، وَابْن أخي حويصة ومحيصة. السَّابِع: محيصة، بِضَم الْمِيم وَفتح الْحَاء الْمُهْملَة: ابْن مَسْعُود بن كَعْب بن عَامر الْأنْصَارِيّ الخزرجي أَبُو سعيد الْمدنِي، لَهُ صُحْبَة، وَهُوَ أَخُو حويصة بن مَسْعُود، وَيُقَال فيهمَا جَمِيعًا بتَشْديد الْيَاء وتخفيفها، أسلم قبل أَخِيه حويصة، وَكَانَ حويصة

<<  <  ج: ص:  >  >>