للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

١٩١٣ - حدَّثنا عُمَرُ بنُ حَفْصِ بنِ غِياثٍ قَالَ حدَّثنا أبي قَالَ حدَّثنا الأعْمَشُ قَالَ حدَّثنا جامِعُ ابنُ شَدَّادٍ عنْ صَفْوانَ بنِ مُحْرِزٍ أنَّهُ حَدَّثَهُ عنْ عِمْرَانَ بنِ حُصَيْنٍ رَضِي الله تَعَالَى عنهُما قَالَ دخَلَ علَيَّ النَّبِيُّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وعَقَلْتُ ناقَتِي بالبَابِ فأتاهُ ناسٌ مِنْ بَنِي تَمِيمٍ فَقال أقْبلَوا البُشْرَى يَا بَنِي تَمِيمٍ قَالُوا قَدْ بَشَّرْتَنا فأعْطِنَا مَرَّتَيْنِ ثُمَّ دَخَلَ عَلَيْهِ ناسٌ مِنْ أهْلِ الْيَمَنِ فَقَالَ اقْبَلُوا البُشْرَى يَا أهْلَ الْيَمَنِ إِذْ لَمْ يَقْبَلْهَا بنُو تَميمٍ قَالُوا قَدْ قَبِلْنَا يَا رسُولَ الله قَالُوا جِئْنَاكَ نَسْألُكَ عنْ هذَا الأمْرِ قالَ كانَ الله ولَمْ يَكُنْ شَيْءٌ غَيرُهُ وَكَانَ عَرْشُهُ على الماءِ وكتَبَ فِي الذِّكْرِ كلَّ شَيْءٍ وخَلَقَ السَّمَواتِ والأرْضَ فَنادى مُنادٍ ذَهَبَتْ ناقَتُكَ يَا ابنَ الحُصَيْنِ فانْطَلَقْتُ فإذَا هِي يَقْطَعُ دُونَها السَّرابُ فَوالله لوَدِدْتُ أنِّي كُنْتُ تَرَكْتُهَا. .

هَذَا طَرِيق آخر لحَدِيث عمرَان بن الْحصين مَعَ زِيَادَة فِيهِ. قَوْله: (جئْنَاك) ، بكاف الْخطاب، هَكَذَا رِوَايَة الْأَكْثَرين وَفِي رِوَايَة الْكشميهني: جِئْنَا، بِلَا كَاف. قَوْله: (نَسْأَلك عَن هَذَا الْأَمر) أَي: الْحَاضِر الْمَوْجُود، وَلَفظ: الْأَمر، يُطلق وَيُرَاد بِهِ الْمَأْمُور وَيُرَاد بِهِ الشَّأْن، وَالْحَال، وَكَأَنَّهُم سَأَلُوا عَن أَحْوَال هَذَا الْعَالم. قَوْله: (كَانَ الله وَلم يكن شَيْء غَيره) وَسَيَأْتِي فِي التَّوْحِيد: وَلم يكن شَيْء قبله، وَفِي رِوَايَة غير البُخَارِيّ، وَلم يكن شَيْء مَعَه، وَوَقع هَذَا الحَدِيث فِي بعض الْمَوَاضِع: كَانَ الله وَلَا شَيْء مَعَه وَهُوَ الْآن على مَا عَلَيْهِ كَانَ، وَهِي زِيَادَة لَيست فِي شَيْء من كتب الحَدِيث نبه عَلَيْهِ الإِمَام تَقِيّ الدّين بن تَيْمِية. قَوْله: (وَكَانَ عَرْشه على المَاء) ، أَي: لم يكن تَحْتَهُ إلَاّ المَاء، وَفِيه دَلِيل على أَن الْعَرْش وَالْمَاء كَانَا مخلوقين قبل السَّمَوَات وَالْأَرْض. فَإِن قلت: بَين هَذِه الْجُمْلَة وَمَا قبلهَا مُنَافَاة ظَاهِرَة لِأَن هَذِه الْجُمْلَة تدل على وجود الْعَرْش، وَالْجُمْلَة الَّتِي قبلهَا تدل على أَنه لم يكن شَيْء. قلت: هُوَ من بَاب الْإِخْبَار عَن حُصُول الجملتين مُطلقًا، وَالْوَاو بِمَعْنى: ثمَّ فَإِن قلت: مَا الْفرق بَين كَانَ فِي: كَانَ الله، وَبَين كَانَ فِي: وَكَانَ عَرْشه؟ قلت: كَانَ الأول: بِمَعْنى الْكَوْن الأزلي، وَكَانَ الثَّانِي: بِمَعْنى الْحَدث. وَفِي قَوْله: وَكَانَ عَرْشه على المَاء، دلَالَة على أَن المَاء وَالْعرش كَانَا مبدأ هَذَا الْعَالم لكَوْنهم خلقا قبل خلق السَّمَوَات وَالْأَرْض وَلم يكن تَحت الْعَرْش إِذْ ذَاك إلَاّ المَاء. فَإِن قلت: إِذا كَانَ الْعَرْش وَالْمَاء مخلوقين أَولا فَأَيّهمَا سَابق فِي الْخلق؟ قلت: المَاء لما روى أَحْمد وَالتِّرْمِذِيّ مصححاً من حَدِيث أبي رزين الْعقيلِيّ مَرْفُوعا: إِن المَاء خلق قبل الْعَرْش، وروى السّديّ فِي تَفْسِيره بأسانيد مُتعَدِّدَة: أَن الله تَعَالَى لم يخلق شَيْئا مِمَّا خلق قبل المَاء. فَإِن قلت: روى أَحْمد وَالتِّرْمِذِيّ مصححاً من حَدِيث أبي رزين الْعقيلِيّ مَرْفُوعا أَن المَاء خلق قبل الْعَرْش وروى السّديّ فِي تَفْسِيره بأسانيد مُتعَدِّدَة أَن الله تَعَالَى لم يخلق شَيْئا مِمَّا خلق قبل المَاء (فَإِن قلت) روى أَحْمد وَالتِّرْمِذِيّ مصححا من حَدِيث عبَادَة بن الصَّامِت مَرْفُوعا: أول مَا خلق الله الْقَلَم، ثمَّ قَالَ: أكتب، فَجرى بِمَا هُوَ كَائِن إِلَى يَوْم الْقِيَامَة، وَاخْتَارَهُ الْحسن وَعَطَاء وَمُجاهد، وَإِلَيْهِ ذهب إِبْنِ جرير وَابْن الْجَوْزِيّ، وَحكى ابْن جرير عَن مُحَمَّد بن إِسْحَاق أَنه قَالَ: أول مَا خلق الله تَعَالَى النُّور والظلمة، ثمَّ ميز بَينهمَا فَجعل الظلمَة لَيْلًا أسود مظلماً، وَجعل النُّور نَهَارا أَبيض مبصراً، وَقيل: أَو مَا خلق الله تَعَالَى نور مُحَمَّد صلى الله عَلَيْهِ وَسلم. قلت: التَّوْفِيق بَين هَذِه الرِّوَايَات بِأَن الأولية نسبي، وكل شَيْء قيل فِيهِ إِنَّه أول فَهُوَ بِالنِّسْبَةِ إِلَى مَا بعْدهَا. قَوْله: (وَكتب فِي الذّكر) أَي: قدر كل الكائنات وأثبتها فِي الذّكر أَي: اللَّوْح الْمَحْفُوظ. قَوْله: (تقطع) ، تفعل من التقطع وَهُوَ بِلَفْظ الْمَاضِي وبلفظ الْمُضَارع من الْقطع. قَوْله: (السراب) بِالرَّفْع فَاعله، والسراب هُوَ الَّذِي ترَاهُ نصف النَّهَار كَأَنَّهُ مَاء، وَالْمعْنَى: فَإِذا هِيَ، انْتهى السراب عِنْدهَا. قَوْله: (لَوَدِدْت) ، أَي: لأحببت أَنِّي لَو تركتهَا لِئَلَّا يفوت مِنْهُ سَماع كَلَام رَسُول الله، صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، وَقَالَ الْمُهلب: السُّؤَال عَن مبادىء الإشياء والبحث عَنْهَا جَائِز شرعا، وللعالم أَن يُجيب عَنْهَا بِمَا يعلم، فَإِن خشِي من السَّائِل إِيهَام شكّ أَو تَقْصِير فَلَا، يجِيبه وينهاه عَن ذَلِك.

٢٩١٣ - وروَاهُ عِيسَى عنْ رَقَبةَ عنْ قَيْسِ بنُ مُسْلِمٍ عنْ طارِقِ بنِ شِهابٍ قَالَ سَمِعْتُ عُمَرَ رَضِي الله تَعَالَى عنهُ يَقولُ

<<  <  ج: ص:  >  >>