للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

أخرجه البُخَارِيّ أَيْضا فِي الْأَدَب عَن أبي معمر أَيْضا. وَأخرجه مُسلم فِي الْإِيمَان عَن زُهَيْر بن حَرْب.

قَوْله: (عَن الْحُسَيْن) وَفِي رِوَايَة مُسلم: حَدثنَا حُسَيْن الْمعلم. قَوْله: (عَن أبي ذَر) ، وَفِي رِوَايَة الْإِسْمَاعِيلِيّ: حَدثنِي أَبُو ذَر. قَوْله: (لَيْسَ من رجل) ، كلمة من: زَائِدَة، وَذكر الرجل بِاعْتِبَار الْغَالِب، وإلَاّ فالمرأة كَذَلِك. قَوْله: (ادّعى) أَي: انتسب لغير أَبِيه ويروي: (إِلَى غير أَبِيه) . قَوْله: (وَهُوَ يُعلمهُ) ، جملَة حَالية أَي: وَالْحَال أَنه يعلم أَنه غير أَبِيه، وَإِنَّمَا قيد بذلك لِأَن الْإِثْم يتبع الْعلم، وَفِي بعض النّسخ: (إلَاّ كفر بِاللَّه) ، وَلم تقع هَذِه اللَّفْظَة فِي رِوَايَة مُسلم وَلَا فِي غير رِوَايَة أبي ذَر، فَالْوَجْه على عدم هَذِه اللَّفْظَة أَن المُرَاد بالْكفْر: كفران النِّعْمَة، أَو لَا يُرَاد ظَاهر اللَّفْظ، وَإِنَّمَا المُرَاد الْمُبَالغَة فِي الزّجر والتوبيخ، أَو المُرَاد أَنه فعل فعلا يشبه فعل أهل الْكفْر، وَالْوَجْه على تَقْدِير وجود هَذِه اللَّفْظَة فَهُوَ أَن يحمل على أَنه إِن كَانَ مستحلاً مَعَ علمه بِالتَّحْرِيمِ. قَوْله: (وَمن ادّعى قوما) أَي: وَمن انتسب إِلَى قوم. قَوْله: (لَيْسَ لَهُ فيهم نسب) ، أَي: لَيْسَ لهَذَا الْمُدَّعِي فِي هَذَا الْقَوْم نسب، أَي: قرَابَة، وَلَيْسَ فِي رِوَايَة الْكشميهني لَفْظَة: نسب، وَفِي رِوَايَة مُسلم: (وَمن ادّعى مَا لَيْسَ لَهُ فَلَيْسَ منا) ، وَهَذِه أَعم من رِوَايَة البُخَارِيّ، وَلَكِن يحْتَاج فِيهَا إِلَى تَقْدِير، وَأولى مَا يقدر فِيهِ لفظ: نسب، لوُجُوده فِي بعض الرِّوَايَات. قَوْله: (فَليَتَبَوَّأ مَقْعَده) ، أَي: لينزل منزله (من النَّار) أَو فليتخذ منزلا بهَا، وَهُوَ إِمَّا دُعَاء وَإِمَّا خبر بِلَفْظ الْأَمر، وَمَعْنَاهُ: هَذَا جَزَاؤُهُ، وَقد يجازى وَقد يُعْفَى عَنهُ. وَقد يَتُوب فَيسْقط عَنهُ هَذَا فِي الْآخِرَة، أما فِي الدُّنْيَا فَإِن جمَاعَة قَالُوا: إِذا كذب على النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، لَا تقبل تَوْبَته. مِنْهُم أَحْمد بن حَنْبَل وَعبد الله بن الزبير الْحميدِي وَأَبُو بكر الصَّيْرَفِي وَأَبُو المظفر السَّمْعَانِيّ.

وَفِي الحَدِيث تَحْرِيم الانتفاء من النّسَب الْمَعْرُوف والإدعاء إِلَى غَيره. وَفِيه: لَا بُد من الْعلم للبحث فِيمَا يرتكبه الرجل من النَّفْي أَو الْإِثْبَات. وَفِيه: جَوَاز إِطْلَاق لفظ الْكفْر على الْمعاصِي لأجل الزّجر والتغليظ.

٩٠٥٣ - حدَّثنا عَلِيُّ بنُ عَيَّاشٍ حدَّثنا حَرِيزٌ قَالَ حدَّثَنِي عَبْدُ الوَاحِدِ بنُ عَبْدِ الله النَّصْرِيُّ قَالَ سَمِعْتُ واثِلَةَ بنَ الأسْقَعِ يقُولُ قَالَ رسُولُ الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إنَّ مِنْ أعْظَمِ الفِرَي أنَّ يَدَّعِيَ الرَّجُلُ إلَى غَيْرِ أبِيهِ أوْ يُرَيَ عَيْنَهُ مَا لَمْ تَرَ أوْ يَقُولُ علَى رسُولِ الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مَا لَمْ يَقُلْ.

وَجه الْمُطَابقَة فِيهِ مثل الْوَجْه الَّذِي ذَكرْنَاهُ على رَأس الحَدِيث الْمَاضِي، وَعلي بن عَيَّاش، بتَشْديد الْيَاء آخر الْحُرُوف وبالشين الْمُعْجَمَة: الْأَلْهَانِي الْحِمصِي، وَهُوَ من أَفْرَاده، وحريز، بِفَتْح الْحَاء الْمُهْملَة وَكسر الرَّاء: ابْن عُثْمَان الْحِمصِي من صغَار التَّابِعين، وَعبد الْوَاحِد بن عبد الله الدِّمَشْقِي النصري، بِفَتْح النُّون وَسُكُون الصَّاد الْمُهْملَة: مَنْسُوب إِلَى نصر بن مُعَاوِيَة بن بكر ابْن هوَازن وَهُوَ أَيْضا من صغَار التَّابِعين. وَلَيْسَ لَهُ فِي البُخَارِيّ سوى هَذَا الحَدِيث الْوَاحِد، وجده كَعْب بن عُمَيْر، وَيُقَال: بشر بن كَعْب، وَعبد الْوَاحِد هَذَا ولي إمرة الطَّائِف لعمر بن عبد الْعَزِيز، ثمَّ ولي إمرة الْمَدِينَة ليزِيد بن عبد الْملك وَكَانَ مَحْمُود السِّيرَة وَمَات وعمره مائَة وبضع سِنِين.

وَمن لطائف هَذَا الْإِسْنَاد أَنه: من عوالي البُخَارِيّ، وَأَن فِيهِ رِوَايَة القرين عَن القرين من التَّابِعين، وَأَنه من أَفْرَاد البُخَارِيّ.

قَوْله: (الفرا) بِكَسْر الْفَاء مَقْصُور وممدود، جمع: فِرْيَة وَهِي الْكَذِب والبهت، تَقول: فرى بِفَتْح الرَّاء فلَان كَذَا إِذا اختلق، يفري، بِفَتْح أَوله فرًى بِالْفَتْح، وافترى اختلق. قَوْله: (أَن يَدعِي الرجل) ، أَي: أَن ينتسب إِلَى غير أَبِيه. قَوْله: (أَو يري عينه) ، بِضَم الْيَاء وَكسر الرَّاء من: الإراءة، وعينه مَنْصُوبَة بِهِ. قَوْله: (مَا لم ترَ) مفعول ثَان وَضمير الْمَنْصُوب فِيهِ مَحْذُوف تَقْدِيره: مَا لم تره، وَحَاصِل الْمَعْنى: أَن يَدعِي أَن عَيْنَيْهِ رأتا فِي الْمَنَام شَيْئا وَمَا رأتاه، وَفِي رِوَايَة أَحْمد وَابْن حبَان وَالْحَاكِم من وَجه آخر عَن وَاثِلَة: أَن يفتري الرجل على عَيْنَيْهِ فَيَقُول: رَأَيْت، وَلم تُرِهِ فِي الْمَنَام شَيْئا. فَإِن قلت: إِن كذبه فِي الْمَنَام لَا يزِيد على كذبه فِي الْيَقَظَة، فَلم زَادَت عُقُوبَته؟ قلت: لِأَن الرُّؤْيَا جُزْء من النُّبُوَّة والنبوة لَا تكون إلَاّ وَحيا، والكاذب فِي الرُّؤْيَا يَدعِي أَن الله أرَاهُ مَا لم يره وَأَعْطَاهُ جُزْءا من النُّبُوَّة وَلم يُعْطه، والكاذب على الله أعظم فِرْيَة مِمَّن كذب على غَيره. قَوْله: (أَو يَقُول) ، من مضارع: قَالَ، وَفِي رِوَايَة الْمُسْتَمْلِي (أَو تَقول) ، على وزن: تفعل، بِفَتْح الْقَاف وَتَشْديد الْوَاو الْمَفْتُوحَة وَمَعْنَاهُ: افترى. قَوْله: (مَا لم يقل) ، مفعول: يَقُول أَي: مَا لم يقل الرَّسُول.

وَفِي الحَدِيث: تَشْدِيد الْكَذِب فِي هَذِه الْأُمُور الثَّلَاثَة.

<<  <  ج: ص:  >  >>