للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

الحَنِيفُ قَالَ دِينُ إبْرَاهِيمَ لَمْ يَكُنْ يَهُودِيَّاً ولَا نَصْرَانِيَّاً ولَا يَعْبُدُ إلَاّ الله فخَرَجَ زَيْدٌ فلَقِيَ عالِمَاً مِنَ النَّصارى فذَكَرَ مثْلَهُ فقالَ لَنْ تَكُونَ علَى دينِنَا حَتَّى تأخُذَ بِنَصِيبِكَ مِنْ لَعْنَةِ الله قَالَ مَا أفِرُّ إلَاّ مِنْ لَعْنَةِ الله ولَا أحْمِلُ مِنْ لَعْنَةِ الله وَلَا مِنْ غَضَبِهِ شَيْئاً أبَدَاً وأنَا أسْتَطِيعُ فَهَلْ تَدُلُّنِي علَى غَيْرِهِ قالَ مَا أعْلَمُهُ إلَاّ أنْ يَكُونَ حَنِيفاً قَالَ وَمَا الحَنِيفُ؟ قالَ دِينُ إبْرَاهِيمَ لَمْ يَكُنْ يَهُودِيَّاً ولَا نَصْرَانِيَّاً ولَا يَعْبُدُ إلَاّ الله فلَمَّا رأى زَيْدٌ قَوْلَهُمْ فِي إبرَاهِيمَ علَيْهِ السَّلامُ خَرَجَ فلَمَّا برَزَ رفَعَ يَدَيْهِ فَقالَ اللَّهُمَّ إنِّي أُشْهِدُكَ أنِّي علَى دِينِ إبْرَاهِيمَ.

مُوسَى هُوَ ابْن عقبَة الْمَذْكُور الَّذِي روى عَن سَالم، وَظَاهره التَّعْلِيق، وَلِهَذَا قَالَ الْإِسْمَاعِيلِيّ: مَا أَدْرِي هَذِه الْقِصَّة الثَّانِيَة من رِوَايَة الفضيل عَن مُوسَى أم لَا. وَقيل: هُوَ مَوْصُول بِالْإِسْنَادِ الْمَذْكُور وَفِيه نظر لَا يخفى.

قَوْله: (ويتبعه) بِالتَّشْدِيدِ من الِاتِّبَاع، ويروى عَن الْكشميهني: يبتغيه من الابتغاء بالغين الْمُعْجَمَة، وَهُوَ الطّلب. قَوْله: (لعلِّي) كلمة: لَعَلَّ، للترجي تنصب الإسم وترفع الْخَبَر وَاسْمهَا هُنَا: يَاء الْمُتَكَلّم وخبرها. قَوْله: (أَن أدين) قَوْله: (فَأَخْبرنِي) أَي: عَن حَال دينكُمْ وكيفيته. قَوْله: (من غضب الله) المُرَاد من غضب الله هُوَ إِيصَال الْعَذَاب. قَوْله: (فَذكر مثله) أَي: مثل مَا ذكر لعالم الْيَهُود، قَوْله: (من لعنة الله) المُرَاد من اللَّعْنَة إبعاد الله عَبده من رَحمته وطرده عَن بَابه، لِأَن اللَّعْنَة فِي اللُّغَة الطَّرْد، وَإِنَّمَا خص الْغَضَب باليهود واللعنة بالنصارى لِأَن الْغَضَب أردى من اللَّعْنَة، فَكَانَ الْيَهُود أَحَق بِهِ لأَنهم أَشد عَدَاوَة لأهل الْحق. قَوْله: (وَأَنا أَسْتَطِيع) أَي: وَالْحَال أَن لي قدرَة على عدم حمل ذَلِك. قَوْله: (فَلَمَّا برز) ، أَي: لما ظهر خَارِجا عَن أَرضهم. قَوْله: (إِنِّي أشهدك) بِكَسْر الْهمزَة. قَوْله: (أَنِّي على دين إِبْرَاهِيم، عَلَيْهِ السَّلَام) بِفَتْح الْهمزَة. وَفِي حَدِيث سعد بن زيد: فَانْطَلق زيد وَهُوَ يَقُول: لبيْك حَقًا حَقًا، تعبداً وَرقا، ثمَّ يخر فَيسْجد لله عز وَجل.

٨٢٨٣ - وقَالَ اللَّيْثُ كَتَبَ إلَيَّ هِشَامٌ عنْ أبِيهِ عنْ أسْمَاءَ بِنْتِ أبِي بَكْرٍ رَضِي الله تَعَالَى عنهُما قالَتْ رأيْتُ زَيْدَ بنَ عَمْرِو بنِ نُفَيْلٍ قائِمَاً مُسْنِدَاً ظَهْرَهُ إلَى الكَعْبَةِ يقُولُ يَا مَعَاشِرَ قُرَيْشٍ وَالله مَا مِنْكُمْ على دِينِ إبْرَاهِيمَ غَيْرِي وكانَ يُحْيى المَوؤُدَةَ يقُولُ لِلرَّجُلِ إذَا أرَادَ أنْ يَقْتُلَ ابْنَتَهُ لَا تَقْتُلْهَا أنَا أكْفِيكَها مَؤُنَتها فيَأخُذُها فإذَا تَرَعْرَعَتْ قالَ لأبِيهَا إنْ شِئْتَ دَفَعْتُها إلَيْكَ وإنْ شِئْتَ كَفَيْتُكَ مَؤُونَتها.

أَي: قَالَ اللَّيْث بن سعد: كتب إِلَيّ هِشَام بن عُرْوَة عَن أَبِيه عُرْوَة بن الزبير، وَهَذَا تَعْلِيق وَصله أَبُو بكر بن أبي دَاوُد عَن عِيسَى بن حَمَّاد الْمَعْرُوف بزغبة عَن اللَّيْث ... إِلَى آخِره.

وَأخرجه النَّسَائِيّ فِي المناقب عَن الْحُسَيْن بن مَنْصُور بن جَعْفَر عَن أبي أُسَامَة عَن هِشَام بن عُرْوَة.

قَوْله: (مَا مِنْكُم على دين إِبْرَاهِيم عَلَيْهِ السَّلَام غَيْرِي) وَفِي رِوَايَة أبي أُسَامَة كَانَ يَقُول: إل هِي إل هـ إِبْرَاهِيم وديني دين إِبْرَاهِيم، وَرِوَايَة ابْن أبي الزِّنَاد: وَكَانَ قد ترك عبَادَة الْأَوْثَان وَترك أكل مَا يذبح على النصب، وَفِي رِوَايَة ابْن إِسْحَاق: وَكَانَ يَقُول: أللهم لَو أعلم أحب الْوُجُود إِلَيْك لعبدتك بِهِ، وَلَكِن لَا أعلمهُ ثمَّ يسْجد على راحتيه. قَوْله: (وَكَانَ يحيي الموؤدة) الْإِحْيَاء هُنَا مجَاز عَن الْإِبْقَاء، وَهُوَ على وزن مفعولة من الوأد وَهُوَ الْقَتْل، كَانَ إِذا ولد لأَحَدهم فِي الْجَاهِلِيَّة بنت دَفنهَا فِي التُّرَاب وَهِي حَيَّة، يُقَال: وأدها يئدها وأداً فَهِيَ موؤدة، وَهِي الَّتِي ذكرهَا الله تَعَالَى فِي كِتَابه الْعَزِيز، وَفِي الحَدِيث: الوئيد فِي الْجنَّة، أَي: الموؤدة، فعيل بِمَعْنى مفعول، وَزعم بعض الْعَرَب: أَنهم كَانُوا يَفْعَلُونَ ذَلِك غيرَة على الْبَنَات، وَقَول الله عز وَجل هُوَ الْحق: وَلَا تقتلُوا أَوْلَادكُم من إملاق أَي: خشيَة إملاق، أَي: فقر وَقلة، وَذكر النقاش فِي تَفْسِيره أَنهم كَانُوا يئدون من الْبَنَات من كَانَت مِنْهُنَّ زرقاء أَو هرشاء أَو شيماء أَو كشحاء تشاؤماً مِنْهُم بِهَذِهِ الصِّفَات. قلت: هرشاء من التهريش وَهُوَ مقاتلة الْكلاب، والشيماء من التشاؤم، والكشحاء من الكشاحة وَهُوَ إِضْمَار الْعَدَاوَة. قَوْله: (أَنا أكفيكها مؤونتها) كَذَا فِي رِوَايَة الْأَكْثَرين، وَفِي رِوَايَة أبي ذَر: أَنا أكفيك مؤنتها. قَوْله: (فَإِذا ترعرعت) ، براءين وعينين مهملتين أولاهما مَفْتُوحَة أَي: تحركت ونشأت.

٥٢ - (بابُ بُنْيَانِ الكَعْبَةِ)

أَي: هَذَا بَاب فِي بَيَان بُنيان الْكَعْبَة على يَد قُرَيْش فِي حَيَاة النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، قبل بعثته. وَذكر ابْن إِسْحَاق وَغَيره: إِن قُريْشًا لما بنت الْكَعْبَة كَانَ عمر النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، خمْسا وَعشْرين سنة، وروى إِسْحَاق بن رَاهَوَيْه من

<<  <  ج: ص:  >  >>